كل سنة وكل مصري بخير.. حمدي رزق يهنئ المصريين بمناسبة عيد تحرير سيناء    مصدر نهر النيل.. أمطار أعلى من معدلاتها على بحيرة فيكتوريا    حلقات ذكر وإطعام، المئات من أتباع الطرق الصوفية يحتفلون برجبية السيد البدوي بطنطا (فيديو)    ارتفاع سعر الفراخ البيضاء وتراجع كرتونة البيض (أحمر وأبيض) بالأسواق الجمعة 26 أبريل 2024    هل المقاطعة هي الحل؟ رئيس شعبة الأسماك في بورسعيد يرد    القومي للأجور: قرار الحد الأدنى سيطبق على 95% من المنشآت في مصر    بقيمة 6 مليارات .. حزمة أسلحة أمريكية جديدة لأوكرانيا    حزب الله اللبناني يعلن تدمير آليتين إسرائيليتين في كمين تلال كفرشوبا    حركة "غير ملتزم" تنضم إلى المحتجين على حرب غزة في جامعة ميشيجان    بعد تطبيق التوقيت الصيفي.. تعرف على جدول مواعيد عمل محاكم مجلس الدولة    عبقرينو اتحبس | استولى على 23 حساب فيس بوك.. تفاصيل    رئيس مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير في دورته العاشرة: «تحقق الحلم»    أنغام تبدأ حفل عيد تحرير سيناء بأغنية «بلدي التاريخ»    هل العمل في بيع مستحضرات التجميل والميك آب حرام؟.. الإفتاء تحسم الجدل    فيديو جراف| 42 عامًا على تحرير سيناء.. ملحمة العبور والتنمية على أرض الفيروز    أنغام باحتفالية مجلس القبائل: كل سنة وأحنا احرار بفضل القيادة العظيمة الرئيس السيسى    بث مباشر لحفل أنغام في احتفالية مجلس القبائل والعائلات المصرية بعيد تحرير سيناء    قيادي بفتح: عدد شهداء العدوان على غزة يتراوح بين 50 إلى 60 ألفا    المحكمة العليا الأمريكية قد تمدد تعليق محاكمة ترامب    السعودية توجه نداء عاجلا للراغبين في أداء فريضة الحج.. ماذا قالت؟    الدفاع المدني في غزة: الاحتلال دفن جرحى أحياء في المقابر الجماعية في مستشفى ناصر بخان يونس    "الأهلي ضد مازيمبي ودوريات أوروبية".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    خالد جادالله: الأهلي سيتخطى عقبة مازيمبي واستبعاد طاهر منطقي.. وكريستو هو المسؤول عن استبعاده الدائم    الشروق تكشف قائمة الأهلي لمواجهة مازيمبي    طارق السيد: ملف خالد بوطيب «كارثة داخل الزمالك»    حدثت في فيلم المراكبي، شكوى إنبي بالتتويج بدوري 2003 تفجر قضية كبرى في شهادة ميلاد لاعب    بعد 15 عاما و4 مشاركات في كأس العالم.. موسليرا يعتزل دوليا    رائعة فودين ورأسية دي بروين.. مانشستر سيتي يسحق برايتون ويكثف الضغط على أرسنال    ملف يلا كورة.. تأهل يد الزمالك ووداع الأهلي.. قائمة الأحمر أمام مازيمبي.. وعقوبة رمضان صبحي    عاجل - "التنمية المحلية" تعلن موعد البت في طلبات التصالح على مخالفات البناء    ارتفاع سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الجمعة 26 أبريل 2024    سرقة أعضاء Live مقابل 5 ملايين جنيه.. تفاصيل مرعبة في جريمة قتل «طفل شبرا الخيمة»    عاجل - الأرصاد تحذر من ظاهرة خطيرة تضرب البلاد.. سقوط أمطار تصل ل السيول في هذا الموعد    مسجل خطر يطلق النار على 4 أشخاص في جلسة صلح على قطعة أرض ب أسيوط    استشاري: رش المخدرات بالكتامين يتلف خلايا المخ والأعصاب    الأقصر.. ضبط عاطل هارب من تنفيذ 35 سنة سجنًا في 19 قضية تبديد    حكايات..«جوناثان» أقدم سلحفاة في العالم وسر فقدانها حاستي الشم والنظر    رئيس الشيوخ العربية: السيسي نجح في تغيير جذري لسيناء بالتنمية الشاملة وانتهاء العزلة    تبدأ اليوم.. تعرف على المواعيد الصيفية لغلق وفتح المحال والمولات    حظك اليوم.. توقعات برج الميزان 26 ابريل 2024    ليلى أحمد زاهر: مسلسل أعلى نسبة مشاهدة نقطة تحوّل في بداية مشواري.. وتلقيت رسائل تهديد    لوحة مفقودة منذ 100 عام تباع ب 30 مليون يورو في مزاد بفيينا    مخرج «السرب»: «أحمد السقا قعد مع ضباط علشان يتعلم مسكة السلاح»    بدرية طلبة عن سعادتها بزواج ابنتها: «قلبي بيحصله حاجات غريبه من الفرحة»    عروض فنية وموسيقى عربية في احتفالية قصور الثقافة بعيد تحرير سيناء (صور)    «تنمية الثروة الحيوانية»: إجراءات الدولة خفضت أسعار الأعلاف بنسبة تخطت 50%    «اللهم بشرى تشبه الغيث وسعادة تملأ القلب».. أفضل دعاء يوم الجمعة    الأغذية العالمي: هناك حاجة لزيادة حجم المساعدات بغزة    سفير تركيا بالقاهرة يهنئ مصر بذكرى تحرير سيناء    خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف مكتوبة 26-4-2024 (نص كامل)    طريقة عمل الكبسة السعودي بالدجاج.. طريقة سهلة واقتصادية    الجيل: كلمة الرئيس السيسي طمأنت قلوب المصريين بمستقبل سيناء    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    يقتل طفلًا كل دقيقتين.. «الصحة» تُحذر من مرض خطير    عالم أزهري: حب الوطن من الإيمان.. والشهداء أحياء    بالفيديو.. ما الحكم الشرعي حول الأحلام؟.. خالد الجندي يجيب    قبل تطبيق التوقيت الصيفي، وزارة الصحة تنصح بتجنب شرب المنبهات    6 نصائح لوقاية طفلك من حمو النيل.. أبرزها ارتداء ملابس قطنية فضفاضة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خيارات إسرائيل وقبرص فى تصدير الغاز الطبيعى المنهوب من مصر ولبنان
نشر في الشعب يوم 12 - 11 - 2013

سايمون هندرسون - معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى
فضيحة .. حكومة الانقلاب وافقت على عرض صهيونى رفضه الرئيس مرسى لاستخدام مجمّع سيجاس Segas الإسبانى فى ميناء دمياط لإسالة الغاز الإسرائيلى!
