الإعلان المرئي وصناعة المحتوى.. ورشة عمل بجامعة بنها الأهلية    قبل انتهاء مدة البرلمان بشهرين.. مرفت عبد النعيم تؤدي اليمين الدستورية خلفًا للنائبة رقية الهلالي    جدول امتحانات الصف السادس الابتدائي في القليوبية 2025    النواب يستجيب للأزهر بشأن إصدار لائحة قانون تنظيم إصدار الفتوى    إزالة 27 حالة تعد بالبناء على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة بالبحيرة    محافظ الشرقية يتابع تنفيذ مشروعات الإبراهيمية الخدمية والتنموية    نائب محافظ قنا يتفقد المركز التكنولوجي ويشدد على تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين    أوكرانيا تعلن عن استعدادها للتفاوض مباشرة مع روسيا    وزير الخارجية الإسرائيلي: حرب غزة مستمرة للأبد إذا بقيت المساعدات بأيدي حماس    وزير الخارجية: مصر تدعم الموقف الإفريقي الموحد بشأن إصلاح مجلس الأمن    قرار جديد في ملف صفقات الأهلي المونديالية    على طريقة مرموش.. تفاصيل عرض احتراف مصطفى شوبير    مصرع مُسنة إثر سقوطها من الطابق الثالث في قنا    الأرصاد الجوية : درجة الحرارة " فى الظل " وصلت 40 درجة مئوية الساعة الواحدة ظهرا على القاهرة الكبرى    نشط مخك وتجنب 14 خطأ.. روشتة تربوية للطلاب قبل امتحانات الثانوية العامة 2025    بينهم سيدة.. القبض على عصابة الزواج المزيفة بالقاهرة    أكتب كي لا أقتل    انطلاق النسخة الثالثة من ملتقى «التمكين بالفن» بالمتحف المصري الكبير الجمعة المقبلة    وزير الثقافة يتابع حالة الأديب صنع الله إبراهيم    صحة الدقهلية: إجراء 4800 عملية خلال شهر وإدخال خدمات جراحية جديدة ب8 مستشفيات    سيتى كلوب تضع اللمسات النهائية لإقامة مباراة مصر وغانا بأمم أفريقيا للشباب باستاد السويس    ارتفاع أسعار المطاعم والفنادق بنسبة 14.2% على أساس سنوي خلال إبريل الماضي.. و4.1% على أساس شهري    البورصة تعلن عن انتهاء الخلل التقني بنظام تداول حقوق الاكتتاب    الخارجية الهندية: معاهدة تقاسم مياه نهر السند لا تزال معلقة    مرشح حزب سلطة الشعب بكوريا الجنوبية يسجل ترشحه للانتخابات الرئاسية    محافظ بنى سويف يكرّم الشاب عبد الله محمد لطفى لإنقاذه مواطنًا من الغرق    انهيار بئر بأحد مزارع المنيا على شخص جارى استخراجه    الجريدة الرسمية تنشر قرار نزع ملكيه أراضى بقنا لتطوير 5 مزلقانات    سنابل الذهب.. توريد 108 آلاف طن قمح محلى إلى شون وصوامع البحيرة    رئيسة بالميراس: مستعدون لمواجهة ميسي في كأس العالم للأندية.. ولن نذهب إلى النزهة بأمريكا    القاهرة الإخبارية: الاحتلال الإسرائيلى يواصل قصف الأحياء السكنية فى غزة    تكريم مازن الغرباوي بمهرجان المعهد العالي للفنون المسرحية    لا يهم فهم الآخرين.. المهم أن تعرف نفسك    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي أم يجوزُ لي تأجيلُه؟ .. الأزهر للفتوى يجيب    ممدوح عباس يعلن.. وصول توني بيوليس للقاهرة لدارسة إمكانية التعاون مع الزمالك    محافظ الدقهلية يحيل مدير مستشفى التأمين الصحي بجديلة ونائبه للتحقيق    ماذا يحدث للشرايين والقلب في ارتفاع الحرارة وطرق الوقاية    مدير تأمين صحى الفيوم يتفقد العيادات الخارجية ويوصى بتسهيل إجراءات المرضى    ضبط 575 سلعة منتهية الصلاحية خلال حملة تموينية ببورسعيد -صور    «حماة الوطن» بسوهاج يفتتح 9 وحدات حزبية جديدة بقرى ومراكز المحافظة    رئيس الوزراء يشارك في احتفالية "تكافل وكرامة" ويكرم عددا من شركاء النجاح.. صور    محافظ الدقهلية يتفقد مركز دكرنس ويحيل رئيس الوحدة المحلية بدموه للتحقيق    عاجل- البترول تعلن نتائج تحليل شكاوى البنزين: 5 عينات غير مطابقة وصرف تعويضات للمتضررين    النيابة تصرح بدفن جثة طالب أنهى حياته شنقا بسبب سوء معاملة أسرته في أبو النمرس    1500 فلسطيني فقدوا البصر و4000 مهددون بفقدانه جراء حرب غزة    لرغبتها في استمراره في أوربا .. زوجة كوتيسا تعرقل صفقة انضمامه للزمالك    أمين الفتوى يحذر من الحلف بالطلاق: اتقوا الله في النساء    «جوتيريش» يرحب باتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان    تامر عاشور يلتقي جمهوره في حفل غنائي بدبي 16 مايو    كندا وجرينلاند ضمن قائمة أهدافه.. سر ولع ترامب بتغيير خريطة العالم    النسوية الإسلامية (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا): مكانة الأسرة.. فى الإسلام والمجتمع! "125"    ما حكم من نسي الفاتحة أثناء الصلاة وقرأها بعد السورة؟.. أمين الفتوى يجيب    «التضامن» تقر تعديل وتوفيق أوضاع جمعيتين بمحافظة القاهرة    هل للعصر سنة؟.. داعية يفاجئ الجميع    ماذا قال دونالد ترامب عن إعادة ضبط العلاقات مع الصين؟    الدوري الفرنسي.. مارسيليا وموناكو يتأهلان إلى دوري أبطال أوروبا    قمصان: زيزو سيكون إضافة كبيرة للأهلي.. الساعي قصر وهذه حقيقة خلاف كولر وأفشة    بالنسبة لهم أكثر من مجرد أكلة.. 5 أبراج تتمتع بمهارات طبخ ممتازة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفاتيكان ، الولايات المتحدة وهيئة الأمم
نشر في الشعب يوم 16 - 05 - 2008


أستاذة الحضارة الفرنسية

تنبىء رحلة بنديكت 16 إلى الولايات المتحدة (15-21 أبريل 2008) ، و التى تم الترويج لها إعلاميا على الصعيد العالمى ، عن مؤامرة ثالوثية ضد الإسلام والمسلمين ، هى بمثابة الطوفان القادم.. فالخطوط العريضة لهذا المخطط اللاإنسانى تشهد على ذلك سواء أكان قبل أوأثناء أو بعد الرحلة. ولقد سبق لهذا التضافر أن تم فى الثمانينيات ، إعتمادا على العملاء المحليين أيضا ، لإقتلاع الشيوعية بنفس المكونات تقريبا وإن كان بأفراد آخرين.
وبمتابعة بعض هذه المعلومات المذكورة هنا على سبيل المثال ، نرى أن هناك عبارات تتكرر كالإسطوانة المشروخة ، لتتهم دوما ما يطلقون عليه " الإرهاب الإسلامى " :
ففى 10 يونيو 2007 إستقبل البابا رئيس الولايات المتحدة الأمريكية. وخلال المحادثات استعرضا أهم الموضوعات السياسية العالمية ، " متوقفين عند الوضع المقلق فى العراق والظروف الصعبة التى تعيشها الجماعات المسيحية " !
إن القلق على مصير بضعة مئات من المسيحيين العراقيين لابأس به ، لكن ما القول عن الصمت المطبق حول اغتيال مليون ونصف من المسلمين العراقيين ، فى حرب غير مشروعة هى عبارة عن مجزرة فعلية ، وخمسة ملايين من الجرحى والمعاقين او النازحين الفارين من الجحيم ؟ إن ذلك لا يعنى قداسة البابا بالمرة ! ولا نقول شيئا عن القتل العرقى للفلسطينيين ، الذى يتم على مرأى ومسمع من العالم ، ولا أحد يتحرك ، لأن من يقومون به هم الصهاينة الذين "لا يمكن المساس بهم" ، ومن يُغتالون هم المسلمين الذين تم وصمهم بالإرهابيين !
