مجلس عمداء جامعة كفر الشيخ يبحث استعدادات العام الراسي الجديد 2025/2026    بعد قليل.. الوطنية للانتخابات تعلن النتيجة النهائية للجولة الأولى من انتخابات مجلس الشيوخ    البنك الأهلى يخفض عمولة تدبير العملة إلى 3% على معاملات البطاقات الائتمانية    هشام طلعت مصطفى يتصدر قائمة «فوربس» ب 4 جوائز للأكثر تأثيرًا في الشرق الأوسط    وزارة الصحة في غزة: 227 شهيدًا جراء المجاعة وسوء التغذية بينهم 103 أطفال    متحدث باسم الخارجية الصينية: الصين تدعم كل جهود تسوية الأزمة الأوكرانية    ريال مدريد يرفض إقامة مباراة فياريال ضد برشلونة في أمريكا    ديمبلي: التتويج بدوري أبطال أوروبا كان أمرًا جنونيًا    إيفرتون يضم جاك جريليش رسميا    الداخلية تكشف حقيقة سرقة شخص بالإكراه: الفيديو خارج مصر    محافظ الدقهلية يشارك في فعاليات مؤتمر "صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي"    الرقابة الصحية (GAHAR) تطلق أول اجتماع للجنة إعداد معايير "التطبيب عن بُعد"    ما نتائج تمديد ترامب الهدنة التجارية مع الصين لمدة 90 يوما أخرى؟    الأمم المتحدة تدعو إسرائيل للسماح بدخول الصحفيين الدوليين لغزة دون عوائق    رئيس جامعة أسيوط يستقبل محافظ الإقليم لتهنئته باستمرار توليه مهام منصبه    إقبال كبير على تذاكر مباراة ريال مدريد أمام تيرول    الحسيني وهدان يتوج بذهبية الكونغ فو في دورة الألعاب العالمية    وسام أبو علي يستعد للسفر إلى أمريكا خلال أيام.. والأهلي يترقب تحويل الدُفعة الأولى    منسقة الأمم المتحدة: إطلاق الاستراتيجية الوطنية للشباب يعكس اهتمام مصر بالرياضة كقوة ثقافية ومحرك للتنمية    ضبط سائق لحيازته 53 ألف لتر سولار بدون مستندات تمهيدًا لبيعها بالسوق السوداء في الأقصر    وزير التعليم العالي يفتتح المجمع الطبي لمؤسسة "تعليم" بمحافظة بني سويف    غدا.. المسرح يحتفي بعيد وفاء النيل في مكتبة القاهرة الكبرى والهناجر    جنات تتحدث عن تصدرها التريند ب "ألوم على مين"    رامي صبري وروبي يجتمعان في حفل واحد بالساحل الشمالي (تفاصيل)    ما الحكمة من ابتلاء الله لعباده؟.. داعية إسلامي يُجيب    الشيخ رمضان عبدالمعز: قبل أن تطلب من الله افعل مثلما فعل إبراهيم عليه السلام    محافظ الجيزة ينعي وفاة الدكتور علي المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية السابق    وكيل صحة الإسماعيلية تُفاجئ وحدة أبو صوير البلد لمتابعة إنتظام سير العمل وتحيل المقصرين للتحقيق    «الإعلام والتحليل الرياضي من التفاعل الجماهيري إلى صناعة