تل أبيب تخطط لتصدير الغاز لمصر من خلال عكس مسار خط الغاز الحالى الممتد من العريش إلى عسقلان
الاحتياطى الصهيونى من الغاز بعد سرقته من مصر أصبح 680 بليون م³ أى 0.4% من الاحتياطى العالمى مقابل 2% لمصر و18% لإيران و17% لروسيا
قطر أمدت مصر بسفن غاز مسال بعد الانقلاب من أجل مدّ زبائن مصر الخارجيين بالغاز بعد تعذر الوفاء بالتزامات عقود تصدير سابقة!!
تنبئ اكتشافات الغاز الطبيعى البحرية، داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة (EEZ) لكل من إسرائيل وقبرص، باكتشاف المزيد من حقول الغاز مستقبلا. وكان الحقلان المكتشفان قبالة الساحل الإسرائيلى - حقل «تَمار» (10 تريليونات قدم³) عام 2009، ثم حقل "لڤيتان" (19 تريليون قدم³) عام 2010- أكثر اكتشافات الغاز الطبيعى أهمية، وقتذاك، فى عمق البحر ( 2000 متر). ويقدر احتياطى حقل "أفروديت" القبرصى الوحيد، المكتشف عام 2011، بنحو 2.5 تريليون قدم³ من الغاز الطبيعى. وهذه الكميات ضئيلة بالقياس لاحتياطى الغاز الطبيعى العالمى. فإن إيران لديها احتياطى مؤكد يبلغ 1187 تريليون قدم³، وقطر لديها احتياطى مؤكد يبلغ 885 تريليون قدم³، وضمن نطاق شرق البحر المتوسط، ولدى مصر احتياطى مؤكد يبلغ 72 تريليون قدم مكعب، ورغم ذلك، فإن هذه الاكتشافات لها أثر كبير فى التنمية الاقتصادية وتعزيز أمن الطاقة فى البلدين.
ومع أن حقلى "لڤيتان" و"أفروديت"، وسواهما من الحقول الجديدة، لم يجر استكشافهما بالكامل، يبدو جليا منذ الآن أنه سيكون للبلدين فائض من الغاز يكون متاحا للتصدير. وبالنسبة لإسرائيل، سمحت الحكومة بتصدير ما نسبته 40% من احتياطى الغاز المكتشف طبقا لتقديرات العام 2013. أما قبرص، ونظرا لعدد سكانها المنخفض نسبيا، فإن تلبية احتياجات الاستهلاك المحلى لن تتجاوز نسبة 10% من احتياطها من الغاز الطبيعى. وسيُمكن بالتالى تصدير معظمه.
أما بالنسبة للنفط، فلم يتم اكتشافه بعد «فى الحوض المشرقى»، لكن من المتوقع حصول هكذا اكتشافات مستقبلا. ونظرا لمعدل تفاضل السعر الجارى بين النفط والغاز – والبالغ نحو 1:4 لجهة محتوى الطاقة فى النفط، وتكاليف إنتاجه المتدنية، وتسويقه الأسهل – فهناك حافز أكبر لاستخراج النفط، بشرط أن تبرر الكميات المكتشفة، من الناحية التجارية، تكلفة استخراجه. فالشركة المنقبة الرئيسية، والمشغلة، فى المنطقتين الاقتصاديتين الخالصتين لإسرائيل وقبرص، أى شركة "نوبل إنرجى" الأمريكية، تعتزم القيام، فى العام 2014، بحفر اختبارى "تنقيبا عن النفط فى العمق". وتفيد الشركة بأن هناك "مشاريع تنقيب مشابهة عديدة" فى المساحة المشمولة بعقد امتيازها. كما أسفر استثمار حقلى "تَمار" و"لڤيتان" منذ الآن عن كميات ملحوظة من "متكثفات الغاز الطبيعى"، والتى هى مشتقات قيمة تُستخدم فى الصناعة البيتروكيماوية. والمتكثفات هى مصادر هيدروكربونية سائلة تُفرز عن الغاز عند درجات حرارة منخفضة.
إمداد الأسواق المحلية
فى إسرائيل، بدأ استخراج الغاز الطبيعى فى العام 2004، من بئر مارى - بى المستنزفة حاليا، الواقعة ضمن حقل "يام ثيتيس" المقابل لساحل أسدود. ولقد بيع الغاز المستخرج إلى شركة الكهرباء الإسرائيلية الحكومية، التى استوردت أيضا الغاز المصرى خلال الفترة 2008– 2012. وتصل إمدادات الغاز المحلية والمستوردة، بالإضافة إلى إمدادات الغاز الآتية من حقل "تَمار" بدءا من مارس 2013، إلى محطات توليد الطاقة الكهربائية التابعة للشركة. وهناك محطات لتوليد الطاقة أصغر حجما، عاملة على الغاز وممولة من شركات خاصة، التى تزود بعض المنشآت الصناعية بالطاقة الكهربائية. وتبلغ قدرات إسرائيل الإجمالية على توليد الطاقة الكهربائية 12 ألف ميجاوات.