وقبل ذهابه إلى الفاتيكان ، فى زيارته للرئيس الإيطالى جيورجيو نابوليتانو ، أعرب الرئيس الأمريكى عن " إعترافه بالجميل " لإيطاليا لمساهمتها فى الحملة ضد الإرهاب الدولى!
وهو ما يوضح طبيعة الصلة التى تربط قطبى السياسة الأمريكية-الفاتيكانية ، أو تلك الرغبة اللحوح فى إقتلاع الإسلام ، بعد ان أدانوه ووصفوه ظلما وبهتانا بالإرهاب والإرهابيين، غير عابئين بكل الإتهامات التى تثبت يقينا أن أحداث 11/9 صناعة أمريكية !
وفى يوليو 2007 ، أعلن مدير المكتب الإعلامى للكرسى الرسولى أن الفاتيكان يدرس الدعوة التى تقدم بها أمين عام هيئة الأمم المتحدة ، بان كى مون ، مضيفا : " من بين الأحداث الواردة فى البرنامج لمدينة نيو يورك ، فإن البابا يأمل فى إقامة قداس فى السنترال بارك ، وأن يوجه خطابا فى كاتدرائية القديس باتريك ، وأن يصلى فى موقع الهجوم الإرهابى ضد البرجين التوأمين الذى وقع فى هذه المدينة سنة 2001 " !
ترى هل هو فقدان ذاكرة أم مجرد تعنت شرس لمهاجمة الإسلام والمسلمين ؟ كيف أمكن لقداسته أن ينسى البرج الثالث ، مبنى المخابرات المركزية ، الذى إنهار مع البرجين لكنه إختفى من الإعلام بعد الحدث بيومين هو وخبر تغيّب أربعة آلاف من اليهود الذين أصيبوا جميعهم بنزلة برد فى نفس ذلك اليوم ؟!
وفى 12 نوفمبر 2007 ، أعلنت مدينة الفاتيكان (وهى آخر ما تبقى من وثيقة " هبة قسطنطين " ) أن البابا سوف يزور " جراوند زيرو" (إسم موقع البرجين) والبيت الأبيض ، حيث سوف يستقبله جورج دابليو بوش ، وسوف يلقى بخطاب فى هيئة الأمم. ثم يضيف البيان : " إن سبب هذه الزيارة هو التضامن مع أولئك الذين شهدوا زويهم يموتون فى الهجوم الإرهابى ، فهو معهم يصلى كل يوم من أجل إنهاء العنف فى العالم أجمع " !
أى بقول آخر : أنها رحلة الغرض منها التأكيد على إستمرارية الإتهام المسبق للمسلمين ، لكى لا نقول ليزيد من إشعال النيران عن عمد !
وفى 13 نوفمبر 2007 ، أعلنت وكالة الأنباء الفرنسية : أن البابا سيذهب فى إبريل إلى الولايات المتحدة ، فى واقعة هى الأولى من نوعها بعد فضيحة القساوسة الشواذ. وبعد وصف البرنامج تقول الوكالة: " فى 19 أبريل ، وبمناسبة مرور ثلاث سنوات على إنتخابه ، سيقيم البابا قداسا فى كاتدرائية القديس باتريك ، قبل أن يتوجه للصلاة فى موقع " جراوند زيرو " ، حيث كان يرتفع برجا التجارة العالمية اللذان تهدما فى الهجوم الإرهابى فى 11 سبتمبر 2001 . وسوف يذهب البابا إلى ذلك الموقع تضامنا مع الضحايا وأهاليهم ومع كل الذين يودون التخلص من العنف لإقامة السلام " .
وفى نفس اليوم ، الثلاثاء 13 نوفمبر 2007 ، أعلن المونسنيور سامبى تأكيد الرحلة والبرنامج ، مشيرا فيما يتعلق بيوم 20 أبريل : " أن البابا سيذهب إلى " جراوند زيرو " فى الموقع الذى إنهار فيه البرجين التوأم للتجارة العالمية يوم 11 سبتمبر 2001 " ..
