لا تزال الإضرابات والاعتصامات العمالية مستمرة وتسيطر على الساحة فى العديد من القطاعات؛ فى مقدمتها قطاع الغزل والنسيج والأزمات التى تلاحق العديد من الشركات بها، وموظفو الشهر العقارى، وقطاع النقل، وموظفو المساحة، وعمال النظافة، بالإضافة إلى استمرار إضراب الأطباء والصيادلة الجزئى فى المستشفيات الحكومية؛ الأمر الذى أصبح ينذر بكارثة على الاقتصاد القومى فى الوقت الذى تتجاهل فيه حكومة الانقلاب مطالب العمال المشروعة، التى تتلخص فى تحقيق العدالة الاجتماعية وتحسين الأجور وتطبيق حدها الأدنى على كافة القطاعات. فقد طالب جبالى المراغى رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، حكومة الانقلاب بوضع خطة زمنية لتطبيق الحد الأدنى للأجور على العاملين بالقطاع الخاص وقطاع الأعمال العام وبقية المؤسسات التى لم تستفد منه. كما أكد رئيس الاتحاد فى كلمته بالمؤتمر الصحفى الذى عقده مساء يوم السبت مع كمال أبو عيطة وزير قوى الانقلاب؛ أن تطبيق الحد الأدنى للأجور الذى قررته الحكومة سيساهم فى تحقيق العدالة الاجتماعية وتطوير تشريعات العمل والعمال بالتنسيق مع اتحاد العمال وتحقيق التوازن بين طرفى العمل. كما أشار المراغى إلى ضرورة تدخل الحكومة لحل أزمة العمال المفصولين الذين يمثلون «قنبلة موقوتة» فى الدولة، ووضع حلول لعمال شركات المراجل البخارية وطنطا للكتان والغزل والنسيج الذين يعتصمون بمقر اتحاد العمال، موضحا أن الحكومة لا بد أن تضع حدا لتلك المشكلات والحد من البطالة. إذ إن عمال 3 شركات -وهى غزل شبين, وطنطا للكتان، والمراجل البخارية- معتصمون بالاتحاد لليوم الخامس عشر على التوالى للمطالبة بتشغيل الشركات وعودة العمال، تنفيذا للأحكام القضائية الصادرة لهم. كما تسود حالة من الإضرابات العمالية فى كثير من القطاعات والمؤسسات على مستوى الجمهورية؛ كل فى مكانه. الأطباء يهددون بالتصعيد فنظرا إلى تجاهل مطالب الأطباء، عُقدت الجمعية العمومية الطارئة لنقابة الأطباء البشريين فى مقر النقابة العامة للأطباء بالقاهرة وسط أجواء ساخنة، يوم الجمعة الماضية؛ إذ امتلأت القاعة عن آخرها بالأطباء الذين أعلنوا نفاد صبرهم بعد رفض حكومة الانقلاب إصدار قانون كادر الأطباء وتقديمها مشروعا هزيلا لزيادة الحوافز بدلا منه. وشن الأطباء هجوما ضاريا على الحكومة ووزارة الصحة واتهموهما بمعاداة الأطباء وتجاهل الحالة المتردية للمستشفيات الحكومية، كما وجهوا انتقادات لاذعة إلى مجلس نقابة الأطباء، ووصفوه بالتخاذل والتخلى عن مطالب الأطباء التى يناضلون من أجلها منذ سنوات، وعلى رأسها رفع نصيب الصحة من الموازنة العامة، وإصدار قانون بكادر للأطباء لإصلاح أحوالهم المادية وإنقاذ المنظومة الصحية المنهارة. واتخذت الجمعية العمومية للأطباء قرارات هامة بأغلبية ساحقة، على رأسها التمسك بمشروع الكادر الذى قدمته النقابة فى أبريل 2012 ونال موافقة مجلس الشورى بعدها، وإعلان إضراب جزئى (لا يشمل الحالات الحرجة والطوارئ) يوم 26 فبراير الجارى، والدخول فى إضراب جزئى مستمر بدءا من 8 مارس القادم بالتزامن مع إضراب زملائهم الصيادلة، بالإضافة إلى البدء فى حملة لجمع استقالات جماعية مسببة من وزارة الصحة وتقديمها بعد الوصول إلى عدد معين. كما اتخذت الجمعية العمومية قرارا بالإجماع بإحالة وزيرة الصحة الدكتورة مها الرباط إلى التحقيق فى لجنة آداب المهنة بالنقابة؛ لاتهامها بترهيب الأطباء المضربين بعد إحالتها عضوا بمجلس نقابة القاهرة إلى النيابة الإدارية بتهمة التحريض على الإضراب، فضلا عن استهزائها بالأطباء العاملين فى وزارة الصحة بعد مطالبتها إياهم ب«هش القطط» من المستشفيات أثناء حديثها على إحدى الفضائيات. وأصر الأطباء خلال جمعيتهم العمومية على تشكيل لجنة لإدارة الإضراب تكون مستقلة عن مجلس النقابة العامة. ولأول مرة خلا تشكيل اللجنة التى اختارها الأطباء من اسم النقابية البارزة منى مينا صاحبة التاريخ النضالى الطويل، فيما ضمت اللجنة من بين أعضائها مجموعة كبيرة من الأعضاء الذين انفصلوا مؤخرا عن حركة «أطباء بلا حقوق»، سواء بالفصل