الزيارة التي يقوم بها رئيس الآلية الإفريقية رفيعة المستوى ثامبو أمبيكي للخرطوم للتوسط بين حكومة السودان وقطاع الشمال في منبر التفاوض بأديس أبابا حول المنطقتين النيل الأزرق وجنوب كردفان، تأتي في أوقات مرحلية بالغة التعقيد في الوقت الذي خرجت فيه بعض الأوساط بردود فعل متباينة حول نتائج الجلسات الأخيرة لمنبر أديس والذي انفض سامره الأيام الماضية قبل أكثر من عشرين يوماً دون تحقيق النتائج المرجوة، وحينها أكدت المصادر أنها ربما وصلت لطريق مسدود بحسب تصريحات الوفد الحكومي الذي قال إن وفد الحركة الشعبية قطاع الشمال تعنت كثيراً في أن يصل الطرفان لنتائج تدفع بحلقة التفاوض المبرمة بينهما إلى برٍ آمن في الوقت الذي أشارت فيه أطراف محايدة إلى أن ما أنجز من نتائج قدرت ب «70%» خلال الجلسة الماضية وذلك في حد ذاته يعد إنجازاً لجهة أن وفد القطاع كان أكثر تماطلاً في الجلسات قبل الأخيرة قبل أن يلوح الاتحاد الإفريقي وآليته بأن تكون الجلسة التي انقضت حاسمة بشأن التفاوض مهدداً القطاع والحكومة بأنه إذا لم يتجاوزا تلك النقطة فإن معايير أخرى للتفاوض حول المنطقتين ستجد طريقها في الوقت الذي يهدد فيه قطاع الشمال بنقل قضيته لمجلس الأمن الدولي. ووضعت الآلية الإفريقية عبر وساطتها في أديس حداً لا يمكن أن يتجاوزه الطرفان حدد بشهر يونيو، ولكن التقدم الذي طرأ على الجلسة الأخيرة بين الطرفين في القضايا الموضوعة للنقاش والتباحث حولها أجل عملية إنفاذ وعده للطرفين بإنفاذ عقوبات ربما طالتهما معاً.. الزيارة المرتقبة لرئيس الآلية الإفريقية ثامبو أمبيكي للخرطوم اليوم حسبها بعض المتابعين بأنها تأتي في سياق مجهوداته للخروج بالمنبر التفاوضي إلى بر الأمان عقب المهددات الكثيرة التي وقفت عليها الآلية والتي ربما ذهبت بكل الجهود المبذولة أدراج الرياح فيما لا زال الموقف على الأرض هناك في المنطقتين يتطلّب التقدم في جدول القضايا المطروحة بين الطرفين خطوات للأمام خاصة الموقف الإنساني في الأزمة الناشبة خاصة مناطق الصراع وقد أدت بدورها إلى تشريد الالآف من مواطني المنطقتين في ظل الحشد العسكري للقطاع والحكومة الشيء الذي له انعكاساته السالبة على الوضع الاجتماعي والاقتصادي وحتى الحياتي. ويؤكد الخبير الأمني الأمين الحسن أن الزيارة ربما بحثت مع وفد الحكومة المزيد من التنازلات التي من شأنها الدفع بلمف التفاوض في الوقت الذي أكد فيه الحسن أن الحكومة ورغم أنها أبدت تنازلات كثيرة من ضمنها الجلوس للقطاع الذي رفضته مكونات داخلية مختلفة منها السياسي والقبلي الرافضة لقبول القطاع ناطق أساسي باسم مواطني المناطق المذكورة. ويضيف الحسن إلا أن ذلك وحده غير كافٍ لدفع عجلة التفاوض، وأن القطاع الذي يشاطر الحكومة المنبر هو الآخر له أجندات وقضايا يرى أنها لازمة التواثق حولها وعلى الحكومة والمجتمع الدولي والإقليمي ضرورة إعارة تلك القضايا المزيد من الاهتمام، ولذلك يرى الأمين أن القطاع لا زال عند موقفه مما يحتم على الوسيط ثامبو أمبيكي تسريع خطواته في اتجاهات مختلفة تخرج بالمنبر من دائرة الشكوك إلى بر الحياد وأنه يقف على مسافة واحدة بين الأطراف المتنازعة رغم أن الاستهداف لصدقية المنبر قد يكون مبالغ فيها، ويضيف الحسن الذي يقول إن المنابر الإقليمية ومهما كانت درجة نزاهتها إن لم توافق هوى المجتمع الدولي صاحب الأجندة الخفية في القارة البكر (إفريقيا) فإن نتيجة الحكم عليه حتماً لا توافق الحقيقة المطلقة التي يتمناها المجتمع الإفريقي ويقول لذلك تأتي زيارة أمبيكي للخرطوم للتعاون معه في حفظ ماء وجه القرارات الإفريقية من جهة ووضع حد لتماطل قطاع الشمال وأعوانه من جهة أخرى. بيد أن المحلل السياسي السر محمد أحمد وأستاذ العلوم السياسية يرى في حديثه ل (الإنتباهة) أن موضوع الزيارة عادي جداً وإنه كثير ما يقوم السيد أمبيكي بزيارة للخرطوم إثر تعثر أي محادثات طرفها الخرطوم ويقول إن أمبيكي اعتاد على مزاورة جلسائه في مناطقهم لذلك تشير المصادر إلى إنه يزعم زيارة كاودا معقل قطاع الشمال والجبهة الثورية أي الحركات المسلحة المعادية لحكومة الخرطوم، ويزيد السر أن للزيارة أبعاد أخرى فبينما ينادي القطاع بضرورة أن يكون المنبر لكل قضايا السودان كانت الحكومة تصر على أنه لمناقشة قضايا المنطقتين فقط وأن بقية قضايا السودان في دارفور وغيرها من القضايا منابر أخرى كالدوحة ومنبر الخرطوم الذي طرح مؤخراً، بيد أن السر يرى إنه إن كانت هناك نوايا للوسيط فإنه سيكون لمناقشة قضية الجبهة الثورية وإمكانية ضمها للمنبر لمعالجة أزمة السودان ككل وليست موحدة، ويرى السر إنه ربما اقتنع أمبيكي برؤية قطاع الشمال حول الخروج بالسودان عامة من دائرة أزمة النزاع المسلح بضم الجبهة الثورية لمنبر أديس وبالتالي استصحاب قضايا دارفور والمسألة الدارفورية في الوقت الذي بدأت بعض الجهات الدولية والحركات المسلحة تكثر من التقليل بأفضلية ومزايا منبر الدوحة الذي وافقت عليه حركتا التحرير والعدالة وجزء من حركة العدل والمساواة المنحازة للسلام بقيادة دبجو منفصلاً وأبوقردة عقب انضمامه ووفده للتحرير والعدالة، ويؤكد السر أن هذا ما يفسر أسباب زيارة أمبيكي لكاودا معقل الجبهة الثورية في الوقت الذي يكون فيه قطاع الشمال عضواً داخل تلك الجبهة الداعية لإسقاط الحكومة بقوة السلاح. وربما وجدت زيارة أمبيكي صدىً طيباً من خلال ما يمكن أن تحركه من قضايا استعصت طرق البحث فيها عن مخرج فيما لا زالت تنادي الحركة الشعبية قطاع الشمال بضرورة ضمها لمنبر التفاوض في أديس أبابا ليخرج المنبر بحل لقضايا السودان قاطبة وليس المنطقتين وحدهما وهذا ما توضحه الأيام المقبلة. المصدر: صحيفة الانتباهة