في الأيام القليلة الماضية أجرت ايران مناورات برية وبحرية ناجحة جربت من خلالها انواع متعددة من الصواريخ التي أطلقتها في البر والبحر والجو وجاءت هذه المناورات ردّا على مناورات خطيرة نفذتها اسرائيل في البحر المتوسط وصولا الى بحر ايجة والى الشواطيء اليونانية الواقعة عليه, استعملت خلالها أكثر من مائة طائرة حديثة مقاتلة بالإضافة لطائرات ومعدات متطورة أخرى , وذلك استعدادا كما تقول وسائل الإعلام لتوجيه ضربة جوية قاصمة للمنشئات النووية الايرانية . بالأمس أدلى وزير الحرب الإسرائيلي أيهود باراك بتصريحات الغاية منها طمأنة شعبه وإرهاب أعداءه , أكد فيها أن اسرائيل أقوى دولة في المنطقة وأن أحدا لا يستطيع هزيمتها, أراد باراك أن يحشو ذاكرة اليهود وذاكرة المسلمين والعرب بمقولة (عفى عنها الزمن) أن الجيش الأسرائيلي لا يقهر محاول بذلك ترسيخ هذه المقولة من جديد في نفوسهم , وفي خطوة غير معتادة عمد الاعلام الاسرائيلي العسكري الى عرض طائرة تجسس وهي طائرة إنذار من طراز"عيطم" وصفت بالحديثة والمتطورة جدا مهمتها تتمحور حول الإنذار المبكر والتجسس على العدو وعلى توجيه القوات والطائرات المقاتلة أثناء المعارك .
إذا ما عدنا بذاكرتنا الى الوراء نتذكر أن اسرائيل اعتادت إخفاء قوتها العسكرية والتغطية عليها كي تدّعي الضعف والمسكنة فكانت تعلن خشيتها من أعدائها العرب الذين يحيطون بها من الجهات الأربع , لكن الآن يتبتّن لنا أن الإعلام الإسرائيلي الحالي تبادل الأدوار مع إعلامنا العربي الرسمي السابق الذي اعتدنا سماعه في النصف الثاني من القرن الماضي, كان حكامنا يتقمصون شخصية ابو زيد الهلالي ولا ينطقون سوى بالعنتريات الزائفة ويحاولون بلا كلل إخافة أعدائنا بالنفخ الكاذب ويضللون شعوبهم بالوهم والإفتراءات وربما في مرحلة ما , تمكنوا من النجاح في خداع شعوبهم لبعض الوقت لكنهم بالتأكيد فشلوا في إخافة عدوهم وفي التصدي له لأنه كان كاشفا لحقيقتهم وعالما لإدعاءاتهم الفارغة من كل مضمون , مما إضطرهم في النهاية الى الإنبطاح أمامه وأمام جميع أعداء الأمة راجين الحماية والرضا منهم .
واليوم تلعب اسرائيل الدور الذي لعبته انظمتنا في (النصف الثاني من القرن الماضي) بعد أن أرعبتها قوة ايران الصاعدة وهالها تحدّيها للغرب بإصرارها على إنجاز مشروعها النووي وعلى تطوير قدراتها التسليحية وخاصة صواريخها البالستية واتخاذ ايران لقرارلاعودة عنه بعدم الخضوع للتهديدات والابتزازات الاميركية والغربية والاسرائيلية مهما بلغت حدتها, هذا عدا ما ذاقته اسرائيل من مرارة الهزيمة التي الحقها بها مقاتلي حزب الله عندما شنت حربا عدوانية على لبنان صيف العام 2006 إضافة لعجزها في التصدي والتعامل مع صواريخ القسام محلية الصنع ومع مجاهدي المقاومة الفلسطينية .
نعيش الآن الزمن الذي ينبأنا بتحول إتجاه الصراع , إن المستقبل أصبح مبشرّا ومفرحا للجماهير العربية والمسلمة وموحشا وحزينا لعدونا الإسرائيلي , إن أقوال وأفعال المقاومات التي تقود الجماهير الفلسطينية والعربية والمسلمة ومواقف قادتنا المسلمون والعرب الممانعون تؤكد توجهنا نحو النصر بينما تصرفات قادة أعدائنا لا توحي إلا بالهزيمة . نحن تعلمنا من الماضي الإعلامي لحكامنا أن النفخ الكاذب يعبّرعن وهم كاذب ولا يقود سوى للهزيمة , والإعلام الكاذب يمارسه قادة العدو الحاليون, ويبدو جليّا أن نغمة الإعلام العربي الرسمي السابق انتقلت اليهم .. فليبشروا بالهزيمة أو بانبطاح يشبه كثيرا الإنبطاح الذي سبقهم اليه قادة كثر من العرب . هذا ما علمنا إياه التاريخ.