لجان السيسي تدعي إهداء "الرياض" ل"القاهرة" جزيرة "فرسان" مدى الحياة وحق استغلالها عسكريًا!    شرطة الاحتلال تفرق مظاهرة في تل أبيب تطالب بإنهاء الحرب وإبرام صفقة تبادل أسرى    السيتي يتصدر ويوفنتوس يرافقه إلى دورال16 والعين يودّع بفوز شرفي على الوداد    السيطرة علي حريق مصنع زيوت بالقناطر    حبس عنصر إجرامي لقيامه بجلب وتصنيع المخدرات بالقليوبية    وزير الأوقاف يشهد احتفال الطرق الصوفية بالعام الهجري الجديد بمسجد الحسين    أيمن أبو عمر: الهجرة النبوية بداية جديدة وبشارة بالأمل مهما اشتدت الأزمات    صحة دمياط تقدم خدمات طبية ل 1112 مواطنًا بعزبة جابر مركز الزرقا    حسام الغمري: الإخوان خططوا للتضحية ب50 ألف في رابعة للبقاء في السلطة    عراقجي: إيران صمدت أمام "الضغوط القصوى" لحرمانها من حقوقها النووية    الخارجية الأمريكية: الموافقة على 30 مليون دولار لتمويل "مؤسسة غزة الإنسانية"    إسرائيل توافق على مقترح «ويتكوف» للدخول في مفاوضات بشأن غزة (تفاصيل)    السودان: تصاعد الأزمة الإنسانية وتآكل سيطرة المليشيا في دارفور    المأساة الإنسانية في غزة تتفاقم وسط تصعيد دموي وضغوط دولية متزايدة (تقرير)    إسرائيل توافق على مقترح ويتكوف لوقف إطلاق النار    «30 يونيو».. نبض الشعب ومرآة الوعي المصري    العين يودع مونديال الأندية بفوز معنوي على الوداد بهدفين    مانشستر سيتي يقسو علي اليوفنتوس بخماسية رائعة في كأس العالم للأندية ويحسم صدارة المجموعة السابعة    بمشاركة ربيعة.. العين يهزم الوداد في قمة عربية بكأس العالم للأندية    الأهلي يضع شرطا حاسما لبيع وسام أبوعلي (تفاصيل)    أزمة بين زيزو وتريزيجيه في الأهلي.. عبدالعال يكشف مفاجأة    يرفعون علم فلسطين ويشهرون «الكارت الأحمر» في وجه إسرائيل.. قصة مشجعي أولتراس سياتل ساوندرز    البحوث الإسلامية: الهجرة النبوية لحظة فارقة في مسار الرسالة المحمدية    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن في بداية تعاملات الجمعة 27 يونيو 2025    شديد الحرارة والعظمى في القاهرة 36.. حالة الطقس اليوم    مصرية من أوائل ثانوية الكويت ل«المصري اليوم»: توقعت هذه النتيجة وحلمي طب بشري    مصرع سيدة وإصابة آخر في تصادم سيارة ملاكي مع نصف نقل بالجيزة    حسام الغمري: معتز مطر أداة استخباراتية.. والإخوان تنسق مع الموساد لاستهداف مصر    حجاج عبد العظيم وضياء عبد الخالق في عزاء والد تامر عبد المنعم.. صور    صلاح دياب يكشف سر تشاؤمه من رقم 17: «بحاول مخرجش من البيت» (فيديو)    رجل يفاجأ بزواجه دون علمه.. هدية وثغرة قانونية كشفتا الأمر    3 أبراج «أساتذة في التعامل مع التوتر».. هادئون يتحكمون في أعصابهم ويتمتعون بالثبات والقوة    عرض «عروس الرمل» ضمن الموسم المسرحي لقصور الثقافة بأسوان    ترامب: خفض الفائدة بنقطة واحدة سيوفر لنا 300 مليار دولار سنويا    متحدث البترول: إمداد الغاز لكل القطاعات الصناعية والمنزلية بانتظام    المفتي: التطرف ليس دينيا فقط.. من يُبدد ويُدلس