التأثير».. ورشة عمل بماسبيرو    كريستيانو رونالدو يطلب الزواج من جورجينا رسميًا    قيادات الطب العلاجي يتابعون سير العمل بمستشفى نجع حمادي العام    «طبيعي يزعل ولكن».. شوبير يعلق على أنباء مفاوضات بيراميدز مع الشناوي    «مصيلحي» و«المصيلحي».. قصة وزيرين جمعهما الاسم والمنصب وعام الموت    غدًا.. قطع المياه عن مدينة أشمون في المنوفية 8 ساعات    حجز نظر استئناف المتهم بقتل مالك قهوة أسوان على حكم إعدامه للقرار    وزيرة التخطيط تشارك في إطلاق الاستراتيجية الوطنية للشباب والرياضة 2025-2030    خصم يصل ل25% على إصدارات دار الكتب بمعرض رأس البر للكتاب    الطقس غدا.. موجة شديدة الحرارة وأمطار تصل لحد السيول والعظمى 41 درجة    وكيل وزارة الصحة بالدقهلية يحيل المدير الإداري لمستشفى الجلدية والجذام للتحقيق    كامل الوزير: عمل على مدار الساعة لتحقيق مستوى نظافة متميز بالقطارات والمحطات    الدقهلية تبدأ مهرجان جمصة الصيفي الأول 2025 للترويج للسياحة وجذب الاستثمار    الجمعة.. فرقة واما تحيي حفلا غنائيا في رأس الحكمة بالساحل الشمالي    الجمعة.. قصور الثقافة تقيم فعاليات متنوعة للأطفال بنادي الري احتفالا بوفاء النيل    محافظ الجيزة يترأس اجتماع اللجنة التيسيرية لمشروع تطوير منطقة الكيت كات    مصرع طفل غرقا في ترعة باروط ببني سويف    القبض على بلوجر شهير بتهمة رسم أوشام بصورة خادشة للحياء    12 أغسطس 2025.. أسعار الأسماك في سوق العبور للجملة اليوم    وزير الصحة يبحث مع المرشحة لمنصب سفيرة مصر لدى السويد ولاتفيا التعاون الصحى    حزب الوعي: زيارة الرئيس الأوغندي لمصر يعكس الإرادة السياسية لقيادتي البلدين    رسميًا.. باريس سان جيرمان يتعاقد مع مدافع بورنموث    وزير الصحة يبحث مع مدير الأكاديمية الوطنية للتدريب تعزيز البرامج التدريبية    هل يجب قضاء الصلوات الفائتة خلال الحيض؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    النزول بسن القبول بمرحلة رياض الأطفال في كفر الشيخ    "زاد العزة" تواصل إدخال المساعدات المصرية إلى القطاع رغم العراقيل    أمين الفتوى: "المعاشرة بالمعروف" قيمة إسلامية جامعة تشمل كل العلاقات الإنسانية    تنطلق الخميس.. مواعيد مباريات الجولة الثانية من بطولة الدوري المصري    العظمي 38.. طقس شديد الحرارة ورطوبة مرتفعة في شمال سيناء    مواقيت الصلاة في أسوان اليوم الثلاثاء 12أغسطس 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الجارديان" تروي تفاصيل مجزرة ترحيلات "أبو زعبل"
نشر في الشعب يوم 23 - 02 - 2014

