لو نزلنا إلى الشارع الفلسطينى، وسألنا مختلف المارة هذا السؤال: «ماذا تعرفون عن إيلى فيزيل؟»، فإن الأمر متوقع سلفا: لن تعرفه الأغلبية الساحقة من الفلسطينيين. لكن يكفى أن تعلم أن هذا الشخص عزيزى القارئ واحد من أخطر الشخصيات الصهيونية التى خدمت (إسرائيل)، وأن رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو جعله وسيطا بينه وبين الرئيس الأمريكى، باراك أوباما، بحكم أنه «صديق فيزيل الصدوق» من أجل «تخفيف الضغوط الأمريكية عن (إسرائيل) لتجميد الاستيطان بالضفة الغربية!»وقد نجح فى ذلك! كما يتم تسويق فيزيل عالميا على أنه «أهم شخصية يهودية معاصرة نجت من الهولوكوست»، قبل أن تكشف مصادر خاصة ب«فلسطين»أنه كان «أحد أكبر النصابين على وجه الأرض»، وأن روايته بالنسبة لدخوله المعتقلات النازية كاذبة تماما! ولكى يفهم القارئ الكريم المفارقة، يمكننا أن نقدم المقارنة الآتية: تخيل أن القائد صلاح الدين الأيوبى –عذرا على المقارنة!- كان حيا، وأن يدعى مؤرخ ما بأنه–معاذالله- كان «نصابا كبيرا» ولم يدخل بيت المقدس فى حياته،وأنه لم يخض أى معركة ضد الصليبيين، بما فيها معركة حطين ذاتها! لو أردت تتبع السيرة الذاتية لإيلى فيزيل–تبعاً لما روجت لها مختلف اللوبيات والأقطاب الصهيونية- فستجد أنها تخبر بأنه«أستاذ جامعى مرموق وكاتب فى رصيده على الأقل 57 كتابا-كتب أربعين منها على الأقل خلال وجوده فى الولاياتالمتحدة- فضلا عن أنه ناشط سياسى ولد فى 30 سبتمبر عام 1928 فى منطقة رومانية تقع على الحدود بين رومانيا والمجر إلا جل سكانها من المجريين، وقد ادعى فيزيل أنه «اعتقل هو ووالده ليتم نقلهما إلى معتقل أوشفيتز ومن ثم معتقل بوخنفالد خلال الحرب العالمية الثانية»، حيث دون فيزيل هذه الأحداث فى كتاب دونه بالفرنسية وأسماه «لانوى» (وتعنى ليلة) ونشره عام 1960، حيث ترجم الكتاب إلى أكثر من ثلاثين لغة، ونشرت منه مالا يقل عن عشرة ملايين نسخة فى مختلف أرجاء العالم! أما القصة المتداولة التى يزعمها فيزيل فى كتابه أنه تم نقله ووالده، ولم يزد عمره وقتها على خمسة عشر عاما، من بلدتهما التى وقعت تحت الاحتلال الألمانى والقوات المجرية الموالية لها إلى معتقل أوشفيتز، حيث أصبح رقم فيزيل فى ذلك المعتقل هو "A - 7713"، وتم وشم ذلك الرقم على ذراعه اليسرى، مثلما كانت تفعل السلطات النازية مع كافة المعتقلين بأوشفيتز. ثم نُقل الاثنان بعدها إلى معتقل نازى آخر اسمه بوخنفالد، حيث توفى والد فيزيل هناك، ليرسل فى وقت لاحق إلى محرقة الجثث، وذلك قبل أشهر فقط من تحرير المخيم على يد قوات الجيش الأمريكى يوم 11 إبريل 1945. ولكى تعرف أهمية فيزيل فيكفى أن نأخذ هذا المقطع من مقال للكاتب صبحى حديدى عنه، تحت عنوان «إيلى فيزيل وصناعة الهولوكوست.. الكل وحوش خارج الشرنقة»، مع تصرف بسيط: «لو دخلت إلى صالة سينما عامة، فى قلب مدينة أوروبية مثل باريس، فيباغتك وجهه بطلا فى شريط دعائى صرف، تماما مثل أى شريط يمتدح معجون أسنان أو شركة تأمين أو مستحضر تجميل! وحين تصعقك فقرات فى خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلى إيهود أولمرت أمام الكونجرس الأمريكى، شديدة الوقاحة فى إنكار