«الأزمة العالمية» أفلست 71 مصرفا منذ 2008 بينما لم تلحقبالمصارف الإسلامية أى أضرار «بيتك للأبحاث»: 600 مؤسسة مالية فى 75 دولة تقدم المنتجات والخدمات المتوافقة مع الشريعة توقعات بتجاوز قيمة الأصول 1.8 تريليون دولار بنهاية العام.. و6.5 تريليونات دولار فى 2020 تتصدر بريطانيا الدول الغربية فى هذا المجال بنحو 12 مليار جنيه إسترلينى.. وتحتضن أكثر من 20 مصرفا إسلاميا «جاك أوسترى»: الاقتصاد الإسلامى أسلوب كامل للحياة وسيسود فى المستقبل البنوك التجارية ترتكز على أن الودائع هى التى تنتج القروض..بينما«الإسلامية»تقوم على اقتسام الربح والخسارة يتزايد يوما بعد يوم الإقبال على الاستثمار فى مجال الصيرفة الإسلاميةحتى أصبحت لا تقتصر على البلدان العربية والإسلامية، بل اتسعت جغرافيا لتشمل عددا كبيرا من البلدان الأجنبية، لا سيما أهم البلدان الأوروبية والولايات المتحدةالأمريكية. يتميزالإسلام فى مجال المعاملات الاقتصادية بالعديد من القواعد والضوابط المنظمة لكل من المستهلك والمنتج والسوق، وهذا ما شهد به الاقتصاديون الغربيون أنفسهم، منهم على سبيل المثال: أستاذ الاقتصاد الفرنسى «جاك أوسترى» الذى يؤكد فى كتابه«الإسلام والتنمية الاقتصادية» أن طرق الإنماء الاقتصادى ليست محصورة بين الاقتصاديين المعروفين «الرأسمالى والاشتراكى»،بل هناك اقتصاد ثالث راجح هو الاقتصاد الإسلامى الذى سيسود المستقبل لأنه -على حد تعبيره- أسلوب كامل للحياة، يحقق المزايا ويتجنب كل المساوئ. ويحدث هذا التطور فى المعاملات الإسلامية فى الوقت الذى لا يزال فيه الاقتصاد العالمى يعانى من تداعيات أزماته المالية المتتالية والتى يشهدها منذ عام 2008، وأدت إلى انكماش ملحوظ فى معدلات نمو الاقتصادالتقليدى وأصبحت مخاطرها المستمرة تهدد التنمية المالية والاقتصادية على مستوى العالم، وهو ما يبرز الحاجة لإيجاد بدائل أكثر دواماوبقاء، وهو ما يوفره المعاملة فى الاقتصاد الإسلامى. بعيدا عن الإفلاس وإذا كانت الأزمة المالية العالمية قد أدتإلىإفلاس 71 مصرفا منذ بدايتها فى أغسطس 2008،أشهرها بنك «ليمان براذر»، فإن المصارف الإسلامية نجت من تلك الأزمة، ولم يعلن أى مصرف إسلامى على مستوى العالم إفلاسه، ويعود ذلك إلى الثبات فى مستوى المصارف الإسلامية لطبيعة العمل فيها، حيث الاعتماد على أساليب تمويل حقيقية نابعة من الشريعة الإسلامية، مثل المرابحة والمشاركة والمضاربة والإجارة وبعدها عن الاستثمار فى أدوات الدين. وقالت شركة «بيتك للأبحاث» المحدودة التابعة لمجموعة بيت التمويل الكويتى إن التمويل الإسلامى يشهد توسعا سريعا فى النظام المالى العالمى، مع تقديم نحو 600 مؤسسة مالية فى 75 دولة المنتجات والخدمات المالية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، وبعدما كانت قيمة الأصول 150 مليار دولار فى منتصف التسعينيات، فقد شهدت صناعة التمويل الإسلامى زخماهائلا فى النمو منذ ذلك التاريخ وحتى النصف الثانى من العام 2013، إذ يتوقع أن يتجاوز إجمالى الأصول 1.8 تريليون دولار بنهاية العام، وتمثل الزيادة نسبة تزيد على 12.5% سنويا، وتوقع تقرير «بيتك» أن يتجاوز حجم هذه الصناعة مبلغ 6.5 تريليونات دولار بحلول عام 2020. المنتدى العالمى اشتدت المنافسة بين البلدان العربية والإسلامية والبلدان الغربية للاستثمار فى مجال الصيرفة الإسلامية، لاسيما الأوروبية منها، وفى هذا الإطار انعقد فى 29 أكتوبر الماضى فى لندن المنتدى الاقتصادى الإسلامى العالمى فى دورته التاسعة، وهى المرة الأولى التى يعقد فيها المؤتمر فى دولة غير مسلمة منذ تأسيسه فى عام 2006، وقد برزت أهميته بحضور 2700 مشارك من 128دولة، بالإضافة إلى عدد كبير من رؤساء الدول والحكومات. وتتصدر بريطانيا حاليا الدول الغربية فى قطاع الصيرفة الإسلامية، إذ تبلغ قيمة الأصول الإسلامية فيها نحو 12 مليار جنيه إسترلينى، وتحتضن أكثر من 20 مصرفا دوليا للخدمات المالية الإسلامية، 6بنوك منها تعمل تماما وفق الشريعة. أول مؤشر