فوز الزميلين عبد الوكيل أبو القاسم وأحمد زغلول بعضوية الجمعية العمومية ل روز اليوسف    النائب أحمد الشرقاوي: قانون إدارة المنشآت الصحية يحتاج إلى حوار مجتمعي    جهاز التنمية الشاملة يوزيع 70 ماكينة حصاد قمح على قرى سوهاج والشرقية    جولة داخل مصنع الورق بمدينة قوص.. 120 ألف طن الطاقة الإنتاجية سنويا بنسبة 25% من السوق المحلي.. والتصدير للسودان وليبيا وسوريا بنحو 20%    "نيويورك تايمز" تتحدث عن لحظة حساسة تخص حادث مروحية رئيسي.. تفاصيل    فرنسا تستثير حفيظة حلفائها بدعوة روسيا لاحتفالات ذكرى إنزال نورماندي    جوميز مدرب الزمالك المصري: نستحق الفوز بلقب الكونفيدرالية    نتائج مواجهات اليوم ببطولة الأمم الإفريقية للساق الواحدة    غدا.. أولى جلسات استئناف المتهم المتسبب في وفاة الفنان أشرف عبد الغفور على حكم حبسه    الحرس الثورى الإيرانى يستخدم قنابل مضيئة فى عملية البحث عن مروحية الرئيس    رئيس «الفنون التشكيلية»: المتاحف الثقافية تزخر ب«كنوز نادرة» وأعمال الرواد    راغب علامة يُروج لأحدث أغانيه.. «شو عامل فيي» | فيديو    عالم بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذي الحجة    برلماني: قانون إدارة المنشآت لن يمس حقوق المنتفعين بأحكام «التأمين الصحي»    دموع التماسيح.. طليق المتهمة بتخدير طفلها ببورسعيد: "قالت لي أبوس ايدك سامحني"    رئيس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة: جرائم الاحتلال جعلت المجتمع الدولى يناهض إسرائيل    خبير تكنولوجى عن نسخة GPT4o: برامج الذكاء الاصطناعي ستؤدي إلى إغلاق هوليود    أتزوج أم أجعل أمى تحج؟.. وعالم بالأوقاف يجيب    طقس سيئ وارتفاع في درجات الحرارة.. بماذا دعا الرسول في الجو الحار؟    بينها «الجوزاء» و«الميزان».. 5 أبراج محظوظة يوم الإثنين 19 مايو 2024    مع ارتفاع درجات الحرارة.. نصائح للنوم في الطقس الحار بدون استعمال التكييف    الكشف على 1528 حالة في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    تحركات جديدة في ملف الإيجار القديم.. هل ينتهي القانون المثير للجدل؟    الجمعة القادم.. انطلاق الحدث الرياضي Fly over Madinaty للقفز بالمظلات    جدل واسع حول التقارير الإعلامية لتقييم اللياقة العقلية ل«بايدن وترامب»    وزير الأوقاف: الخطاب الديني ليس بعيدًا عن قضايا المجتمع .. وخطب الجمعة تناولت التنمر وحقوق العمال    متحور كورونا الجديد.. مستشار الرئيس يؤكد: لا مبرر للقلق    «النواب» يوافق على مشاركة القطاع الخاص فى تشغيل المنشآت الصحية العامة    كيف هنأت مي عمر شقيقة زوجها ريم بعد زفافها ب48 ساعة؟ (صور)    اقرأ غدًا في «البوابة».. المأساة مستمرة.. نزوح 800 ألف فلسطينى من رفح    ليفاندوفسكى يقود هجوم برشلونة أمام رايو فاليكانو فى الدوري الإسباني    هل يستطيع أبو تريكة العودة لمصر بعد قرار النقض؟ عدلي حسين يجيب    ختام ملتقى الأقصر الدولي في دورته السابعة بمشاركة 20 فنانًا    مدير بطولة أفريقيا للساق الواحدة: مصر تقدم بطولة قوية ونستهدف تنظيم كأس العالم    السائق أوقع بهما.. حبس خادمتين بتهمة سرقة ذهب غادة عبد الرازق    رسائل المسرح للجمهور في عرض "حواديتنا" لفرقة قصر ثقافة العريش    بايرن ميونيخ يعلن رحيل الثنائي الإفريقي    هل يجوز الحج أو العمرة بالأمول المودعة بالبنوك؟.. أمينة الفتوى تُجيب    نائب رئيس جامعة الأزهر يتفقد امتحانات الدراسات العليا بقطاع كليات الطب    بنك مصر يطرح ودائع جديدة بسعر فائدة يصل إلى 22% | تفاصيل    افتتاح أولى دورات الحاسب الآلي للأطفال بمكتبة مصر العامة بدمنهور.. صور    نهائي الكونفدرالية.. توافد جماهيري على استاد القاهرة لمساندة الزمالك    "أهلًا بالعيد".. موعد عيد الأضحى المبارك 2024 فلكيًا في مصر وموعد وقفة عرفات    مصرع شخص غرقًا في ترعة بالأقصر    حكم إعطاء غير المسلم من لحم الأضحية.. الإفتاء توضح    منها مزاملة صلاح.. 3 وجهات محتملة ل عمر مرموش بعد الرحيل عن فرانكفورت    رئيس الإسماعيلي ل في الجول: أنهينا أزمة النبريص.. ومشاركته أمام بيراميدز بيد إيهاب جلال    «الجوازات» تقدم تسهيلات وخدمات مميزة لكبار السن وذوي الاحتياجات    رئيس «قضايا الدولة» ومحافظ الإسماعيلية يضعان حجر الأساس لمقر الهيئة الجديد بالمحافظة    «المريض هيشحت السرير».. نائب ينتقد «مشاركة القطاع الخاص في إدارة المستشفيات»    أول صور التقطها القمر الصناعي المصري للعاصمة الإدارية وقناة السويس والأهرامات    نائب رئيس "هيئة المجتمعات العمرانية" في زيارة إلى مدينة العلمين الجديدة    وزير العمل: لم يتم إدراج مصر على "القائمة السوداء" لعام 2024    «الرعاية الصحية»: طفرة غير مسبوقة في منظومة التأمين الطبي الشامل    ياسين مرياح: خبرة الترجى تمنحه فرصة خطف لقب أبطال أفريقيا أمام الأهلى    ولي العهد السعودي يبحث مع مستشار الأمن القومي الأمريكي الأوضاع في غزة    عرض تجربة مصر في التطوير.. وزير التعليم يتوجه إلى لندن للمشاركة في المنتدى العالمي للتعليم 2024 -تفاصيل    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سقوط الانقلاب حتمى ولكن علينا أن نختار بين الفوضى ونجاح الثورة
نشر في الشعب يوم 08 - 04 - 2014

* مصر يحكمها اليهود والأمريكان بالمعنى الحرفى لا المجازى
* اليهود والأمريكان يديرون قطاعات رئاسة الجمهورية والسياسة الخارجية و الجيش والاقتصاد والأعمال والزراعة والموازنة والبنوك والاعلام والرياضة والبترول والحزب الوطنى والتعليم والصحة وشئون المرأة والطفل والتشريع والسياحة .. فماذا بقى ؟!