الحق الفلسطينى وشديدة التبجح فى امتداح العنف الإسرائيلى النازى ضد الفلسطينيين، تكتشف أن معظم تلك الفقرات من صياغة فيزيل نفسه! إيلى فيزيل، الكاتب والروائى والأستاذ الجامعى، الذى لا يفضّل لقبا آخر على صفته الأقرب إلى امتياز فريد: «عميد ضحايا الهولوكوست من اليهود»، والقيّم على شئونهم الدنيوية والروحية. والرجل،لمن لا يعرفه جيدا، ولد فى رومانيا،وعاش فى باريس ونيويورك، وعمل مراسلا لصحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، وفى عام 1963 حصل على الجنسية الأمريكية، ثم مُنح جائزة نوبل للسلام عام 1986. رواياته ومقالاته أعادت إنتاج ذكرياته عن سنوات معسكرات الاعتقال. وفى الولاياتالمتحدة، بدا فيزيل وكأنه من دوب غيرمباشرعن منظمة«إيباك»،أشهر هيئات اللوبى الإسرائيلى فى الولاياتالمتحدة، وأشدها شراسة، فى «تأثيم»عدد من كبار الكتاب والصحفيين والفنانين الأمريكيين اليهود، واتهامهم ليس بالتخاذل والخور فى الدفاع عن دولة اليهود فحسب، بل كذلك بالتهمة العظمى: العداء للسامية! بين هؤلاء الممثل والسينمائى المعروف، وودى آلن، الذى شُنت ضده حملة تشهير شعواء لأنه أعلن العجز عن هضم مشهد الجندى الإسرائيلى وهو يدق بالحجارة عظم فتى فلسطينى أعزل، الحاخام المستنير ورئيس تحرير المجلة اليهودية الثقافية الفكرية Tikkun، مايكل ليرنر، لأن خط التحرير فيها ينتقد (إسرائيل) بشدة ويؤيد الحق الفلسطينى!". وص لنفوذ إيلى فيزيل إلى أن يستطيع تعديل فقرات بأكملها فى إحدى خطابات«صديقه الأمريكى الحميم»،باراك أوباما،الذى يعتبره"شخصية قدوة"، كانت تمس ب (إسرائيل)، ووافق أوباما على ذلك بأريحية! وعندما أراد نتنياهو شخصا مهما كى يتولى الوساطة بينه وبين أوباما، لم يجد أفضل من فيزيل! ففى كل خدمة تقدم إلى (إسرائيل) على الصعيد العالمى ستجد بصمة فيزيل فى كل مكان، لذا فقد كان أوفر المرشحين حظا لتولى منصب «رئيس دولة (إسرائيل)»، إلا أنه رفض بدعوى أنه«كاتب ليس إلا»! كما أن الحقيقة التى حاول فيزيل إخفاءها هى مشاركته فى حرب النكبة عام 1948، قبل سفره لفرنسا لاستقراره هناك! نقطة أخرى هى الأكثر أهمية: إن فيزيل هو الشخصية الصهيونية "المركزية" المشرفة على جمع التبرعات من مختلف أنحاء العالم ل"صهينة القدس"، كما أنه مؤسس متحف الهولوكوست عام 1979م بأمر من الرئيس الأمريكى الأسبق، جيمى كارتر. هذا الرجل لم يكن ليوم واحد فى حياته فى معتقل أوشفيتز كما يقول! لو قال هذه المقولة أى صحفى أو كاتب مهما علت أهميته، لقذف به سريعا إلى قاعات المحاكمات ومن ثم إلى السجون لأنه تعدى على «هالة ومصداقية أكبر منظرى الهولوكست فى العالم أجمع». لكن القائل هنا هو مايكل نيكولاس جرينر، سجين سابق فى معتقل أوشفيتز النازى، وكان فى الحجرة ذاتها التى قال فيزيل إنه كان موجودا بها! بل وكان أحد الموجودين فى صورة تم تناقلها عالميا لعدد من المعتقلين بأوشفيتز زعم فيزيل أنه أحدهم! وقد حصلت «فلسطين» على تفاصيل القصة كاملة بحذافيرها من مؤسسة «عالم واحد»، بعد بحث كامل قامت به المؤسسة طيلة عامين كاملين فى أرشيفى أوشفيتز وبخنفالد... أما الحقيقة كاملة فتنشرها «فلسطين» حصريا فى «زاجل غزة».. انتظرونا..