تزايدت مؤخرا حدة التحذيرات الصحية والبيئية التي تدعو سكان قطاع غزة إلى عدم النزول إلى البحر خشية تعرض حياتهم للخطر بفعل تلوث الشواطئ بمياه الصرف الصحي المضخة إلى شواطئ القطاع بعد توقف مشاريع معالجتها جراء تواصل الحصار. ودعت آخر التحذيرات الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية والأمانة العامة للبيئة في القطاع المواطنين إلى الحذر من الإصابة بالأمراض المعدية والجلدية نتيجة ضخ مياه الصرف الصحي والعوادم، وإلقاء كافة النفايات والمخلفات في البحر. مخاطر مستقبلية وقال د. سمير عفيفي من قسم البيئة وعلوم الأرض بالجامعة الإسلامية بغزة إن تلوث البحر الذي يعد المنفذ الوحيد لسكان القطاع له انعكاساته الصحية المباشرة على صحة المواطنين، وله تأثير على الثروة السمكية والتنوع الحيوي وإمكانية تكاثر الأسماك. وأكد عفيفي الذي أجرى عدة دراسات في هذا المجال السنوات الأخيرة وجود ملوثات "مايكروبيولوجية" بمياه بحر غزة، لافتا إلى أن هناك آثارا تراكمية ستظهر على المدى البعيد نتيجة استمرار ضخ المياه العادمة في البحر. وأوضح أن البحث الجديد الذي أجراه بالتعاون مع د. عبد الرؤوف المناعمة من قسم التحاليل الطبية بالجامعة الإسلامية، أظهر أن الجراثيم التي توجد في المياه العادمة قد تتمكن من البقاء حية في المياه المالحة ولفترات متفاوتة. وشدد عفيفي على أن خطورة هذا الوضع تكمن في تهديد صحة الأفراد مشيرا إلى أن عدة دراسات أجريت مؤخرا أكدت أن نسبة عالية من مرتادي الشواطئ الملوثة، يصابون بأمراض جرثومية متنوعة تتراوح شدتها ما بين التهابات طفيفة وإصابات خطيرة كالتهاب السحايا القاتل. ووفق نتائج البحث، فإن حالات الإصابة تقع نتيجة تعرض الأفراد لماء البحر الملوث من خلال طرق عديدة تتمثل في التلامس والابتلاع واستنشاق الرذاذ أو التعامل مع الأسماك بالصيد أو البيع أو الشراء. تلوث الرمال وأضاف عفيفي أن موضوع التلوث المايكروبيولوجي (بواسطة الجراثيم) لا يقتصر على مياه البحر فحسب، مشيرا إلى أن أحد الدراسات البحثية التي أجريت لتقييم وضع رمل الشواطئ بالمناطق القريبة من مصبات المياه العادمة الواردة للبحر أظهرت أن مستويات الثلوث بالرمال كانت أعلى مقارنة مع مياه البحر. وأوضح الأكاديمي الفلسطيني أن معظم زوار الشواطئ يدركون مخاطر السباحة في مياه البحر الملوثة، لكنهم لا يعرفون أن الاحتكاك بالرمال الملوثة ينقل الأمراض. من جانبه قال الناطق باسم اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار للجزيرة نت إن تلوث مياه البحر بالمياه العادمة هو موضوع جديد قديم، لكنه زاد وتفاقم بسبب استمرار الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة. وأضاف رامي عبدو أن الحصار وإجراءات الاحتلال التعسفية التي تمثلت في إغلاق المعابر والنقص الحاد بالوقود ومنع إدخال قطع الغيار اللازمة لإصلاح محطات معالجة المياه، أدت إلى زيادة تلوث مياه البحر. وأشار إلى أن اللجنة أطلعت الكثير من الأطراف الإقليمية والدولية على خطورة ضخ ما يقارب ستين وسبعين مليون لتر من المياه العادمة يوميا إلى بحر غزة، لكن أحدا لم يحرك ساكنا إلى اللحظة. واعتبر عبدو أن إجراءات الاحتلال المستمرة بحق سكان قطاع غزة تهدف لتعطيل الخدمات التي تقدمها المؤسسات المحلية والدولية مما أثر سلبا على حياة المواطنين، وأدت إلى حدوث شلل في كافة مناحي الحياة.