حوار: شريف عبدالحميد - عبدالرحمن كمال هذه هى القصة الحقيقية لوقعة نقل مصطفى خاطر.. ومساعد النائب العام الحالى هو من طالبه بحبس المتهمين كل إزاحة لرئيس منتخب بغير الوسائل المنصوص عليها فى الدستور القائم تسمى انقلابا أمريكا تتحايل على تسمية ما حدث انقلابا حرصا على مصالحها في مصر الإعلام يقوم بدور شديد الإساءة إلى وعي الشعب المصري ومكوناته الفكرية قال المستشار «أحمد مكى» وزير العدل السابق وأحد شيوخ القضاء وتيار الاستقلال،إن المحاكمة التى عقدت للرئيس محمد مرسى باطلة قانونيا ودستوريا، مؤكدا أن ماحدث فى 3 يوليو انقلاب وليس ثوة، فلا يوجد ثورة يقوم بها وزير، منوها إلى أنه عندما يحمى الجيش والشرطة التمرد فإنهم هم المتمردون الحقيقيون. وأشار «مكى» فى حواره مع جريدة «الشعب» إلى أن السيسى كان على رأس المقربين من الرئيس مرسى، وكان يهدّأه كلما طالب بالحسم تجاه التظاهرات. * فى البداية ما تعليق سعادتكم على ماحدث فى محاكمة الرئيس مرسى؟ - أعجبنى موقف الرئيس وتمكسه بأنه الرئيس الشرعى ليكون ذلك دعما لأنصاره ووفاء للأمانة التى حملها من قبل الجماهير، فلا شك أنه أزيح من منصبه بصورة غير مشروعة، لكن هذا خطاب سياسى لأنى لا انتظر من المحكمة أن تقضى بأن ماحدث انقلاب، وأنها محكمة غير مختصة لأن المحكمة جزء من النظام وهى لن تنطق بهذا، وإذا طلبنا منها ذلك نكون حملناها ما لاتطيق.وأعجبنى منظر الرئيس الذى ظهر به والحالة الصحية التى كان عليها ما يدل على أنه رغم فساد الإجراء فى اعتقاله فى مكان ليس سجنا،فإنهم أكرموا معاملته. وأتمنى أن تستغنى المحكمة عن الفصل فى هذا الدفع وإن كانت لا تطيق، لأن لديها فى الموضوع ما يكفى، لأنه لو قضى ببراءة الرئيس فسيكون هذا الدفع لا لزوم له، وقد تنتهى إلى نتيجة فى صالحه من خلال الأوراق، وأنا أرجح أن يكون الرئيس برئيا من هذه التهمة. *هل كنت شاهدا على أن الرئيس لم يعط أوامره بقتل وضرب المتظاهرين؟ - أنا لا أستطيع أن أقول إنى شاهد على هذا الأمر لأن ذلك يستوجب الملازمة، لكن أنا شاهد على أنه كان يكرر فى أحاديثه أنه لا يريد أن يظلم أحد فى عهده، وكان هذا تكليفه لى فى الوزارة بألا أتدخل فى أية قضية، وكان حريصا على أن يقول دوما «إلا الدم..إلا الدم» حتى فى الحديث الذى دار فى أعقاب أحداث الاتحادية الذى كنت حاضرا فيه بالصدفة، وكان هذا فى أعقاب الإعلان الدستورى، وكان لى رأى فى هذا الإعلان الدستورى أن به تجاوزا وفيه سوء صياغة، والرئيس كان له مبررات لتحصين قراراته؛أنه كان يريد فقط تحصين الجمعية التأسيسية لتستكمل الدستور، وأن يحصن مجلس الشورى لفترة معينة يكون هو فيها الأداة التشريعية، وكان يقول إنه يريد أن يبنى الديمقراطية، وإن هذا هو المقصود من تحصين القرارات، لكن نص الإعلان يقول تحصين قرارات رئيس الجمهورية ولم يحدد هذين الشيئين،أما عن قصده من محكمة الثورة وإعادة محاكمة الذين بُرئوا أن يحاكم من تظهر أدلة جديدة لهم، والإعلان الدستورى لم يكن به هذا المعنى، والخطآن كانا مسار انتقاد مجلس القضاء الأعلى ومسار انتقادى أنا أيضا. بالإضافة إلى أنى انتقدت عزل المستشارعبدالمجيد محمود النائب العام السابق، فقال لى الرئيس مرسى إن الثوار يطالبون بعزله والإخوان يطالبون بعزله وأنت الشخص الوحيد بمصر الذى يطالب بالإبقاء عليه، فقلت له إن عبدالمجيد محمود شخصية تلحق بها مجموعة من الاتهامات، وهذه ليست موضع شك بالنسبة إلىّ لكن هذه الطريقة