لم تنجح محاولات أيمن الظواهري في إبقاء جبهة النصرة وتنظيمات أخرى تحت راية قاعدية واحدة؛ فقد أنشقت عدة تنظيمات عن القاعدة (التنظيم الأم)، وكان على رأس هذه التنظيمات داعش، فقد أعلنت انشقاقها منذ أشهر. وإليكم التقرير الذي نحاول فيه رصد أسباب الانشقاق: - خشيت "الدولة الإسلامية" أن تنفلت الأمور منها ويزداد عدد المنشقين عنها تعتمد تنظيمات القاعدة على مبدأ اللامركزية. فكل منطقة أعلم بظروفها وأقدر على تشخيص واقعها الميداني والسياسي. يربطها بالقيادة العليا بيعة والتزام بنهج التنظيم وأفكاره. ويمنع على أي تنظيم أن ينفذ أي عمليات خارج قطره ما لم يستأذن أمير تلك المنطقة والشيخ أيمن الظواهري. حين اندلعت الأزمة السورية بدأ عناصر من الدولة الإسلامية في العراق يقصدون سوريا للجهاد، كما قصدها أيضا مئات المقاتلين الأجانب. خشيت الدولة أن تنفلت الأمور منها ويزداد عدد المنشقين عنها والمهاجرين إلى بلاد الشام فيتصدع التنظيم. عقد مجلس شورى الجماعة اجتماعا وقرر إيفاد مجموعة على رأسها أبي محمد الجولاني والي مدينة الموصل إلى سوريا. وأنشأ الجولاني ما عرف بجبهة النصرة بداية عام ألفين واثني عشر. كانت مهمتها جمع ما يعرف بالمهاجرين الأجانب تحت رايتها واستقطاب الشبان السوريين المؤمنين بنهج القاعدة. لم يستأذن البغدادي ، الظواهري في إيفاد الجولاني إلى سوريا. بدأ الخلاف بين الطرفين لكن ظل داخل أطر التنظيم. استطاعت النصرة أن تخطف الأنظار بعد العمليات النوعية التي نفذتها ضد مقار وثكنات وحواجز الجيش السوري، وشكل حالة استقطاب هامة لدى المقاتلين السوريين. وبدأ الدعم ينهال عليها. ذاع صيت النصرة وبدأ يعلو شأنها. وبدأ البغدادي الذي يعشق السلطة كما يقول من عرفوه يشعر أن الجولاني بدأ يسحب البساط من تحت أقدامه، ولا سيما أن المئات من عناصر الدولة في العراق التحقوا بجبهة النصرة سرا. وما زاد من حدة الخلاف خروج الظواهري متخطيا البغدادي ليدعو المجاهدين من كل أصقاع الأرض لينفروا إلى سوريا. قرر البغدادي وبناء على مشورة ذراعه الأيمن حجي بكر الضابط السابق في الجيش العراقي أن يخضع النصرة لسلطة الدولة. أمر البغدادي الجولاني بتنفيذ عدة هجمات تستهدف الجيش الحر. من بينها، الهجوم على مخازن سلاح تابعة للجيش الحر، واستهداف احد الفنادق في تركيا أثناء اجتماع لقيادات من المعارضة السورية. رفض الجولاني تنفيذ هذه العمليات باعتبارها مخالفة للشرع، ومفسدتها أكبر من منفعتها، ولا يستفيد منها سوى النظام السوري. رفض الجولاني أوامر البغدادي. فأعلن الأخير في نيسان ألفين وثلاثة عشر توحيد دولة العراق الإسلامية بجبهة النصرة لأهل الشام في تنظيم واحد تحت اسم الدولة الإسلامية في العراق والشام. رفض الجولاني دمج التنظيمين وأعلن ولاءه للشيخ الظواهري وطلب الاحتكام إليه. طلب الظواهري من الدولة أن تبقى في العراق وأن لا تدمج تنظيمها بالنصرة. رفض البغدادي أوامر الظواهري. فبدأ الخلاف يأخذ منحى مختلفا ذا طابع دموي. البغدادي اعتبر الجولاني خائنا للعهد، والجولاني اعتبر البغدادي ناقضا لبيعة أميره الظواهري.