لا تزال مصر تعيش تحت وطأة الثالوث المدمر "الفساد والسلطة والثروة"وبات كل شئ في هذا البلد "المنكوب" مقسمًا بين أصحاب هؤلاء الثلاثة. أما السلطة فهي الغول المفترس الذي يتجبر صاحبه ويتكبر على كل من في مصر، وتحتل اعتداءات ضباط الشرطة على كل فئات الشعب بما فيهم مسئولي السلطة القضائية صدارة هذا الأمر، فخلال يومين فقط سجلت محاضر النيابة اعتداء ضباط شرطة على رؤساء محكمة بأسوان واعتداء آخر على رئيس محكمة شبين الكوم وكلها تنوعت ما بين السب بأقذع الألفاظ وضرب القضاة "بالشلوت"!! وأما الفساد فاستشرى في البلاد بأيدي رجال الأعمال ورجال الحكم، فكانت النتيجة ارتفاع الدين العام للبلاد إلى رقم مخيف تجاوز ال 800 مليار جنيه. ولا عجب إذن أن نرى مصر في تقرير الشفافية الدولية "فضيحتها بجلاجل" وأقرب للدول الفاسدة باحتلالها ذيل التقييم في المركز ال 115. وما بين الفساد والسلطة والثروة يعيش الشعب المصري منتظرًا الكارثة الكبري كل يوم. غضب عارم يسود القضاة من الأمر وأزمة بين النائب العام ووزير الداخلية بسبب همجية "الباشوات" البنك المركزي يعلن ارتفاع الدين العام إلى 800 مليار جنيه وخبراء يحذرون من تداعيات الأمر تقرير الشفافية الدولية: مصر أصبحت أكثر فسادًا وترتيبها في الشفافية تراجع إلى المركز 115 اعتداءات ضباط الشرطة على المصريين فاقت كل الحدود واستشرت لتصل إلى رجال "السلطة القضائية" بعد أن كانت مقتصرة على الغلابة ومن ليس له "ظهر" الذي صارت "بطنه" هدفًا لشلاليت وصفعات رجال الشرطة. ففي خبر نشرته الصحف أمس، تعرض قاضيان بمحكمة أسوان الابتدائية للضرب والإهانة حسب أقوالهم في تحقيقات رسمية وأقوال الشهود أثناء دخولهم مطار الأقصر الدولي للحاق بطائرتهم المتجهة إلي القاهرة في الساعة الثانية عشرة من منتصف ليلة أمس الأول. قال القاضيان، وهما يشغلان منصبي رئيس محكمة، أنهما تعرضا للضرب بالأيدي والإهانة بالشتائم من ثلاثة نقباء شرطة وبمساعدة أمين شرطة داخل مطار الأقصر، وعلي مرأي ومسمع من الركاب، وتم إبلاغ المستشار عبدالمجيد محمود، النائب العام، الذي أبدي غضبه واستياءه مما حدث، وأمر بسرعة اتخاذ الإجراءات القانونية. والجدير بالذكر أن القاضيين يرفضان جميع محاولات الصلح، كما يرفضان مغادرة الأقصر قبل القبض علي الضباط وحبسهم. وورد في أقوال القاضيين أن الواقعة بدأت عندما منع أمين شرطة بالمطار القاضيين من استكمال إجراءات السفر، طالباً منهما مغادرة الصالة فوراً، بحجة عدم وجود تذاكر معهما، رغم أنهما قدما له تذكرة مميكنة تحوي اسميهما وبياناتهما، وعندما قالا له عيب كده إحنا قضاة ورؤساء محكمة، رد عليهما: وإيه يعني أنا مايهمنيش. ثم حدث احتكاك بين الطرفين بسبب تلفظ أمين الشرطة ببعض الألفاظ الخارجة ومحاولته إخراجهما بالقوة، بعدها تدخل ضابط شرطة برتبة نقيب، وقام بسبهما وتوجيه الشتائم للقضاء، ثم ضرب أحد القاضيين في صدره ب"البوكس"، وقال لهما: اطلعا برة، بحسب شهود العيان، بعدها تدخل ضابطا شرطة أخران برتبتي نقيب، وعاونا