أو الاستقالة، وعلى رأسهم محمد شفيق، وعمرو الشورى، وطاهر مختار، وراجى بيبرس، وخالد عبد الرحمن، ومحمد فتوح، ومى مطاوع، وخديجة المصرى، وأحمد حامد. عمال هيئة النقل العام ومع بزوغ شمس الأحد، نظم العاملون بهيئة النقل العام إضرابا عن العمل فى جميع الجراجات؛ وذلك بناء على دعوة النقابة العامة المستقلة؛ وذلك للمطالبة بتطبيق قرار الحد الأدنى لأجور على العمال، أو بدائل تتوافق مع لوائح الهيئة كى يستفيد عمال الهيئة من القرار؛ حيث حدد العاملون مطالبهم فى زيادة بدل طبيعة العمل بنسبة 100% أسوة بعمال مترو الأنفاق وهيئة السكك الحديدية بدلا من تطبيق الحد الأدنى، وتوحيد حافز الإجادة بمبلغ 500 جنيه بدلا من حافز الإثابة الذى يصرف بمتوسط 150 جنيها، وصرف ستة شهور أرباحا أسوة بالعاملين بمترو الأنفاق ومترو مصر الجديدة، وتخصيص نسبة 25% من بيع الخردة، ونسبة 25% من النقل الجماعى لصندوق تكافل العاملين، وتغيير لوائح الهيئة لتسمح بتقليل فوارق المرتبات والحوافز بين العاملين. وقد بدأ إضراب العاملين صباح السبت بعمال جراجى بدر والمنيب بجنوب الجيزة، ثم لحق بهم العاملون بجراجات الأميرية، والمطرية، والسواح، والمستقبل بمدينة نصر، ثم جراج العبور. عمال قناة السويس للملابس بالإسماعيلية واصل عمال شركة قناة السويس للملابس الجاهزة بالإسماعيلية، إضرابهم عن العمل، فيما أغلقت الشركة أبوابها أمام العاملين. وطالب العمال بتطبيق الحد الأدنى للأجور، والحصول على نسبتهم من الأرباح، ومنح العمال يوم إجازة شهرى، دون خصم بدل الانتظام، إلا أن الشركة امتنعت عن إرسال السيارات التى تنقلهم إلى عملهم، فذهبوا إلى الشركة على نفقتهم الخاصة، وفوجئوا بإغلاق البوابة الرئيسية، وتهديد إدارة المصنع بتحرير محاضر ضدهم بالاعتداء على الشركة. وأكد العمال اتصالهم بمسئولى القوى العاملة للحضور إلى مقر الشركة، وتحرير محضر بمنعهم من ممارسة عملهم، مشددين على استمرار التصعيد حتى تنفيذ مطالبهم. عمال النظافة بالغربية وغرقت الغربية فى أكوام القمامة بسبب إضراب عمال النظافة، ومحافظ الانقلاب غير قادر على إنهاء الأزمة؛ حيث تعانى طنطا من تفاقم أزمة انتشار أكوام القمامة فى جميع شوارع وأحياء المدينة بصورة غير مسبوقة بسبب إضراب عمال النظافة منذ أكثر من أسبوع؛ الأمر الذى أدى إلى انتشار الحشرات والروائح الكريهة، وظهور المدينة العمالية بحالة يرثى لها، وسط اتهامات لمحافظ الغربية بالفشل فى إنهاء الأزمة وإنقاذ المدينة من الغرق فى أكوام القمامة. وكان العشرات من عمال النظافة بمدينة طنطا قد أعلنوا إضرابهم عن العمل والدخول فى اعتصام أمام جراج الشركة بالجلاء للمطالبة بالتثبيت وتطبيق الحد الأدنى للأجور. وطالب العمال وزير المالية بإصدار قرار بتثبيتهم، وأكدوا أن رواتبهم لا تتعدى 400 جنيه. وهدد العمال بمواصلة الاحتجاج إذا لم تتم الاستجابة لمطالبهم. عمال غزل المحلة يعلقون الإضراب وبعد أسبوعين من الإضراب، قرر عمال غزل المحلة، السبت، تعليق إضرابهم لإعطاء الحكومة فرصة لتنفيذ مطالبهم، فيما تأكد حدوث انقسام بينهم حول الاستمرار فى الإضراب أو تعليقه؛ بسبب الظروف المادية الصعبة التى يمر بها معظمهم. وقال كمال الفيومى القيادى العمالى، إن عددا من العمال توجهوا، الجمعة، إلى محافظ الغربية لمناقشة الأزمة، واتصل الأخير فى وجود العمال برئيس الوزراء ووزير القوى العاملة كمال أبو عيطة، فأبدى الاثنان موافقتهما على طلبات العمال التى تقدموا بها الخميس الماضى. واستدرك: «لكن وزير الاستثمار أبدى عدم موافقته على مطالب العمال إلا بعد عودتهم إلى العمل وتشغيل المصنع؛ ما أغضبهم بشدة، فتجمهروا أمام مبنى المحافظة وهتفوا ضد كل من الوزير والمحافظ، كما وقعت اشتباكات بين العمال والعناصر الموالية للنقابة العامة للشركة الرافضة للإضراب». لذلك قرر العمال تعليق إضرابهم لإعطاء فرصة للحكومة لتنفيذ مطالبهم المتلخصة فى إقرار الحد الأدنى للأجور، وضخ استثمارات جديدة، وحل النقابة بالكامل، وصرف العلاوات وزيادة الحوافز من 5% إلى 25%، وإلزام الشركة بصرف المرتبات فى أوقاتها.