ستثير القضاة لأن هذه ليست هى الأداة، ونصحت الرئيس بأن يدعه فى هذا الوقت حتى نمرر مشروعه الخاص بإعادة بناء مصر على أسس ديمقراطية ولا يجمع الأحداث كلها مرة واحدة، فضلا عن أنى قرأت الإعلان الدستورى، وقد أشرت إلى هذا فى مجلس الوزراء، وأنا أعرف الدستور وأعرف القانون، والقانون كان يكفى، ولم يكن هناك حاجة إلى أن يسمى إعلانا دستوريا. وأشار «مكى» إلى أنه فى هذا الاجتماع الذى كان فى أعقاب أحداث الاتحادية، حضر لقاء بين قائد الحرس الجمهورى والرئيس ووزير الدفاع ووزير الداخلية أحمد جمال الدين، وكان يتحدث الرئيس عن أهمية حماية القصر الجمهورى من الاقتحام،ونوقش تعلية الأسوار وتعزيز الحرس، فقال قائد الحرس إن الأفراد عنده لا يكفون، وطلب من الرئيس مخاطبة وزير الدفاع لتزويد أفراد الحرس الجمهورى، ووافق وزير الدفاع على تزويد الحرس الجمهورى وناقشوا العديد من التفاصيل حتى وصولوا إلى الفرق بين العسكرى فى حرس الجمهورى والعسكرى فى غيره من الأسلحة، ولم يكن الفرق سوى غطاء الرأس، وكان المقصود فقط حماية القصر من الاقتحام، وتحدث الرئيس مع وزير الداخلية وكيف يسمح بالاعتصام تحت أسوار القصر وتحدثوا عن الشوارع والمسافة التى يباح للناس الاعتصام خارجها، لكنهم لم يتحدثوا أبدا فيما يجاوز هذا إلا فى حديث أنه يصعب حماية القصر طالما هناك تابعين للتيارات الإسلامية بمحيط القصر، وطالبوا الرئيس بمطالبة الجهات التى أرسلتهم بانسحابهم سواء كانوا الإخوان أو حازمون، وكان الرئيس غير راض عن وجودهم لأنه من المعروف أن حماية القصر الجمهورى هو من مسئولية الحرس الجمهورى كأحد أسلحة القوات المسلحة، وإذا كان وقع اقتحام أو اعتداء على القصر الجمهورى فهذا خطأ القوات المسلحة. *هل أصبح القضاء المصرى بهذه المحاكمة غطاء للانقلاب العسكرى، خاصة أن مسئول النيابة المستشار مصطفى خاطر الذى أفرج عن المتهمين هو نفسه ممثل الادعاء فى القضية؟ - مشكلة المستشار مصطفى خاطر أنه كان محققا فى أحداث الاتحادية، وهنا أحب أن أوضح قصة المستشار مصطفى خاطر وعلاقته بالمستشار طلعت إبراهيم النائب العام السابق، وأنتهز الفرصة لأقول للناس حقائق غير التى يروجها الإعلام ووسائله؛ حدث أن السفير رفاعة الطهطاوى اتصل بالنائب العام وأخبره أنه ألقى القبض على أشخاص كانوا يقتحمون قصر الاتحادية ويعتدون على القصر وأشياء من هذا القبيل، فاتصل بالمستشار مصطفى خاطر المحامى العام المختص وأخبره بما حدث أنه وصله بلاغ بما حدث وبلغ النيابة بما أخبره به السفير الطهطاوى، فتوجه خاطر إلى مقر الحادث وعاين، وإن كنت لا أعرف التفاصيل بالضبط، ثم انتهى رأيه إلى إخلاء سبيل المقبوض عليهم. وقيل فى الإعلامإن النائب العمومى عتب عليه أن يخلى سبيلهم، وهذا لم يحدث لأن من طالب بحبسهم هو مساعد النائب العام المستشار عادل السعيد، وهذا ما كتبه المستشار مصطفى خاطر فى مذكرته،إنما المستشار طلعت إبراهيم استقبل مصطفى خاطر وعتب عليه أمرا آخر، وقال له كيف تخلى سبيل المتهمين قبل أن تعرضهم على المصابين، لأنه فى هذه الحادثة (اقتحام قصر اتحادية) توفى فيها 9 أشخاص أحدهم الحسينى أبو ضيف و8 من الإخوان أو التيارات الإسلامية لم يرد أثرهم فى الأحداث. وفى يوم اللقاء مع السيد الرئيس وأنا أطالبه بإلغاء الإعلان الدستورى قال الرئيس:لا أستطيع إصدار قرار والناس لم تدفن بعد والدم سال، والدم يصيبنى بالفزع. وقال لى: انتظر لما الدم يبرد شوية. فحقيقة ما حدث