ما ورد في تسريب الفريق "قائد الإنقلاب الدموي" يعبر رؤية اقتصادية واضحة وهي "الرأسمالية المتوحشة" بكل ما فيها من توحش حيث لا تعير الفقير أي بال في حين تضمن للغني أن يزداد غنى، ولا تأسف للفقير عندما يزداد فقراً. فما جاء في التسريب يتحدث ليس عن إصلاح منظومة الدعم والوقوف ضد منظومة الفساد ولكن عن إزالة كافة أنواع الدعومات على الخبز وأنبوبة البوتاجاز وغيرها من السلع والخدمات لتمتد بعد ذلك إلى التعليم والصحة وكافة الخدمات التي تقدمها الدولة. فقائد الإنقلاب يؤمن أن شعب مصر "مدلع" وأنه يجب أن ينتهي هذا الدلع كما قال في اجتماع مجلس الوزراء سابقاً. وكنا نتمنى أن يتحدث قائد الإنقلاب عن رؤيته لمحاربة منظومة الفساد والمستفيدين داخل المنظومة العسكرية من تلك المنظومة الفاسده. كنا نتمنى أن يتحدث عن جهاز المخابرات العامة في مصر والذي لديه العديد من الشركات التي يديرها عسكريين متقاعدين وتمنح العقود التي تقدر بملايين الجنيهات لأقاربهم من الباطن وشركاتهم. ولماذا لم يتحدث قائد الإنقلاب عن شركات القطاع العام التي أدراها ويديرها لواءات سابقين في الخدمة وبها من ملفات الفساد ما بح فيها صوت الجهاز المركزي للمحاسبات والتي يتم عدم محاسبتهم لصلتهم بالمؤسسة العسكرية. وبدلا أن يتحدث قائد الإنقلاب كيف سيتم إعادة توزيع الثروة بحيث يؤخذ من الأغنياء كقيادات المجلس العسكري الذين تضخمت ثرواتهم في عهد مبارك ودفنوا خلال حكمهم الإنتقالي لمدة عام ونصف كل الملفات التي تدينهم، لصالح فقراء الوطن، نراه يريد من المواطن العادي الغلبان في ريف مصر وصعيدها أن يدفع 70 جنيه في أنبوبة البوتاجاز..فكيف لفقير الصعيد والريف والذي إذا أراد ان يتقدم لوظيفه يجدها قد حجزت لأولاد الأغنياء والمحاسيب، وكيف للفلاح الغلبان في ريف مصر وصعيدها والذي يربي أولاده من كده وتعبه أن يدفع هذا الثمن في حين أن محصوله لا يستطيع بيعه إلا لمجموعة من المحتكرين الكبار من علية القوم. وبعد كلام قائد الإنقلاب هذا فإنه لا عجب اليوم أن نجد أنبوبة البوتاجاز تصل إلى 65 جنيه في السوق، كخطوة لأن يعتاد الناس على تلك الأسعار. ولكن نذكر قائد الإنقلاب بخطاب سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه إلى ولاته "لا تضربوا المسلمين فتذلوهم، ولا تحمدوهم فتفتنوهم، ولا تمنعوهم حقوقهم فتكفروهم". ونذكره في فقط أنه في عهد مرسي تم تشكيل لجنة تختص بحل المنازعات الخاصة بالأراضي والملفات مع رجال الأعمال التي ظهرت فيها أعمال فساد، وبالفعل استردت الدولة أراضي بمليار جنيه من أحد مساعدي البابا شنوده، وكذا أراضي من رجال أعمال الحزب الوطني الذين تنازلوا عليها لصالح الدولة، كما أن الحكومة كانت على وشك الانتهاء من ملف أرض العياط والتي قدرت قيمتها ساعتها بنحو 42 مليار جنيه وكانت الشركة تعرض 36 مليار جنيه، للتسوية كما استردت الدولة ضرائب 7.1 مليار جنيه من ملف التهرب الضريبي لسميح ساويرس، في حين جاء الإنقلاب ليغلق ملف التهرب الضريبي لمحمد الأمين ومنصور عامر والذي قدرت الضرائب المتهرب منها 3 مليار جنيه عن أرباح بيع أسهم خارج المقصورة منذ عام 2005 وحتى 2012...وبعدين الباشا دلوقتي بيتكلم عن الغلبان وأنبوبة البوتاجاز، حسبنا الله ونعم الوكيل.