في الدين باسم التنوير متطرف أيضا    جدول أعمال مكثف لمجلس النواب الأسبوع القادم    فيديو متداول لفتاة تُظهر حركات هستيرية.. أعراض وطرق الوقاية من «داء الكلب»    نائب رئيس هيئة الدواء: ملتزمون بدعم التصنيع الدوائي المحلي والتكامل الأفريقي    التأمين الصحي بالقليوبية: برامج تدريبية متخصصة ومستمرة للكوادر الطبية والتمريضية    تنويه مهم من محافظة الجيزة بشأن تنسيق القبول بالثانوية العامة ومدارس التعليم الفني    السيدة انتصار السيسى تهنئ الشعب المصرى والأمة الإسلامية بالعام الهجرى الجديد    وزير السياحة والآثار الفلسطينى: نُعدّ لليوم التالي في غزة رغم استمرار القصف    مصطفى قمر يتألق فى حفل غنائى كامل العدد ومى فاروق والعمروسى بين الجمهور    مفتى الجمهورية: الشعب المصرى متدين فى أقواله وأفعاله وسلوكه    عراقجي: لم نتخذ قرارا ببدء مفاوضات مع الولايات المتحدة    السياحة: عودة جميع الحجاج المصريين بسلام إلى مصر بعد انتهاء الموسم بنجاح    إصابة 12 شخصا إثر سقوط سيارة ميكروباص فى أحد المصارف بدمياط    رمضان 2026 أقرب مما تتخيل.. هذا هو موعده المتوقع فلكيًا    الإنقاذ النهرى تكثف جهودها لانتشال جثمان طفل غرق بأسيوط    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 27 يونيو 2025 والقنوات الناقلة    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية الجمعة 27 يونيو 2025    هيئة الشراء الموحد توقع شراكة استراتيجية لإطلاق برنامج لتعزيز القدرات البشرية    صحة دمياط تقدم الخدمة الطبية ل1112 مواطنًا فى قافلة طبية بعزبة جابر    نقل الكهرباء : تشغيل المحول رقم (1) بمحطة زهراء المعادي    عقب احتفالية العام الهجري الجديد.. محافظ المنيا يشهد عقد قران عروسين    تسليم 16 عقد عمل لذوي الهمم بالقاهرة    هل يُستَحبُّ شرعًا الصوم في شهر الله المحرم.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.مجدي قرقر يكتب: دستور الانقلاب من الديباجة حتى الأحكام الانتقائية (أقصد الانتقالية) لتقسيم الكعكة
نشر في الشعب يوم 10 - 12 - 2013

أكدنا فى مقالاتنا الخمس السابقة رفضنا -فى حزب «الاستقلال» وفى «التحالف الوطنى لدعم الشرعية ورفض الانقلاب»- لتعديلات لجنة الخمسين الانقلابية لتشويه الدستور، وهو ما يدفع لمقاطعة الاستفتاء على دستورهم لخمسة أسباب:
1- هذه التعديلات باطلة بنيت على باطل وكل ما بنى على باطل فهو باطل، الانقلاب العسكرى باطل وكل ما ترتب عليه من آثار باطل (الحكومة ولجنة العشرة ولجنة الخمسين وما أنتجته من تعديلات لمواد الدستور باطلة) لأن الانقلاب قام على اغتصاب السلطة باستخدام القوة القهرية ضد الشعب والمستندة إلى حشود وعتاد القوات المسلحة.
2- كتابة وتعديل الدستور يجب أن يتم فى ظل مناخ مستقر سياسيا واقتصاديا واجتماعيا دون أن يكون فيه طرف متغلب حتى تصل إلى حد أدنى من التوافق، وهو ما لا يمكن تحقيقه فى ظل بيئة مليئة بالكراهية وانقسام مجتمعى حاد يقسم الشعب المصرى إلى شعبين وفقا لأنشودة المطرب على الحجار.