نشرت جريدة الجارديان البريطانية تحقيقا مطولا، هو الأول من نوعه،يروي تفاصيل مجزرة ترحيلات سجن أبوزعبل التي راح ضحيتها 37 معتقل داخل سيارة الترحيلات التابعة للسجن بالقاهرة.

وقام كاتب التقرير الصحفي باتريك كينجسلي بنقل روايات بعض الناجين من المذبحة وأقارب القتلى الذين نقلوا شهادات مروعة لحقيقة ما جرى عندما مات 37 معتقلا خنقا جراء إطلاق الغاز المسيل للدموع عليهم داخل سيارة الترحيلات وحبسهم داخل السيارة لمدة تزيد عن 6 ساعات في درجة حرارة تقارب ال40 درجة مئوية.

وبدأ الصحفي تقريره برواية تفاصيل الساعات الأخيرة من حياة المخرج محمد الديب أحد ضحايا المجزرة، الذي قدم وصيته شفهيا حيث لم يكن لديه ورقة لكتابتها ولم يكن هناك محامي، فكل ما استطاع فعله أنه أخبر المعتقل الذي بجانبه بالديون التي عليه سدادها والوصية التي يريد إيصالها إلى والدته حول تفاصيل وفاته.

وكان دياب من ضمن 45 معتقلا تم القائهم داخل عربة الترحيلات في ساحة سجن ابوزعبل شمال شرق القاهرة. وفي وقت الحادثة كان المعتقلون قد امضوا 6 ساعات داخل العربة، وكانت درجة الحرارة في الخارج 31 وفي الداخل بالطبع كانت أشد حرا. ولم يكن هناك مكان للوقوف ولم يكن لدى المعتقلين أي مشروبات، وقام بعضهم بخلع قمصانهم ومحاولة الشرب من العرق الذي تصبب منهم من شدة الحرارة. وفي هذه اللحظة كان الكثير منهم قد فقد الوعي تماما.

وينقل باتريك كينجسلي رواية أحد الناجين ويدعى محمد عبد المعبود، وهو تاجر يبلغ من العمر 43 عاما وعضو بجماعة الاخوان المسلمين. وقد كان عبد المعبود ملاصقا للمخرج محمد دياب وقت الحادثة.

ويقول كينجسلي إنه في يوم فض اعتصام رابعة العدوية تم اعتقال الكثيرين بشكل عشوائي، ولم يكن الجميع من مؤيدي مرسي او الاخوان.

وينقل كينجسلي عن جمال صيام -استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ووالد شريف أحد ضحايا المجزرة- قوله إنه في يوم المجزرة تقدم إلى النائب العام هشام بركات بطلب لمعرفة مكان ابنه حيث تم اعتقاله يوم مجزة الفض ولم يستطع التوصل إلى مكانه حتى ذلك الحين، وقد أبلغ جمال صيام النائب العام أن اعتقال ابنه تم عن طريق الخطأ وأنه بحاجة إلى مساعدة للافراج عنه. ولم يكن شريف عضوا بالاخوان ولا مؤيدا للرئيس مرسي، بل إنه كان من مؤيدي تظاهرات 30 يونيو وكان يدافع عنها أنها ثورة وليست انقلابا.

ولكن شريف عندما سمع بما حدث من مجازر يوم الفض ذهب إلى الميدان للمساعدة في إسعاف الجرحى. وقد تعاطف النائب العام مع حالة شريف وأعطى والده رسالة موقعة لعرضها على مسؤولي السجن للمساعدة، ولكن هذه الرسالة جاءت متأخرة جدا. فقبل اللقاء بدقائق مات شريف خنقا داخل عربة الترحيلات ومعه 36 اخرين جراء استنشاقهم للغاز المسيل للدموع وعدم تمكنهم من الفرار.

في اليوم التالي ظهرت صور مروعة للجثث في مشرحة زينهم حيث كانت أغلبها منتفخة وكانت الوجوه حمراء أو سوداء، ومنها جثة شريف التي تم بالكاد التعرف عليها.

ويقول كينجسلي إن 4 من ضمن 15 شرطي من الذين رافقوا السيارة تمت إحالتهم اإلى المحكمة بتهمة الإهمال، ولكن المحاكمة تم تأجيلها إلى أجل غير مسمى، ولازال المسؤولين في الحكومة يلقون اللوم على المعتقلين.

ولكن على الرغم من محاولة التعتيم على الجريمة استطاع الصحفي باتريك كينجسلي الوصول الى بعض الناجين وضباط الشرطة الذين رافقوا الحافلة. ويصف كينجسلي الحادثة بأنها “دليل على وحشية جهاز الشرطة والتعتيم على الجريمة من قبل السلطات” ويقول ان الجريمة لم تقتصر على يوم الحادثة ولكنها بدأت منذ يوم اعتقال الضحايا في 14 اغسطس من ميدان رابعة العدوية بمدينة نصر.

