لان نية الخير إذا تمكنت بإخلإصٍ من قلب العبد بلغ بها أرفع الدرجات، في حين يصبح العمل الكبير الخالى من هذه النية تعبا لا طائل من ورائه. فعن إبراهيم بن عبيد بن رفاعة أن أبا محمد أخبره، وكان من أصحاب ابن مسعود، حدثه عن رسول اللّه صلي الله عليه وسلم قال: "إن أكثر شهداء أمتى أصحاب الفُرُشن، وربُّ قتيل بين الصفين اللّه أعلم بنيته "( رواه احمد--وفيه ضعف). فأصحاب الفُرُش الذين صدق عزمهم، وصحت نياتهم، هم أكثر شهداء الأمة، وربما سبق أحدهم قتيلاً سقط بين صفي المسلمين والكافرين في اْرض المعركة، غير أنه لم يسبق عمله وجهاده بنيةٍ صادقةٍ مخلصة. - و في ذلك روى سهل بن حنيف رضي اللّه عنة، عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: "مَنْ سأل الله الشهادة بصدقٍ بلغه اللّه منازل الشهداء، وإن مات على فراشه "([ رواه مسلم). - وروى معاذ بن جبل رضي اله لّه عنه، عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: "مَنْ سأل اللّه القتل في سبيله صادقا من قلبه أعطاه الله أجر الشهادة"(رواه الترمذى ). وأكَّد النبي صلي الله عليه وسلم ذلك في تعليقه على موت عبد اللّه بن ثابت رضي اللّه عنة، بعد أن كان تهيأ للغزو، وأعد له عُدّته. - فعن جابر بن عَتيك رضي اللّه عنه في حديث احتضار عبد اللّه بن ثابت، وحضور رسول اللّه صلي الله عليه وسلم احتَضاًره رضي اللّه عنه، أنه لما مات قالت ابنته: واللّه إن كنتُ لأرجو أن تكون شهيداً، فإنك كنت قد قضيت جهازك -- فقال رسول اللّه صلي الله عليه وسلم: "إن الله قد أوقع أجره على قدر نيته... " الحديث (رواه مالك فى الموطأ). وصدق اللّه العظيم إذ يقول:[وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ المَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً] (النساء:100) وما أبلغ قول ابو الاشهب العطاردى جعفر بن حيّان رحمه اللّه: "ملاكُ هذه الأعمال النياتُ، فإن الرجل يبلغ بنيته ما لا يبلغ بعمله "(الزهد لابن المبارك)