وفى 18 فبراير 2008 ، أوضح الفاتيكان أن البيت الأبيض حدد فى الإعلان الرسمى للقاء قائلا : بنديكت 16 فى البيت الأبيض يوم 16 أبريل القادم : أن الزيارة ستكرث للحوار " حول أهمية الإيمان والعقل ، وهى إهتمامات مشتركة بين الإثنين" كما إن الرئيسان "سيواصلان المناقشات التى بدءاها أثناء زيارة الرئيس الأمريكى للفاتيكان ، فى يونيو 2007، حول تعلقهما المشترك بأهمية الإيمان والعقل للتوصل إلى الأهداف المشتركة ، والتى تتضمن تحريك عملية السلام فى الشرق الأوسط وفى مناطق صعبة أخرى ، وتفعيل التفاهم بين الأديان وتدعيم حقوق الإنسان والحرية ، خاصة حرية العقيدة ، فى العالم أجمع " !
وحرية العقيدة بالنسبة لقداسته هى تلك الرسالة الواضحة التى أعلنها للكافة بتعميده شخصيا ، بصورة إستعراضية وغير مألوفة فى المجال الكنسى ، للمدعو مجدى كريستيانو علام. وهو ما يأمل فى فرضه على كافة المسلمين ، بكل وضوح .. لذلك يلجأ إلى الأمم المتحدة كما سنرى.
وفى 17 مارس 2008 أعلنت وكالة الأنباء ميشنا المسيحية، أن البابا سيقابل ممثلا هاما للأمم المتحدة ، ثم تضيف باقى الموضوعات ومنها : الحوار بين الأديان ، وإصلاح هيئة الأمم ، وترابط الحضارات ودور مساندة الفاتيكان فى إطار الحوار بين الأديان الذى ترغبه هيئة الأمم !
وإصلاح هيئة الأمم ليس من إختصاص البابوات ، خاصة حينما يكون الإصلاح فى مفهوم ذلك البابا يعنى إعادة إدخال ما تم إستبعاده عند الصياغة النهائية لميثاق المنظمة وهو : حماية حرية العقيدة. وهى رغبة تم التعبير عنها فى نصوص عدة مواقع فاتيكانية.
وفى 4 أبريل 2008 ، قام واحدا من أهم المواقع الفاتيكانية بتحليل الموقف ، موضحا أن البابا يتخذ أمريكا نموذجا بالنسبة لأوروبا الكاثوليكية ، محددا : أنه سوف يقدم أحد عشر خطابا ، لكن إثنان منها شديدة الإثارة ، منذ أن أوضح فى محاضرة راتسبون أمام العالم أجمع بأية جثارة يمكنه التصرف ! ونقصد خطاب 17 أبريل فى واشنطن أمام ممثلو اليهودية والإسلام وديانات أخرى ، وخطاب 18 أبريل ، فى نيو يورك ، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. ثم يشير الموقع إلى فقرة من الخطاب الذى ألقاه البابا عند إعتماده أوراق مارى-آن جليندون ، سفيرة أمريكا لدى الفاتيكان ، إذ قال آنذاك : " لا يمكننى ألا أشير إلى عرفانى بالجميل إلى الأهمية التى تضفيها الولايات المتحدة على الحوار بين الأديان وبين الثقافات كقوة حاسمة لخدمة السلام. إن الكرسى الرسولى مقتنع بالأهمية الكبرى الروحية التى يمثلها هذا الحوار ، خاصة فيما يتعلق بتفعيل عدم العنف ورفض المذهب الذى يحرّف ويشوه الأديان لأغراض سياسية ويبرر العنف باسم الله " !
ومن الغريب أن نرى كيف تتضافر الأطراف الثلاثة المعنية بهذه المؤامرة وهم يهنؤن أنفسهم ، ويتبادلون التشجيع وتوزيع الأدوار و الأمنيات بنجاح مخططهم !
وإذا ما كانت كنيسة روما قد تخلّت تقريبا عن إنتقاداتها للولايات المتحدة ، بعد إدانتها بشدة للتدخل العسكرى ضد العراق لحماية أتباعها ، فهى حاليا لم تعد تطلب إنسحاب القوات الأمريكية وإنما تطالب ببقائها حماية للأقليات المسيحية !