* وهذا يفسر سياسة الانقلاب تجاه ليبيا والسودان وغزة والنوبة وسيناء
لاشك عندى لحظة واحدة فى سقوط الانقلاب رغم استطالة عمره أكثر من تقديرنا الأولى ، فالمسألة مسألة سنن وقوانين الهية يسميها الناس سننا وقوانين اجتماعية . النظم السياسية لها أعمار كالانسان ، ونظام مبارك انتهى عمره الحقيقى والافتراضى ، والانقلاب أشبه بعملية الاحتفاظ بالميت فى غرفة انعاش تحت الأجهزة كما حدث لشارون ، وهذه محاولات يائسة مكتوب عليها بالفشل المؤكد ، وهذا ليس رجما بالغيب والعياذ بالله ، فالرجم بالغيب أن تجزم بأن الانقلاب سيسقط يوم كذا أو أن السيسى سيحاكم حتما ولن يتمكن من الهروب ، إلى آخر مثل هذه التفاصيل . أما اليقين بانتصار الحق على الباطل فليس رجما بالغيب ، والتحليل الذى يؤكد انتهاء نظام معين ، أمر واجب وممكن فى مجال الحياة السياسية ، وقد قلت قبيل نجاح إضراب 6 إبريل 2008 وكان لدى مؤشرات كافية على نجاح الاضراب إن نظام مبارك أشبه بالقلعة الساقطة ، وسخر منى " مناضل" يسارى بعد عدة شهور وقال لى : يعنى القلعة ماسقطتش ولا حاجة . فقلت ( لنفسى حتى لا أجرح شعوره ) : إن القلعة ساقطة استراتيجيا ولكن إذا لم يتقدم الجيش المهاجم بصورة صحيحة فإنها لن تسقط ، ووجود أمثال هذا اليسارى الذى لم يشارك فى الدعوة لإضراب 6 إبريل من أسباب عدم سقوط القلعة . وسقط النظام بعد إضراب 6 إبريل ثم إضراب 4 مايو بعامين ونصف العام ، وهو زمن أشبه بالبرهة فى حياة الشعوب . والآن أقول بمنتهى اليقين : إن الانقلاب ولد ميتا . وهو أشبه بمحاولة لإحياء ميت ، وهو مايسميه الأدب السياسى ( ثورة مضادة ) ، وهى محاولات يائسة ، لأن الثورات لاتقوم إلا لأسباب موضوعية عميقة وطالما ظلت هذه الأسباب قائمة فستتواصل الثورة ، فالحمم والأبخرة البركانية ستظل تندفع من باطن الأرض حتى يهدأ مصدر الفوران .
وهناك فرق بين الثورة والهبة ( الانتفاضة ) فالأخيرة تكون لسبب موضعى ، محصورة فى موضوع أو منطقة جغرافية أو فئة من السكان ، وهذه يمكن أن تتعرض للسحق ولا يستجاب لمطالبها أو تنجح فى تحقيق مطالبها أو جزء منها ( انتفاضة 18 يناير 1977 كمثال ) . أما الثورة فهى تكون لأسباب عميقة ، بحيث يكون تعرضها للهزيمة الماحقة أمر غير وارد ، ولكن سوء الإدارة والقيادة يمكن أن يفشل موجة ثورية معينة ، ويمكن أن تطول آلام الثورة ومدتها بسبب ذلك . ولدى أمثلة كثيرة من الثورات ولكن لضيق المجال أضرب مثلا واحدا من الثورة الفرنسية ، فقد تعرضت لثورة مضادة متكاملة ، ولكنها ضربت . وتعرضت لخضات عدة ، بين مد وجزر ، ولكن انتصارها الناجز والأخير تحقق لأنها كانت تعبر عن حقيقة تاريخية : لقد انتهى العمر الافتراضى والحقيقى للنظام الاقطاعى وللنظام الكنسى المتخلف ، كان لابد لفرنسا وكل بلاد الغرب أن تنطلق فى عالم المجتمع الصناعى ، وأن تتحرر من تخلف وغباء القرون الوسطى الذى قادته الكنيسة فى روما . ما كان يمكن لألف سيسى أو طنطاوى أو هيكلى ( نسبة لحسنين هيكل ) فرنساوى أن يعرقل مسيرة القضاء على النظام الاقطاعى الملكى فى نهاية المطاف . ومن المهم أن نتعظ من هذه الدروس حتى لا نرهق البلاد فى معارك وصراعات لا طائل من ورائها .
