اتخذت الإسلاموفوبيا شكلا رسميا في روسيا بعد انتخاب القومي المتعصب، سيرغي سوبيانين، عمدة لموسكو في أغسطس 2013؛ فقد فاجأ عمدة موسكو العالم الأسبوع الماضي بإعلان حظر بناء مساجد جديدة داخل موسكو، حسبما قالت مجلة (يوراسيا ريفيو) الأوروبية في عددها الصادر اليوم الأحد. أكدت المجلة أن هذا الحظر أحدث مؤشر على تنامي مشاعر العداء ضد المهاجرين والمسلمين في روسيا. بالرغم من أن مساجد موسكو الأربعة تكتظ بالمصلين، فإن العمدة سوبيانين برر عدم بناء مساجد جديدة قائلا إنها"تستخدم من قبل العمال المهاجرين"، فيما يعكس نظرته العنصرية للمهاجرين. أضاف سوبيانين "هناك مسجد جديد تحت الإنشاء.. لكن لن يكون هناك المزيد.. لن يتم إصدار أية تصاريح بناء جديدة". ولفتت المجلة إلى أن هناك حوالي 2 مليون مواطن مسلم في العاصمة موسكو، مشيرة إلى أن المساجد الأربعة الموجودة لا يمكنها احتواء أكثر من 10 آلاف شخص، لذلك يلجأ المصلون عادة إلى استخدام الشوارع أو الانتظار لساعات للدخول إلى المساجد، وخاصة في أيام الجمعة والمناسبات الدينية. وقال نشطاء مسلمون روسيون "لقد حاولت السلطات الروسية طويلا منع بناء مساجد جديدة.. لكن هذا هو أول حظر صريح في التاريخ الحديث". ورغم وضوح النزعة القومية المتعصبة في موسكو، فإن المشاعر المعادية المسلمين والمهاجرين لا تقتصر على العاصمة فحسب، لكنها تنتشر عبر المدن الروسية الأخرى، بحسب المجلة. ووفقا لمكتب موسكو لحقوق الإنسان، أظهرت استطلاعات للرأي أن كراهية الأجانب وغيرها من أشكال العنصرية الأخرى تنتشر بين 50% من الروسيين، وذكرت منظمة العفو الدولية أن العنصرية في روسيا أصبحت "خارج السيطرة"، وقدرت المنظمة عدد الروس النازيين الجدد بعشرات الآلاف. وعلى صعيد متصل، ذكرت المجلة أن غير المسلمين يواجهون أيضا هجمات العنصرية في روسيا، فوفقا لدراسة أجرتها مجموعة كنسية بارزة، تعرض 59% من الأفارقة الذين يعيشون في روسيا إلى الاعتداءات الجسدية، وأفاد 75% من المستطلعة آراؤهم بأنهم تعرضوا أيضا للإساءات اللفظية. وقالت المجلة إن تلك الهجمات حدثت بالرغم من أن الغالبية العظمى من الأفارقة الذين يعيشون في روسيا يتجنبوا التواجد في المناطق المزدحمة، بما فيها المترو. ومع ذلك، يبدو أن الهجمات المتنامية والأكثر شراسة تحدث ضد المسلمين، لاسيما هؤلاء الذين قدموا من منطقة القوقاز، رغم أنهم يعتبرون مواطنين روسيين لوقوع أراضيهم تحت الحكم الروسي، لكن هذه الحقيقة لم تحمهم من الهجمات ولم تقدم الشرطة الحماية الملائمة لهم خارج مناطقهم. جدير بالإشارة أن القناة الأولى الروسية التلفزيونية كانت تبث برنامجا في أكتوبر الماضي، وخلال البرنامج دعا نائب برلماني بارز وهو قومي متعصب إلى فرض قيود على معدل المواليد في منطقة شمال القوقاز ذات الأغلبية المسلمة. دعا ذلك النائب أيضا إلى تقييد حركة الشعب القوقازي في جميع أنحاء روسيا، وأثناء البرنامج تم إجراء استطلاع رأي مباشر لما دعا إليه البرلماني، وفي النهاية صوت أكثر من 140 ألف مشاهد صوتوا لصالح الاقتراح. واستطردت المجلة قائلة إنه بالرغم من انتشار جرائم الكراهية علنا، فإن السلطات الروسية لم تفعل ما يكفي لوقف مد انتشار الهجمات ضد المسلمين، ففي واحدة من أبشع الهجمات التي وقعت في مدينة سانت بطرسبورغ، طعنت مجموعة من الأشخاص فتاة طاجيكية تبلغ من العمر تسع سنوات حتى الموت، كما خرج هجوم آخر إلى النور بعد نشر الحزب النازي الروسي تسجيلا يصور قطع رأس شباب من الطاجيكين والداغستانيين. وبالرغم من أن مثل تلك الحوادث تسببت في الغضب خارج روسيا، فإن الهجمات ضد المسلمين الروس لا تزال تستمر بلا هوادة، فضلا عن أنها آخذة في الارتفاع في الآونة الأخيرة، بحسب المجلة. وفي الوقت الذي تستعد فيه روسيا لاستضافة كأس العالم 2018، قد يسلط العالم الضوء على العنصرية المتزايدة لدى السلطات الروسية، وتحتاج روسيا من أجل تحسين صورتها إلى التحرك سريعا للتحقق والتخلص من هذا الوباء المتفاقم، حسبما قالت المجلة.