لم يفوّت الرئيس جورج بوش فرصة القائه خطاباً قومياً مهماً للشعب الأميركي ليل الاثنين - الثلاثاء لإحياء ذكرى هجمات 11 سبتمبر الخامسة، من أجل محاولة حشد تأييد الأميركيين المتآكل بصورة متسارعة للحرب في العراق وحملة نشر الديموقراطية في الشرق الأوسط. ورغم تعهد البيت الأبيض ألا يستغل الرئيس هذا الخطاب لأغراض سياسية، فان بوش، وان اعترف وربما للمرة الأولى بأن نظام صدام حسين لم تكن له علاقة بتنظيم «القاعدة» - وهو ما كان أكده تقرير جديد لمجلس الشيوخ قبل أيام فقط - فانه استغل الخطاب بصورة واضحة لأغراضه السياسية، مؤكدا لمواطنيه بصورة لا تقبل أي مساءلة أن «سلامة أميركا تعتمد على النتيجة التي ستنتهي اليها المعركة التي نخوضها في شوارع بغداد». وقال بوش في خطابه الذي ذكر فيه الأميركيين بتفاصيل 11 سبتمبر 2001 وأهوالها على الصعيدين الشخصي والقومي، قبل خمس سنوات بالضبط، انه «بغض النظر عن الأخطاء التي ربما تكون ارتكبت في العراق، فليس هناك خطأ أعظم من الاعتقاد بأن الانسحاب منه الآن سيعني أن الارهابيين سيدعوننا وشأننا»، مشددا على «أنهم لن يدعونا وشأننا، بل سيلحقون بنا الى هنا». واضاف مركزا على القضية نفسها التي يعتقد أن انتخابات منتصف الولاية التي ستتم في الولاياتالمتحدة بعد شهرين لاختيار جميع أعضاء الكونغرس وعدد كبير من أعضاء مجلس الشيوخ وحكام الولايات ستجري في غالبها بناء على مواقف المرشحين منها، وهي حرب العراق: «أسأل عادة، لماذا نحن في العراق في الوقت الذي لم يكن فيه صدام حسين مسؤولاً عن 11 سبتمبر»؟ وأجاب «ان الاجابة هي أن نظام صدام حسين كان تهديداً واضحا... ان العالم أصبح الآن أكثر أمنا بسبب أن صدام حسين لم يعد في السلطة». واكد بوش، محاولاً تأليب الأميركيين واستنهاض هممهم لمواصلة توفير الدعم للحرب، ان «أسامة بن لادن يسمي هذه الحرب (حرب العراق) الحرب العالمية الثالثة. وهو يقول ان انتصار الارهابيين في العراق سيعني هزيمة وعار أميركا الى الأبد». واعلن «اننا اذا تخلينا عن العراق لرجال مثل بن لادن، فان أعداءنا سيشعرون بالتشجيع وسيكتسبون ملاذا آمنا جديدا، وسيستعمل الارهابيون مقدرات العراق لتمويل حركتهم المتطرفة». وأعاد تذكير مستمعيه الأميركيين بالكثير من المواضيع والأفكار التي طرحها عليهم مراراً في السنوات القليلة الماضية من تبريره لحرب العراق الى تبريره لمواصلة ما يسميه بالحرب على الارهاب الى أسباب اصراره على أن حل كل مشاكل منطقة الشرق الأوسط وأميركا معا تكمن في نشر الديموقراطية في الشرق الأوسط. وذكر في خطابه، الذي بثته كل الشبكات التلفزيونية القومية، انه تعلم منذ 11 سبتمبر الكثير عن «العدو الذي واجهنا. انهم يشكلون شبكة من المتطرفين المدفوعين برؤية محرفة للاسلام، وهي ايديولوجية شمولية تكره الحرية وترفض التسامح وتزدري أي نوع من الاعتراض والانشقاق». وأضاف أن «هدف هؤلاء هو بناء امبراطورية راديكالية تكون فيها النساء سجينات في منازلهن وحيث يتم ضرب الرجال الذين تفوتهم الصلوات وحيث يكون للارهابيين ملاذ آمن للتخطيط واطلاق الهجمات على أميركا وغيرها من الدول المتحضرة». وقال ان «الحرب على هذا العدو هي أكثر من مجرد حرب عسكرية. انها النضال الايديولوجي الحاسم للقرن الحادي والعشرين وهي نداء جيلنا برمته». وأعاد بوش تخويف الأميركيين بطرحه احتمال أن يتمكن المتطرفون المسلمون من حيازة أسلحة الدمار الشامل، وذكر: «اننا نعرف أنه لو أنهم أتيحت لهم فرصة حيازة أسلحة الدمار الشامل، فانهم سيستعملونها ضدنا». وأضاف: «أننا نواجه عدوا مصمماً على احلال الموت والمعاناة في منازلنا». وقال، ناشراً الرعب في صفوف مواطنيه: «ان لم ننتصر في هذه الحرب، فاننا سنترك أطفالنا يواجهون شرق أوسط يسيطر عليه الارهابيون والديكتاتوريون الراديكاليون المسلحون بالأسلحة النووية. اننا في حرب ستختط الطريق أمام هذا القرن الجديد وتقرر مصائر ملايين الناس في هذا العالم». واضاف انه في يوم 11 سبتمبر «أعلنا تصميمنا على أننا سنكون في وضع هجومي ضد أعدائنا وان علينا ألا نميز بين الارهابيين وأولئك الذين يؤوونهم أو يقدمون الدعم لهم». ومع أنه لم يذكر بن لادن بالاسم في خطابه الا مرتين، اذ ان خصومه الديموقراطيين ينتقدونه مراراً بأنه لم يتمكن رغم ثلاث حروب شنها حتى الآن من القبض على المسؤول الرئيسي عن هجمات 11 سبتمبر، فانه وجه اليه انذاراً ليس بالجديد: «ان رسالتنا لك ولأمثالك هي أنه مهما طال الزمن، فان أميركا ستجدك وستجلبك الى العدالة». وأعاد بوش تكرار خطابه القديم عن حملته «للحرية والديموقراطية» في الشرق الأوسط، قائلا انه غير السياسة التي كانت الولاياتالمتحدة اتبعتها في تلك المنطقة على مدى 60 عاما على أمل أن تحافظ على الأمن والاستقرار في تلك المنطقة. وقال ان تلك السياسة، وكما أثبتت أحداث 11 سبتمبر، لم تعد على أميركا لا بالأمن ولا بالاستقرار، و«لهذا غيرت هذه السياسة». وقال موجها سؤاله للأميركيين: «هل لدينا الثقة بأن نفعل في الشرق الأوسط ما حققه آباؤنا وأجدادنا في أوروبا وآسيا»؟ وهو خامس خطاب الى الامة يلقيه الرئيس الاميركي من مكتبه البيضوي في البيت الابيض. وكان اول خطاب القاه من هذا المكان ليلة وقوع الهجمات على نيويورك وواشنطن.