وهذا التغيير فى الموقف لم يتم إلا حينما رفعت السياسة الأمريكية راية فضيحة الشواذ عاليا ، وهى الفضيحة التى تلطخ سمعة الكنيسة الكاثوليكية تماما. أنها الجرائم التى بسببها قامت الكنيسة الأمريكية بدفع أكثر من ثلاثة مليارات من الدولارات للضحايا الذين يتعدى عددهم أربعة عشر ألفا (جريدة الفيجارو 17/4/2008 ) ! ثم بعد ذلك تلاقت وجهتى النظر للرئيسان نحو تنصير العالم من خلال المهزلة الأخرى المسماه " الحوار بين الأديان وبين الثقافات" ، كوسيلة لإقامة السلام ، بما أن الهدف النهائى منها ليس إلا التنصير الإجبارى تحت مسمى "حرية العقيدة " بدعم عسكرى من هيئة الأمم !
ولم تختلف تطلعات البابا فى كل خطبه عن هذا السيناريو ، حتى تكرار تهمة الإدانة للمسلمين بالإشارة إلى برجى التجارة باستمرار !
ففى 16 أبريل ، فى البيت الأبيض ، تم الإعلان عن تصريح مشترك عقب اللقاء بين الرئيسين ، أعرب فيه الرئيس الأمريكى عن كل أمانيه بنجاح خطاب البابا فى هيئة الأمم المتحدة ، وتقديره للزيارة التى سيقوم بها إلى "جراوند زيرو" فى نيويورك. وقد أعرب الإثنان عن رفضهما التام للإرهاب ولتحريف الدين لتبرير أفعال لا أخلاقية وعنيفة ضد الأبرياء. كما أعربا عن الحاجة إلى مواجهة الإرهاب بكافة الوسائل المناسبة التى تحترم الإنسان وحقوقه ، ثم أعربا عن قلقهما المشترك بالنسبة لوضع الأقليات المسيحية فى لبنان ومجمل المنطقة. ويأملان نهاية العنف وإيجاد حل سريع وشامل للأزمات التى تتهدد المنطقة. وهذا الحل السريع والشامل أعلنته المؤسسة الفاتيكانية فى مواقعها قائلة عدة مرات : إن الكبرياء الوقح للمسلمين سوف يتم الحط من قدره بفضل حرب تُفرض عليهم ويخسرونها أو ان يقبلوا التنصير جماعة !!
وفى 17 أبريل ، فى المركز الثقافى يوجنا بولس الثانى ، "الذى تم إنشاؤه لنشر الإيمان المسيحى والتفاهم بين أتباع مختلف الديانات" ، قام البابا بعرض قبول يسوع المسيح على المسلمين والاديانات الأخرى قائلا : " فى مواجهة المسائل العميقة التى تتعلق بأصل ومصير الإنسانية ، فإن المسيحية تقترح يسوع المسيح للجميع (...) فهو الذى سنقدمه فى الفورَم الخاص بالحوار بين الأديان (...) ولا يحق لنا أن نخاف (...) فنحن قادرون على رؤية أن السلام هو هبة من السماء ويدفعنا إيماننا إلى تطابق تاريخ الإنسانية للأمر الإلهى " !
وكما هو واضح ، فإن الفورَم أو منتدى الحوار الإسلامى المسيحى المزمع إقامته فى شهر نوفمبر القادم ، قد تم وضعه مسبقا تحت راية التنصير والإرتداد ، إذ لا يوجد أما م المشاركين سوى حل واحد ونهائى هو يسوع المسيح والتنصير. وقداسته ليس بحاجة فعلا لأن يخاف ويخشى بما أنه أصبح مدعّما بالخوذات الزرقاء !!