خمسة أسباب لمقاطعة دستور الانقلاب:
1- بنى على باطل باغتصاب السلطة بقوة قهرية ضد الشعب.
2- وفى ظل بيئة مليئة بالكراهية والانقسام.
3- وصيغ فى سرية لمباغتة شعب من الأعداء.
4- دستور جديد وليس تعديلا بالمخالفة لإعلانهم الدستورى.
5- خارطة طريقهم فى اتجاه واحد لا يعرف سوى كلمة «نعم»، بما يؤكد نيتهم فى التزوير.
تغيير ديباجة الدستور تعنى تغيير الدستور لا تعديله بالمخالفة لخارطة طريقهم، مما يجعله محل طعن دستورى، فهل تقبل المحكمة الدستورية الطعن أم أنها فى إجازة منذ اختطاف رئيس الدولة؟
نعرف جميعا التضحيات التى قدمها الشعب فى ثورة 25 يناير.. فماذا عن التضحيات التى قدمت فى تظاهرات 30 يونيو والتى نزلت فى حراسة الجيش والشرطة حتى تصبح ثورة؟
الانقلابيون لم يكتفوا بسرقة الوطن وإرادة الشعب فيحاولون سرقة ثورته.
دستور الانقلاب ينصب الفريق أول السيسى قائدا أعلى للقوات المسلحة ووزيرا للدفاع ويحصنه، فى حين لا يحصن رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة.. دولة فوق الدولة.
دستور الانقلاب يقطع الكعكة ويخضع للابتزاز والترضية والمواءمات ويعتمد كوتة للمرأة والمسيحيين والشباب والعمال والفلاحين
3- لجنة العشرة وتلك التى تبعتها -لجنة الخمسين- عملتا فى سرية تامة فى صياغة مواد الدستور المعدلة دون عرض على الشعب، حتى على حلفائهم التابعين للانقلاب. والغريب فى الأمر أنهم لم يكتفوا بالسرية بل لجئوا إلى أسلوب مباغتة الشعب، كما حدث فى المادة الانتقالية التى نصت على تعيين القائد العام للقوات المسلحة وهو نفسه وزير الدفاع لمدتين رئاسيتين، والتى لم تعلن سوى بالصياغة النهائية فى اللحظات الأخيرة بغرض تحصين رئيس الانقلاب الفريق أول عبد الفتاح السيسى لمدتين رئاستين قادمتين. وبتسليم النسخة النهائية للرئيس المعين المؤقت أغلق باب الحوار المجتمعى للدستور والذى لم يتم أصلا بشكل جاد لأن الهدف كان مباغتة هذا الشعب الذى اعتبروه شعبا من الأعداء.
4- هذا دستور جديد وليس تعديلا لدستور 2012 كما نص إعلانهم الدستورى؛ فلقد تم تغيير أكثر من ثلثى الدستور وإضافة ما يزيد على 40 مادة جديدة، وكانت هناك تغييرات جوهرية مثل إلغاء مجلس الشورى وإلغاء نسبة الخمسين فى المائة (عمال وفلاحين)، والأهم من كل ذلك أنه قد تم تغيير ديباجة الدستور، ولو كان ما حدث تعديلا لاحتفظوا بديباجة الدستور كما هى أو عدلوا فيها تعديلا طفيفا، أما تغييرها بالكامل وهى الأساس الذى يبنى عليه الدستور فهذا يؤكد أن ما بين أيدينا دستور جديد بالمخالفة لإعلانهم الدستورى، وهو ما يجعله محلا للطعن الدستورى، ولكن المشكلة أن المحكمة الدستورية فى إجازة بحجة أنه لا يوجد دستور، فى الوقت الذى عملت فيه المحكمة بكامل قوتها وجهدها فى عهد الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسى لتشارك فى وضع العراقيل أمامه، وتم بموجب أحكامها حل مجلس الشعب إضافة إلى حل الجمعية التأسيسية الأولى.