كتبت فى عام 2007 وقلت إن الأنظمة العربية قد انتهى عمرها الافتراضى ، وإن عدم وقوع ثورات فى الوطن العربى أمر بالغ الغرابة ولايمكن أن يظل هكذا ، فجل هذه الأنظمة شاخت وأفقرت شعوبها وكتمت أنفاسها ، عدا قدرة بعض دول البترول على تقديم رشاوى لشعوبها لشراء صمتها . وقلت مثلا فى 4 نوفمبر 2007 على موقع حزب العمل :
( إن الساحتين المصرية والأردنية فى احتياج لقيام الحركة الإسلامية بتغيير استراتيجيتها, أو ربما يؤدى أى انفجار جماهيرى كبير إلى هذا التعديل المطلوب، والمقصود بالتعديل انتهاج أساليب النضال الجماهيرى والتحضير للعصيان المدنى ورفع شعار إسقاط النظام الخائن.). ( أمريكا طاغوت العصر – الطبعة الثالثة – ص301 )
الثورات العربية
وبالتالى فإن الثورات العربية كانت حتمية ، فهذه الأنظمة البليدة كانت لاتزال مستمرة فى حكم شعوبها بدون انتخابات ، وبدون احترام للقانون ، وبدون دستور حقيقى يتم الالتزام به ، هذه الأنظمة البليدة تصورت أن تستمر بترويج عبادة الحاكم سواء أكان ملكا أورئيسا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، ومن حقه أن يستحوذ على ثروات البلاد هو وأسرته ، ويورث الحكم والثروة ، وينفذ تعليمات أمريكا واسرائيل . بينما كان العالم يشهد موجة تحريرية من الاستبداد ومن الهيمنة الأمريكية ( راجع نفس الكتاب السابق أمريكا ...) . حتى طفح الفقر حتى فى السعودية ودول الخليج ! وبكل مؤشرات التنمية الاقتصادية والبشرية كان العرب فى ذيل القائمة ، عدا بعض الخداع الرقمى فى دول البترول ، بينما معظم أموال البترول منهوبة من أمريكا واليهود أساسا ثم الأسر الحاكمة . وكانت مصر متسيدة فى ذيل القائمة ، لأنها لاتتمتع بفوائض نفطية ، بل ما تملكه من غاز وزيت تم تسليمه مجانا للشقيقة اسرائيل . ومصر دولة كبيرة من حيث المكانة والموقع وعدد السكان ، وسوء الادارة والفساد مع استهداف إضعافها من قبل الحلف الصهيوني الأمريكي أدى إلى تفاقم مشكلاتها إلى حد أنك إذا سافرت إلى أى بلد عربى تجده من الوهلة الأولى فى حالة أفضل من مصر حتى فى البلدان غير النفطية ، مثل الأردن وسوريا وتونس ولبنان ( عن قبل الثورات أتحدث ) . كانت مصر على رأس المرشحين للثورة لكل هذه الأسباب ، وهى أسباب عميقة حتى وإن لم يدركها بعض المشاركين فى الثورة وبعض النخبة . البلد تعفنت لأن الذى يدير أمورها عدو غادر بالمعنى الحرفى للكلمة ( عملاء أمريكا واسرائيل ) فاليهود يسيطرون على غذائنا ( يوسف والى وأتباعه حتى الآن ) وأكلنا السموم على أيديهم ولانزال ووزير الزراعة الحالى من أعوان يوسف والى ومن نجوم التطبيع ، وعلى خزائننا ( يوسف بطرس غالى ) وعلى قرار جيشنا وسياستنا الخارجية ( مبارك وعمر سليمان ) وعلى تشريعنا ( ترشيحات مجلس الشعب : يوسف والى + عمر سليمان + أسرة مبارك ) شئون المرأة والتعليم والثقافة والصحة والطفل ( سوزان المسيحية الصهيونية ) وورث أحمد عز الدين يوسف والى فى إدارة الحزب الوطنى ولقد تأكدنا من أن أمه يهودية اسرائيلية ونشرنا قصته بالأسماء. عالم البيزنيس تتربع عليه أسرة ساويرس وأسرة حسين سالم حامل الجنسية الاسرائيلية باعترافه شخصيا وعميل الموساد ، وعدد آخر من الصليبيين والعملاء . البنك المركزى والنظام المصرفى كله كان يتبع جمال مبارك + اليهودى المسيحى يوسف المذكور عاليه ونكرر اسمه لأنه كان وزيرا للمالية فى وقت من الأوقات ومستشارا لمحافظ البنك المركزى فى وقت آخر وكان يتلقى مرتبا ثابتا من المخابرات الأمريكية وهو مواطن اسرائيلى مطلوب للتجنيد هناك . قطاع الرياضة كان يتولاه منير ثابت الماسونى وشقيق سوزان ( تاجر سلاح أساسا ) . أسامة الباز تم تعيينه مستشارا للسادات ثم مبارك بأمر شفوى من البيت الأبيض. وسأروى لكم مرة قصة علاقة مبارك الشاب بالحاخام عوفاديا يوسف وهى قصة مذهلة لايتحدث عنها أحد رغم أنها منشورة وموثقة ، وكيف بدأ الاعجاب المبكر لليهود لدى من حكم مصر 30 سنة ولا تزال أسرته تخرب فى البلاد منذ أكثر من 3 سنوات بعد الإطاحة بها .
