سئم اللبنانيون الأوضاع الصعبة التي عاشوها منذ تشكيل حكومة السنيورة في سبتمبر 2005 وحتى التاسع من أيار 2008 الحالي الذي انطلقت فيه عملية التغيير في لبنان بعد المؤتمر الصحفي للسيد حسن نصر الله والذي أعلن فيه موقفا صارما من قرار حكومة السنيورة اعلان الحرب على شبكة اتصالات حزب الله السلكية (سلاح الإشارة) .
في مؤتمره الصحفي المشار اليه أعلن الأمين العام لحزب الله أن ما بعد قرار الحكومة الأخير ليس كما قبله ويبدو أن هذا التصريح أعطى إشارة الإنتشار الميداني في بيروت للعناصر المسلحة التابعة للمعارضة متمثلة بحزب الله وبقوى معارضة أخرى وخلال ساعات معدودة تمكنت القوى المعارضة من بسط سيطرتها على بيروت (الشطر الغربي تحديدا) وقد تهاوت أمامها مواقع التواجد المليشيوي المسلح لتيار المستقبل المنتشرة على امتداد بيروتالغربية ولا شك ان حزب الله أظهر براعة ملفتة للنظر وقدرة تنظيمية هائلة عندما سيطر بسرعة قياسية وبدون إسالة للدماء تقريبا على جميع المراكز المليشيوية لتيار المستقبل والتي طالما اعتبرها التيار معقلا حصينا وثابتا له وأعظم ما في الأمر أن حزب الله وحلفائه وضعوا جميع الأحياء والمناطق المسيطر عليها تحت إمرة جيش لبنان الوطني . أما في جبل لبنان فقد تقدمت فيه عناصر التنظيمات المعارضة بقيادة الأمير طلال أرسلان والسيد وئام وهاب وسيطرت على معظم المواقع التي كانت تتمركز فيها المليشيات المسلحة التابعة للحزب التقدمي الإشتراكي الذي يتزعمه وليد جنبلاط ثم وضعتها في عهدة الجيش اللبناني أيضا, كما لا بد من الحديث على الإشتباكات التي جرت في عاصمة الشمال طرابلس وفي صيدا عاصمة الجنوب لكنها كانت على نطاق محصور ويبدو انها غير مرشحة للتصاعد . وكمراقب يمكنني القول أن المعارضة الوطنية اللبنانية بتلاوينها المتعددة بسطت سيطرتها على الأوضاع الداخلية فوضعت بذلك حدّا للتجاوزات الرسمية وحجّمت السلطة اللبنانية (الموصوفة من قبل المعارضة باللاشرعية) تمهيدا لعزلها بالوسائل السلمية من أجل تشكيل حكومة مؤقتة تتولى تنفيذ مطالب شعبية لا بد منها لإنقاذ لبنان من التمزق والتشرذم اللذان كاد يغرق بهما نتيجة ارتهان حكومته الحالية للأجنبي وتتمثل هذه المطالب في انتاج اربعة أمور جديدة:
- قانون انتخابي عادل وغير طائفي - رئيس توافقي جديد للجمهورية - برلمان جديد يؤمن التمثيل العادل لجميع الأطراف - حكومة جديدة تتمثل فيها جميع الأطراف
إن احداث الأيام الماضية اثبتت ان اللبنانيون نجحوا في الإمتحان الصعب بعدما مروا في ظروف قاسية كادت تطيح بوحدتهم الوطنية كأمّة وكادت تفضي الى فدلة بلدهم وتشظيه الى دويلات مقزّمة كما يخطط له من قبل أعداء الأمة الأمريكيون والإسرائيليون . بفضل حزب الله وبفضل بقية أطراف المعارضة المتحالفة معه وبفضل الجيش اللبناني الوطني , بفضل هؤلاء مجتمعين فاز لبنان وخسر أعداءه , فاز لبنان وخسر المراهنون على تحويله لأداة طيعة بأيدي الأميركي والإسرائيلي. في تموز 2006 وجّه حزب الله طعنة شديدة في قلب المشروع الأميركي- الإسرائيلي , طعنه في قلب مشروعه الشرق أوسطي وفي أيار 2008 طعن الحزب قلب العدو من جديد وأدماه من جديد .
لقد لجأ حزب الله وحلفائه للقوة لأن الكي آخر الدواء وبذلك عاد الأمل الى لبنان وتكرست الثقة بالنصر وبمستقبل مبشّر للشعب اللبناني واليوم نوجه نحن العرب تحية للقائد حسن نصر الله ونعرب له عن اعتزازنا به وبقيادته ونقول له تقدم فسوف لن يخذلوك أحرار العرب على اختلاف أديانهم وطوائفهم ولا أحرار المسلمين على تعدّد أعراقعم ومذاهبهم فنحن نشارك اخواننا اللبنانيين فرحتهم بهذا النصر الجديد ونحن معك في انتصار أيار 2008 ومعك في الطريق الى القدس.