5- خارطة طريقهم وإعلانهم الدستورى فى اتجاه واحد لا يعرف سوى كلمة «نعم» أو «تمام يا فندم» فإذا تم التصويت ب«نعم» فسيتبع ذلك انتخابات الرئيس والبرلمان، أما إذا تم التصويت ب«لا» فخارطة طريقهم لا تعرف الإجابة، وعندما سئل السيد عمرو موسى رئيس لجنة الخمسين عن ذلك تلعثم ثم اجتهد: «سيتم تشكيل لجنة جديدة لعمل التعديلات»، فى حين أفادت الأستاذة تهانى الجبالى المحامية وعضو المحكمة الدستورية السابقة: «فى حالة التصويت يسقط دستور 2012 ويتم العودة إلى دستور 1971». أرأيتم مدى التخبط الذى أوقعتنا فيه خارطة طريقهم وإعلانهم الدستورى؟ والذى يدفعهم إلى ذلك هو قناعتهم بأن نتيجة التصويت ستكون ب«نعم» مهما كلفهم ذلك من غال ورخيص، أليس ذلك دليلا على التزوير الممنهج والمبيت مع سبق الإصرار والترصد؟
كما ناقشنا فى مقالنا السابق قضية الهوية والدين والأخلاق وما نالها من تشويه وتضييع فى التعديلات الانقلابية لدستور 2012. فلقد أخذت اللجنة بتوصية وتفسير مخرج أفلام الحب والعشق، مخرج الخدع السينمائية -تخصص التصوير من الطائرات الحربية- «خالد يوسف» بأن الدول الإسلامية «عالم» وليست «أمة» فى تعديل المادة الأولى، كما حذفت كلمة مستقلة من عبارة «مصر دولة مستقلة» وكأن أعضاءها يؤكدون على تبعية الانقلاب للغرب ولأمريكا وطالبنا من لديه تفسير آخر أن يفسر ويبرر. ثم حذفهم خصوصية العلاقة مع دول حوض النيل التى أكدها دستور 2012. والعجيب فى الأمر أن اللجنة الخمسينية اقترحت تعديلات الدستور وهى غارقة فى اللحظة وصدقت الشائعات التى أطلقها الانقلابيون ضد للدكتور مرسى -رئيس الجمهورية المنتخب- بأنه يتنازل عن الأراضى المصرية فأضافوا إلى المادة الأولى للدستور ولجملة «وهى موحدة لا تقبل التجزئة» جملة «ولا يُتنازل عن شىء منها»، وسألنا رئيس الدولة المؤقت المعين: لماذا تنازل لرئيس حكومته عن صلاحيته فى حق بيع أراض من الدولة؟ وصرخنا فى وجه رئيس حكومة الانقلاب: لماذا لا تصارحنا بحقيقة بيع أراض شرق وغرب خليج السويس أو إعطاء حق انتفاع لدولة الإمارات لإجهاض مشروع «تنمية محور قناة السويس»؟ إنهم يكذبون ويصدقون كذبهم، كل هذا فى مادة واحدة وبعد الاختصار.
ولقد استجابت اللجنة الخمسينية للحساسية المرضية لدى الكثير من العلمانيين من الإسلام وقامت بإلغاء المادة 219 الشارحة للمادة الثانية الخاصة بالشريعة الإسلامية، وكان من الممكن القبول بذلك لو حقق الدستور استقلالية الأزهر وأبقى على مرجعية هيئة كبار العلماء حتى لو كانت مرجعية استشارية -ليكون خط الدفاع الأخير- ولكنهم استكثروا ذلك فكبّلوا الأزهر وحجّموه فى المادة الرابعة فى محاولة فاشلة لعلمنة الدولة.