الضابط والأمين في الاعتداء علي القاضيين بالأيدي والشتائم الخارجة. ورفض مصدر أمني بالأقصر التعليق علي الواقعة، مؤكداً أن هناك محاولات للصلح لإنهاء المشكلة، وأكد القاضيان أن الصلح مرفوض لحين حضور الضباط لاتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم. وأبى رجال الشرطة إلا أن يكون لهم في اليوم التالي مباشرة خبر واقعة اعتداء جديدة ضد القضاة أيضًا، ولكن هذه المرة في الوجه البحري بعد انتهاء جريمتهم في قبلي، ويبدو ان البشوات واخدين مصر "رايح جاي". فقد شهدت محكمة شبين الكوم، أمس، واقعة اعتداء نقيب شرطة بمركز شبين الكوم، يدعي محمد فتحي، علي رئيس محكمة شبين الكوم، بالسب والقذف والألفاظ النابية، أثناء تواجده في عمله بالمحكمة. كان المستشار "أ.ب.س"، رئيس محكمة شبين الكوم، يمارس عمله القضائي، حيث كان ينظر قضيتي تجديد حبس متهمين في جنايتين، ووجد أن المتهم في الجناية الأولي موثق ب"الكلابشات" ومربوط في يد أحد المجندين لدي عرضه عليه. فأمر علي الفور بفكها فأخبره المجند بأن المفتاح مع الضابط المذكور فطلب المستشار استدعاءه، وعندما حضر ارتفع صوته بالصياح علي أمين السر ودفع باب غرفة المداولة بقدميه، وقال له المستشار: احترم المحكمة، ففوجئ به يقول له: "إنت قليل الأدب إنت بتعمل إيه.. إنت ماتربيتش"، وانهال عليه بالسباب بالألفاظ النابية. بعدها توجه المستشار إلي المحامي العام لتحرير محضر بالواقعة. وإثر توالي أنباء اعتداءات ضباط الشرط على رجال القضاء، اندلعت أزمة صامتة بين النائب العام الذي يمثل السلطة القضائية ووزير الداخلية الذي يمثل الأب الروحي لضباط السلطة التنفيذية. مصر مديونة وفي تطور آخر، ونتيجة لمنظومة الفساد التي أنشأها مبارك وحزبة اللاوطني بامتياز، أكد التقرير الشهري الأخير للبنك المركزي عن أغسطس 2008، ارتفاع إجمالي الدين العام إلي 5.874 مليار جنيه، تبلغ قيمة الدين المحلي منها 5.686 مليار جنيه في نهاية مارس 2008، موزعة علي الحكومة والهيئات العامة الاقتصادية وبنك الاستثمار القومي، حيث استحوذت الحكومة علي 6.74% من إجمالي المديونية المستحقة، بما يساوي 9.511 مليار جنيه، بزيادة قدرها 7.33 مليار جنيه، عن نهاية يونيو 2007، فيما بلغ رصيد مديونية الهيئات العامة الاقتصادية نحو 9.49 مليار جنيه، أما صافي مديونية بنك الاستثمار القومي فقد بلغ 7.124 مليار جنيه. وأظهر التقرير ارتفاع الدين الخارجي ليصل إلي 5.34 مليار دولار، بزيادة قدرها 6.4 مليار دولار عن يونيو 2007، نتيجة ارتفاع أسعار صرف معظم العملات المقترض بها أمام الدولار الأمريكي، بما يعادل 9.2 مليار دولار، وبالنسبة لأعباء خدمة الدين الخارجي فقد ارتفعت إلي 152 مليون دولار «تشمل أقساط الدين والفوائد». وحقق صافي الاحتياطيات الدولية ارتفاعًًا طفيفًا 1.0 مليار دولار، ليصل إلي 7.34 مليار دولار في نهاية يوليو 2008، بما يغطي 3.8 شهر واردات سلعية. وبلغ معدل التضخم السنوي وفقا لأسعار المستهلكين 2.20%، عن شهر يونيو 2008، مقارنة