وبحلول العام 2025، سيشكل الغاز الطبيعى مصدر توليد ما نسبته 50% من الطاقة الكهربائية المنتجة فى إسرائيل. فمن قبل، استُخدم الفحم الحجرى بشكل رئيسى لتوليد الطاقة، بالإضافة إلى المازوت كمصدر ثان للوقود. أما الآن، ومن أصل أكبر خمس محطات لتوليد الطاقة فى إسرائيل، هناك ثلاث منها عاملة حاليا على الغاز، وهى: "ردينج" (شمالى تل أبيب)، "إشكول" (قرب أسدود)، و"حيفا" (داخل المنطقة الصناعية لهذه المدينة الساحلية الشمالية). وهناك خطط لتحويل محطة "أوروت رابين"، قرب الخضيرة، من الفحم الحجرى إلى الغاز الطبيعى. وهكذا لا يبقى سوى محطة كبيرة واحدة تستخدم الفحم الحجرى فى توليد الطاقة، وهى محطة "روتنبرج" القريبة من عسقلان، وذلك حرصا على تنويع مصادر (وأمن) الطاقة. ولقد وقعت شركة الكهرباء الإسرائيلية عقدا لخمسة عشر عاما (وفق مبدأ الاستلام أو الدفع الملزم) لشراء 78 بليون م³ من الغاز من حقل "تمار"، مع حق زيادة الكمية إلى 99 بليون م³. وهناك عقود أخرى موقعة بحيث تبلغ قيمة العقود الإجمالية نحو 145 بليون م³، مع حق شراء 23 بليون م³ إضافية. وبالتالى، تبقى كمية فائضة فى حقول الغاز، بمقدار 114 بليون م³، والتى سيُتاح بيعها.
وتعتزم إسرائيل أيضا استخدام الغاز الطبيعى المستخرج، بالإضافة إلى متكثفات الغاز، كمادة أولية فى منشآتها البتروكيماوية فى حيفا. كما تنوى إسرائيل استخدام الغاز لزيادة إنتاج معامل تحلية مياه البحر، لأنها عملية مُكلفة تستهلك الكثير من الوقود. وهناك خطط لزيادة استخدام الميثانول والغاز الطبيعى المضغوط (CNG) كوقود لوسائل النقل، ولا سيما الشاحنات والباصات على اختلافها. لكن هذا يثير المخاوف من اعتماد قطاعات إسرائيل الاقتصادية على الغاز الطبيعى أكثر من اللزوم. والسبب هو أمنى بالدرجة الأولى: فالبنية التحتية للغاز الطبيعى غير حصينة، وبالتالى فإن أى ضرر تتعرض له سيؤدى إلى تعطيل سير عمل الاقتصاد برمته. وفى كافة الأحوال، يتوقف نجاح التحول نحو استخدام الغاز الطبيعى فى إسرائيل على نطاق واسع، على اكتشاف كميات كبيرة إضافية من الغاز الطبيعى القابل للاسترداد من الناحية الفنية.
ولقد أعلنت حكومة إسرائيل، فى يونيو 2013، عن جوهر سياسة تصدير الغاز الرسمية. فاقترحت هيئة وزارية ضمت كلا من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير المال يائير لبيد، ووزير الطاقة والمياه سيلفان شالوم، وحاكم مصرف إسرائيل المركزى ستانلى فيشر، أن يُسمح بتصدير 40% من إنتاج الغاز. وأضافت الهيئة تدبيرا احتياطيا ينص على إدراج مبيعات الغاز إلى الأردن والسلطة الفلسطينية فى الضفة الغربية، ضمن حصة ال 60% المخصصة للاستخدام المحلى. لكن مجلس الوزراء مجتمعا أسقط هذه الفقرة. ويواجه هذا القرار الحكومى اعتراضا قانونيا من مجموعات ضغط سياسية وبيئية، التى تطالب بطرحه للنقاش فى الكنيست الإسرائيلى. فالقرار معلق إذا، لكن يبدو أنه سيُصادق فى النهاية على سياسة تصدير الغاز، لاعتبارات تتعلق بسد عجز ميزان المدفوعات وتقديم الحوافز لشركات التنقيب عن الغاز والمستثمرين.
قبرص
تمتلك هيئة الكهرباء القبرصية قدرات على توليد الكهرباء بطاقة تبلغ 1410 ميجاوات، منها 830 ميجاوات مصدرها محطة "ڤاسيليكوس" الجديدة لتوليد الطاقة الكهربائية، والتى استُكمل بناؤها مؤخرا على الساحل الجنوبى للجزيرة. وتقوم، فى هذه المحطة، ثلاث وحدات توربينية بخارية بحرق المازوت لتوليد 130 ميجاوات من الطاقة الكهربائية. بينما تعمل، حاليا، وحدتان إضافيتان على الديزل لتوليد 220 ميجاوات من الطاقة؛ لكنهما ستعملان، مستقبلا، على الغاز الطبيعى، المستورد أو الآتى عبر خط أنابيب من حقل "أفروديت". وهناك مخطط لبناء منشأة للغاز المسال (LNG) فى "ڤاسيليكوس"، ينتظر الضوء الأخضر، والاستثمارات المطلوبة لتنفيذه. فقرار بناء المنشأة الصادر عن مجلس الوزراء فى 2012، قد جرى تأكيده فى أبريل 2013، من قبل الرئيس المنتخب الجديد، نيكوس أنستزيادس. وقد يُستخدم الغاز الطبيعى فى معامل تحلية مياه البحر، ولمعالجة مشكلة النقص بالمياه، المزمنة فى قبرص.
ومن المتوقع أن يؤدى توافر إمدادات الغاز الطبيعى المحلية إلى تحسين ميزان مدفوعات قبرص، وإلى خفض أسعار الكهرباء، التى هى الأعلى فى أوروبا. وستخلق مشاريع البنى التحتية الضرورية فرص عمل جديدة. وسيؤدى خفض أسعار الكهرباء إلى جعل الاقتصاد القبرصى أكثر تنافسية، وإلى تعزيز جهود إعادة هيكلة الاقتصاد، بعيدا عن الارتهان للخدمات المصرفية والمالية، الناجم عن الأزمة الاقتصادية والمالية الأخيرة.
خيارات التصدير بحسب المقصد
يستعرض هذا القسم خيارات التصدير قيد البحث فى كل من إسرائيل وقبرص، ويحلل بإيجاز مزايا ومساوئ كل منها.