هذا هو الأساس الأعمق لخراب مصر ، فالذين يحكمون مصر هم أعداء مصر بالمعنى الحرفى للكلمة . والتركيبة الحالية للسلطة هى مجلس عسكرى مبارك مع بعض الترقيعات البسيطة ، رئيس يتم إعداده خلال أيام بالتزوير هو رئيس مخابرات حربية مبارك والمهمة الأولى للجهاز هى حماية مبارك من أى انقلاب عسكرى . قيادة باقى الأجهزة العسكرية والشرطة من صميم تركيبة نظام مبارك ، المحكمة الدستورية ، وباقى التركيبة العليا للقضاء ، و الرئيس الطرطور ، ورئيس الوزراء و الوزراء . وطبعا نفس السياسات الداخلية والخارجية لمبارك وعلى طبعة أكثر سوءا بكثير . وهذا يعنى سواء أدركت الناس أم لم تدرك فالأحوال تندفع بسرعة للهاوية . والناس تشعر بالنتائج وتزداد كراهيتها للانقلاب .
الحلف الصهيونى الأمريكى يريد مصر ضعيفة وتحت السيطرة ، وإذا كانت ستفلت من السيطرة فلا مانع من استشراء الفوضى ، وتحويلها لدولة فاشلة ، وهى وسيلة أخرى للسيطرة من خلال عدة مراكز لا مركز سلطة الحكومة وحدها . مصر بالنسبة لهم كما يقول قادة الجيش الأمريكى فى الكونجرس مرارا أنها معبر وممر للقوات الأمريكية فى غزواتها للمنطقة ، وعلى المستوى السياسى أن تظل قدوة العرب فى العبودية لأمريكا واسرائيل . وهم لايريدون من مصر أكثر من ذلك . فإذا جنحت مصر نحو التحرر من قيود التبعية ( وقد انزعجوا من الخطوات الخجولة والتدريجية لحكم الرئيس مرسى فى هذا الصدد ) فلابد من اللجوء للفوضى كما ورد على لسان قادة الاستخبارات الاسرائيلية . ولكنها لابد أن تكون " فوضى خلاقة " أى تحت السيطرة . الآن مصر محاطة بهلال أزمات الانقلاب جزء منها أو الصانع المباشر لها . مصر محاطة ببيئة غير مستقرة إلى حد الخطر على المصالح المصرية المباشرة والانقلاب لايتأخر عن بيع ( الشكل ) واصطناع الأزمات مع غزة ( وهذا لصالح اسرائيل وبالتعاون معها ) ومع ليبيا باستمرار التعاون مع بقايا نظام القذافى وهو مايؤدى إلى قتل وخطف المصريين فى ليبيا وجعل عمل المصريين او الاستثمار أو أى نوع من الوجود المصرى مستحيلا . واصطناع الأزمات بلا داعى مع السودان .