وفى 18 أبريل، فى هيئة الأمم وتحت أعين بان كى مون ، وقف البابا يتأمل ويصلى أما النصب التذكارى الذى أقيم تخليدا لسبعة عشر من جنودهم ماتوا يوم 19/8/2003 فى بغداد. وهو ما يوضح مدى التغير الواقع على المؤسسة الفاتيكانية بالنسبة للحرب غير المشروعة ضد العراق. وهو ما علق عليه الأمين العام قائلا : "إن الأمم المتحدة لا تقوم فحسب بعمل ما ، وأنما بمهمة هى فى كثير من الأوجه مرتبطة بمهمة البابا " ، لاعبا بذلك على معنى كلمة "مهمة" التى تعنى بالفرنسية "تبشير" أيضا . وأيا كان الوضع فمهمة الخوذات الزرقاء فى مذبحة سريبرينتشا ، التى اقتُلع فيها ثمانية آلاف مسلما تحت حمايتهم ومباركتهم لم تنسى بعد ، كما لم يتم إعتبارها قتل عرقى لكى لا يتم تعويض العائلات المسلمة !
أما الخطاب نفسه والذى لخص فيه البابا المذهب الكاثوليكى فيما يتعلق بالعلاقات الدولية ، فلم يتضمن عبارات صادمة أو أمثلة بعينها . وإنما ارسى به مبدأ التدخل الدولى فى البلدان التى تكون حقوق الإنسان فيها مهددة ، مشجعا التدخل الدولى متعدد الأطراف لحل الصراعات ، مصراً على حماية حرية العقيدة ، مضيفا : " إذا كانت الدول غير قادرة على ضمان مثل هذه الحماية ، فإن المجتمع الدولى يجب أن يتدخل بالأساليب القانونية الواردة فى ميثاق الأمم المتحدة ونصوص أخرى من القانون الدولى" ! وهو ما كرره عدة مرات فى هذا الخطاب .
وبذلك يكون تم الإعلان تماما عن هدف الرحلة .. وهذا النوع من التدخل الفاضح لا يُعد تدخلا فى الشئون الداخلية فى نظر البابا ، الذى سارع بإضافة : " ولا يجب أبدا تفسير ذلك على أنه تدخلا او حركة تعسفية ولا تحديا لسيادة الدولة " !! ولا نعرف كيف يمكن إذن تسمية مثل هذا التدخل السافر ، إستعراضا عسكريا أم عرضا للأزياء العسكرية ؟!
وإن لم يقم إلا بتكرار مفهوم المسؤلية والحماية ، مؤكدا حق مجلس الأمن فى التصرف "سلميا" بوسائل دبلوماسية وإنسانية ، لحماية الشعوب ضحايا القتل العرقى وجرائم الحرب والتطهير العرقى والجرائم ضد الإنسانية ، فقد كان من الأكرم والأكثر إنسانية الإصرار على ان يكون مثل هذا التدخل فى فلسطين ، لحماية الفلسطينيين الذين يعانون من كافة وسائل الإقتلاع فى آن واحد ، بدلا من إعفاء اليهود من الإرتداد والتنصير ، وذلك بزعم أنهم " ليسو بحاجة إلى ذلك من أجل خلاصهم " – والفاتيكان هو القائل ! لماذا إذا يجب تنصير المسلمين بما أن الخلاص يمكن الحصول عليه بالنسبة لليهود بلا إرتداد ؟؟ إن حق الحياة، حتى وإن كان بنفس أهمية حق الإيمان ، فهو يتخطاه بكثير ، وهؤلاء الفلسطينيين وكافة الشعوب الإسلامية التى تساق أمام أعينكم إلى الإبادة العرقية وجرائم الحرب والتطهير العرقى والجرائم ضد الإنسانية ، من حقها أن تحيا وتعيش . فبدون الحياة لا توجد وسيلة للإيمان !
ويوم الأحد 20 أبريل ، فى الصباح الباكر ، تم الإعداد للحفل الخاص بموقع "جراوند زيرو" بحيث يعطى أكبر تأثير عالمى للحدث من خلال إخراج مسرحى مؤثر ، وموسيقى باخ الحزينة فى الخلفية. وقام الحبر الأعظم بالصلاة من أجل تحول قلوب العصاة قائلا : " أعد إلى طريق محبتك أؤلئك الذين يحترق قلبهم وروحهم من الكراهية " !