أن النائب العام عتب على مصطفى خاطر أمرا آخر، وقال له كيف تخلى سبيل المتهمين كان لا ينبغى أن تخلى سبيلهم قبل أن تعرضهم على أهل المجنى عليهم والمصابين فى الحادث؛ فقد يتعرفون على أحد منهم، وكانت التهمة السائدة فى ذهن الرئيس والقصر أن الذين اعتدوا وقتلوا المتظاهرين ليسوا من جماعة أنصار الرئيس وإنما هناك طرف آخر قتل الناس، ودليل ذلك وفاة 8 من الإخوان، وأنه كان هناك جهة ما أو جماعة ما تطلق النار على الموجودين، وكان معتقد أن الحسينى أبو ضيف من الإخوان لأنه لم يذكر اسمه على أنه ضدهم أو خارج عليهم، وكان يُعتقد أن التيارات التى جاءت تدافع عن الرئيس استدرجت لأرض قتل،وكان هناك من رتب لقتلهم من قبل. لهذا قال النائب العام لخاطر: لماذا أفرجت عن المتهمين قبل أن تعرضهم على المصابين؟ وهذا إجراء قانونى طبيعى وليس تدخلا فى القضية، وربما كان هذا خطأ قد وقع فيه خاطر، ثم وقعت المشادة والقصة عندما نقل وقال الإعلامإنه نقل لأنه أفرج عن المتهمين، رغم أنه فى مذكراته لم يقل إن النائب العام طلب منه عدم الإفراج عنهم، بل ذكر أن من طلب منه حبس المتهمين هو النائب العام المساعد إذ قال له:«كنت حبست أحد لأن الرئيس قال إنهم جاءوا واعتدوا على القصر»، وكل أطراف الواقعة موجودون الآن سواء كان النائب العام أو مساعده أو مصطفى خاطر، هذه هى الصورة التى نقلت إلىّ فى هذا الوقت، لكن الصورة التى فى الإعلام بصفة مستمرة صورة مشوهة، وهذا يقودنا إلى أن الإعلام يقوم بدور شديد الإساءة إلى وعى الشعب المصرى ومكوناته الفكرية؛ فمثال ذلك أنهم شغلوا الشعب بقضية عدم لبس الرئيس ملابس الحبس الاحتياطى والزى الأبيض فى المحاكمة، رغم أنه ليس فى قانون الإجراءات الجنائية مايلزم المتهم بزى معين على الإطلاق، بل يحضر بأى زى يريد، والمحكمة تسمع دفاعه،إنما الزى الأبيض أمر وارد فى لائحة السجون أن يرتدى المحبوس احتياطيا الزى الأبيض مالم تأذن له إدارة السجن فى غير ذلك. والرئيس مرسى لم يكن محبوسا احتياطيا كى تنطبق عليه لائحة السجون. وقال «مكى» قبل أن نسأل: لماذا لم يرتد الزى الأبيض؟ كان الأجدر أن يكون السؤال: لماذا لم يكن محبوسا فى مكان لتطبق عليه لائحة السجون؟ فهذا ليس خطأ الرئيس، بل خطؤهم؛ لأن القانون يوجب أن يحبس فى مكان معلوم لتطبق عليه لائحة السجون ويسمح لمصلحة السجون أن تستثنى بعض الناس من إلزامه بأى زى. وأتمنى من مدير مصلحة السجون أن يأذن للرئيس بأن يرتدى ما يشاء، فلا بأس من أن يعامل بعض الطوائف من المحبوسين معاملة خاصة، وهذا ليس إخلالا بالمساواة، بل أسوة ببعض الطوائف المستثناة مثل رجال القوات المسلحة الذين يحبسون فى سجون حربية ويذهبون بزيهم المعتاد، وقانون السلطة القضائية يقول إن القضاة يحبسون فى مكان خاص. *هل محاكمة الرئيس مرسى باطلة قانونيا ودستوريا بحيث إنه لم يصدر منه تنازل أو تنح أو فقد للأهلية؟ - فى البدء،من رأيى أن ماحدث انقلاب،ورأيى لا يوافق أنصار النظام بشدة ولا يوافق خصوم النظام بشدة فى هذا القصد، فكل إزاحة لرئيس منتخب بغير الوسائل المنصوص عليها فى الدستور القائم تسمى انقلابا حتى لو كانت مقاصد الانقلاب خيرة، فهذا شىء بديهى، فعلى سبيل المثال ما اصطلحنا على تسميته مؤخرا ب«ثورة 1952»أول ما حدثت كانت تتحدث عن نفسها بأنها «انقلاب»، ثم أنها سمت نفسها فى الأول «حركة» وكانت مترددة بين «حركة» و«حركة مباركة» و«انقلاب»، كانت الدولة فيها براء أن تستعمل المصطلحات