لم يفق المزارع محمد نصار من صدمته، بعد أن أتى المنخفض الجوي على ثلاث دونمات من البيوت البلاستيكية مزروعة بالخيار تشكل مصدر رزقه الوحيد، مما جعله عرضة لخسائر فادحة لا يحتملها. ويشير نصار من بلدة النصارية في الأغوار الشمالية إلى أنه ليس قادرا على احتمال هذه الخسارة المزدوجة، فمن ناحية خسر موسم الخيار في ظل هذه الأسعار المرتفعة، وارتفع سعر صندوق الخيار إلى نحو 100 شيقل؛ ويضاف إليه خسارته في البنية التحتية للبيوت البلاستيكية التابعة له.
ويقول نصار ,إن "كل دونم يحتاج إلى نحو 20 ألف شيقل من أجل بنائه، ونحن لسنا قادرين على تحمل هذه الخسائر لوحدنا، لا بد أن تقف الجهات المسئولة معنا في هذه المحنة".
ويضيف "نحن في الأغوار عرضة لمعاناة مزدوجة، فنحن بعملنا بأرضنا نحميها من الاستيطان، لذلك نتعرض لأطماع المستوطنين، وفي نفس الوقت تقسو علينا الطبيعة".
ويشير إلى أنه لا يعول كثيرا على أية تصريحات رسمية بالتعويض، على الرغم من أن الكل يتحدث عن دعم الأغوار، "ولكن عند التطبيق لا نرى شيئا". كما يقول
كوارث مزدوجة
ولئن كان هذا حال نصار، فإن حال المواطن عيسى دويكات من بلدة روجيب شرقي نابلس ليس بأفضل حالا، بعد أن أتت الثلوج على مزرعة الدجاج اللاحم التي يمتلكها.
ويقول دويكات : "حدثت الكارثة في ليلة السبت في ذروة المنخفض الجوي، وسمعت أصوات انهيار بركس الدجاج وقد غطى الثلج كل شيء".
ويضيف "كان يحوي 10 آلاف طير من الدجاج اللاحم وكان على وشك البيع خلال أيام، وكنت أتأمل أن أحقق منها أرباحا جيدة بسبب ارتفاع الأسعار، ولكن كانت الفاجعة".
ويشير إلى أنه أصيب للوهلة الأولى بالصدمة حين شاهد البركس ينهار؛ وبلغت خسارته نحو 80 ألف شيقل مما جعله يسارع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وقد هب الجيران والأقارب لإخراج ما أمكن من الطيور، ولكن الظروف الجوية لم تكن مساعدة.
ويؤكد أن المزارع الفلسطيني لا يجب أن يترك لوحده في هكذا ظروف، ففي " إسرائيل" يحصل المزارع مباشرة على تعويضات في هكذا ظروف لأن الزراعة عصب الحياة.
صندوق الكوارث
ويؤكد رئيس مجلس قروي المالح والأغوار الشمالية عارف ضراغمة أن المزارعين في الأغوار يتعرضون للإهمال الشديد من قبل الحكومات المتعاقبة في رام الله.
ويضيف "لقد طالبنا مرارا وتكرارا بإنشاء صندوق للكوارث يتم من خلاله تعويض المزارعين المتضررين من هكذا أحداث، ولكن حتى اليوم لا شيء من ذلك طبق".
ويشير إلى أن المزارعين في الأغوار يتركون لوحدهم دائما في هذه الظروف الصعبة، "وللأسف فهم استنادا إلى تجارب سابقة لم يعودوا قادرين على تصديق أية وعود بالتعويض، لأن لهم قصصا مريرة في هذا الموضوع".
وينوه إلى أن موسم الشتاء للعام الجاري ما زال في بداياته وحدث ما حدث؛ فماذا سيفعل المزارعون في المرحلة المقبلة إن تركوا لوحدهم؟، مطالبا وزارة الزراعة بوضع خطط للتعامل مع الكوارث في القطاع الزراعي.
ويؤكد مدير زراعة جنين المهندس وجدي بشارات أن الأضرار بالقطاع الزراعي تفاوتت بين محافظة وأخرى؛ مشيرا إلى أن الأضرار بمحافظة جنين محدودة عن باقي المحافظات.
ويضيف "في هذه المرحلة يتم حصر الأضرار في كل المحافظات للخروج بتقرير نهائي للأضرار في كل منطقة، ثم يتم العمل على التعامل مع تلك الأضرار بالإمكانات المتاحة وهي شحيحة، ومع قيام وزارة الزراعة بالتواصل مع الجهات الدولية لدعم المزارع الفلسطيني".
وكان وزير الزراعة في رام الله وليد عساف قد عزا في تصريح صحفي سابق عجز الوزارة عن دعم المزارعين إلى انخفاض ميزانية وزارة الزراعة مقارنة بالموازنة العام حيث لا تزيد عن 5% من مجمل الموازنة.