بشهر يونيو 2007، فيما بلغ إجمالي الاستثمارات المنفذة نحو 1.147 مليار جنيه خلال الفترة يوليو- مارس من السنة المالية 2007/2008، بمعدل نمو 41% مقارنة بنفس الفترة من العام المالي السابق ومن ناحيتهم، حذر خبراء اقتصاد من زيادة الدين المحلي، وتأثيره السلبي علي معدلات النمو المناسبة، حيث أشار التقرير الشهري للبنك المركزي، إلي زيادة الدين العام المحلي إلي 5،686 مليار جنيه، وقال الخبراء إن توسع الدولة في إصدار أذون الخزانة أدي إلي تفاقم الدين المحلي الداخلي، وارتفاع حجم الإنفاق الحكومي علي فوائد وأقساط الدين. وانتقد الخبراء زيادة المديونية الداخلية في غياب المعايير التي تضمن عدم تجاوز الحدود الآمنة. وقال دكتور سعيد عبد المنعم، أستاذ المالية العامة بجامعة عين شمس إن كثرة لجوء الحكومة لطرح الأذون أدي إلي تفاقم الدين الداخلي لتعويض عجز الموازنة، مشيرا إلي أن التوسع في الاقتراض الداخلي من البنوك لم يعد مناسبا في ظل الوضع الاقتصادي الحالي ، بعد تجاوز الدين المحلي الداخلي 686 مليار جنيه. وأضاف أن الدولة خصصت 20% من الموازنة العامة للإنفاق علي فوائد وأقساط الدين الداخلي ، وهو ما يستوجب ضرورة البحث عن مصادر جديدة لزيادة الموارد لسد أوجه الإنفاق الضرورية، وتخفيف أوجه الإنفاق الحكومي، بدلا من الاعتماد المتزايد علي الأذون لعدة أسباب، منها أن أذون الخزانة التي يتم طرحها في السوق يتم طرحها غالبا بآجال قصيرة ، وهو ما يساعد علي تحميل الموازنة العامة أعباء جديدة بفوائد الديون المتراكمة التي تستحق في أوقات قصيرة من الصعب الوفاء بها، علي عكس الأذون التي تطرح بآجال طويلة تتيح للحكومة فرصة سداد قيمة الأذن والفوائد المستحقة عليه. وقال هاني أبو الفتوح، نائب رئيس بنك المؤسسة العربية المصرفية إن طرح أذون الخزانة سلاح ذو حدين، فهو إحدي الأدوات الأساسية التي يستخدمها البنك المركزي لإدارة السياسة النقدية لامتصاص السيولة الفائضة في السوق والحد من التضخم، إلا أنه في نفس الوقت يعمل علي زيادة الدين العام الداخلي، وأضاف أن تخفيض نسبة الدين الداخلي تعتمد علي قدرة الدولة في توفير بدائل جديدة لزيادة الموارد أو رفع كفاءة الدولة في تعزيز الموارد القائمة، كما حدث بالنسبة لزيادة الحصيلة الضريبية بنسبة 46%، بعد تحسين كفاءة القطاع الضريبي في تحصيل الضرائب وإضافة ممولين جدد. وأرجع هاني أبو الفتوح، الزيادة التي طرأت علي رصيد الدين الخارجي بنحو 4 مليار دولار لتصل إلي 5،34 مليار دولار في الفترة التي يتناولها التقرير إلي سداد أعباء الالتزامات الخارجية المستحقة علي الدولة، ومنها فوائد وأقساط الدين الخارجي، بالإضافة إلي سداد جزء من القروض التي تحصل عليها مصر من المؤسسات الدولية المانحة، وما يترتب عليها من فوائد وأعباء جديدة لتلك الديون. ويري أبو الفتوح ضرورة العمل علي رفع معدلات التصدير إلي الخارج من خلال منظومة كاملة تعمل علي توفير بعض المميزات النسبية، ومنح تسهيلات ائتمانية للمصدرين تساعد القطاع التصديري