صعد النظام المصري من إجراءاته الاستفزازية بحق المصريين مع دخول شهر رمضان الكريم تمثلت في زيادات جديدة للأسعار شملت السلع الضرورية، وإجراءات أخرى جاءت هذه المرة لتكبت المظاهر الدينية التي اعتاد المصريون ممارستها في رمضان. أسعار اللحوم ومنتجات الألبان زادت بنسب كبيرة مع بداية الشهر الكريم على الرغم من انخفاضها عالميًا، وكأن الحكومة تتلذذ بتعذيب المواطن المصري وكيه بنيران الغلاء، في الوقت الذي يقوم فيه ذراعها الأمني "مباحث أمن الدولة" بإجهاض أية محاولة للحديث في هذا الأمر من قريب أو من بعيد حتى على منابر المساجد، وبعد الغلاء الفاحش جاء الدور للقضاء على روح رمضان، فقامت الأوقاف بإصدار تعليماتها للمساجد بمنع الاعتكاف نهائيًا وعدم استخدام مكبرات الصوت في صلاتي الفجر والتراويح ومنع الإفطار الجماعي في المساجد، وانعكست الأزمة لتطال السجون التي منع نزلاؤها من الإسلاميين من أداء صلاة التراويح جماعة في إجراء تعسفي لتندلع الاشتباكات بين المعتقلين وإدارات السجون. انه حقًا استقبال يليق بمكانة الشهر الكريم من نظام حسني مبارك!! ففي إجراء من شأنه أن يزيد من معاناة ملايين المصريين في الشهر الكريم، أعلنت غرفة القاهرة التجارية مؤخرًا عن ارتفاع السلع الغذائية في رمضان بنسب تتراوح بين 15% و30%. وأكد أحمد شيحة، عضو شعبة البقالين بغرفة القاهرة التجارية، أن هناك زيادة في جميع السلع الغذائية خاصة منتجات الألبان، مشيراً إلي أن سعر كيلو الجبن الرومي بلغ 42 جنيهاً بدلاً من 37 جنيهاً، والجبن الأبيض وصلت إلي 22 جنيهاً بدلاً من 17 جنيها، والعدس وصل إلي 16 جنيهاً بدلاً من 11 جنيهاً. وقال فادي أبوزيد، عضو شعبة الخضروات والفاكهة، إن هناك ارتفاعاً في أسعار الخضروات والفاكهة حدث قبل رمضان بساعات قليلة ووصل إلي 30%. وتوقع محمد وهبة، رئيس شعبة القصابين، ارتفاع أسعار اللحوم في رمضان بسبب عدم إقبال المستهلكين علي اللحوم المستوردة مجهولة المصدر التي يتم عرضها في الأسواق. وطالب وهبة الحكومة بضرورة الإسراع في عرض اللحوم المستوردة لتخفيف حدة ارتفاع أسعار اللحوم. من جانبها انتقدت حركة «بيطريون بلا حدود» ارتفاع أسعار اللحوم الكندوز إلي أكثر من 44 جنيها للكيلو، قبل رمضان. أمن الدولة يكمم الأفواه ومن جهتها، ولإجهاض أية محاولة على الاعتراض أو الكلام، قامت مباحث أمن الدولة باستعمال مهارتها في تكميم الأفواه، حيث أصدرت تعليمات مشددة لأئمة المساجد بعدم تناول قضية الغلاء من قريب أو من بعيد في خطب الجمعة أو دروس التراويح، حيث بدأت في استدعاء أئمة وخطباء المساجد الكبري علي مستوي الجمهورية لمناقشتهم حول الخطوط الحمراء التي لا يجب عليهم تجاوزها في خطبهم وندواتهم خلال شهر رمضان، وطلبت مباحث أمن الدولة من الأئمة تجنب الحديث في السياسة الداخلية ومن بينها غلاء الأسعار، في حين سمحت لهم بانتقاد سياسة الدول الخارجية مثل أمريكا وإسرائيل. عملية استدعاء الأئمة من قبل مباحث أمن الدولة رواها لنا الشيخ «عثمان .ع» - 35 سنة - أحد أئمة المساجد الكبري بالصعيد، مشيراً إلي أن ضباط أمن الدولة كانوا في غاية الحزم وهم يؤكدون ضرورة عدم تناول غلاء الأسعار أو الفساد الداخلي بالخطب والندوات الرمضانية، وقد حذرهم أحد الضباط قائلاً: «البلد علي كف عفريت.. مش عايزين تهييج للناس». وقد استمرت مناقشة كل مجموعة من الأئمة مدة لا تزيد علي نصف ساعة وهو ما اعتبره الأئمة بمثابة بيان عاجل أرادت أجهزة الأمن توجيهه إليهم. من ناحية أخري استدعت أجهزة الأمن معتقلي الجماعة الإسلامية المفرج عنهم حديثاً وطالبتهم بالتزام الهدوء وحذرتهم من أداء الصلاة خارج محافظاتهم أو القيام برحلات للدعوة خلال شهر رمضان وهي الرحلات التي تجوب المحافظات بعد موافقة مباحث أمن الدولة. يذكر أن أمن الدولة قد رفضت أكثر من ألف طلب تقدم به المعتقلون المفرج عنهم حديثاً للقيام برحلات للدعوة بالمحافظات. الأوقاف تجهض فرحة رمضان في المساجد وفي تطور آخر، قامت وزارة الأوقاف باتخاذ عدة إجراءات في مساجدها لحرمان المصريين من مظاهرهم