إسلامى وحرصا منه على أهمية العاصمة البريطانية فى استقطاب الاستثمار الإسلامى، أطلق رئيس الوزراء البريطانى ديفيد كاميرون فى المنتدى حدثين مهمين: الأول، مشروع صكوك إسلامية تصدرها لندن بدءا من العام المقبل. أما الحدث الثانى الذى أعلنه كاميرون، فهو إطلاق مؤشر إسلامى فى بورصة لندن، والتى تعد المقر العالمى لإصدار السندات الإسلامية «صكوك» التى بلغت قيمتها فى السنوات الخمس الأخيرة نحو 34 مليار جنيه إسترلينى « 54.4 مليار دولار»، توزعت على 49 إصدارا. تحرير العقود وإلى ذلك، تعمل فى لندن نحو 25 مؤسسة حقوقية وقانونية وفق القانون البريطانى فى مجال تحرير العقود الإسلامية، و16جامعة تقدم برامج للاقتصاد الإسلامى، بما فيها جامعة كامبريدج التى أعلنت فى أكتوبر2013 عن برامج لمديرى الشركات عن خدمات الصيرفة الإسلامية. وكشف تقرير أصدره المجلس الإسلامى البريطانى أن 2.78 مليون مسلم يعيشون فى المملكة المتحدة، من بينهم 114548 يشغلون مناصب إدارية وتنظيمية ومهنية عالية، ويساهمون بأكثر من 31 مليار جنيه إسترلينى فى اقتصادها، وهناك 13400 مسلم يملكون شركات فى لندن وحدها، توفر 70 ألف فرصة عمل، فى حين قدرت قوة الإنفاق للمسلمين البريطانيين بنحو 20.5 مليار جنيه إسترلينى. فرصة عظيمة بحث عشرات الخبراء، فى ندوة نظمها مختبر ريادة الأعمال المالية والتدقيق بكلية التجارة والتسيير بأغادير منذ أسبوعين، مفاهيم التمويل الإسلامى، وقال الدكتور أحمد شاكر، رئيس اللجنة المنظمة للندوة إن هناك عددا من التحديات التى تواجه المالية الإسلامية، وذكر أن التحدى الأول هو بناء الكفاءات والقدرات للموارد البشرية، فهناك جامعات مغربية تفكر فى إحداث مسالك للمالية الإسلامية، لكن هل لدينا أساتذة أكفاء، بخاصة أن المالية الإسلامية تهم جوانب الشريعة والقانون والاقتصاد والمال؟ أما التحدى الثانى،فيتمثل فى مسألة الرقابة الشرعية، فالمؤسسات الإسلامية المالية يجب أن تكون لديها هيئة للرقابة الشرعية، لكن ماالشواهد التى يجب أن يحصل عليها من يجب أن ينتمى لهذه الهيئة؟ والتحدى الثالث هو توحيد الرؤى، فالمذاهب متعددة والاجتهادات مختلفة، وبالتالى الندوة تبحث عن السبيل إلى توحيد هذه الرؤى. البدائل الإسلامية ومن جانبه، أوضح الدكتور محمد بنإبراهيم السحيبانى، عضو الهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل، أن مستقبل التمويل الإسلامى واعد، لاسيما بعد الأزمة العالمية الأخيرة، حيث أصبحت كل بلدان العالم وليس الإسلامية فقط تبحث عن بدائل، ووجدت أن النظم الإسلامية فى التمويل أقل تأثرا بهذه الأزمة. وبخصوص مستقبل البنوك التجارية التقليدية فى ظل دخول بنوك إسلامية، يقول «السحيبانى»إن الأمر سيحسمه الطلب، فوجود طلب متزايد على البنوك الإسلامية سوف يدفع هذه البنوك التجارية العادية إلى الرغبة فى تقديم خدمات إسلامية تدريجيا، وربما تقوم هذه البنوك بفتح فروع لها تكون إسلامية أو تتحول كليا. المصارف الإسلامية وأوضح «السحيبانى»أن البنوك الإسلامية من المفترض أن تكون العقود فيها ليس وفق القرض الذى يكون بفائدة، وإنما وفق القواعد الشرعية كالمرابحة والمضاربة، وعلى المواطن الذى يطرق باب هذه المؤسسة البنكية التى تعتبر نفسها إسلامية أن يدقق فى العقد، ليتأكد أنه فعلا يضمن حقوقه وفق القواعد الشرعية، لكن المواطن البسيط لا يستطيع أن يتأكد بنفسه من هذا، إذا لابد من وجود هيئة شرعية لديها القدرة على التحقق من ذلك. أما الأستاذ لحسن عبدى، رئيس شعبة التسيير، والمسئول عن ماستر مالية الأسواق وتدبير المخاطر، فأكد أن البنك الربوى يرتكز على أن الودائع هى التى تنتج القروض، أى أن صاحب المال أو البنك لا يدخل فى عملية خلق القيمة المضافة، أى أنه يبيع نقدا بنقد، وهذا هو الأمر المحرم فى الإسلام، أى لا يجوز بيع مال بمال، أما البنك الإسلامى، فهو يرتكز أساسا على أن نتقاسم الربح أو نتقاسم الخسارة، عكس البنك التقليدى الذى يسعى أولا إلى استعادة أصل الرأس المال أولا، ثم الفائدة.