ووفقا لرواية والده والناجين من المذبحة، تم اعتقال شريف صيام ظهرا على بعد بضعة شوارع من ميدان رابعة، وتظهر لقطات الفيديو الشهيرة التي سجلها أحد شهود العيان لحظة اعتقال صيام حيث قام أحد الضباط بركله بقوه في صدره أثناء اقتياده إلى عربة الشرطة.

وتم اتهام صيام بالإنضمام إلى جماعة إرهابية، والشروع في القتل، وحيازة أسلحة نارية، وهي ما اعتبرتها عائلته تهم سخيفة وملفقة. وكان شريف صيام يعمل كمهندس اتصالات وخبير تنمية بشرية.

روايات الناجين:

ويروي الناجين أن شريف و 8 آخرين من الضحايا لم يكن لهم صلة باعتصام رابعة وكانوا معارضين لمرسي. وشكري سعد هومن ضمن الناجين الذين أجرت معهم الجارديان حوارا، وهو أحد سكان مدينة نصر الذي استوقفته الشرطة وهو في طريق عودته بعد شراء علاج مرض السكر الخاص به.

حيث اشتبه انه يحمل الدواء لمعتصمي رابعة. وفي لحظة اعتقاله -بحسب قوله- صرخ شكري سعد قائلا: “أنا مش اخوان، أنا حزب وطني”.

أما طلعت علي، أحد الناجين، فقد كان يبيع الشاي للضباط أثناء استراحتهم من العمل أثناء فض الاعتصام. ويروي طلعت أنه أغلق القهوة الخاصة به مبكرا عندما رفض الضباط دفع ثمن المشروبات، وفي أثناء عودته الى بيته قام نفس الضباط باعتقاله وهو يصرخ قائلا: “انا بتاع الشاي، انا اللي قدمتلكم شاي”، ولكن بلا جدوى.

أما محمد رمزي بائع الخضروات والناجي الثالث الذي تحدثت معه الجارديان فقد جاء إلى مدينة نصر لبيع الخيار في ذلك اليوم، ومحمد حمراوي اعتقل في طريقه لبيع ملابس في سوق في وسط المدينه، ورفيق عبد الغني تم ايقافه وهو في طريقه الى العمل.

أما محمد عبد المعبود فقد تم اعتقاله من مكان بعيد عن الاعتصام وهو في طريق عودته الى منزله بعد انتهاء الفض. وقد كان عبد المعبود من معتصمي رابعة العدوية ولم يترك الميدان وقت الفض، حيث مكث هناك لمساعدة الجرحى حتى الساعة 3 عصرا حيث لم يعد هناك أمل في إنقاذ أحد. وفي وقت لاحق انضم الى مجموعة من اصدقائه الذين يسكنون في نفس قريته بمحافظة الشرقية، حيث سمعوا أن أحد الأصدقاء قد أصيب وكانوا يبحثون عن جثته في مسجد الايمان، وعندما وجدوا الجثة قاموا بنقلها في سيارة احدهم ولكن اوقفتهم نقطة تفتيش تابعة للجيش واستجوبتهم عن الجثة، وعما اذا كان لديهم تصريح بالدفن.

واستحوذ الجنود على متعلقاتهم الشخصية والنقود التي كانت بحوذتهم، وقاموا بإطلاق سراح أغلبهم ما عدا خمسه منهم. وكان من ضمن الخمسه عبد المعبود وطبيب يدعى عبد المنعم، وصيدلي يدعى محمد سيد جبل يبلغ من العمر 29 عاما.

وتم اقتياد الخمسة الى قسم شرطة في مصر الجديدة وتم اتهامهم بالضلوع في أعمال تخريبية وحمل جثة بدون تصريح دفن، وتم ايداعهم في غرفة اعتقال مزدحمة للغاية.

ومن ضمن الناجين حسين عبد العال الموظف السابق بشركة بترول مصرية والبالغ من العمر 60 عاما. وقد تم احتجازه في استاد القاهره ومعه آلاف آخرين تم اقتيادهم الى الاستاد يوم مجزرة رابعة حيث امتلأت اقسام الشرطة بالمعتقلين.

