* من أقاصى الصعيد إلى كفر البطيخ إلى سمنود رحلة جهاد الجد والأب من أجل لقمة العيش * حفظت القرآن فى كتاب بقرش صاغ واحد كل شهر ! * حكاية أقة العنب التى لم تدخل بيتنا 20 سنة !! * ( هذه صور عن مصر فى مطلع القرن العشرين ، فأحمد حسين ولد عام 1911 ) وفى صورة أخرى أرى نفسى مرتديا بدلة بحار وإنسان ما يحملنى ليوقعنى على كرسى ويطلب منى ان أخطب . وأغلب ظني أن هذا الإنسان كان أخى الذى كان يصحبنى معه فى كل مكان .. وما زالت صورة البيت الذى كنت أتردد عليه أكثر من مرة فى مخيلتي .. ولقد اعتدت أن أمر عليه بعد أن كبرت .. إنه بيت فى الصليبة له باب حديدى .. وقد حدث أن قابلنى بعد أن كبرت بعض سكان هذا البيت وحاولوا أن يذكروني بأيام الطفولة .. أيام أن كان أخى الكبير يأخذنى معه إلى هناك ويطلب منى أن أقول الخطبة التى علمنى إياها .. ولقد قالوا لى إنها خطبة العصر كان عنوانها يافتى العصر وكانت تدور حول التنديد بفتى العصر الذى فقد معالم الرجولة وأصبح يميل إلى التخنث وتزجيج الحواجب ، والبطالة والكسل . وليس فى ذاكرتي شىء عن هذه الخطبة .. ولكن الصورة لا تزال ناصعة .. صورتي وأنا أحمل فوق الكرسي أو المائدة لأقول شيئا والناس من حولى مسرورة معجبة . ريالات كثيرة على ان الصورة المحفورة فى نفسى من هذا العهد البعيد .. صورة والدى يوم جنازة أخى .. وكنا فى الأسكندرية وكان والدى يبدو كاسف البال ولكنه متمالك الأعصاب .. ويحمل فى يده عديد من الريالات الفضية ينفق منها على مصاريف الجنازة وقد استوقفني منظر هذه الريالات اللامعة ولا تزال عالقة بذاكرتي .. ولقد كنت دائم الإشارة إلى هذا المنظر فحدثتنى والدتى انه استدان فى هذا اليوم نقودا من موظف كبير كان يبره ويوده وهو المرحوم محمود بك محمد من رجال المعية فأسعفه فى ذلك اليوم بما كان لديه من المال وكان على صورة هذه الريالات الفضية . صورة من الإسكندرية ولا يزال للإسكندرية ورحلاتي إليها مع والدى أيام الطفولة بعض صور لا تزال عالقة برأسى حتى الآن لأنها لم تبارحه أبدا .. صورتى وقد أرسلت على ما أذكر لأشترى قطعة من الجبن الرومى من أحد البقالين .. وأثناء عودتى إلى المنزل وقفت فى منعطف من الطريق وفتحت ورقة الجبنة الرومى وأخذت قطعة فأكلتها .. وهاأنذا بعد حوالى أربعين سنة من هذا التاريخ لا أزال أحس طعم هذه الجبنة على لسانى ولست أذكر أننى تذوقت طول حياتى بعد ذلك جبنة رومية تصل إلى طعم هذه المرة . من فوق سراي رأس التين وصورة أخرى أرى نفسى فيها على سطوح سراى رأس التين حيث كان يعمل والدى وقد راحوا يروننى المناظير المكبرة الموجودة فوق السطوح ورحت أنظر فيها إلى المراكب الداخلة إلى الميناء من عرض البحر. حول الشرسة والصورة الأخيرة التى لا تزال عالقة برأسى هى صورة تجمع الناس بالقرب من شاطئ البحر حول شرسة اصطادوها. وقد فاتنى ان أقول لك أننا كنا نسكن دائما فى حى الانفوشى