بمدلولها الحقيقى وهناك صورة لانقلاب مثالى فى المنطقة العربية وهو انقلاب «سوار الذهب»، فلم يقل أحد ثورة «سوار الذهب» بل هو «انقلاب» من أجل بناء ديمقراطية فى السودان، وقد حاز«سوار الذهب» على احترام الناس كافة رغم أنه قاد انقلابا، وتصميم النظام على تسمية ماحدث «ثورة»، هذا خطأ فى القانون؛ فكل دول العالم تسميه انقلابا بما فى ذلك دول إفريقيا والولايات المتحدةالأمريكية، حتى ولو لم تستعمل المصطلح لعائق قانونى، لأن الانقلاب يوقف المعونة، لذا لم تسمه انقلابا حتى لا تضطر إلى إيقاف المعونة طبقا للقانون الأمريكى، لذلك هى تتحايل لأنه من مصالحها أن تكون على علاقات طيبة بالسلطة الحاكمة فى مصر ولا يهمها أن تكون موافقة على الانقلاب أو شريكة به، فهى لاتريد الدخول فى خصومة مع سلطة الأمر الواقع. ومن هذا المنطلق فإن المحكمة إذا سايرت النصوص والمعطيات الفكرية يبنغى أن تقول إنها غير مختصة بمحاكمة الرئيس، لكن يجب أن نعرف أن المحاكم جزء من النظام القائم وجزء من السلطة، فلن تقضى بمثل هذا القرار، وأتمنى بالقاضى أن يجد سعة من أمره فى الأدلة الواقعية،وأعتقد أنها ترشح لبراءة السيد الرئيس. أما المحاكمة فهى باطلة بالطبع، لكن لا أريد أن أحمّل قاضيا ولا أتوقع من قاض تحمل عبء التصريح بهذا، ولو كنت مكان القاضى لحللت القضية على هذا النحو حتى لا أظلم. *هل بعد إيداع الرئيس سجن برج العرب يسمح لأهله وذويه بزيارته؟ - بالطبع، وهذا تحكمه لائحة السجون، وقرأت أن السيدة زوجته زارته فى رأس السنة الهجرية زيارة استثنائية، ولابأس أن يعامل كبار المسئولين معاملة خاصة احتراما للمنصب على غرار معاملة القضاة والعسكريين. * كنت أول من رفض الاعتداء على القضاء وتضامنت معهم عندما تم الاعتداء عليهم من قبل داخلية مبارك.. الآن يتم الاعتداء على مؤسسة كاملة ويحال 75 قاضيا للتحقيق، بل وكان النائب العام يريد استدعاء سيادتكم والمستشارة نهى الزينى والمستشار حسام الغريانى فكيف ترى الوضع الآن؟ - هذه قضايا متعددة والوقفة كانت بمناسبة انتخابات 2005 وتقديم المستشارين محمود مكى وهشام البسطويسى إلى المحاكمة لتحدثهما فى جريدة صوت الأمة عن ضرورة التحقيق مع المزورين فى الانتخابات، فى هذا الوقت ظهر جليا استعانة الداخلية بسلاح البلطجية، وهذه المسألة قد سجلتُها كتابة فى مقال منشور بمجلة «القضاة» فى 2006؛ أن وزارة الداخلية أو أجهزة الأمن لها أذرع أو رجال فى السلطة القضائية تستأمنهم فى أمور. وكتبت عن واقعة محددة لأحد رؤساء اللجنة العامة الذى اتهم بالتزوير لأحد رجال السلطة من قبل زملائه فى الجولة الأولى، كل رؤساء اللجان الفرعية شهدوا ضد رئيس اللجنة العامة وكانت عملية محرجة إنسانيا أن يتعامل مرة أخرى فى الجولة الثانية مع من اتهموه بالتزوير،لذلك طلب ترك الأشراف ووزير العدل وقتها المستشار محمود أبو الليل، كان مطلعا على القضية، لكن الجهة التى وظفته رفضت طلبه وأجبرته على أن يرأس اللجنة على خلاف إرادته وإرادة وزير العدل الذى كان يشغل منصب رئيس اللجنة العليا للانتخابات، وهو ما يدل على مدى سطوة وتغلغل الأجهزة فى السلطة القضائية هذه الوقعة بوصفها كتبتها وختمت المقال بعبارة:«أنا مشفق على وزير العدل، وأتمنى ألا تطيح به الحكومة الخفية»، وهذا كان عنوان المقال «الحكومة الخفية التى تحكم مصر»، وفعلا عقب الوقفة أطاحت الحكومة الخفية بوزير العدل الذى وقف منحازا إلى جانب القضاة هذه هى قضية 2005.