وقد وصل عبد العال الى رابعة العدوية بضع ساعات قبل الفض حيث كانت هناك إشاعات بأن الفض سيتم هذا الصباح واراد عبد العال ان يكون متواجدا في هذه اللحظة لرمزيتها وليقف بجانب ابنه رمزي عضو الاخوان والذي شارك في الاعتصام منذ بدايته، والذي تم قنصه برصاصة في الرأس يوم الفض.

وكان عبد العال في طريقه الى المستشفى مع ابنه عندما أوقفه ضابط جيش وأخرجه من العربه، وتوسل عبد العال إليهم ليبقى مع ابنه ولكن بلا جدوى، وتم اعتقاله واقتياده الى استاد القاهرة.
وفي تلك اللحظات قام شريف صيام بنشر رسالة على موقع فيسبوك عبر هاتف أحد الأشخاص وقال فيها إنه محتجز في الاستاد وطلب من القراء ان يبلغوا والده بمكان احتجازه.

وعندما علم جمال صيام بمكان نجله حاول العثور على محام للمساعدة في الافراج عنه. وكان لدى صيام وسائط كثيرة بحكم عمله السابق كمستشار بوزارة الزراعة في عهد مبارك. ولكن لم يساعده أحد بسبب تخوف الجميع من أن يتم تفسير الأمر على أنه مساعدة للاخوان. فذهب صيام الى الأستاد بنفسه وعند وصوله كان شريف قد تم نقله الى قسم مصر الجديدة.

وفي القسم كان المعتقلون متكدسون في زنازين مساحتها 3 أمتار فقط، ويقول عبد المعبود إنه على مدار 3 أيام كانت الزنزانة الواحدة تحتوي على ما يقارب 38 معتقل، وكانت ضيقة جدا بشكل لا يسمح لهم بالنوم في نفس الوقت، فكانوا ينامون بالتناوب، وكانت درجة الحرارة لا تطاق.

وقد عثر جمال صيام أخيرا على ابنه في قسم مصر الجديدة، ولم يتمالك نفسه من البكاء عندما قابل والده وعانقه ولكنه لم يتحدث كثيرا. وزاره والده في اليوم التالي (السبت) ليعطيه بعض المتعلقات الشخصية.

يوم المجزرة:

وفي يوم الاحد الموافق 18 اغسطس في الساعة 6:30 صباحا تم تكبيل أيادي 45 سجينا، وكان كل اثنين مكبلين سويا، فيماعدا عبد المعبود الذي تم تكبيله مع اثنين آخرين. وكان المعتقلين الخمسة من محافظة الشرقية آخر من تم الزج بهم في سيارة الترحيلات.

وقد أظهرت إحدى التقارير الهندسية أن السيارة مهيأه لحمل 24 شخص على الأكثر، ولكن في هذه الحالة تم وضع 45 سجين في نفس العربة ولذلك تم اغلاق باب العربة بصعوبة.

وقد استغرقت الرحلة الى سجن ابو زعبل ساعة من الزمن، وفي داخل العربة كان السجناء مكدسين فوق بعضهم البعض ولم يستطيعوا الوقوف بشكل طبيعي.

وساء الوضع عندما وصلوا الى ساحة السجن، حيث لم يعد هناك هواء كافي للتنفس بعدما توقفت العربة، وما حدث في الساعات التالية تم التحقيق بشأنه وأدلى بعض الضباط بشهادتهم حوله؛ وقد أيدت شهادة أحد الضباط الناجين من الحادثة. ويدعى الضابط عبد العزيز ربيع عبد العزيز، وقد رفض إجراء حوار مع الجارديان ولكنه أدلى بشهادته في النيابة، والتي كشف عنها المحامين وأكدتها مصادر أخرى تحدثت معها الجارديان.