إسرائيل
إن قدرات إسرائيل التصديرية، رغم أهميتها فإنها ضئيلة بالمقاييس العالمية. فإن احتياطى إسرائيل من الغاز الطبيعى، والذى يبلغ، طبقا لتقديرات لجنة "تسيمح" الرسمية لعام 2012، نحو 680 بليون م³ (3.24 تريليون قدم³)، ضئيل نسبيا. فهو يشكل أقل من 0.4% من الاحتياطى العالمى المؤكد من الغاز الطبيعى. ولا مجال لمقارنته مع احتياطى إيران المؤكد من الغاز (18% من الاحتياطى العالمى)، واحتياطى روسيا (6 .17%)، واحتياطى قطر (13.4%). وحتى مصر لديها احتياطى مؤكد لا بأس به (2%). وعلى صعيد الإنتاج السنوى، ف هى المنتج الأول (592 بليون م³)، تليها إيران (160 بليون م³) فقطر (157 بليون م³). وبالمقارنة، ستبدأ إسرائيل، اعتبارا من أواخر العام 2013، بإنتاج نحو 7 بلايين م³ فى السنة، فى حقلها العملانى الرئيسى "تمار".
خطوط الأنابيب
• إلى الأردن: تعطل إمداد المملكة الهاشمية الأردنية بالغاز المصرى، مرارا، منذ سقوط نظام حسنى مبارك فى مطلع 2011. وفى مطلع العام 2013، تقلص إمداد الأردن بالغاز إلى كسر من عقد الشراء السنوى البالغ نحو 3 بلايين م³. فاضطر الأردن لشراء المازوت الغالى بدلا من الغاز لتوليد الطاقة الكهربائية. وتمتد شبكة أنابيب الغاز ا ية لإسرائيل، أو ستمتد مستقبلا لغاية «جبل» سدوم، جنوب البحر الميت، وإلى أطراف مرج بن عامر فى الشمال، على الضفة الجنوبية لبحيرة طبريا. والمسافة بين هذين الموقعين والحدود مع الأردن لا تتجاوز بضعة أميال.
وهناك مقترح قيد البحث، ويقضى بأن تمد إسرائيل "شركة البوتاس العربية" الأردنية بالغاز الطبيعى، عبر إطالة خط الأنابيب الذى ينقل حاليا الغاز إلى معامل البحر الميت التابعة لشركة "كيميكاليم ليسرائيل". وبما أن الشركة الكندية PSC هى مساهم أساسى فى "شركة البوتاس العربية"، يمكن إظهار الصفقة كعقد توريد بين الشركة الأمريكية (نوبل إنرجى) والشركة الكندية المذكورة، بقصد تخفيف حدة المعارضة السياسية الداخلية الأردنية للصفقة إلى حدها الأدنى. لكن، بالإضافة لموافقة الحكومة الأردنية، ينبغى الحصول على موافقة سائر المساهمين «فى شركة البوتاس العربية»: السعوديين، والكويتيين، والإماراتيين، ومسئولى البنك الإسلامى للتنمية.
• إلى السلطة الفلسطينية فى الضفة الغربية: هناك مقترح لبناء محطة لتوليد الطاقة بالقرب من مدينة جنين، شمالى الضفة الغربية، وتشغيلها بالغاز الطبيعى الآتى من إسرائيل أو من حقل غزة البحرى (غزة مارين) غير المستثمر، والذى يقدر احتياطى الغاز فيه بتريليون قدم³ (28 بليون م³). إذ لا توجد حاليا محطة لإنتاج الطاقة فى الضفة الغربية؛ وتلبى إسرائيل 95% من الطلب على الكهرباء، والأردن ال 5% الباقية. كما أن حقل "غزة مارين" مملوك لصندوق الاستثمار الفلسطينى، وهو يخضع لإشراف السلطة الفلسطينية ومقرها رام الله، وليس لحركة حماس فى قطاع غزة. ومن الناحية الفنية، يكمن الحل الأسهل فى ربط هذا الحقل بالشبكة البحرية لنقل الغاز الإسرائيلى، كونه قريبا جدا من بئر مارى - بى المستنزفة، ومن منصة "تمار" الجديدة. ويمكن أن تشترى المحطة الغاز مباشرة من إسرائيل.
• إلى قطاع غزة: يشتغل معمل الطاقة الوحيد فى قطاع غزة على المازوت المستورد من إسرائيل. وتأتى إمدادات إضافية من الكهرباء من إسرائيل، وبمقدار أقل من مصر. وهناك اقتراح يقضى بتحويل محطة الطاقة الوحيدة فى القطاع للعمل على الغاز الطبيعى، وبأن تأتيها إمدادات الغاز من إسرائيل أو من حقل "غزة مارين" البحرى غير المستثمر.
وهناك مجال للتوصل لحالة مربحة لكل الأطراف، على النحو التالى: تتوقف إسرائيل عن تصدير الكهرباء أو المازوت، غير المسدد ثمنهما كما ينبغى، إلى قطاع غزة؛ وتجبى السلطة الفلسطينية عوائد الملكية عن غاز حقل "غزة مارين"؛ وتؤمن إدارة حماس لسكانها فى القطاع إمدادا منتظما بالطاقة الكهربائية. لكن هذا الأمر يتطلب موافقة الأطراف الثلاثة.
• إلى تركيا: يمكن ضخ الغاز من حقل"لڤيتان" العملاق، شمالا باتجاه تركيا، عبر خط أنابيب ممتد فى قاع البحر فى المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص، من دون رسو الخط على الجزيرة. وهذا يؤمن لإسرائيل منفذا إلى السوق الداخلية التركية الواسعة التى تستهلك 40 بليون م³ سنويا، وإلى أوروبا عبر شبكة خطوط الغاز العابرة لتركيا. وقد تمارس قبرص حقها فى منع مسار خط الأنابيب داخل منطقتها الاقتصادية الخالصة، بوصفها أحد الموقعين على "اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار" UNCLOS. لكن ظروفها المالية السيئة منذ الأزمة المالية والاقتصادية لعام 2013، قد تحثها على إبداء بعض المرونة. كما أن الكراهية التركية لقبرص قد تلطفها أولا، الحاجة لتنويع واردات الغاز التى تتحكم بها ، وثانيا، الفائدة المتمثلة فى التزام مشاريع مد خطوط الأنابيب التى ستعود بالأرباح على شركات الإنشاءات التركية.
• إلى تركيا عبر قبرص: يمكن ضخ الغاز من حقل"لڤيتان" الإسرائيلى ومن حقل "أفروديت" مجتمعين، شمالا نحو الجزيرة، إلى الساحل القبرصى، بحيث يعالج الغاز فى محطة "ڤاسيليكوس" للطاقة... ويمكن إعادة ضخ الغاز المنقى من الشوائب، فى خط عابر للجزيرة، وصولا إلى "جمهورية شمال قبرص التركية". ومن هناك يمكن نقله عبر خط تحت- بحرى إلى البر التركى، حيث يمكن ربطه بشبكة الخطوط المحلية، أو بخطوط الغاز العابرة لتركيا وصولا إلى أوروبا.