ولقد ألغى تعديل المادة (10) من دستور الانقلاب دور المجتمع فى الحرص على الطابع الأصيل للأسرة المصرية مكتفيا بدور الدولة لأن العلمانيين اختزلوا دور المجتمع فى دور جماعات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، الحساسية المرضية التى تحدثنا عنها. واكتفى التعديل بترسيخ الدولة لقيم الأسرة دون النص على القيم الأخلاقية وحمايتها وفقا للنص الأصلى. إنها فوبيا الأخلاق والدين. واستحدثت عبارة «المساواة بين المرأة والرجل» فى المادة (11) من دستور الانقلاب، والتى اقترحتها اللجنة العشرية «وفقا لمبادئ الشريعة الإسلامية»، إلا أن فوبيا الشريعة الإسلامية عند الخمسينية جعلتها «وفقا لأحكام الدستور». وهذه قضية القضايا عندهم والتى لا يرفضها التيار الإسلامى ولكنها الهواجس وأزمة الثقة، فلم لا يتزيدون رغم أن دستور 2012 نص على الحقوق المتساوية لجميع المواطنين ذكرا كان أو أنثى فى المادة 33 منه، ولم تكتف الخمسينية بذلك فقطعت التورتة ودسترت مبدأ الكوتة «وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلا مناسبا فى المجالس النيابية»، ليست المجالس النيابية فقط بل أيضا فى القضاء.
ودعونا نخصص هذا المقال لمقدمة دستور الانقلاب (الديباجة) ولبابه الأخير (الأحكام الانتقالية) وهى فى حقيقتها أحكام «انتقائية» تقطع تورتة الدستور.
ديباجة الدستور وأكاذيب الانقلابيين
فى الوقت الذى لا تزيد فيه كلمات الدستور الفرنسى عن إحدى وعشرين كلمة، فإن ديباجة دستور الانقلاب بلغت 755 كلمة فى مقابل 452 كلمة فى ديباجة دستور 2012، و495 كلمة فى ديباجة دستور 1971، أى أن ديباجة دستور 2012 كانت أقلهم طولا، ورغم طول الديباجة فإنها لم تقدم جديدا، بل إنها قد احتوت على بعض المواد نصا فى تكرار لا ضرورة له. واتهمها الكثيرون بأنها أقرب إلى موضوعات الإنشاء (التعبير) التى يحفظها بعض طلاب المدارس الذين لا يجيدون التعبير.
وتتحدث ديباجة دستور الانقلاب عن:
• مصر التاريخ والموقع والدولة والدين.
• مصر الحديثة (محمد على - الجيش - ثورة 19 - ثورة 52 - ثورة 25 يناير -30 يونيو - إشارة وبشارة) وتذكر من قادة مصر (إبراهيم باشا - عرابى - مصطفى كامل - محمد فريد - سعد زغلول - مصطفى النحاس - عبد الناصر - السادات على مضض).
• مضامين دستور الثورة.
وجاء بالديباجة «وقدمنا الشهداء والتضحيات، فى العديد من الهبّات والانتفاضات والثورات، حتى انتصرت الإرادة الشعبية فى ثورة 25 يناير - 30 يونيو، التى دعت إلى العيش بحرية وكرامة إنسانية تحت ظلال العدالة الاجتماعية».
«ثورة 25 يناير - 30 يونيو» (خبط لزق) وكأن مظاهرات 30 يونيو 2013 تتويج لثورة 25 يناير 2011، وكأن الانقلابيين لم يكتفوا بسرقة الوطن وسرقة إرادة الشعب ليحاولوا سرقة ثورته. وإذا كنا نعرف جميعا حجم التضحيات التى قدمها الشعب فى ثورة 25 يناير فماذا عن التضحيات التى قدمت فى 30 يونيو؟ لقد نزلوا ميدان التحرير فى حراسة الجيش والشرطة تظلهم طائرات الجيش التى طيرها الانقلابيون لتلقى بالأعلام على الجماهير التى أخرج كثيرا منهم، ولو كان الفريق أحمد شفيق موجودا بمصر لألقى من الطائرات عليهم البمبونى.