ليكون والدى قريبا من محل عمله فى السراى . كازينو الانفوشى هذه هى الصورة التى ما زلت أحملها من طفولتى المبكرة عن الإسكندرية ويجب أن تكون كل هذه الصور فى صيف الأعوام السابقة على تولى السلطان أحمد فؤاد لأنه بمجرد أن مات السلطان حسين وعين بدله السلطان فؤاد كف عن أن يأخذ أبى فى معيته إلى الإسكندرية بل إنهم نقلوه بعد ذلك إلى وزارة المالية وتوقفنا عن الذهاب إلى الإسكندرية فهى كلها من الطفولة المبكرة وقبل أن أبلغ السابعة بل السادسة على الأرجح . وإلى هنا تنتهى الصور المعلقة فى ذهنى والتى لا أستطيع أن أربطها بحوادث منسقة . وهناك صور معاصرة لها لا تزال فى ذهنى ولكنها أكثر اتساقا واتصالا بما بعدها فإنها ترتبط بالحوادث والأشخاص والأماكن التى درجت فيها ولذلك فإننى أستطيع أن أذكرها بشىء من التسلسل والمنطق أكثر من هذه الصور المتقطعة . الكُتاب فلا يزال فى ذاكرتى منظر الكُتاب الذى كنت أذهب إليه وأنا طفل صغير جدا من غير شك أى قبل الخامسة فلا بد أن يكون ذهابى إلى الكتاب فى وقت مبكر جدا فما زلت أذكر المدرسة الأولية التى انتقلت إليها بعد الكتاب .. وكيف انتقلت بعد ذلك إلى مدرسة البهية البرهامية للجمعية الخيرية الإسلامية فى سنة تحضيرى وكان عمرى يقل عن ست سنوات فلابد أن كان ذهابى إلى الكُتاب كان مابين الرابعة والخامسة . ولا يزال من ذكرياتى فى الكُتاب فى رأسى بعض روائحه .. رائحة الحبر فى المحابر وهى مليئة بقطع من القماش ونحن نمسك بالقلم ونضغط على القماش المبلل بالحبر ليستطيع ان يكتب .. لا تزال هذه الرائحة فى ذاكرتى . وكان من مدخل الكُتاب رجل أو إمرأة لا أذكر يبيع الطعام للأولاد : ماء اللفت فى طبق صغير فنغمس هذا الماء بالخبز أو بالأحرى نفتت فيه الخبز فيصبح له طعم جميل جدالا يزال عالقا بذاكرتى . ولا زال منظر الفَلقة وأحد الأولاد يمدونه ليضربه سيدنا.. لا يزال المنظر مرسوما فى الذاكرة . ولكى لا أذكر ان هذه الفَلقة استعملت معى أبدا ..ولعل ذلك إنما كان يرجع لأننى ابن أفندى .. الأفندي الكبير الموظف فى ديوان السلطان .. وبعد ذلك فى الحكومة . ولا زالت صورة اللوح الصفيح حيث كنا نكتب عليها بالقلم البسط آيات من القرآن لنحفظها عالقة بذاكرتى .. ولا تزال ذكرى غامضة عالقة بذاكرتى .. أن هناك بعض الإشكالات كانت تدور حول خطى وأنه ليس حسنا .. وأننى لم أكن من صبيان المكتب الممتازين ولم أكن من الخائبين كذلك . وكنت أحمل كل أسبوع قرشا صاغا للعريف وهذا هو كل ما أذكره عن أيام الكُتاب . فى حارة الجمالة ولنتحدث الآن عن حارة الجمالة حيث ولدت ودرجت ونشأت وترعرعت وحيث لا يزال كل ما يتصل بها عالقا بذهنى وواضحا كل الوضوح . لا تزال الحارة هناك فى حى طولون .. فى منطقة منه تسمى منطقة العمرى ولا تزال حارة الجمالة تحمل هذا الاسم على لوحة مصلحة التنظيم الزرقاء التى كانت موجودة هناك منذ ذلك الأمد البعيد