• إلى اليونان عبر قبرص: هناك خيار جرى بحثه لمد خط تحت- بحرى لإيصال إمدادات الغاز الإسرائيلية والقبرصية إلى اليونان، حيث يربط بشبكات خطوط الغاز الأوروبية. لكن المسافات طويلة، وتضاريس قاع البحر لا تساعد على مد خط الأنابيب.
• إلى مصر، من خلال عكس مسار ضخ الغاز فى خط الأنابيب الممتد من العريش إلى عسقلان: منذ إسقاط نظام مبارك، ازداد بشكل حاد الطلب المحلى على الغاز الطبيعى فى مصر. كما أن لمصر التزامات بموجب عقود تصدير الغاز يصعب إيفاؤها. وفى أغسطس 2013، وضعت قطر فى تصرف مصر ناقلات محملة بالغاز المسال من أجل مد زبائن مصر الخارجيين بالغاز. وهناك فى مصر طلب على الغاز المستورد، رغم أنه ليس لديها حاليا "منصة عائمة لإعادة الغاز المسال إلى حالته الطبيعية الغازية" (regasification vessel). وبالتالى، تبقى إسرائيل مصدرا محتملا للغاز الطبيعى إلى مصر، وسيواجه هكذا مخطط، على الأرجح، باعتراضات سياسية محلية مصرية. وقد يمكن تجاوز هذه المشكلة، إذا نجحت إسرائيل فى مد الأردن، والسلطة الفلسطينية فى الضفة الغربية، وقطاع غزة، بالغاز الطبيعى.
الغاز الطبيعى المسال LNG: مشاريع وخيارات قيد البحث
• منشأة لإنتاج الغاز الطبيعى المسال على الساحل الإسرائيلى من ناحية البحر الأبيض المتوسط: يمكن أن تتلقى هذه المنشأة الغاز الطبيعى من حقلى "تَمار" و"لڤيتان"، إلى غاز مُسال معد للتصدير. يمكن بيع هذا الغاز المسال إلى أوروبا أو شحنه عبر قناة السويس إلى الأسواق الآسيوية وغيرها من الأسواق... لكن، وبغض النظر عن العراقيل السياسية الخارجية المتوقعة، سيواجه هذا الخيار باعتراضات إسرائيلية داخلية لدوافع بيئية، وبمشكلة النقص فى المواقع المتاحة لإقامة هذه المنشأة.
• منشأة لإنتاج الغاز الطبيعى المسال على شاطئ البحر الأحمر بالقرب من إيلات: جرى التفكير بمنطقة خارج مرفأ إيلات لإقامة منشأة للغاز الطبيعى المسال. وهذا مقترح مغر لأنه يسمح بمد الأسواق الآسيوية بالغاز الإسرائيلى، مباشرة، من دون عبور قناة السويس. لكن، وبغض النظر عن صغر مساحة الأرض المتاحة، وغير الملائمة من الناحية التجارية، فإن أى منشأة لإنتاج الغاز الطبيعى المسال فى إيلات ستكون عرضة لنيران الصواريخ والهاون من الأراضى المصرية أو الأردنية.
• منشأة لإسالة الغاز الإسرائيلى فى المنطقة الصناعية لمرفأ العقبة الأردنى على البحر الأحمر، القريب من إيلات: ولقد قيمت شركة نوبل إنرجى هذا الموقع، بالإضافة إلى مواقع أخرى فى إسرائيل وقبرص، وهى تخطط لاستكمال "التصميم الهندسى الأولى للواجهات الأمامية" (Pre-FEED) فى 2013. وتدعم الولايات المتحدة الأمريكية تطوير العقبة كمحور موزع للطاقة. وهى تشجع مد خط أنابيب من العراق إلى محطة طرفية terminal فى ميناء العقبة، للالتفاف على مضيق هرمز المعرض للخطر من الناحية الاستراتيجية. لكن، من المستبعد أن توافق إسرائيل على وجود هذا الرصيد الاستراتيجى «الإسرائيلى» فى الأردن. كما أن دولا عربية، ومن ضمنها الكويت وقطر، تحاول على ما يبدو عرقلة هذا الخيار، من خلال عرضها على الأردن تمويل إقامة منشأة "لإعادة الغاز المسال إلى حالته الطبيعية الغازية"، بحيث يتمكن الأردن من استيراد الغاز الطبيعى المسال «من قطر أساسا»، وتنتفى الحاجة لشراء الغاز الإسرائيلى أو لتسهيل تصديره.
• منصة عائمة لإنتاج الغاز الطبيعى المسال (FLNG) قبالة الساحل الإسرائيلى فى شرق البحر المتوسط: يمكن وضع هكذا منصة مباشرة فوق الحقول المنتجة، فترسو إلى جانبها الناقلات لتحميلها بالغاز المسال. وتكمن الميزة الإضافية لهذه المنصة العائمة (FLNG vessel) فى أنها تقلص الحاجة لخطوط أنابيب تحت البحر معقدة ومكلفة. كما يمكن نقل موقع المنصة العائمة من أول الحقل لآخره ومن حقل لحقل. وتدرس شركة نوبل إنرجى جدوى إقامة منصة عائمة فوق حقل "تَمار"، طاقتها الإنتاجية 4.3 مليون طن مترى من الغاز الطبيعى المسال سنويا (mmtpa)، على أن يبدأ الإنتاج فى العام 2018. وهناك اتفاقية بين اتحاد شركات الغاز بقيادة نوبل إنرجى والشركة الكورية الجنوبية (Daewoo Shipbuilding and Marine Engineering) لدراسة تصميم وبناء هذه المنصة العائمة. كما أن هناك خطاب نوايا غير مُلزم بين الشركة الكورية المذكورة و"غازبروم" الروسية، والتى تتضمن مد "غازبروم" بالغاز المسال من هذه المنصة. ويمثل تصميم وبناء هذه المنصة توسيعا لحدود التكنولوجيا لأن المنصة الأولى من نوعها، والتى ستقام قبالة الساحل الغربى لأستراليا، لم تُستكمل بعد، ولم تصبح عملانية حتى الآن. وتجرى الشركة الأسترالية المشرفة على تنفيذ هذه المنصة، "وودسايد بتروليوم"، مفاوضات مع شركة نوبل إنرجى وشريكاتها الإسرائيلية من أجل شراء حصة كبيرة من أسهم حقل"لڤيتان".
