حقق كتاب «المثقفون المزيفون.. الانتصار الإعلامى لخبراء الكذب والتضليل»، أو المثقفون المرتزقة كما يسميهم، للكاتب والأكاديمى الفرنسى «باسكال بونيفاس»، رئيس «معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية» فى باريس -رقم مبيعات وصل إلى ستين ألف نسخة بعد بضعة أشهر من صدوره فى عام 2011، ومائتى ألف نسخة بعد أقل من عامين على نشره، رغم أن 14 دارا للنشر رفضت نشره، ورغم أن وسائل الإعلام الفرنسية التقليدية، من صحف وبرامج سياسية وثقافية فى المحطات الفضائية، تجاهلته على نحو شبه كلى. ولا يزال الكتاب يحتل الرقم 2 فى قائمة مبيعات مؤسسة «فناك»، المؤسسة الفرنسية الأكثر شهرة فى بيع الكتب والمواد الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية، والتى تملك المئات من نوافذ البيع الكبرى على امتداد الأراضى الفرنسية. الكتاب مكرس لمناقشة أنشطة وأفكار سبعة من المثقفين والإعلاميين الفرنسيين الأكثر شهرة فى فرنسا والعالم الفرانكفونى، وبعضهم معروف على نطاق دولى، يشتركون جميعا فى أنهم صهاينة أو يدورون فى فلك اللوبى الصهيونى الفرنسى، وفى الترويج للسياسات الأمريكية والأطلسية والإسرائيلية؛ وهم الأب الروحى الشهير ل(الربيع العربى) «برنار هنرى – ليفى» مثقف التزوير الأعظم فى هذا العصر، وفق توصيف الكاتب، و«ألكسندر أدلر»، و«كارولين فورست»، والجزائرى الأصل «محمد سيفاوى» (اسمه الحقيقى جمال شيفونة)، و«تيريز دلبش»، و«فريدريك آنسيل»، و«فرانسوا هيزنبيرج»، و«فيليب فال». يدور الكتاب حول محور أساسى يتعلق بالارتباطات المشبوهة لهؤلاء بالدوائر الأمنية والسياسية وتخليهم دور«المثقف النقدى»، بالمعنى السارترى، وتحولهم إلى مرتزقة مهمتهم الأساسية النصب والاحتيال على الرأى العام من خلال الترويج لأكاذيب فى قوالب ثقافية بهدف إعادة تشكيله وقولبته وتوجيهه نحو قناعات أيديولوجية أحادية البعد تذكرنا بمقول «الإنسان ذو البعد الواحد» ل«هربرت ماركوزى». يقول «بونيفاس» إن فكرة فضح المثقفين المزيفين، أو المرتزقة كما يسميهم، لاسيما منهم «برنار هنرى ليفى» (اليهودى الصهيونى)، راودته منذ فترة طويلة من مواكبته لهم ولمواقفهم المخزية التى تدمّر الديمقراطية وتُهدد الإعلام. ويؤكد «بونيفاس» فى مقدمته للكتاب أن عدم النزاهة الفكرية لها نجومها فى فرنسا اليوم، وهم يحظون بالتكريس الإعلامى ويشتركون فى تغذيةِ قدرٍ كبير من الخوف غير العقلانى من خطر إسلامى مزعوم يمثل عدوا مشتركا للعالم الحر، لكنهم لا يترددون فى دعم الحركات الإسلامية الإرهابية الفعلية التى تديرها أجهزة الاستخبارات الغربية، كما فعل (ليفى، وأدلر، وبرنار كوشنير) فى أفغانستان، أو تبرير غزو بلد ما وتدميره كما حصل فى العراق بحجة وجود أسلحة دمار شامل، أو كما يمكن أن يحصل الآن فى بلداننا العربية الرازحة فى ربيعها الأسود تحت ذرائع أسلحة كيميائية أو انتهاكات حقوق إنسان أو تطهيرات عرقية. «باسكال يونيفاس» أكاديمى بارز فى فرنسا، ومثقف نقدى بالمعنى السارترى، وأحد أبرز المحللين الاستراتيجيين الفرنسيين، أصدر العديد من الأعمال اللافتة لعل أهمها: «فهم العالم»، «لماذا كل هذه الكراهية»، و«نحو الحرب العالمية الرابعة» وهو كتاب ينتقد فيه أطروحة «صدام الحضارات» لصموئيل هيتنجتون، وكتاب «من يجرؤ على نقد إسرائيل؟»، و«المثقفون النزيهون» الذى يعالج فيه خمس عشرة حالة مضادة إذا جاز التعبير تشكل نقيض المثقفين المرتزقة السبعة المشار إليهم. وعلى رأس هؤلاء المثقفون الشرفاء، كما يسميهم «ريجيس دوبريه» الأشهر من أن يعرف، و«جان بوبيرو» المتخصص فى العلمانية والبروتستانتية، و«صديق محمد أركون»، والمفكر السويسرى «جان زيجلير» الذى أمضى حياته فى مهاجمة العولمة الغربية الجائرة التى تجوع بلدان الجنوب، و«أوليفييه مونجان» الذى قال «إن المثقف غير التلفزيونى هو جنس فى طريق الانقراض حتى ولو كان أكبر عبقرى فى العالم»، و«أدجار موران»، و«تودوروف»، و«ستيفان هيسيل». تبقى الإشارة إلى أن كتاب «المثقفون المزيفون» صدر عن دار «ورد» فى دمشق مؤخرا فى ترجمة عربية، وحقق رقم مبيعات معقولا نسبيا فى معرض الشارقة للكتاب فى الإمارات العربية، قياسا بمبيعات الكتب التى تجتاح العالم العربى منذ ثلاثة عقود على الأقل.