ولعل هذا يصور لك أهمية الحارة . والحارة مسدودة فى نهايتها بحوش "الجمالية " ولكن فتحة تتفرع منها قبيل بيتنا كانت تقودنا إلى الجبل .. إلى جبل طولون وقلعة الكبش . ومنذ طفولتنا وفى هذا الحارة ثلاث أماكن بارزة بيت الشيخ ضيف الذى سبقت الإشارة إليه والذى يحمل فوق شراعة بابه تمساحا محنطا .. والبيت الثانى هو بيت الأفندي والمؤسسة الثالثة فى هذه الحارة التى يشار إليها بالبنيان هى حوش الجمالة فى نهاية الحارة . الشيخ ضيف وبيته فأما بيت الشيخ ضيف فبيت كبير متسع كان يفوق بيتنا من حيث الاتساع والضخامة ومن حيث الأهمية والشهرة .. فقد كان الشيخ ضيف شيخ طريقة كما قدمت .. وكانت الحارة أو الأحرى سكانها يراقبون فى حسد وشعور مستمر بالحرمان سبيل الهدايا الذى كان لا ينقطع عن هذا البيت .. وليست لهذه الهدايا والعربات المحملة صورة فى رأسى ولكن أحاديث والدتى عنها لا يزال يرن فى أذنى فقد كانت كل الأسرة تتحدث عنها فيعدون أقفصة الفراخ التى وصلت أو الديوك الرومى أو الخراف أو القمح أو الزبد أو أنواع الفواكه .. كل ذلك يتقاطر من أنحاء القطر لشيخ الطريقة . ولم أشهد شيخ الطريقة الكبير ولكنى ما زلت أحفظ صورة لشيخ الطريقة الصغير الشيخ ضيف الصغير .. والصورة التى تحفظها ذاكرتى هى صورة شيخ (مقلوظ) وأعنى (بالمقلوظ ) أنه من هؤلاء الذين يضبطون عمامتهم ويهتمون بقيافتهم . وكان بيت الشيخ ضيف فى ثلث الحارة الأول حيث تتصل بشارع العمرى .. وكان بيتنا يأتى فى الثلث الأخير من الحارة .. وكان مشهورا بأنه بيت الأفندي .. وأحسب أن الساعة قد حانت لنتحدث قليلا عن هذا الأفندي الذى هو والدى . الأفندي ولد الأفندي فى بلدة كفر البطيخ من أعمال مركز دمياط . وسمى محمود وكان أسم أبيه حسين واسم جده محمد واسم جده الأكبر دهب ولقد قص علىّ والدى فيما بعد أن مسقط رأس الأسرة كان فى الصعيد وفرض عليهم ان يأخذوا أرضا وكانت الأرض فى ذلك الوقت تفرض على الناس فرضا فهربوا من الصعيد واتجهوا نحو الشمال لينجوا بأنفسهم أن تكون لهم أرض وما يتبعها من تكاليف والتزامات .. واستقر بهم الحال فى كفر البطيخ وكانوا يشتغلون بتجارة المواشى وكان حسين والد أبى هو أول من أشتغل كاتبا فى بعض التفاتيش وليس يحضرنى اسم التفتيش . وولد له أبى ومن حديث أبى عن تاريخ حياته مسائل تستوقف النظر من حيث نضجه المبكر .. فعندما بلغ الثامنة من حياته لم يكن يعرف القراءة والكتابة فحسب بل أنه أنشأ كُتابا كان يقيم فيه الناس من هم أكبر منه سنا وكان يتقاضى كأى عريف أجرا على تعليمه. وكان الكبر قد أصاب أباه فى عينيه فلم يعد يحسن الاضطلاع بعمله فكان أبى الذى ما يزال طبيا يقوم بعمله خير قيام ورضى رؤساء أبيه عن عمله فأبقوا الشيخ فى منصبه مادام أبنه يؤدى عمله . وفى يوم من الأيام جاء مفتش يزور التفتيش فطلب مقابلة كاتب الحسابات فجاءه بأبى الذى كان لا يتجاوز العشر سنوات على ما