وقد تكون المنصة العملاقة، التى يعادل حجمها حجم أربع حاملات طائرات، عرضة لهجمات الصواريخ المضادة للسفن، وحتى القذائف الصاروخية. لكن الخبراء يهونون من المخاطر الأمنية، ويتوقعون أن تؤدى جاذبيةَ "المنصة العائمة لإنتاج الغاز الطبيعى المسال"، ليس فقط فى شرق البحر المتوسط، وإنما فى أنحاء أخرى من العالم، إلى اختراقاتٍ تكنولوجية، وإلى خفض للتكاليف يجعلها مجدية تجاريا.
• تستطيع إسرائيل ضخ الغاز الطبيعى من حقل "لڤيتان" عبر خط أنابيب تحت البحر إلى منشأة الغاز الطبيعى المسال المزمع إنشاؤها فى"ڤاسيليكوس"، على الساحل الجنوبى لقبرص: وهذا من شأنه تعزيز الاستمرارية التجارية للمنشأة. وستظل خطط بناء قدرات إنتاج الغاز الطبيعى المسال «القبرصية» مجرد محاولات إلى حين يتم استكشاف إمكانات حقل "أفروديت" كاملة. فإن حجمه الحالى، المقدر بنحو 2.5 تريليون قدم³ (145،6 بليون م³)، قد يؤمن مخزونا من المواد الأولية، كافٍ لمنشأة تحتوى وحدة إنتاج واحدة فقط لا غير من الغاز الطبيعى المسال one LNG train «طاقتها الإنتاجية 5 ملايين طن مترى من الغاز المسال سنويا». أما إذا تبين أن حقل "أفروديت" أكبر مما يُقدر الآن، أو إذا تم اكتشاف حقول غاز أخرى، أو أبدت إسرائيل أو الدولة اللبنانية، استعدادا لضخ الغاز، من منطقتهما الاقتصادية الخالصة إلى قبرص، فسترتفع بصورة ملحوظة فرص وجدوى إقامة منشأة كبيرة الحجم للغاز المسال «على الساحل القبرصى».
وبما أنه يجرى التخطيط لمد خط أنابيب يربط حقل "أفروديت" القبرصى البحرى ببر الجزيرة، فيمكن أن يُربط به خط أنابيب إسرائيلى. أن المسافة طويلة – أكثر من 180 كلم- وقد تطول أكثر بسبب تضاريس قاع البحر. لكن حجمى حقلى "أفروديت" و"لڤيتان"، مجتمعين، قد يعززان من الجدوى التجارية لمنشأة "ڤاسيليكوس" للغاز الطبيعى المسال. فهذا يسمح بتوسيع طاقتها من وحدة إنتاج، طاقتها الإنتاجية 5 ملايين طن مترى من الغاز الطبيعى المسال سنويا، إلى ثلاث وحدات إنتاج أو أكثر، طبقا للتوقعات الأكثر تفاؤلا. وهكذا، تنخفض تكاليف وحدات إنتاج الغاز المسال الإضافية، لأن الإنتاج الموسّع يحقق "وفورات الحجم" economies of scale....
لكن قرارا إسرائيليا بضخ صادراتها من الغاز الطبيعى عبر قبرص سيكون مناقضا لإحدى أبرز توصيات لجنة تسيمح لعام 2012 – التوصية التى تنص على "ربط جميع حقول الغاز القائمة ضمن أراضى إسرائيل أو منطقتها الاقتصادية الخالصة، بشبكة نقل الغاز القبرصية". لكن هناك توصية ثانية – تنص على التالى:"إن الأفضلية المطلقة هى لتصدير الغاز الطبيعى من منشآت (برية أو بحرية) واقعة ضمن الأراضى الإسرائيلية (بما فيها المنطقة الاقتصادية الخالصة)"- والتى قد تتيح إمكانية التصدير عبر قبرص.
• استخدام قدرات إسالة الغاز المصرية الفائضة: قد تتمكن إسرائيل من الاستفادة من الطاقة غير المستخدمة لإسالة الغاز المصرية، وتحديدا من مجمع سيجاس Segas LNG، فى ساحل «دمياط» المصرى على البحر المتوسط (ملحوظة : تقع شركة الغاز المصرية الإسبانية سيجاس فى دمياط على ساحل البحر المتوسط، على بعد 60 كيلومترًا غرب بور سعيد ).
• وعندما طرحت الفكرة لأول مرة، عارضتها حكومة الإخوان المسلمين وبذلت ما فى وسعها لعرقلتها. لكن، منذ مجىء حكومة موالية للمؤسسة العسكرية، فى منتصف العام 2013، عاد الاعتبار لهذا الخيار على ما يبدو. ففى أغسطس 2013، بعثت شركة "ديليك" للحفر«Delek Drilling» الإسرائيلية برسالة إلى بورصة تل أبيب، تُعلمها فيها بالمباحثات التى تجريها حول مد مصر بالغاز، وباقتراحها عكس مسار خط العريش- عسقلان، الذى كان يمد إسرائيل بالغاز المصرى حتى العام 2012، وذلك بهدف إيصال الغاز الإسرائيلى إلى منشآت الغاز المسال «المصرية».
الغاز الطبيعى المضغوط
أفادت تقارير أن إسرائيل قد تزود مركز الطاقة القبرصى"ڤاسيليكوس"، الذى أصبح عملانيا فى 2013، بالغاز الطبيعى المضغوط CNG فى سبيل تشغيل الوحدات العاملة بالدورة المركبة بقدرة توليد 440 ميجاوات من الطاقة الكهربائية. وتحتاج التوربينات لتشغيلها ما بين 0،5 و0،7 بليون م³ من الغاز الطبيعى المضغوط. ولقد طرح بديل "الغاز الطبيعى المضغوط"، لأنه لا يوجد أنبوب غاز قادم من إسرائيل «إلى قبرص»، ولا منشأة لإنتاج الغاز المسال فى الوقت الحالى. وتقوم الفكرة على استخدام باخرة مصممة خصيصا لهذا الغرض، كحل أرخص نسبيا، وملائم مؤقتا للحاجة الآنية الملحة، قبل بدء ضخ الغاز من حقل "أفروديت" إلى قبرص. لكن الوجه السلبى للمسألة هو أن هذه التكنولوجيا غير راسخة، وأن البواخر الملائمة غير متوافرة على الفور. وبالتالى، لا يبدو هذا الخيار قابلا للحياة.
