تمثل عبارة الإسلام نظام يحكم كل النشاط الإنساني مشكلة عويصة عند أصحاب الفكر المادي على مختلف نزعاتهم والآية القرآنية الكريمة تقول: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) سورة الكافرون الآية:6 ، (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) سورة البقرة الآية 256. والعلماء على أنه لا مصادر نقليه للأحكام والفكر بخلاف الكتاب والسنة. ولا شك أن أصحاب الفكر المادي على مختلف نزعاتهم لهم كامل الحرية فيما يعتقدون دون أن يطلقوا سهامهم على خصائص الأمة أو دينها فليست هناك حرية بلا ضوابط حاكمة، إنها الفوضى حينئذ المؤدية إلى الهلاك والدمار وسقوط الأمة. قال تعالى (أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى) سورة القيامة الآية: 36 . هذه هي عقيدتنا في صورة مبسطة للغاية. هذا هو ديننا الذي نعتنق وقد ارتضاه لنا ربنا سبحانه وتعالى .. إنه الأساس الذي (نبنى عليه ونستمد منه ونرجع إليه) لقد فشل (الفكر) المادى بإعتراف أصحابه المؤسس أصلاً على الوثنيات، وذهبت (أفكار) رواده إلى زوايا النسيان وبقيت فقط المتاجرة به لتحصيل المنافع وجلب المصالح والاستيلاء على ثروات الأمم. وقد فصل (روجيه جارودي) هذا الكلام في كتابة (حفارو القبور: الحضارة التي تحفر للإنسانية قبرها) من منشورات دار الشروق مصر 1994. لقد سقطت أفكار دارون، نيتشه، فرويد، كايم، وكونت وغيرهم ممن ذكرهم الأستاذ سلامه موسى كتابه (هؤلاء علموني) والذي كان ينصح بقراءته حتى يلحق القارئ بالعصر عصر الإلحاد والبغي، لقد أصبح الإلحاد وهما!! ومتى كان؟! الإسلام نظام يحكم كل النشاط الإنساني كله فهو مرفوض من جانب أصحاب (الفكر المادي)!! لهم ما يشاءون، دون تجاوز. لأن الإسلام كنظام يحكم دنيا الناس كما يقول العلامة سيد سابق وعليه فإن هذا النظام يتكون من عدة أنظمة وهي: 1. نظام عبادي 5. نظام اقتصادي 2. نظام أسري 6. نظام مدني 3. نظام اجتماعي 7. نظام إداري 4. نظام جنائي 8. نظام سياسي فلا مجال لدخول أية منظومة أخرى مهما كانت، فهو نظام لا يقبل منظومات أخرى للعمل معه ولا يعمل إلا بشكل متكامل ولا يمكن لمفردة واحدة من المفردات أن تعمل بمعزل عن الأخرى لذا نوصفه بالنظام الشامل أو المتكامل هو من الأمور الطبيعية، لا نظام مع هذا النظام لأنه نظام رباني لا دخل فيه لرأي بشر بل وضع للبشر وعليه فهو لا يقبل الحذف أو الإضافة هو كما تلقيناه عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بدليل الآية القرآنية الكريمة (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) سورة المائدة الآية:3 . ولا أدري الهجوم العنيف على المنظومة التي ذكرناها قبل قليل (8 عناصر) وهي المكونة للنظام المستمد من القرآن والسنة النبوية والتي يجب أن تحكم دنيا الناس تنفيذاً لأمر الله سبحانه وتعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) سورة الذاريات الآية:56. والعبادة ليست الصلاة أو الصوم أو الزكاة أو الحج فقط العبادة هي تحقيق العناصر التي ذكرنا في أرض الواقع وليس من قبيل الإيمان المجاني أو التصديق القلبي!! لقد وضع المنهج ليعمل في أرض الواقع وليس كما يظن البعض وهم كثر أنه كلام للتصديق القلبي فقط ولا علاقة له بالواقع المعاش. وقد تكلم كبار العلماء عن صفة الواقعية في المنهج الإسلامي كثيراً ومنهم محمد عبد الله درار، عبد الجليل عيسى، وسيد سابق رحمهم الله جميعاً، ولكن الهوس العلماني يسعى بكل جهده لتفعيل منظومة الكراهية للدين والتدين والدين مسألة (ماضوية) نسبة إلى الماضي كما يقول: الدكتور "مراد وهبة"!! وبعضهم يقول أن الدين (تراث) بشري لابد النظر فيه لتوضيح مدى ملاءمته للعصر! ولله في خلقه شئون!! أقول لأصحاب الاتجاهات الليبرالية بكل تفريعاتها أن كلامكم محض آراء ولا يمكن لها أن تعمل بشكل يحقق مراد الله من خلقه. فلماذا كل هذا الإفساد الذي نراه يسود حياتنا (الثقافية) إذا كان لها بقية تذكر. إن واقعية المنهج الإسلامي تعترف بالثنائية التي هي أصل الإنسان (المادة والروح) لا المادة وحدها تعمل ولا الروح وحدها تعمل. هكذا خلقنا الله سبحانه وتعالي. فليس هناك لحظة تمجيد للمادة، كما أنه ليس هناك لحظة تمجيد للروح، إن تمجيد المادة لا مكان له في عقيدتنا إلا بالقدر الذي أراد الله له أن تكون وكذلك بالنسبة للروح! ولنا في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة والذي ينتهي بعد تفصيل إلى الأمر النبوي الكريم (ومن رغب عن سنتي فليس مني) وهو حديث مشهور لدى العامة من الناس. فقط تذكر لحظة المادة فقط تذكر لحظة الروح. إنها نقطة التعادل كما يقول أهل الاقتصاد لا مادية صرفة ولا روحية صرفة إنها الثنائية التي فطر عليها الإنسان نعم نظم تغني عن غيرها ولا يغني غيرها عنها. والحمد لله رب العالمين