ويدعي عبد العزيز أن اسطوانات التهوية الخاصة بالعربة تم كسرها.

وكانت درجة الحرارة في ذلك اليوم 31.1 مئوية، وقد أجبر ال45 معتقل على الانتظار داخل العربة حتى يصل باقي المعتقلين ال600 القادمين من رابعة الى ابوزعبل. وكانت هناك 15 سيارة ترحيلات أخرى وصلت قبلهم وقد استغرق إنزال المعتقلين من كل عربة حوالي نصف ساعة لأن كل منهم كان يتم استقباله بالطريقة المعتادة وهي الضرب والتعذيب فور نزولهم من العربة.

وكانت العربة رقم 11 في طابور سيارات الترحيلات، وبالتالي فقد كان على ال45 سجين الانتظار لمدة طويلة حتى يتم إنزالهم.

ويروي الناجون أن درجة الحرارة كانت لا تطاق وكان المعتقلون يقفون على رجل واحدة وقد امتلأت ملابسهم بالعرق وبدأ الأكسجين في النفاذ. ويروي عبد المعبود أنه في هذه اللحظة بدأ السجناء في الصراخ والاستغاثة وطرق جوانب العربة، ولكن لم يستجب أحد.

وبحسب رواية حسين عبد العال وشكري سعد، شعر الاثنان بأنهما يحتضران. حيث خضع عبد العال لجراحة قلب مفتوح منذ عامين وكان شكري سعد مريض بالسكر.ويقول عبد العال انه لاحظ على شكري سعد انه يفقد وعيه واستغاث طلبا للمساعدة قائلا إن أحدهم على وشك الموت، فجاء الرد بأنهم يريدون موتهم جميعا.

ويروي الناجون في شهاداتهم لصحيفة الجارديان بأن الضباط طلبوا منهم أن يسبوا الرئيس مرسي كي يتم اخراجهم، فقام الشباب بالسب ولكن رفضوا إخراجهم. ثم طلبوا منهم ان يطلقوا على أنفسهم أسماء نساء، وبالفعل قام البعض بذلك ولكن كان الرد “نحن لا نتحدث مع النساء”.

وفي شهادته لدى النيابة قال الضابط عبد العزيز أن بعض الضباط الصغار طلبوا من مديريهم أكثر من مرة أن يسمحوا بفتح السيارة وإعطاء السجناء مياه ولكنهم رفضوا لمدة 4 ساعات ثم تم السماح بالمياه ولكن فقد الضباط مفتاح باب السيارة، فقام الملازم محمد يحيى بكسر القفل. ولكن حتى ذلك الوقت لم يتم السماح للسجناء بالخروج فيما عدا عبد العال الذي كان واقفا بجانب الباب تم السماح له بالوقوف على حافة الحافلة وتم إلقاء قطرات المياه عليه، ثم تم دفعه إلى الداخل مرة أخرى.

وبالرغم من قيام جميع الحافلات الأخرى بترك الباب مفتوحا إلا أن حافلة قسم مصر الجديدة لم تفعل ذلك وقامت بغلق الباب بالكلابشات.

ويقول عبد العزيز انه في النهاية قام صغار الضباط بإلقاء المياه بأنفسهم من فتحة النافذة.
ولكن السجناء كانوا قد وصلوا إلى مرحلة حرجة حيث أصيب أغلبهم بالعثيان وقام البعض بتلاوة وصيته. ويقول سيد جبل “سقط كبار السن أولا، ثم لحق بهم الشباب، واحدا تلو الآخر، وفي الخارج كان الضباط يضحكون ويسبون مرسي.”

وقام الشباب بالطرق على جوانب الحافلة بقوة واستمروا في الطرق حتى سقطوا جميعا وصمتت الحافلة عندما سقط الجميع مغشيا عليهم.