ثم يتحول الانقلاب لصناعة الأزمات فى كل أطراف مصر : فى سيناء والتى شهدت فترة استقرار معقولة فى عهد مرسى وكان هذا سبب العملية المشبوهة لقتل الجنود ، الآن سيناء تبتعد عن مصر بسرعة الصاروخ ، وتم إغلاق كوبرى السلام وقصر العبور على المعدية فى القنطرة وهذا يجعل الشاحنات تتأخر لأيام وهذا تدمير لاقتصاد البلد ، وتحويل التعامل مع سيناء إلى تعامل مستحيل . وعلى نفق أحمد حمدى يتم تفتيش دقيق للناس فى 3 نقاط مختلفة وبأجهزة الكترونية متعددة ( لاتستخدم على الحدود بين البلدان ) ونقاط للشرطة وأخرى للجيش ، ثم تفتيش يدوى للسيارات والحقائب والبطاقات . وهى رسالة تطفيش من زيارة سيناء . وعلى صعيد آخر يتم تدمير مساكن وقرى ومدن الشريط الساحلى المؤدى إلى غزة لتجفيف أى منابع للدعم والتهريب لغزة المحاصرة . فالانقلاب بالتعاون مع اسرائيل يقومان بتفريغ سيناء من السكان ومنع وصول أى مواطن مصرى جديد للاقامة فيها وتحقيق هدف اسرائيل بتحويلها لمنطقة عازلة غليظة لتأمين اسرائيل . وينتقل التوتر مع ليبيا إلى حدود مصر الغربية حيث تنكمش محافظة مرسى مطروح وتبتعد عن المركزولأبنائها مصالح عديدة مع ليبيا يقطعها الانقلاب . وينتقل تقطيع أوصال مصر إلى الجنوب بهذه الواقعة الدموية المخيفة فى أسوان ، وموقف الحكم العسكرى واضح جدا فقد ترك الاقتتال متعمدا عدة أيام ، حتى سالت الدماء بصورة عبثية فى صراع لايبدو فيه أى بعد سياسى . بل شجعت السلطات الهلالية فى بداية الأمر وتواطأت معهم ، ثم قتلت بعض عناصرهم لتأجيج الصراع ، ويبدو أن الطرفين ( الهلالية والنوبة ) انتبها بعد فوات الأوان لهذه اللعبة ، ولعل العناصر الواعية من الجانبين تنتبه لهذا الفخ .
إذن الانقلاب يكشف خطته ولا خطة سواها : تدمير مصر مع سبق الإصرار والترصد وفقا لمخططات أعداء الخارج .
تقصير فترة الآلام
إذن مشروع الانقلاب هو محاولة يائسة لمد فترة العمر الافتراضى لحكم مبارك حكم تابع أمين للحلف الصهيونى الأمريكى وهو مشروع مكتوب عليه بالفشل المحتم ، ولكننا نريد المطابقة بين الموت السريرى والموت الحقيقى ، بأسرع ما يمكن . وفى عمليات التقاضى هناك مايسمى طلب تقصير المدة لسرعة البت فى القضية . ونحن نقول للثوار قادة وشبابا وشعبا : من مصلحتنا جميعا تقصير المدة ، وهذا يتطلب معالجة الجذور الحقيقية للأزمة . وقد ضاع من عمر الأمة 40 عاما وكفى ما ضاع .
فى الفترة بين 2004 – 2011 كانت النخبة السياسية العلمانية والاسلامية على السواء إلا من رحم ربى وقليل ماهم تركز على الاصلاح السياسى فحسب ، وكان هذا رأى الولايات المتحدة أيضا !!
أثناء الثورة خلال ال18 يوما : تغلب رأى الاكتفاء بإسقاط مبارك حتى يحدث إجماع وننتهى من رأس النظام وقد وافقنا على ذلك ولكن كنا نتصور أن تنتقل الأمة إلى جدول أعمالها الحقيقى فور الإطاحة بمبارك ، ولكن هذا لم يحدث وظل الحوار والصراع يدور حول بعد الاصلاح السياسى فحسب دون الاصلاح الاقتصادى ومفهوم التنمية المستقلة والتخلص من القيود الأمريكة والصهيونية . وقد شغلوا الشباب بدماء الشهداء وكأن الثورة انتصرت ، والآن تظهرنفس النغمة وكأن كل مشكلتنا هو أخذ حق الشباب الذى استشهد فى رابعة أوغيرها . والواقع أن تكريم الشهداء يكون بعد نجاح الثورة .
