لا تزال تداعيات قضية إساءة البابا للإسلام تتصدر الصحف البريطانية التي اعتبرت إحداها أنه أعاد العلاقات المسيحية الإسلامية عهودا إلى الوراء, وأكدت أخرى أن لا تلميح حتى الآن إلى أنه ينوي التراجع عن ملاحظاته, كما حذرت من أن القوات البريطانية تدفع بالدم إخفاقات الحكومة. قالت صنداي تلغراف: إن زعماء المسلمين عبر العالم طالبوا أمس بابا الفاتيكان بنديكت ال16 بتقديم اعتذار شخصي عما بدر منه, مما يعني عدم اكتفائهم بالاعتذار الذي قدمه الفاتيكان باسمه والذي أكد فيه أن البابا يعلن عن "بالغ أسفه" للإهانة التي نجمت عن ملاحظاته التي رأى فيها المسلمون سبا لدينهم.
لكن ذي أوبزيرفر كشفت عن انقسام بين قادة المسلمين على إثر هذا الاعتذار, إذ اعتبره بعضهم كافيا ورأى البعض الآخر أنه لا يفي بالمطلوب.
وأضافت ذات الصحيفة أن هذا الاعتذار لا يحمل أي إشارة أو تلميح على أن البابا ينوي سحب ملاحظاته التي اعتبرت صنداي تايمز أنها أعادت العلاقات المسيحية الإسلامية عهودا إلى الوراء.
وقالت ذي إندبندنت أون صنداي إن المسلمين يواصلون احتجاجهم على عقلية "الحروب الصليبية" والبابا لما يقدم اعتذارا صريحا عما بدر منه.
وذكرت أن الاحتجاجات استمرت عبر العالم, فحرقت بعض الكنائس في فلسطين واستدعت المغرب سفيرها من الفاتيكان, وأصبح الشك يحوم حول زيارة كانت مرتقبة للبابا لتركيا.
ونقلت ذي إندبندنت أون صنداي بهذا الإطار عن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مطالبته البابا ب "تصحيح خطئه فورا" مضيفا أنه يعتقد أن على البابا "أن يتراجع عن التصريحات القبيحة والمشؤومة التي بدرت منه وأن يعتذر للمسلمين". ودافعت صنداي تايمز في افتتاحيتها عن البابا قائلة: إن ردة فعل كثير من المسلمين وزعمائهم تظهر عدم اهتمامهم بالحوار الذي ينبني على أساس الابتعاد عن إكراه الغير على اعتناق عقيدة ما، أو اضطهاده بسبب اختلافه العقائدي باعتبار ذلك منافيا للطبيعة الإلهية.
ودافعت الصحيفة كذلك عن البلاد الغربية, مشددة على أن الصدام الحضاري ليس بين المسيحية والإسلام بل بين بلدان تشجع التنوع الديني وأخرى تمارس عدم التسامح الديني "إنه صدام بين من يفضلون النقاش المفتوح وبين من يعتبرون حرية الرأي أمرا بغيضا".
بل اعتبرت أن ما قاله البابا لم يكن فيه أي شيء غير مناسب لو أخذ في سياقه العام, ودعت إلى عدم دفع البابا إلى زيادة مستوى الاعتذار الذي قدمه الفاتيكان باسمه, محذرة من أن دفعه إلى سحب ملاحظاته يعتبر رضوخا للقيود التي يحاول المتشددون الإسلاميون فرضها على حرية التعبير في الغرب.
تحت عنوان "جيشنا يدفع ثمن إخفاقات حكومته بالدم" كتب سير منزيز كامبل زعيم حزب الليبراليين الديمقراطيين والعضو بمجلس العموم تعليقا في صنداي تلغراف قال فيه إن ما يجري الآن بأفغانستان نتاج أكثر من أربع سنوات من إهمال المجتمع الدولي.
وأضاف أن قوات الناتو حصرت نفسها في كابل, وتهاونت في حملتها ضد المخدرات وهمشت إعادة بناء أفغانستان.
لقد ظل تركيز القوات الأميركية -تقول الصحيفة- منصبا على مطاردة الإرهابيين بدل توسيع دائرة نفوذ الحكومة الأفغانية, ففقدت بذلك دعم المواطنين الأفغان وتأصلت في أذهانهم صورتها كمحتل.
وأضاف كامبل أنه بعد أربع سنوات من الصراع, قرر الأميركيون تقليص وجودهم في أفغانستان, في حين قرر البريطانيون بطلب من الأميركيين أن يورطوا أنفسهم بهذا الصراع بشكل أكبر.
واستطرد قائلا إن فشل حكومة توني بلير في التنبؤ بالقوة الحقيقية لحركة طالبان, تجعل من الضروري التساؤل عن مدى دقة تقييمات هذه الحكومة.
وختم كامبل بالقول إن الظروف بأفغانستان إذا شهدت مزيدا من التدهور وفشل حلف الناتو في نشر العدد الكافي من القوات لفرض إستراتيجية واضحة وفعالة, فإنه لن يبقى أمام بريطانيا إلا أن تعيد التفكير في مدى قدرتها على تحقيق المهمة التي تسعى إليها.