وإذا لم نأخذ فى الإعتبار سوى خطابى 17 و 18 أبريل ، اللذان إقترح فيهما البابا على المسلمين قبول إتّباع يسوع المسيح صراحة ، وطلب بلا مواربة تدخل الأمم المتحدة لتنفيذ ذلك ، نرى بوضوح ما ترمى إليه هذه الرحلة التى تكشف عن التضافر الحالى بين محور قوى الشر الحقيقي والمؤامرة التى يعدّونها ..
أهو مجرد نشاز فاتيكانى وتحريف سياسى-إعلامى ، يهدف إلى التعتيم على إجراءات غير إنسانية وسط موجة من الهتافات ؟ هناك شىء واحد مؤكد هو : تلك الكراهية الراسخة ضد الإسلام والمسلمين والتى لا تكف عن التزايد منذ أربعة عشر قرنا بوسائل متزايدة الحدة .
وإذا كان الوضع أيام حزب تضامن قد أدى إلى إختفاء البضائع من كافة الأماكن فى لحظة ، لكى لا يجدها البولنديون إلا على أبواب الكنائس وهم خارجون منها بعد تأدية الصلاة، فحاليا يشهد العالم عملية مفتعلة لرفع الأسعار إلى مستويات مذهلة بالنسبة للدخول شبه المنعدمة لشعوب العالم الثالث التى يعد معظمها من المسلمين ، والذين لا يصل دخلهم اليومى إلى فتات من الدولار. مما يكشف عن أبعاد هذه المؤامرة الجديدة التى تحاك إلى جانب الإقتلاع العرقى الذى يتم منذ قرون ويتواصل حاليا ، دافعا بنظرية الجزرة والعصا إلى مداها بعد أن تحولت صراحة إلى " الإرتداد أو تدخل الخوزات الزرقاء " !
بينما بدأت وسائل الإعلام تتحدث عن طرد المسلمين من أوروبا ، ويشيرون إلى الأحزاب السياسية المعادية للهجرة والتى تتزايد إدانتها للإسلام والمسلمين. ولا نذكر هنا إلا الأمريكى رالف بيترز ، فى جريدة "نيو يورك بوست" ، الذى راح يتحدث عن سيناريو تصور فيه " بوارج المارينز الأمريكية وهى راسية أمام الموانىء بينما تنزل جنودها فى برست وبرمرهافن أو فى بارى لضمان ترحيل المسلمين من أوروبا" وراح يمجد " الشر الراسخ فى الأوروبيين " الذين " وصلوا إلى درجة الكمال فى القتل الجماعى والتطهير العرقى " .. لذلك يتحدث عن الأيام المعدودة للمسلمين فى أوروبا .
وبدلا من هذه الفضيحة المذرية الواضحة ، والتى لا تهدف إلا إلى إقتلاع الإسلام والمسلمين ، أليس من الأعقل تأمّل الصفحات السوداء للمسيحية على مدى تاريخها ، والتى تحتوى على عدد ما اقتلعته هذه المؤسسة التى تعد ضحاياها بعشرات الملايين ، لتدرك أنه قد حان الوقت لأن توقف عمليات التبشير الإجبارية المدعمة بالقوى العسكرية ؟
وبدلا من مواصلة شيطنة الإسلام والمسلمين لتسهيل عملية إقتلاعهم ، أليس من الإنسانية تكريث كل هذه الجهود وكل هذه النفقات لإقتلاع مآسى الإستعمار، ومساوىء التنصير ، ونهب المواد الأولية ، والحروب غير العادلة وغير المشروعة ، والقتل العرقى المتعمد، والفقر والمجاعات الطبيعية أو المفتعلة ، و القيام بإقتلاع الأسباب الحقيقية للإرهاب، الذى ليس هو فى الواقع إلا إختراع أمريكى-فاتيكانى ؟؟
إن تأمل ما يدور فى العالم ، وما يتم الإعداد له ، سواء فى كواليس الفاتيكان ، أو البيت الأبيض أو الغرب المسيحى برمته ، لا يمكن إلا أن يؤكد حقيقة مؤسفة واحدة ، وهى : أن المسلمين ليسو هم الذين تحترق قلوبهم وأرواحهم بالكراهية ، وإنما كل من يدبّرون هذا الإجرام وإلصاقه بالآخر..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.