أكدت كل مظاهر الحياة أمس أن الإضراب نجح بشكل لم يتوقعه الكثير.. كان هذا هو الإحساس المسيطر علي معظم القوي السياسية في نهاية يوم حافل وخاصة أن شوارع القاهرة والمحافظات بدت خالية من المارة والسيارات باستثناء سيارات الأمن المركزي والضباط والجنود. الأمن رد علي «نجاح الإضراب» بحرق المحلة التي تحولت إلي ساحة معركة بينه وبين المتظاهرين الذين خرجوا بعد إجبار العمال علي فك الاعتصام، واعتقال بعض القيادات العمالية منهم وكانت هذه البداية التي أشعلت الموقف، وقد استخدم الأمن القنابل المسيلة للدموع والقنابل الصاعقة والرصاص المطاطي لتفريق المتظاهرين الذين رموها بدورهم بالحجارة. وترددت أنباء عن مقتل اثنين: طفل في التاسعة وشاب في العشرين، كما أصيب العشرات من العمال أثناء المظاهرات، وقبل اندلاع المصادمات قالت مصادر أمنية إن قوات الأمن ألقت القبض على حوالي مائتين من الداعين للإضراب والمشاركين في مظاهرات احتجاج.
كما اعتقلت أجهزة الأمن أكثر من 700 ناشطا بشكل عشوائي من بينهم ما يقرب من 500 مواطن من المحلة والباقي من محافظات الإسكندرية والدقهلية والإسماعيلية والقاهرة وبورسعيد وغيرها، كما قبضت علي العشرات من أعضاء حركة «كفاية» ونشطاء في أحزاب الغد والناصري والكرامة، ومن المعتقلين محمد عبد القدوس أمين لجنة الحريات بنقابة الصحفيين والأمين العام لحزب العمل مجدي حسين ود. مجدي قرقر، حيث قامت قوات الأمن بالاعتداء على د. مجدي قرقر الأمين العام المساعد لحزب العمل أثناء اعتقاله؛ وتبدأ قصة اعتقاله عندما اعترضت سيارة مدنية الطريق أمام سيارة د. قرقر وقام ثمانية من أفراد الأمن بالاعتداء عليه وألقوه أرضا وكسروا سنته ومزقوا ملابسه وأخذوه بالقوة إلى سيارتهم.. وزيادة في التنكيل بالمعارضين قامت قوات الأمن بوضع عصابة على عينيه.
وقد صرح حسن كريم محامي الحزب الذي يتولى الدفاع عن المعتقلين أن من بين المعتقلين محمد أبو المجد مراسل موقع "الشعب" الذي صادروا كاميرته وحبسوه 15 يوما دون ذنب غير أنه كان يؤدي عمله الصحفي ويقوم بتغطية الإضراب؛ علما بأن القانون يعطيه الحق في ذلك ويطلب من السلطات المختصة تسهيل مهمته الصحفية.. إلا أننا لا نعيش في دولة القانون بل دولة البلطجة!! وامتدت المظاهرات والوقفات الاحتجاجية من نقابتي المحامين والأطباء بالقاهرة إلي عدد من العمال والموظفين بالمصانع في القاهرة وبورسعيد والمنصورة، في حين قرر عمال غزل المحلة تأجيل إضرابهم إلي شهر يوليو القادم بعد أن وردت إليهم معلومات ترجح قيام عناصر مندسة عليهم بإشعال حرائق في بعض عنابر الشركة وإلصاق التهم بهم.
وأشارت مصادر من حركة كفاية إلى أن العشرات من نشطائها اعتقلوا في القاهرة وأودعوا معسكرا للأمن المركزي، وفى مدينة بلطيم بكفر الشيخ ألقي القبض على ثمانية بينهم امرأة بعد منع مظاهرة كانوا يحاولون تنظيمها في المدينة.
استجابة واسعة
وقال شهود إن المتظاهرين هاجموا سيارات الشرطة ومزقوا صور مرشحي الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم في انتخابات المجالس المحلية التي ستجرى يوم الثلاثاء. وفى السويس سجلت الحركة في الشوارع استجابة لدعوة للإضراب، ووفقا لمصادر كفاية وحركة استقلال الجامعات فإن معدلات الحضور في الجامعات وفي المدارس في محافظتي القاهرة والجيزة قد شهدت تراجعا كبيرا.
انتشار أمني وقد انتشرت أعداد كبيرة من قوات الأمن المصرية في ميادين وشوارع القاهرة وعدد من المدن لمنع الإضراب الذي دعت إليه حركات وأحزاب سياسية، وقالت إنه بداية حملة ضد الحكومة لحملها على تغيير سياساتها. ونقلت وكالة رويترز عن شهود عيان بمدينة الإسكندرية الساحلية قولهم إنهم لاحظوا انتشارا أمنيا كثيفا بعدد من الشوارع التي توجد بها مكاتب حكومية مهمة أو قنصليات أو مراكز ثقافية لدول أجنبية. ودعا للإضراب عدد من الهيئات بينها أحزاب العمل والكرامة والوسط، والحركة المصرية للتغيير (كفاية) وحركة موظفي الضرائب العقارية وعمال شركة غزل المحلة وحركة إداريي وعمال القطاع التعليمي ونقابة المحامين وحركة أساتذة الجامعات المعروفة باسم 9 مارس.
وجاءت هذه الدعوة للإضراب –التي انتشرت على نطاق واسع على شبكة الإنترنت وعبر رسائل الهواتف المحمولة- في سياق الاحتجاج على غلاء المعيشة، وانتشار الفساد ونقص الرعاية الصحية وسوء أحوال التعليم.
وفي المحافظات قام المحافظون بالتفتيش بأنفسهم علي المصالح الحكومية وقال شهود إن ضباطا في أمن الدولة في عدد من المحافظات راجعوا كشوف الحضور والغياب وأمر المحافظون بإجراء تحقيقات مع المتغيبين واتخاذ إجراءات تأديبية في حقهم.
وأكد مجدي أحمد حسين بعد خروجه من أحد معسكرات الأمن المركزي التي احتجز فيها ، أن الشعب قد انتصر فى أول مواجهة شاملة مع نظام حسنى مبارك، وبرهن للحكومة أنه عملاق واكتسب الثقة بالنفس وبالعمل الجماعي وأنه قادر على التحرك الجماعي وأن يضرب ضربته بمهارة منقطعة النظير.