اهتمت صحيفة (التليجراف) البريطانية بالذكرى العشرين للمجازر البشعة التي شهدتها رواندا عام 1994، وسط أجواء من الاتهامات المتبادلة بين كيجالى وباريس حول مسئولية فرنسا عن وقوع هذه المجزرة الوحشية، رغم المصالحة “الرسمية” التى أبرمت بينهما قبل أربعة أعوام. ورأت الصحيفة البريطانية أنه بعد 20 عامًا على مذابح الإبادة الجماعية التى أودت بحياة أكثر من 800 ألف شخص عام 1994 في رواندا تشهد البلاد اليوم تطورًا اقتصاديًا استثنائيًا. وأشارت إلى أن دولة أوغندا الواعدة استطاعت التغلب على العديد من المصاعب الاقتصادية وشرعت في اكتساب سمعة جديدة بين دول العالم عبر أموال المانحين من شتى أنحاء العالم، مشيرة إلى أنها دولة لا تزال تنبض بالأمل على الرغم من مصاعب المصالحة التى لا تزال تشهدها حتى الآن. وتستعد رواندا لإحياء الذكرى العشرين للمذابح التي استمرت حوالي مئة يوم، وحصدت حياة 800 ألف شخص على الأقل، معظمهم من التوتسي والهوتو المعتدلين. وقالت الصحيفة إنه بعد عشرين عامًا يجلس روانديون ميسورون في المقاهي في كبرى شوارع العاصمة كيجالي، فيما يجمع الاقتصاديون على “التقدم المدهش” الذي أنجزته السلطات الرواندية المتحدرة عن حركة التمرد، والتي وضعت حدًا لعملية إبادة يوليو 1994، واستعادت بلادًا منهكة. ومنذ عشرين عامًا بلغ إجمالي الناتج الداخلي للفرد الواحد عشرة أضعاف ما كان عليه بينما انخفضت نسبة الفقر خلال السنوات الأخيرة بنسبة 25% وتراجع انعدام المساواة، وفق البنك العالمي. وأشارت إلى أن البلاد التي تستمد أكبر مواردها من العملة الصعبة من قطاع السياحة، أصبحت تركز الآن على تصدير موادها الأولية (المعادن والشاي والقهوة…) والمواد المصنعة، بينما تستدرج منطقة اقتصادية خاصة تبلغ مساحتها 98 هكتارًا المصانع وشركات الصناعات الزراعية. وأشارت الصحيفة إلى أنه قبيل انطلاق الاحتفالات المقامة فى رواندا لذكرى المذبحة، التي يحضرها بان كى مون الأمين العام للأمم المتحدة، قررت الحكومة الفرنسية أمس إلغاء مشاركتها في مراسم إحياء ذكرى المذبحة، وذلك ردًا على اتهام الرئيس الرواندي بول كاجامى لباريس ب”المشاركة” في هذه المجازر الوحشية. واعتبرت أن هذا القرار يشكل ضربة جديدة لتطبيع العلاقات بين البلدين التى تسممها الشكوك الرواندية حول الدعم الفرنسى لنظام الهوتو الرواندي الذي ارتكب جرائم الإبادة الوحشية ضد الأقلية التوتسي. ونقلت الصحيفة عن إحدى الناجيات وتدعى سبيسيو كينيا بوجوا قولها: إن أربعة آلاف من التوتسي احتموا بالقرب من القوات البلجيكية على أمل أن يوفر ذلك الأمان لهم، غير أنها قالت إن القوات رحلت وبدأت أعمال القتل. وأضافت “خلال تلك المذبحة فقدت زوجي وأفراد أسرتي وكافة أصدقائي وجيراني، لقد نمت بين الجثث طوال الليل. وحدثت طفرة، في السنوات الأخيرة، في العلاقات بين البلدين بزيارة كاجامي لباريس عام 2011، وتشكيل فرنسا جهة تحقيق في الإبادة. وقضت محكمة فرنسية الشهر الماضي بحبس رئيس المخابرات الرواندية، باسكال سيمبيكانجوا، 25 عاما لدوره في المذبحة، وهو الحكم الأول من نوعه في فرنسا. وتأجج الصراع بمقتل الرئيس آنذاك، جوفينال هابياريمانا، في حادث تحطم طائرة في السادس من أبريل 1994، وكان ينتمي لقبيلة الهوتو. وانتهى الصراع بهزيمة القوات الحكومية على يد الجبهة الوطنية الرواندية التي ينتمي إليها كاجامي، وهي مجموعة متمردة تقودها التوتسي، في يوليو من نفس العام.