فى الوقت الذى تتراكم فيه نفايات الأمريكيين وأعصابهم مشدودة وهم يشاهدون فرقهم الرياضية المفضلة ينافس بعضها بعضا، وفى الوقت الذى تتعالى فيه الأصوات ما بين معجب ومعارض لأغانى مايلى سايروس- نجد أن الشركات العسكرية الأمريكية تحتل أكثر من 130 دولة بنت فيها ما يقرب من 1000 قاعدة عسكرية حربية تسهل ذبح الملايين من الناس؛ فمن المسئول عن تنفيذ هذه الأعمال؟ أعضاء الكونجرس الذين يملكون السلطة التنفيذية هم القادرون على كبح جماح الحرب فى أى مكان؛ ما يجعلهم مجرمى حرب ومتواطئين مع شركات صناعة الأسلحة والمجمع الصناعى العسكرى الذى يخدم الجنرالات والجنود والقوات الخاصة والمرتزقة وفرق الاغتيال الخاصة بCIA. إذا الكونجرس هو ذيل آلة القتل اليمينية فى أمريكا التى يجب أن تبقى مقدسة فى هذا النظام العسكرى الذى لا يزال ينتشى بقتل مزيد من الأبرياء فى أنحاء العالم. الكونجرس رهين شركات السلاح كان الكونجرس -ولا يزال- يوافق على كل القرارات التى تخص دعم الشركات الحربية، مثل بوينج ولوكهيد ورايثيون، ودفعها لمواصلة مزيد من الجهد لإنتاج الطائرات بدون طيار والصواريخ والطائرات والقنابل؛ للسيطرة على نفط حوض قزوين، ولتأمين خطوط إمداد النفط لجيوشها فى كل مكان من العالم. المجتمع الأمريكى كله تحت سيطرة شركات التكنولوجيا.. تكنولوجيا عسكرية مخبأة؛ فالتكنولوجيا تغطى كل جزء من حياتنا منذ لحظة استيقاظنا وحتى النوم؛ حيث الهواتف النقالة، وسماعات الرأس، والتلفاز، والإنترنت.. كلها أجهزة تستخدمها هذه الشركات لغسل أدمغة الناس وخنق وقتل الفكر الحر من أجل القضاء على أى فكر قد يدفع باتجاه مشاعر مناهضة للحروب ولعسكرة المجتمع؛ فمن وظائف الإرهاب المصنع أن يُغلّف جيدا بحيث يتناغم تماما مع النزعة الاستهلاكية الشاملة للحياة، وسد جميع الثغرات التى تؤدى إلى تنبه الأمريكيين إلى أنهم مغيبون عن الواقع؛ فالغاية أن يبقوا جاهلين بالإمبراطورية العسكرية التى تقود البلاد. أليس هذا هو الإرهاب الحقيقى الذى يقوده البنتاجون ووكالة الاستخبارات المركزية؟! شركات الأسلحة تدير أمريكا ماذا يمكن أن نقول عن مستوى وعى وإدراك المجتمع الأمريكى الذى بغالبيته العظمى ليس لديه فكرة أن حكومته لها وجود عسكرى فى جميع أنحاء العالم، وأن شركات تصنيع الأسلحة هى من تدير البلاد فعلا؟! المثير للسخرية أنك تجد شاشات التلفزة فى كل مكان؛ فى البيت والمطعم حتى الشارع، وتجد الأمريكيين يهفون إلى سماع أخبار الحروب، وكأنها برنامج تلفزيونى فكاهى؛ فمشاهد التدمير والقتل، خاصة التى تستخدم فيها الطائرات، تصور كأنها دعاية للطائرة وليست عملية حربية يموت فيها مئات البشر؛ إذ تُصور الطائرة قبل الإقلاع وأثناء التجهيز وأثناء الطيران ولحظة إطلاق القذائف، وينتهى التصوير هنا ويشعر الأمريكى بعظمة دولته وقدرتها الحربية، غائبا عن وعيه أن مئات الأشخاص ماتوا منذ لحظات ولا يعلمون لماذا. الأسوأ أن وزارة الدفاع الأمريكية تساعد وتمول مثل هذا الانحلال الأخلاقى؛ فسنة بعد سنة زادت الإمدادات والتسهيلات والتمويلات التى تخص الإعلام، خاصة هوليوود التى تعد مسئولة عن تجنيد الآلاف والآلاف من الرجال والنساء الذين أصبحوا الآن قتلى وجرحى فى حروب جشع ربح ومجد المسئولين الحكوميين، خاصة رجال الكونجرس الذين سيواصلون القيام بذلك ما بقيت منظومة الحرب المؤسساتية التى تديرها وزارة الدفاع الأمريكية. أمريكا تخدع شعبها فى هذه الأيام، يضطر اتحاد العمال الأمريكى أن يأخذ إجازة فى الوقت الذى لا تزال فيه آلة الحرب الأمريكية: البنتاجون وNSA وCIA على أهبة الاستعداد والتجهز للقتال ضد الأعداء الذين صنعوهم مسبقا فى أفغانستان وباكستان والعراقوسوريا، وتعبئة الرأى العام الداخلى ضد التهديد النووى الإيرانى المزعوم. هذا سهل عندما لا يملك أفراد المجتمع فكرة عن القيادة المركزية الأمريكية، والقيادة الشمالية، وساوثكوم SOCOM؛ فالأكاديميون وأساتذة الجامعات والعمال همهم الأوحد حياتهم المعيشية، ولا يكترثون بتاتا إذا كانت القنابل والأسلحة التى تصنعها