الدينية للاحتفال برمضان عن طريق الصلوات والاعتكاف والإفطارات الجماعية، فقد منعت إدارات الأوقاف بالمحافظات المختلفة لاسيما في مدينة المنصورة، الاعتكاف في المساجد خلال شهر رمضان الكريم، وأرسلت تعليمات كتابية مشددة بذلك المعني إلي الخطباء وأئمة المساجد، حذرتهم فيها من «المساءلة القانونية» حال مخالفتهم هذه التعليمات. التعليمات التي أرسلت إلي المساجد صباح أول رمضان، حذرت الأئمة والخطباء أيضًا من جمع التبرعات من المصلين، واستخدام مكبرات الصوت قبل صلاة الفجر أو في التراويح، كما نصت صراحة علي منع الإفطارات الجماعية داخل المساجد. ولم تتوقف قائمة المحظورات عند حد الاعتكاف، بل شملت أيضًا منع أي شخص دون الخطباء والأئمة من إلقاء خطب داخل المساجد، إضافة إلي منع عقد القران خلال الشهر الكريم، إلا بخطاب رسمي من الوزارة. وشددت التعليمات علي غلق المساجد بعد صلاة التراويح مباشرة، ومنع الأئمة من إقامة صلاة العيد خارج المسجد دون إذن مسبق، وحدد الخطاب صراحة الأماكن التي يمنع الإمام من الصلاة فيها، وهي: الساحات أو الجمعيات الشرعية أو جمعيات أنصار السنة، وأضافت أن من يخالف ذلك سيحال إلي الشؤون القانونية. ووصف عدد من الدعاة هذه التعليمات بأنها «تعد علي حرمات الإسلام، وتضييق علي المسلمين في أداء شعائرهم»، وحذروا من التمادي في مثل هذه القرارات، قائلين إنها «تفتح أبواب الفتن». وقال الدكتور محمد الصاوي، أستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة الأزهر بالمنصورة: إن القرار خاطئ وجائر وخطير ويتحمل وزره من يعمل علي تنفيذه، وأضاف: «لا شك أن له أبعادًا سياسية لكنها تأتي بنتائج عكسية»، وتساءل: «ما الذي يخشاه أصحاب القرار من اعتكاف مصلين؟!». وعلي الرغم من أن الشيخ عيد علم الدين، نفي علمه بهذا الخطاب ونفي صدوره من المديرية أصلاً، فإنه أكد أن المساجد المسموح بالاعتكاف فيها تحددت منذ 15 شعبان، ومن يرغب في الاعتكاف فعليه التقدم للأمن أولاً، وبرر ذلك بأنه «منعًا لسيطرة الجماعات المحظورة علي المساجد خلال رمضان». وقد استغرب عدد من الدعاة وأساتذة الشريعة تلك الإجراءات التي اعتبروها تعدياً علي شعائر الإسلام واستنكروا كل ما من شأنه التضييق علي المسلمين في أداء طاعتهم وعبادتهم. ..والسجون تمنع التراويح!! وفي السجون والمعتقلات، لم تكتف الداخلية بالمعاناة التي يشعر بها المعتقلين الإسلاميين جراء بعدهم عن أهاليهم وأحبائهم، وإنما أضافت إليها حرمانهم من الإحساس ببهجة الشهر الكريم ومنعهم من أداء صلاة التراويح، فقد شهد سجن أبو زعبل 1 وتحديدًا القسم "ثالث سياسي" أمس اشتباكات عنيفة بين عشرات المعتقلين من الإسلاميين "جماعة الجهاد" وإدارة السجن بسبب رفض الأخيرة السماح للمعتقلين بأداء صلاة التراويح جماعة في مسجد السجن، وذلك بحسب صحيفة "البديل". وفور وقوع الاشتباكات، استدعت إدارة السجن فرق القوات الخاصة التابعة لوحدة تأمين منطقة سجون أبوزعبل وفرق مكافحة الشغب التابعة لمصلحة السجون، واقتحمت الليمان وفضت تجمع المعتقلين، مستخدمة الكلاب البوليسية والعصي المكهربة والرصاص المطاطي وأسفرت الاشتباكات عن إصابة عشرات المعتقلين بإصابات مختلفة من بينهم 3 فلسطينيين من حركتي حماس والجهاد. من ناحية أخرى، دخل المعتقلون السياسيون في سجن الأبعدية بدمنهور، اعتصاماً مفتوحاً داخل زنازينهم، في العنبرين رقمي 1و4، احتجاجاً علي قرار مساعد وزير الداخلية لمصلحة السجون، بشأن إغلاق الزنازين وعدم تمكين المعتقلين من أداء صلاة التراويح جماعة في مسجد السجن، وقال مصدر أمني إن إدارة السجن أبلغت المعتقلين بعرض طلبهم علي مصلحة السجون، "لكنهم تجمعوا في فناء السجن احتجاجاً علي عدم الاستجابة لرغبتهم فوراً". وأكد المصدر أن لوائح السجن، تلزم الإدارة بإغلاق الزنازين بعد الخامسة مساء، "في حين تستمر صلاة التراويح حتي العاشرة، بما يخل بالنظام العام للسجون" ونفي المصدر الأمني وقوع اشتباكات مع المعتقلين، وقال إن حراس السجن صرفوهم من الفناء، وأدخلوهم إلي زنازينهم دون وقوع أحداث عنف