ولم تخل الديباجة من مبالغات: «ونحن المصريين نرى فى ثورتنا إسهاما فى كتابة تاريخ جديد للإنسانية»، وإذا جاز هذا مع ثورة 25 يناير فهل يجوز مع مظاهرات 30 يونيو وانقلاب 3 يوليو؟ ومن هنا لجئوا إلى الكذب والتحايل فوضعوا 25 يناير مع 30 يونيو فى جملة واحدة.
وتتحدث الديباجة عن دستور الثورة ودولة الثورة (أرجو عدم الضحك - مجرد خطأ مطبعى - يقصدون دولة الانقلاب) «نحن الآن نكتب دستورا لدولة الثورة، نغلق به الباب أمام أى فساد وأى استبداد، ونعالج فيه جراح الماضى من زمن الفلاح الفصيح القديم، وحتى ضحايا الإهمال وشهداء الثورة ومصابيها فى زماننا، ونرفع الظلم عن بعض فئات شعبنا التى عانت طويلا بسبب موقعها الجغرافى أو خصوصيتها الثقافية، كأهل النوبة والصعيد وسيناء والواحات».
«نحن الآن نكتب دستورا لدولة مدنية ديمقراطية حديثة فى مصر».
«نحن الآن نكتب دستورا يفتح أمامنا طريق المستقبل، ويتسق مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، التى شاركنا فى كتابتها وصادقنا عليها، ورأى الأزهر الشريف اتفاقها مع مقاصد الشريعة الغرّاء».
الانقلابيون سيغلقون الباب أمام أى فساد أو استبداد رغم أنهم أعادوا الفساد ولم يعرفوا غير حكم الاستبداد، أعادوا الثورة المضادة ويحكموننا بالاستبداد، ويتحدثون عن ضحايا الإهمال وشهداء الثورة ومصابيها وهم الذين تواطئوا مع الثورة المضادة لإهدار دماء الشهداء والمصابين وتضييع حقوقهم! وأرجوكم ألا تضحكوا أو تسخروا مرة أخرى، ألم أقل لكم إنهم يكذبون ويصدقون كذبهم؟
ثم أرأيتم إلى أى مدى وصل الكذب؟ إلى مدى أن الأزهر رأى اتفاق المواثيق الدولية لحقوق الإنسان كافة مع مقاصد الشريعة الغرّاء، هكذا على إطلاقها، وهل يدخل ضمن هذا مواثيق مؤتمرات المرأة والسكان والطفل؟ أجيبونا يا مشايخ الأزهر يا من مثلتموه فى لجنة الخمسين بدون عمائم.
الأحكام الانتقائية لتقسيم الكعكة.. أحكام الترضيات والمواءمات
جاء الفصل الأخير من الباب الأخير فى مواده العشرين الأخيرة تحت عنوان «الأحكام الانتقالية» وهى فى حقيقتها -كما قلنا- أحكام انتقائية لتقسيم الكعكة - أو أحكام الترضيات والمواءمات كما سنرى:
يبدأ الفصل بالمواد الحشو -الزوائد- التى لا ضرورة لها مثل المواد (229 - 230 - 231 )
نائب رئيس جمهورية تايه يا ولاد الحلال
مادة (233) إذا قام مانع مؤقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية المؤقت لسلطاته، حل محله رئيس مجلس الوزراء.
هكذا؟ إذا حدث مانع مؤقت عند رئيس الجمهورية المؤقت يحل محله رئيس مجلس الوزراء ليجمع كل السلطات فى يده لنعود إلى دولة حكم الفرد. لماذا لا يحل محله أقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا كما هو الحال عند خلو منصبه للاستقالة، أو الوفاة، أو العجز الدائم عن العمل، أو لأى سبب آخر كما هو فى بقية المادة. وهذا العيب هو العيب نفسه الموجود بالمادة 160 بخصوص وجود مانع مؤقت عند رئيس الجمهورية المنتخب.