قبرص
خطوط الأنابيب
• إلى اليونان: مع أو من دون الغاز الإسرائيلى: تدرس قبرص جدوى مد خط أنابيب فى قاع البحر وصولا إلى اليونان، وربطه بشبكات نقل الغاز الأوروبية. لكن عمق المياه – 6000 قدم- يقيد مواصفات قُطر أنبوب الغاز التحت- بحرى. ويحتاج الأمر إلى خمسة أو ستة خطوط أنابيب من أجل تصدير كميات معقولة من الغاز، مما يجعل العملية غير مجدية اقتصاديا.
• إلى تركيا: تعترض هذ الخيار قيود سياسية عسيرة، رغم مسوغه التجارى الظاهر. فالطلب على الغاز فى تركيا كبير ومتزايد، وهو يبلغ حاليا نحو 40 بليون م³ فى السنة. وتؤمن تركيا منفذا إلى أوروبا، حيث يُلبى مورد واحد، ألا وهو ، الطلب الأوروبى على الغاز، البالغ نحو 400 بليون م³ فى السنة. ومن الناحية اللوجستية، يحتاج هذا المسار إلى خط أنابيب تحت- بحرى قصير نسبيا (نحو 100 كلم). فالمسافة برا، بين السواحل الجنوبية لقبرص وسواحلها الشمالية، قصيرة نسبيا. وفى تركيا، هذا يتطلب بناء خطوط أنابيب جديدة وربطها بشبكة الغاز الوطنية التركية وبخطوط العبور إلى أوروبا.
وبغض النظر عن التعقيدات السياسية، أن الجدوى التجارية لهذا الخيار موضع تساؤل. وهذا مبنى على فرضية أن يرتفع النمو فى الطلب المحلى على الغاز فى تركيا، بموازاة نمو الاقتصاد التركى. وقد يواجه الغاز القبرصى، فى تركيا، منافسةً متزايدة من مورّدين آخرين، كالعراق، وإيران، وأذربيجان.
وهناك مصادر جديدة لأنواع غير تقليدية من الغاز، ومن ضمنها الغاز الصخرى، التى يتوقع أن يزداد نصيبها من تجارة المصادر الهيدروكربونية فى العقد القادم. وعلى ضوء عدم اليقين الذى يحيط بمستقبل الطلب التركى والأوروبى على الغاز، بالإضافة إلى عدم اليقين الذى يحيط بالتكاليف، والأسعار المطبقة، ورسوم العبور، عندما يبدأ الغاز بالتدفق من قبرص، قد يكون المنطق التجارى لهذا الخيار أقل جدوى مما يبدو
للوهلة الأولى.
الغاز الطبيعى المسال LNG
• منشأة لإنتاج الغاز الطبيعى المسال على الساحل الجنوبى فى"ڤاسيليكوس": هذا هو خيار التصدير المفضل لقبرص. فلقد صادق الرئيس القبرصى الجديد، نيكوس أنستزيادس، فى أبريل 2013، على القرار الأول الصادر فى العام 2012. ويمكن أن يُشحن الغاز المسال من هذه المنشأة إلى مقاصد أوروبية وآسيوية على السواء. وفى حين أن هناك مخاوف فى إسرائيل من احتمال إقدام مصر على تقييد حركة الناقلات المحملة بالغاز المسال من إسرائيل عبر قناة السويس، فليس لقبرص مثل هذه المخاوف. والمسئولون القبارصة متفائلون بأن تبلغ صادرات المنشأة من الغاز المسال نحو 7 بلايين م³ بحلول العام 2020، وقرابة 35 بليون م³ بحلول العام 2025. وإذا أصبحت محطة "ڤاسيليكوس"، فى نهاية المطاف، محورا موزعا للغاز الطبيعى المسال فى منطقة شرق البحر المتوسط، بحيث تأتيها إمدادات الغاز من حقول إسرائيل ولبنان، فقد يرتفع إنتاج هذه المنشأة إلى 50 بليون م³ فى السنة.
وتقترح قبرص إنشاء مسار route لتصدير الغاز المسال [إلى أوروبا] والمسمى: "ممر الغاز الشرق أوسطى" (East Med Gas Corridor)، لتمييزه عن "الممر الجنوبى" Southern Corridor «لنقل الغاز الأذربيجانى» الذى يعبر المياه الإقليمية التركية نحو أوروبا، وعن مشروع خط أنابيب "ساوث ستريم" «لنقل الغاز الروسى» فى قاع البحر الأسود باتجاه أوروبا. ولم توافق المفوضية الأوروبية بعد على فكرة "ممر الغاز الشرق أوسطى"، التى تقترحها قبرص. لكن البنك الأوروبى للاستثمار European Investment Bank أعلن أنه قد يدرس الاستثمار فى منشأة قبرصية لإنتاج الغاز المسال. وقدم المصرف المذكور قرضا بقيمة 130 مليون يورو من أجل إعادة إعمار محطة "ڤاسيليكوس" للطاقة، التى تضررت بفعل الانفجار الذى وقع فى 20/7/2011.