شركات الأسلحة تستهدف عمدا المدنيين الأبرياء والبنى التحتية؛ وذلك لتغيير أنظمة الحكم والنظام الأيديولوجى لهذه البلدان؛ فالولاياتالمتحدة تدس السم فى العسل وتُبقى شعبها مخدرا كى تستطيع إجراء أى عمليات عسكرية تشاء: عمليات اغتيال روتينية ومستمرة باستخدام طائرات بلا طيار هدفها مدنيين عشوائيين فى أفغانستان وباكستان والصومال والفلبين بقيادة CIA، كذلك عمليات القتل والتدمير والتفجير الذى تمارسه فرق الموت فى سورياوالعراق؛ هذه الفرق التى شكلتها وتدعمها وتمولها CIA حتى اللحظة، بل تخضع لأوامرها مباشرة، وتنتشر هذه الفرق فى 120 بلدا حول العالم. وعى زائف فهْم المشكلة لا يستلزم بالضرورة وجود حل. حتى إن الوعى الزائف لغالبية السكان لا يمكنه تصور مقدار الخداع الذى تمارسه السلطة؛ فهم لا يرون الجثث التى تراكمت على أيدى وكالة المخابرات المركزية والجيش الأمريكى ومشاة البحرية والمرتزقة الخاصة بهم، كما أنهم لم يروا الملايين الذين قتلوا فى العراق منذ عام 1991، ومنهم الكثير قنصهم الجنود الأمريكيون على سبيل التسلية والتدريب. الولاياتالمتحدة وشركات تصنيع الأسلحة هى أعظم أمة مجرمة على كوكب الأرض. شركات بن لادن التى تعد من أكبر شركاء الحكومة الأمريكية ومن أكبر ممولى حملاتها الرئاسية تسببت بمقتل الملايين من المدنيين، وفى الوقت نفسه تعلن أمريكا أن أسامة بن لادن وعائلته من ألد أعداء أمريكا. غالبية الأمريكيين لا يعرفون عن استخدام الولاياتالمتحدة الشرطة السرية فى السلفادور وما نتج منه من مقتل 30 ألفا تقريبا، واستخدام وكالة المخابرات المركزية فرق الموت فى جواتيمالا من أجل الإبقاء على الحكم الدكتاتورى فيها الموالى للولايات المتحدة. ومنذ التسعينيات وحتى قبل ذلك عمدت إلى قتال الحركات الشعبية التى تسعى إلى التحرر من الأنظمة الاستبدادية الاستغلالية التابعة للغرب بغالبيتها. هذه الحروب والاعتداءات والجرائم كانت تتم دون اعتداء أى جماعة أو دولة على أمريكا؛ لذلك يعد الكونجرس خارقا للمادة الأولى من القسم 8 من ميثاق الأممالمتحدة، إضافة إلى التعذيب العنصرى واللا إنسانى وغير الدستورى، خاصة فى السجون ومعسكرات الاعتقال، مثل جوانتنامو وباجرام. آلة الحرب هذه يديرها مجموعة من مجرمى الحرب يختبئون فى الكونجرس والبنتاجون وسواهما؛ فلا عدالة لأولئك الذين تقتلهم الإمبريالية بآلة الحرب الأمريكية قط؛ لأن وسائل الإعلام تعمل على تجميل صورتهم طوال الوقت دون كلل أو ملل؛ فكيف لنا أن نتوقع من مجرم حرب يتربع فى أعلى المناصب السياسية أن يسعى جاهدا لتحقيق العدالة لأولئك الذين تذبحهم الإمبريالية بآلة الحرب الأمريكية؟! إن قانون جرائم الحرب لعام 1996 الذى أقره الكونجرس فى الولاياتالمتحدة، والذى وقَّعه بيل كلينتون؛ هو جريمة حرب فى حد ذاته؛ لأنه يعد انتهاكا خطيرا لاتفاقيات جنيف. الكونجرس ينتهك الدستور تخلى الكونجرس الأمريكى عن سلطة حربه لجورج بوش وديك تشينى اللذين شرعا ينفذان الحرب العدوانية على الموارد الطبيعية، وترأسا شبكة من القواعد لتعذيب المدنيين شملت سورياوالعراق وليبيا؛ إذ ساعد الرئيس بوش على تطوير أساليب التعذيب البشعة التى لا تزال حتى اليوم فى مراكز اعتقال، مثل جوانتنامو وغيره؛ حيث يوجد مراكز سرية لا يعرفها العالم.. ألا يحق لنا أن نتساءل: لماذا؟! وتقول المادة 6 من الدستور الأمريكى إن جميع المعاهدات التى صدّقت عليها الحكومة هى قانون للبلاد؛ فالمادة 3 من اتفاقيات جنيف فى عام 1949 تحظر تعذيب المحتجزين «الذين لا يشتركون مباشرة فى الأعمال العدائية، بمن فيهم أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا عنهم أسلحتهم». الكونجرس الأمريكى انتهك دستوره وأصدر تفويض الدفاع الوطنى عام 2012، أعطى الجيش بموجبه سلطة اعتقال واحتجاز الأمريكيين على الأراضى الأمريكية، كما منحه سابقا دعما سياسيا، ويمنع أى مؤسسة من مؤسسات الأممالمتحدة من محاسبة جنوده وضباطه والساسة الأمريكيين؛ فكيف لنا أن نثق بمن انتهك دستور الولاياتالمتحدة ودعم مرتكبى جرائم الحرب؟!