إن فلسفة دستور 2012 قامت على تقسيم الصلاحيات بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والبرلمان والقضاء، ومن هنا كان اعتراضنا على دستور 2012 فى عدم وجود نائب لرئيس الجمهورية لأن تحويل الصلاحيات إلى رئيس مجلس الوزراء فى حالة وجود مانع مؤقت عند رئيس الجمهورية يخل بالفلسفة التى وضع على أساسها الدستور.
المادة الكارثية.. تفصيل التفصيل
وأقصد هنا المادة 234 والتى ترتبط أيضا بالمادة 201 والتى تنص على «وزير الدفاع هو القائد العام للقوات المسلحة، ويعين من بين ضباطها» بينما تنص المادة الانتقالية الانتقائية مادة (234) على «يكون تعيين وزير الدفاع بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة وتسرى أحكام هذه المادة لدورتين رئاسيتين كاملتين اعتبارا من تاريخ العمل بالدستور».
فى الأوضاع العادية وزير الدفاع هو القائد العام للقوات المسلحة، ويعين من بين ضباط القوات المسلحة دون النص على موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ولكن المادة الانتقائية تشترط ذلك لأنها وضعت خصيصا للفريق أول عبد الفتاح السيسى الذى يرأس المجلس الأعلى للقوات المسلحة ولن يرشح غيره كقائد أعلى للقوات المسلحة وكوزير دفاع. ومتى يبدأ العداد فى العد؟ من تاريخ العمل بالدستور أى قبل انتخاب رئيس الجمهورية الجديد وقبل تكليف رئيس جديد للحكومة.
ولا أدرى لماذا يبدأ العد من تاريخ إقرار الدستور؟ وما هى العلاقة؟ لا أرى تفسيرا سوى الجشع والرغبة فى تولى السلطة لأطول فترة ممكنة.
تقطيع التورتة والابتزاز والترضية والمواءمات
مادة (235): يصدر مجلس النواب فى أول دور انعقاد له بعد العمل بهذا الدستور قانونا لتنظيم بناء وترميم الكنائس، بما يكفل حرية ممارسة المسيحيين لشعائرهم الدينية.
ولا أفهم لماذا ينص على هذه المادة كمادة انتقالية رغم وجود المادة (64( التى تنص على «حرية الاعتقاد مطلقة، وحرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة لأصحاب الأديان السماوية حق ينظمه القانون».
لا أفهم لماذا ينص على هذه المادة كمادة انتقالية رغم وجود قانون لدور العبادة أعد خصيصا لهذا الغرض؟ أليس هذا نوع من الترضية والمواءمات؟ ولنكمل باقى أشكال الترضية والمواءمات:
مادة (236) «... وتعمل الدولة على وضع وتنفيذ مشروعات تعيد سكان النوبة إلى مناطقهم الأصلية وتنميتها خلال عشر سنوات، وذلك على النحو الذى ينظمه القانون». أليست هذه مسألة فنية بحتة ولها جوانبها الاجتماعية والاقتصادية المختلفة. لا يمكننى أن أفهم ذلك إلا أنه نوع من الترضية والمواءمات.
تقطيع التورتة والابتزاز والترضية والمواءمات ونظام الكوتة
مادة (243) «تعمل الدولة على تمثيل العمال والفلاحين تمثيلا ملائما فى أول مجلس للنواب يُنتخب بعد إقرار هذا الدستور، وذلك على النحو الذى يحدده القانون».
مادة (244( «تعمل الدولة على تمثيل الشباب والمسيحيين والأشخاص ذوى الإعاقة تمثيلا ملائما فى أول مجلس للنواب يُنتخب بعد إقرار هذا الدستور، وذلك على النحو الذى يحدده القانون».