وتعتبر شركة المصادر الهيدروكربونية الوطنية القبرصية (Cyprus National Hydrocarbons Company) أن منشأة الغاز المسال فى "ڤاسيليكوس" هى الحل الوحيد المنطقى، والاقتصادى، لصادرات الغاز الطبيعى القبرصية. وفى انتظار تأكيد اكتشافات غازية ملحوظة جديدة، بالإضافة إلى حقل "أفروديت" فى المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص، تقول شركة CNHC أن "ڤاسيليكوس" هى المقصد الأمثل للغاز الإسرائيلى، وللغاز اللبنانى عندما يتم اكتشافه. والحجة التجارية التى تسوقها لترسيخ دور "ڤاسيليكوس" كمحور إقليمى موزع للطاقة، هى أن وحدة الإنتاج train تكلف 6 بلايين دولار أمريكى، زائد 3 بلايين دولار للبنية التحتية؛ لكن توسيع المنشأة لوحدتى إنتاج يتطلب 3 بلايين دولار إضافية فقط (أى أن التكلفة الإجمالية هى 12 بليون دولار). كما يمكن توسيع المنشأة لثلاث وحدات إنتاج، بتكلفة إجمالية تبلغ 15 بليون دولار. بيد أن نجاح هذه الخطط يتوقف على اكتشاف المزيد من حقول الغاز، وعلى تعديل فى سياسة إسرائيل الرافضة لإرسال غازها للمعالجة فى بلد آخر. كما أن فرص إرسال الغاز من بحر لبنان إلى "ڤاسيليكوس" بدءا من عشرينات القرن الواحد والعشرين، هى أقل يقينا.
وفى ميزان الخيارات المطروحة، يبدو أن هذا هو خيار تسويق الغاز monetization الذى سيعتمد على الأرجح. بيد أن جدواه الاقتصادية تتوقف على إمداد "ڤاسيليكوس" بكميات إضافية من الغاز.
• منشأة لإنتاج الغاز الطبيعى المسال على الساحل الغربى لتركيا تُمد بالغاز الطبيعى من حقل "أفروديت"، ومن الحقول الإسرائيلية: ويقوم المنطق التجارى لهذا المقترح على واقع أنه تتوافر مساحة شاسعة من الأراضى على الساحل الغربى لتركيا، صالحة لبناء مجمّع كبير لإنتاج الغاز المسال. وقد يشمل المجمع أيضا منشأة لمعالجة الغاز من شوائبه من أجل نقله برا عبر خطوط الأنابيب. لكن لا تبدى أى من قبرص أو إسرائيل، فى الظروف الراهنة، استعدادا لمنح تركيا هذا القَدْر من التحكم بمواردهما.
الكهرباء
توصلت إسرائيل وقبرص، بمشاركة اليونان، بعد مباحثات حول تصدير الطاقة الكهربائية من محطات الطاقة العاملة على الغاز، إلى لإتفاق على مشروع للربط الكهربائى، والمسمى: "رابط أوروبا بآسيا" Euro Asia Interconnector. ويقتضى تنفيذ المشروع مد كابل «توتر عالى» بطاقة 2000 ميجاوات، وبطول 540 ميل بحرى (1000 كلم) فى قاع البحر، يربط إسرائيل بقبرص، ثم قبرص بجزيرة كريت، ثم كريت بالبر الرئيسى اليونانى وبشبكات الكهرباء الأوروبية. ويسمح هذا المشروع لإسرائيل بتصدير فائضها من الكهرباء، وباستيراد الكهرباء عند الحاجة.
وعندما وقع الاتفاق المبدئى بين شركة DEH Quantum «القبرصية اليونانية» وشركة الكهرباء الإسرائيلية فى مارس 2012، قدرت تكاليف المشروع بنحو 1،5 بليون يورو؛ ولا يشمل هذا الرقم تكلفة محطة إضافية لتوليد الطاقة الكهربائية. وبحسب الجدول الزمنى لتنفيذ المشروع، كان من المفترض أن يصبح "الرابط" عملانيا بحلول 2016، لو أنه بُوشر بتنفيذه فور توقيع الاتفاق.
ولقد وقع وزراء طاقة إسرائيل، وقبرص، واليونان، فى أغسطس 2013، فى العاصمة القبرصية نيقوسيا، مذكرة تفاهم مبدئية حول تشجيع المشاريع المشتركة الخاصة بأمن إمدادات ومصادر الطاقة. وأكد الوزراء الثلاثة، مجددا، التزامهم بتنفيذ مشروع الربط الكهربائى المذكور. لكن مسار الكابل قد يكون إشكاليا، لأن تركيا تقول إنه يعبر الجرف القارى التركى، والذى هو ضمن منطقتها الاقتصادية الخالصة.
ومن الناحية الفنية، المسار ملىء بالتحديات نظرا لعمق قاع البحر، الذى يصل إلى 2000 متر. كما تضررت مصداقية المشروع جراء الأزمة الاقتصادية والمالية فى اليونان وقبرص، مما صعّب توفير الاستثمارات اللازمة. ورغم الموافقة المبدئية للبلدان الثلاثة على مشروع الربط الكهربائى، يبقى تنفيذه رهنا بحل المشكلات المتعددة: السياسية، والمالية، والتجارية، والتقنية.
خلاصة
فى حين تستطيع إسرائيل تصدير جزء من فائضها من الغاز إلى الأردن وفلسطين عبر خط أنابيب برى، أن المنطق الغالب فى إسرائيل وقبرص هو أن يجرى تحويل الغاز الفائض عن الاحتياجات المحلية إلى غاز طبيعى مسال LNG، وشحنه إلى الزبائن المحتملين فى أوروبا وآسيا. لكن هذا الأمر يتطلب استثمارات طويلة الأمد ببلايين الدولارات، فى الوقت الذى تشهد أسعار الغاز الطبيعى تراجعا، ويشهد اللاعبون الإقليميون الذين يُرجى تعاونهم، ولا سيما مصر ولبنان، أزمات سياسية داخلية.
وإن حكومتى إسرائيل وقبرص، وكذلك شركات الغاز العاملة فى مناطق الامتياز، فى أمس الحاجة إلى دعم كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى. فبإمكان الاتحاد الأوروبى أن يؤمن بيئة ناظمة رقابية شفافة للمستثمرين فى قبرص. وبوسع الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة أن يساعدا على الحد من المخاطر السياسية.
إن تطوير موارد الغاز الطبيعى البحرية فى شرق المتوسط يواجه بين صراعين دبلوماسيين طويلى الأمد: "المشكلة القبرصية"، والنزاع «العربى – الإسرائيلى» الشرق أوسطى... وقد نشهد تصاعدا للتوتر بسبب الخلافات حول ملكية الموارد البحرية. وتُظهر هذه الدراسة أنه لن يتم انتقاء إلا خيارات التصدير القابلة للصرف bankable، والقادرة على إقناع المستثمرين بجدواها التجارية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.