وصل الإعلام المصرى هذه الأيام إلى حالة غير مسبوقة من العداء للشعب الفلسطينى وصلت إلى حد الشماتة والتشفى فى ضحايا العدوان الإسرائيلى على القطاع، والمطالبة بضرب غزة لمساعدة الاحتلال الإسرائيلى فى حربه على حماس. ولم تعرف مصر هذه الحالة من العداء للفلسطينيين - أو أى شعب عربى آخر- فى تاريخها الحديث، حيث بات الإعلام المصرى المؤيد للانقلاب يستبيح أي شيء فى معركته للقضاء على جماعة الإخوان المسلمين التى يعتبرها عدوه الأول، وينظر إلى حماس بحسبها الفرع الإخوانى فى فلسطين. ووصفت وسائل إعلام دولية تلك الحالة التى يعيشها الإعلام المصرى بأنها "تشفٍ وشماتة فى سكان غزة وتقديم الدعم لإسرائيل، بعدما كانت قضية فلسطين القضية المحورية التى تجمع المصريين ولا خلاف بينهم على أن دعم الفلسطينيين واجب وطنى ودينى". وأثار هذا التوجه للإعلام المصرى استغراب وإعجاب الصحافة الإسرائيلية التى قالت:" إنها لم تسمع مثل هذا الهجوم على الفلسطينيين في مصر منذ عدة أجيال". وقال الإعلامى توفيق عكاشة أحد أكثر الإعلاميين المصريين مهاجمة للمقاومة الفلسطينية:" إن مصر كانت الأحق بضرب قطاع غزة فى هذه الأيام بدلا من إسرائيل، لكن النظام المصرى وعلى رأسه عبد الفتاح السيسى أضاع هذه الفرصة". وأضاف عكاشة فى حلقة الإثنين من برنامجه على قناة الفراعين أنه كان يجب على السيسى القيام بغارات وهجمات برية، لضرب بؤر الإرهاب فى قطاع غزة فى إشارة إلى مواقع حركة حماس ووقتها كان الشعب الفلسطينى سيلتف حول السيسى الذى يخلصهم من حكم حماس، كما خلص المصريين من حكم الإخوان فى 30 يونيو، على حد قوله. وتابع صاحب قناة "الفراعين": لكن تلكأ السيسى فى ضرب غزة أعطى الفرصة لإسرائيل للقيام بهذه العملية، وهو ما أدّى إلى زيادة قوة حماس فى غزة والتفاف الفلسطينيين حولها، بدلا من إضعافها، حيث أصبحت هى القوة التى تواجه المحتل الإسرائيلى وتدافع عن شعبها، لكن لو كان السيسى هو من نفذ هذا الهجوم، فسيظهر الأمر فى صورة تدخل مصرى ضد الإرهاب فى غزة التى تعتبر امتدادا للأراضى المصرية، وظلت تحت حكمها لقرون طويلة ولن يكون الأمر مستهجنا من الشعب الفلسطينى أو الرأى العام الدولى. وحذر عكاشة من أن نتائج الحرب الدائرة الآن فى قطاع غزة سيكون لها انعكاسات خطيرة على الأوضاع فى مصر، حيث ستخرج حماس من المواجهة أقوى من ذى قبل، وهو ما سيصب فى صالح جماعة الإخوان المسلمين. وفى موقف يظهر أعلى درجات العداء فى مصر للشعب الفلسطينى، شنت الكاتبة المصرية لميس جابر، هجوما عنيفا على حركة "حماس"، وخلطت بين حركة المقاومة الفلسطينية وبين عموم الشعب الفلسطينى واللاجئين الفلسطينيين فى البلاد العربية. وطالبت الكاتبة - المعروفة بعدائها الشديد للثورات العربية وللحركات الإسلامية - بطرد كل الفلسطينيين المقيمين فى مصر ومصادرة أملاكهم وأموالهم، بل واعتقال كل المتعاطفين مع القضية الفلسطينينة!!، فى مشهد لم تعرفه مصر منذ بدء اليهود فى احتلال فلسطين فى بدايات القرن العشرين.
وتابعت "جابر": "الحل هو إعلان العداء السياسى الصريح لحماس، وغلق المعابر إلى أجل غير مسمى، وإلغاء كلمة حالات إنسانية وجرحى.. يروحوا فى داهية ونحتسبهم شهداء، ولا الشهادة مكتوبة على شباب المصريين بس؟، والقبض على كل متعاطف واتهامه بالخيانة العظمى، وإلغاء موضوع القضية الفلسطينية من المناهج والإعلام والصحف، وفى داهية القومية العربية، مش هنحافظ عليها بدم أولادنا، كفاية تخلف وضعف وخضوع لكلام وهمى ملوش معنى، تعبنا وزهقنا ومفيش حاجة هتتغير، ومش هيحرر فلسطين غير الفلسطينيين، لو أرادوا". وفى مقال نشره موقع إخبارى مصرى على الإنترنت الأسبوع الماضى، كتب " محمد زكى الشيمى" أحد القيادات فى حزب المصريين الأحرار - الذى أسسه رجل الأعمال القبطى نجيب ساويرس - يقول بشكل صريح للمرة الأولى فى الصحافة المصرية "إن إسرائيل ليست عدو المصريين وإن العدو الحقيقى هم الإخوان وحلفائها حماس وقطر وتركيا". ودعا إلى تنظيف التاريخ والمناهج الدراسية والإعلام المصرى من الأوهام التى عاشت فيها أجيال من المصريين، وهم يعتقدون أن إسرائيل وأمريكا أعداءهم. وأبرزت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، تصريحات عدد من الإعلاميين المصريين من بينهم توفيق عكاشة التى أعلن فيها تأييده للعدوان الإسرائيلى على قطاع غزة. ونقلت الصحيفة جزءا من تصريحات عكاشة قال فيها:" إنه يرفع القبعة لإسرائيل، ويقول لجيش إسرائيل وشعب إسرائيل وقيادة إسرائيل أنتم رجال، اتخطف من عندكم 3 أشخاص وقتلوا، فقتلتم فى المقابل المئات من الفلسطينيين". وقالت الصحيفة "ليس شكًّا هناك فى أن الخطاب العام فى مصر أصبح الآن منحازا لإسرائيل على حساب حماس أكثر من أى وقت مضى، لكن إعلان الفرح بهذا يعد أمرا سابق لأوانه، فمن الممكن أن تحدث أى معجزة تقلب المشهد رأسا على عقب". كما نقلت القناة الثانية فى التلفزيون الإسرائيلى مقتطفات من بعض البرامج الحوارية المصرية التى يدعو فيها المذيعون وضيوفهم صراحة بمساعدة إسرائيل فى القضاء على حماس؛ لأنها امتداد للإخوان المسلمين فى مصر. وفى رد عنيف وغير معتاد، هاجمت حماس مصر، وقالت:" إن إعلامها يساند الاحتلال الإسرائيلى فى عدوانه على القطاع، وقال المتحدث باسم الحركة "سامى أبو زهرى":" إن الإعلام المصرى يفتح قنواته للهجوم على غزة وأهلها ومقاومتها بشكل غير لائق، فى حين لا يتعرض لإسرائيل بأى سوء".