2011 – 2014 : لا يزال الحواروالصراع يدور حول الاصلاح السياسى بما فى ذلك الصراع العلمانى – الاسلامى ، ولانغفل هذا البعد فى الخلاف ولكن نرفض فصله عن القضية الأصلية وهى الاستقلال والتحرر ، فالعلمانى الوطنى يكون أقرب إلى من إسلامى فى حزب النور ، دون أى تفريط فى العقيدة ، لأن قضية الاستقلال بالنسبة لنا كإسلاميين قضية عقائدية .
ومنذ 9 شهور هى عمر الانقلاب : يريد البعض أن يسطح الموضوع فى سؤال بسيط واحد : يعود مرسى أم لايعود ؟
وقد تمسكنا ولا نزال بعودة مرسى للرئاسة لتأكيد حق الشعب فى اختيار حكامه بالوسائل الشرعية المستقرة والمؤسسية ( الانتخابات ) وللقضاء المبرم على فكرة شرعية الانقلاب العسكرى . ولكننا نرى ضرورة الربط بين هذه القضية وبين الأسباب الحقيقية لتعثر الثورة ومن بينها الإطاحة بمرسى ذاته . فالقاصى والدانى وعلى رأسهم قيادة الاخوان يعلمون أن الانقلاب تم بتدبيروقيادة أمريكية صهيونية ودور خاص لبريطانيا وأن الأدوات المنفذة كانت المجلس العسكرى وقيادة الكنيسة وكل أركان نظام مبارك . والآن يقول الاسلاميون والوطنيون لنؤجل التعرض لكامب ديفيد وأمريكا واسرائيل حتى نفرغ من السيسى والمجلس العسكرى ، ولكن السيسى والمجلس العسكرى هم مجرد أدوات لأمريكا واسرائيل وليس لديهم مشروع خاص ( مشروعهم الخاص الوحيد هو بقاء أشخاصهم فى الحكم وفى دولتهم الاقتصادية ). ويمكن لأمريكا أن تبرز لنا لواء أو عميد أو عقيد باعتباره صديق الشعب ورافض للانقلاب ويواصل نفس الطريق وهو نظيف اليدين من القتل ، ويمكن أن يسافر السيسى والعصار وصبحى إلى أحد قصور السعودية مع زين العابدين بن على أو تقديمهم للمحاكمة بنفس طريقة محاكمة مبارك . وندخل فى مرحلة جديدة من التوهان بين العسكر والاسلاميين والعلمانيين والكنيسة ويأتى كيرى وغيره بين الفينة والأخرى للتوسط بين الفرقاء أى نظل تحت المظلة الأمريكية الصهيونية ، دون أن نعترف بذلك إلا فى الغرف المغلقة همسا . ويظل الاعلام ورجالات السياسة يتحدثون فى كل شىء إلا الهيمنة الأجنبية .
وبالتالى لن تنتصر الثورة لأنها لا تستهدف العدو الحقيقى وتحارب طواحين الهواء أو فى أحسن الأحوال تحارب المظاهر والأعراض دون أصل داء . حالنا بالضبط والعياذ بالله يتطابق مع حال المريض المصاب بالسرطان ولكنه يصر على عمل كل شىء إلا إستئصال الورم لأنه يخشى العملية . يعالج الصداع والآلام بالمسكنات فلا تزيد الحالة إلا تفاقما ، والآلام إلا شدة عقب نهاية تأثير المسكن ثم يصبح المسكن لاتأثير له .
الغرفة السوداء الأمريكية الصهيونية هى التى تدير البلاد ولابد من إغلاقها ومحاسبة عناصرها المتمصرة التى قتلت عشرات ومئات الآلاف من المصريين بالفشل الكلوى والكبدى والسرطان قبل أن تقتلهم بالرصاص والجرينوف ، ومفتاح ذلك إلغاء كامب ديفيد ، وإنهاء مايسمى العلاقات الخاصة مع أمريكا واسرائيل .
هذا هو عنوان الثورة الحقيقى ولن تنتصر قبل أن ترفع كل المظاهرات وكل الاضرابات شعار : الموت لأمريكا . الموت لاسرائيل . الموت للمجلس العسكرى الخائن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.