ولقد سبق إعطاء مثل هذا الوعد للمرأة فى متن الدستور كما أشرنا بالمادة (11) أى أن دستور الانقلاب قطع الكيكة واعتمد الكوتة فى القانون للمرأة والمسيحيين والشباب والعمال والفلاحين، ولا أدرى كيف تضمن الدولة ذلك؟ بالطبع ومن المفترض أن الدولة لا يمكنها التدخل فى نتائج الانتخابات، كما أن ضمان ذلك فى القانون يطعن بعدم دستوريته لوجود تمييز؟ ولكن لا داعى للقلق فهم يظنون أنهم بذلك قد دستروا الكوتة، ولك الله يا مصر.
الحط من الدستور لمستوى القانون
واستمرارا فى الترضيات والمواءمات السياسية تنزل لجنة الخمسين الانقلابية بالدستور إلى مستوى القانون فى المادة (235) الخاصة ببناء وترميم الكنائس والمادة (245( الخاصة بنقل العاملين بمجلس الشورى إلى مجلس النواب، بذات درجاتهم، وأقدمياتهم ومرتباتهم وبدلاتهم ومكافآتهم وسائر حقوقهم المالية، هلى وصلت إلى هذا الحد، ألا يكفى صدور قرار جمهورى بذلك؟ لماذا نتعامل مع الدستور كصندوق خزين نضع فيه كل شىء؟ أم أن لجنة الخمسين ترد على واجب الضيافة الذى قدمته لهم أثناء استضافتهم لتشويه الدستور؟
كان من الممكن الاكتفاء فقط بالجزء الأخير من المادة «تئول إلى مجلس النواب أموال مجلس الشورى كاملة».
التدخل الكبير فى أجندة مجلس النواب القادم والحكومة
ويلزم فصل «الأحكام الانتقائية» مجلس النواب القادم بأجندة تشريعية دون مبرر كبير:
مادة 235: قانون تنظيم بناء وترميم الكنائس.
مادة 239: قانون تنظيم قواعد ندب القضاة وأعضاء الجهات والهيئات القضائية.
مادة 241: إصدار قانون للعدالة الانتقالية
كما يلزم مجلس النواب والحكومة بالتزامات خلال مدد محددة تضعها فى مأزق حال عدم توافر الموارد اللازمة للوفاء بهذه الالتزامات.
مادة 236: وضع وتنفيذ خطة للتنمية الاقتصادية، والعمرانية الشاملة للمناطق الحدودية والمحرومة، ومنها الصعيد وسيناء ومطروح ومناطق النوبة، وتعمل الدولة على وضع وتنفيذ مشروعات تعيد سكان النوبة إلى مناطقهم الأصلية وتنميتها خلال عشر سنوات من تاريخ العمل بالدستور.
مادة 238: تضمن الدولة تنفيذ التزامها بتخصيص الحد الأدنى لمعدلات الإنفاق الحكومى على التعليم، والتعليم العالى، والصحة، والبحث العلمى المقررة فى هذا الدستور تدريجيا اعتبارا من تاريخ العمل به على أن تلتزم به كاملا فى موازنة الدولة للسنة المالية 2016/2017 وتلتزم الدولة بمد التعليم الإلزامى حتى تمام المرحلة الثانوية بطريقة تدريجية تكتمل فى العام الدراسى 2016/2017 (ثلاث سنوات).
مادة 240: تكفل الدولة توفير الإمكانيات المادية والبشرية المتعلقة باستئناف الأحكام الصادرة فى الجنايات، وذلك خلال عشر سنوات.
التوظيف السياسى للدستور
ولأن الانقلابيين قد حددوا عدوهم الأول الذى صنعوه «الإرهاب» وفقا لمفهومهم وجعلوا من الصهاينة والأمريكان صديقا لهم، فقد صاغوا مادة خاصة بهذا العدو الذى صنعوه - مادة 237 - «تلتزم الدولة بمواجهة الإرهاب، بكافة صوره وأشكاله، وتعقب مصادر تمويله باعتباره تهديدا للوطن والمواطنين مع ضمان الحقوق والحريات العامة،وفق جدول زمنى محدد». إنه التوظيف السياسى للدستور وفقا لرؤية الانقلابيين وصراعهم على السلطة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.