وبحلول الساعة الواحدة ظهرا جاء دور السجناء في النزول ونادى عليهم الضباط ان يتجهزوا لتسليم ما لديهم الى موظفي السجن، ولكن أغلب من بالداخل لم يستطيع حتى الوقوف.

ويقول الصحفي باتريك كينجسلي أن هناك روايتين متضاربتين لما حدث بعد ذلك. فقد قال ضباط في التحقيقات انه عندما فتح الباب قام السجناء بجلب الملازم يحيى إلى الداخل واحتجازه كرهينة. وقد أدت الفوضى التي حدثت بعد ذلك إلى مجيء الكثير من الضباط الآخرين المسؤولين عن سيارات أخرى الى المكان، ويدعي الضابط ان عبد العزيز وزميله قد أصيبا في هذه الاشثباكات عندما حاولا انقاذ يحيى، وفي غضون ذلك قام أحد العساكر بإطلاق غاز مسيل للدموع داخل العربة من خلال أحد النوافذ. وبحسب هذه الرواية فقد أصيب يحيى واثنين آخرين بسبب التعرض للغاز، في حين تعرض عبد العزيز لبعض الجروح نقل على إثرها الى المستشفى.

ولكن وفقا لرواية الناجين ورواية عبد العزيز نفسه فإن هذه الرواية الأولى مفبركة ولم تحدث على هذا النحو. ففي شهادته أمام النيابة قال عبد العزيز إن أحد الضباط قام بضربه على وجهه كي يثبت روايته بأنه تعرض لجروح.

ويقول عبد المعبود في حديثه للجارديان: “لنكن منطقيين في تحليلنا للواقعة، كنا جميعا مرهقين للغاية ولم نستطع حتى المشي وسقط أغلبنا مغشيا عليه داخل الحافلة. وقد تمكن 5 أو 6 أشخاص فقط من الوقوف. فكيف يمكننا ضرب ضابط شرطة ونحن في هذه الحالة؟”

ويقول مراسل الجارديان إن رواية عبد العزيز تدل على أن السجناء لم يكونوا بحالة تمكنهم من اختطاف الضابط.

ويضيف عبد العزيز أنه عندما نظر من النافذة الخلفية وجد مشهدا مروعا لجميع السجناء وهم مغشي عليهم فوق بعضهم البعض.

وقال د. هشام فراج المتحدث باسم مشرحة زينهم التي استقبلت الجثث أن الضحايا كانوا على قيد الحياة عندما تم إطلاق الغاز وأنه تم العثور على آثار الغاز في جميع الجثث. وأعرب عن شكه في قدرة عبوة الغاز الواحدة على قتلهم ولكن ربما كان إطلاق الغاز هو المسمار الأخير في نعش الضحايا الذين عانوا من قلة الأكسجين لمدة طويلة قبل إطلاق الغاز.

وقال فراج في شهادة مكتوبة لصحيفة الجارديان: “قررنا أن الشرطة هي المسؤولة عن قتل السجناء لأنهم قاموا بملء الحافلة ب45 سجينا وهو رقم كبير جدا لأن الحافلة تستوعب 24 فقط. وبالتالي كان هناك نقص في الاكسجين مما سرع من وتيرة القتل عندما تم إطلاق الغاز.”

وبسبب تكدس السجناء كان من الصعب فتح باب العربة مما اضطر الضباط إلى استخدام منشار آلي لفتحه، وفي النهاية استطاعوا فتح جزء صغير خرج منه 8 فقط أحياء وكانت بشرتهم مليئة بالخدوش.
ويقول سيد جبل انه عندما استنشق الهواء بالخارج لم يشعر بأي شيء وسقط على الأرض، وعندها قام الضباط بضربه.

أما باقي السجناء فكانوا مغشيا عليهم داخل السيارة ومكدسين فوق بعضهم البعض، ويقول الضابط عبد العزيز انه في هذه اللحظة أدرك أنهم جميعا قد فارقوا الحياة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.