أذكر .. وذهل المفتش ان يكون ذلك كاتب الحسابات وبان الغضب على وجهه فأفهموه القصة.. قصه مرض الكاتب الأصلى بعينيه وأن أبنه يقوم بعمله.. فقال لهم وكيف يستطيع ذلك الصغير أن يقوم بالعمل فأجابوه سترى أنه يحذق عمله .. وبدأ المفتش يسأل الصبى عن حسابات التفتيش والصبى يرد بدقة تثير الدهشة .. وبدأ الاطلاع على الدفاتر فكانت لا تقل إحكاما عن الإجابات الشفوية .. ورضى المفتش وابتهج بهذا الصبي الصغير .. وكان هذا الحادث العارض بداية انقلاب فى حياة الأسرة فقد أزداد الصبى ثقة بنفسه وشعورا بكيانه وتطلعت نفسه بالاستقلال بشخصيته فانتهز فرصة خلو وظيفة كاتب حسابات فى أحد فروع هذا التفتيش وذهب بنفسه ليقابل المفتش الذى سبق له أن أمتحنه وأعجب به وطالب أن يشغل هذه الوظيفة الخالية .. قال له المفتش وماذا تفعل بأبيك الذى لا يستطيع العمل فأجاب محمود أن أبى يستطيع أن يزاول العمل بنفسه فإذا لم يستطع فإن من حقه أن يستريح وسأحمل له المرتب الذى أحصل عليه .. وأجرى امتحان للصبى الذى لا أظن أنه كان يزيد عن أحد عشر عاما فى ذلك الوقت ونجح فى الامتحان وتلقى الوظيفة ذات الراتب الضخم فقد كان لا يقل عن " مائتى قرش" ومائتا قرش فى ذلك الوقت أى من ستين عاما كانت شيئا مذكورا وقد غضب أبوه بطبيعة الحال لهذا التصرف .. فقد بدأ يشقى فى عمله وينكشف عجز بصره بالتدريج ولكن ابنه عالج الموقف بأن عين لأبيه صبيا مساعدا بخمسين قرشا فى الشهر ليؤدى له مطابقة الأرقام وإثباتها تحت إشرافه . وفى نفس الوقت ساق لأبيه المرتب الذى حصل عليه فى أول الشهر وهكذا لم يستطع والده إلا أن يسكت على تصرفات ابنه الكبير والتى انتهت بزيادة دخل الأسرة . ولعل هذا الحادث يكشف عن شعور والدى العميق بشخصيته وحرصه الشديد على الاستقلال بهذه الشخصية وهو بعض ما أورثنى إياه ، فى مقدمة ما أورثنى . وبدأت قصة الأفندي من ذلك التاريخ شاب ممتاز فى حساب الدوائر يتميز بالنشاط والحيوية والحزم وبهذه الصفات راح ينتقل من عمل إلى عمل فى التماس الترقي والنضوج . واستقر به النوى فى مدينه سمنود كاتبا للحسابات فى دائرة السيد عبد العال وفى سمنود تعرف بأسرة والدتى وكان يرى أباها ولعله كان موظفا معه فى الدائرة أوفى عمل مشابه .. وتقول أمى أنه أعجب بصورة أبيها الذى كان أبيض الوجه جميل الطلعة فتصور أبى أن لو كان لهذا الرجل بنت فلا بد ان تكون جميلة خاصة وان أخا لها يبدو بدوره حسن الصورة .. ولقد كان للرجل بالفعل ابنة تدعى هانم ولم يكن تصوره بعيدا عن الحقيقة فقد كانت على جانب كبير من الجمال فى قياس أهل الريف إذ كانت بيضاء اللون مشوقة القد وكان هذا يكفى لجعلها تحفه فى هذا الوسط غير أن الذى لا شك فيه أنها كانت تحفة بالفعل من حيث إخلاصها لزوجها وتفانيها فى خدمته وفى الصبر معه على شظف الحياة وفى تدبيرها شئون بيته وأولادها كأحسن ما تفعل سيدة ممن يطلق عليهم " ستات البيوت ". كان الراتب فى ذلك الوقت قد وصل إلى ثلثمائة قرش أو لعله كان أكثر من ذلك قليلا .. وكان هذا الراتب قمينا أن يجعل الزوجين وما شرعا يرزقانه من أولاد يعيشون حياة معقولة .. ولكن محمودا كان يعتبر نفسه مسئولا فى ذات الوقت عن الأسرة الكبرى التى خلفها فى الريف ... أسرة أبيه وأمه أخواته البنات الذين لم يكن لهم عائل غيره بعد أن انتهى أبوه إلى التقاعد نهائيا لاشتداد العجز عليه . ولقد حدثتنى والدتى عن صنوف الحرمان التى عانتها مع أبى فى هذه الحياة الأولى حيث كان يرسل كل شىء إلى عائلته ويعيشون هم على الكفاف .. وكانت تقص فى حسرة شديدة كيف أنه كان يحدث فى بعض الأوقات أن تأتيهم هدية من هنا وهناك ولتكن عنبا مثلا فتمنى والدتى نفسها بأنها ستأكل كل العنب الذى حرمت منه طويلا ويتلمظ أخوته الصغار فى ذلك الوقت لهذا العنب فإذا والدى يصر بأن سلة العنب سيعاد شحنها للسفر إلى كفر البطيخ لأمه وأبيه وأخواته .. وتحتج والدتى فينهرها فتبكى فيقول لها " يامجنونة هؤلاء أناس محرمون من كل شىء أما نحن فباستطاعتنا ونحن نعيش فى المدينة أن نحصل غدا على أقة عنب .. ولكن أقة العنب هذه لم تكن تأتى أبدا .. أو هكذا كانت تقص على والدتى .. وكانت الأمور تسير على هذه الوتيرة فكل شىء يصل إلى يده يسرع به إلى البلد .. ثم بدأت عليه ظاهرة جديدة وهى رغبته فى إقامة المآدب لزملائه ومعاونه إذا وقع فى يده ما يمكن أن يصلح لإقامة مأدبة .. تقول أمى أهداهم بعض الناس فى مناسبة من المناسبات ديكا روميا ولم تصدر الأوامر بترحيله إلى البلد ففرحت بذلك وابتهجت وهى ترى الديك يملأ عليها الحياة بهجة وأماني حلوة .. ولكنها فوجئت فى يوم من الأيام أن الباشكاتب وفلان وفلان مدعون لتناول الغذاء عندهم فى يوم معين وأن الديك الرومى هو محور المأدبة.. وقنعت والدتى هى وأولادها بالمرق وبعض حواشى الديك كجناح وماشبه .. وربما تخلف عن الضيوف بعض البقايا التى لم يمتد إليها كرم كاتب الحسابات !! هذه هى الصورة التى عاشتها والدتى طول حياتها الأولى فى الريف قبل أن تنتقل الأسرة إلى القاهرة وهى فترة استغرقت عشرين سنة على الأقل .. ويضاف عليها الانتقال من بلد إلى بلد التماسا لرزق أوسع وراتب أكبر .. فقد كبر كاتب الحسابات وزادت مطامحه فكان كلما سمع عن وظيفة أكثر قدرا أو أكثر راتبا تقدم لها ويظهر أن كتبة الحسابات فى ذلك الوقت البعيد كانوا نادرين جدا أو أن والدى كان ممتازا جدا فى عمله بحيث أنه لم يشك فى يوم من الأيام من عدم وجود عمل ، كما أنه لم يكن يتردد فى أن يترك العمل إذا لم يعجبه .. ولقد كان يستقيل من عمله لأتفه الأسباب إذا تصور أن كبرياءه مست أو أنه ليس محل الثقة الكاملة .. لقد كنت وأنا صغير فى السن أتميز غيظا وهو يقص علينا كيف خرج من هذا العمل أو ذاك لأن صاحب العمل راجعه فى قوله .. أو لأنه قابله بغير الوجه الذى اعتاد أن يقابله به !! ( يتبع )