علي فتح أسواق جديدة، وخلق التوازن المطلوب بين حجم الاستيراد والتصدير . وقال دكتور رشاد عبده أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة إن الدولة تجنبت اللجوء إلي الاقتراض الخارجي بالعملة الأجنبية للحفاظ علي مستوي المديونية الخارجية عند الحدود الآمنة له ، فيما توسعت في الاقتراض داخليا لتعويض الفاقد من الخارج والحصول علي السيولة المطلوبة لتمويل العجز. وأضاف رشاد عبده أنه كان يجب علي الدولة توظيف الأموال المحصلة من الأذون في مشروعات حقيقية تدر عائدا اقتصاديا مناسبا لسداد المديونية، إلي جانب الحفاظ علي الدين الداخلي عند الحدود الآمنة، مشيراً إلي أن حديث وزارة المالية عن عدم تخطي الدين الداخلي للحدود الآمنة لا يستند إلي معايير واضحة، لأنه لا توجد معايير واضحة لقياس هذا المعدل في مصر، في حين وضع الاتحاد الأوروبي معايير تطلب عدم تجاوز الدين الداخلي نسبة 65% من الناتج المحلي الإجمالي، أما في مصر فالمعايير تخضع للأهواء الشخصية. وأوضح رشاد عبده، أن مديونية الدولة أصبحت في مأزق عدم القدرة علي السداد في الآجال القصيرة التي تستحق فيها المبالغ بشكل تلقائي، لافتا إلي أن الدولة حولت الأذون قصيرة الأجل إلي أذون طويلة الآجل بشكل غير مباشر، من خلال تأجيل عمليات السداد عاما بعد الآخر لتتراكم المديونيات بشكل تعجز معه الحكومة عن السداد. .. وتتراجع عالميًا وكنتيجة حتمية لكل ما سبق، وصفت منظمة "الشفافية الدولية" مصر بأنها "أقرب للدول الفاسدة"، وأوضحت في تقريرها السنوي لعام 2008 أن مصر تراجعت 10 مراكز دفعة واحدة، إذ جاءت في المرتبة 115 بمعدل 2.8 نقطة، بعد أن كانت في المرتبة 105 في تقرير 2007. وذكر التقرير أن الفساد يشكل عائقاً خطيراً أمام التنمية في مصر، وعلي الرغم من استمراره فإن النقطة الجيدة التي تم رصدها مؤخراً أن مشكلة الفساد يتم تداولها علناً بالنقاش. وجاءت مصر في الترتيب ال13 بين دول الشرق الأوسط، وكانت الدول الأفضل في المنطقة طبقاً للتصنيف الأخير للمنظمة الدولية قطر (6.5 نقطة) التي احتلت المرتبة ال28 علي المستوي العالمي، متفوقة بذلك علي إسبانيا وإسرائيل وإيطاليا وغيرها، وتلتها الإمارات (5.9 نقطة)، وعمان (5.5 نقطة) والبحرين (5.4 نقطة) والأردن (5.1 نقطة). أما الدولة الأسوأ فكانت العراق التي سجلت (1.3 نقطة)، وجاءت في المستوي 178 علي المستوي العالمي. ووضعت المنظمة في أعلي تصنيف الدول الفاسدة: الصومال والعراق وبورما وهايتي. وأفضل البلدان المصنفة كدول «نظيفة» الدنمارك والسويد ونيوزيلندا، إذ بلغ مؤشر كل منها (9.3 نقطة) تتبعها سنغافورة التي سجلت (9.2 نقطة). وتراجعت في التقرير الأخير بلغاريا والنرويج وبريطانيا، فيما تقدمت سلطنة عمان وقطر وتركيا. وتنشر المنظمة غير الحكومية كل سنة منذ 1995 تصنيفاً للفساد في 180 دولة، وفقاً لتحليل مجموعة دولية من رجال الأعمال والخبراء والجامعيين. ويتدرج المؤشر من عشر نقاط بالنسبة لدولة تعتبر "نظيفة" إلي صفر بالنسبة لدولة تعتبر "فاسدة".