المنح والمعونات سياسة «العواجيز».. وإلى متى تستمر إعانات الخليج؟ «التسعيرة» غير دستورية.. ومفاجأة: تطبيقها أعلى من السعر فى بعض المناطق! 40 مليار جنيه عجز الموازنة رغم وصول 12 مليار دولار إمدادات خليجية فضيحة..الانقلابيون سرقوا مشروع «قنديل» للأجور الذى كان مقررا العمل به فى موازنة 2014/2015 ارتفاع التضخم إلى 17% بسبب جنون الأسعار.. ومعدلات البطالة تصل إلى 24% د. عادل عامر: لا وجود للحكومة على أرض الواقع.. وأداؤها «روتينى» د. سرحان سليمان: تحديد الأسعار يعيق الاقتصاد.. ويمنع توظيف الموارد "حكومة المنح والقروض".. هو أفضل تعبير عن حال حكومة الانقلاب التى يتولاها الدكتور حازم الببلاوى،فمنذ مجيئه لم يذكر كلمة واحدة عن استقلال الاقتصاد الوطنى،ولا عن الاكتفاء الذاتى أو العدالة الاجتماعية، وكل ما يخرج عنه حتى الآن مجرد مسكنات ومهدئات للتغطية على جرائم القمع الذى يمارس ضد الشعب فى الشوارع. حقيقة تؤكدها الأرقام، أن الاقتصاد المصرى يمر منذ انقلاب 3 يوليو بواقع صعب ومرير ومغاير لتصريحات المسئولين الذين يظهرون الحياة وردية والوضع مطمئنا للغاية، فبعد أن كان اقتصادنا يقوم على مشروعات تنموية واستثمارات بدأت تتوافد على مختلف القطاعات أصبحت معظم مقوماته حاليا تقوم على المنح والمساعدات والقروض فحسب. زيادة معدلات التضخم وفقا للحساب الختامى الشهرى لوزارة المالية، فقد بلغ عجز الموازنة خلال شهرى «يوليو – أغسطس» أكثر من 40 مليار جنيه فى شهرين، وذلك على الرغم من وصول 12 مليار دولار من دول الخليج،منها نحو 5 مليارات دولار منحا فى صورة منتجات نفطية وبترولية وشحنات غاز مجانى. أضف إلى ذلك، توقف حركة الاستثمارات الحكومية، ومشتريات الحكومة، وعدم إقرار سوى 10% علاوة دورية للموظفين، وإيقاف كل الزيادات والكوادر، خاصة كوادر الأطباء والمرحلة الثانية من كادر أعضاء هيئة التدريس والمعلمين. جنون فاحش فى الأسعار كذلك، ارتفع التضخم إلى 17% بسبب جنون الأسعار، وفى مقدمتها السلع الغذائية بعد نقص المعروض منها؛ نتيجة توقف حركة القطارات، فضلا عن ارتفاع معدلات البطالة بشكل كبير لتصل إلى 13% وفق التقديرات الرسمية، وتصل إلى 24% وفقا للتقديرات غير الرسمية. الغريب والمثير للدهشة، أن حكومة «الببلاوى» أقرت حزمة من الإجراءات لتحفيز الاقتصاد ودعم العدالة الاجتماعية، وهو ما أثار تساؤلا حول مصدر تمويل تلك الإجراءات التى تتكلف مليارات الجنيهات! تهدئة سياسية ومن هذه الإجراءات تطبيق الحد الأدنى للأجور بواقع 1200 جنيه بداية من يناير المقبل، رغم العجز الكبير فى الموازنة العامة للدولة، وهو ما يؤكد أنه خطوة نحو الاحتيال السياسى للرأى العام والشعب، ووسيلة لتجميل الصورة والوضع القاتم وليس أكثر، وهو ما أشار إليه ائتلاف «اقتصاديون ضد الانقلاب»، قائلا:«إن الحكومة غير صادقة فى نظام الحد الأدنى؛ لأنها اتخذت قرارا للتهدئة السياسية، وعندما علمت بتكلفته المالية تراجعت، وقالت: التطبيق فى يوليو!». وكشف الائتلاف عن أمر خطير، قائلا: «أعلنت حكومة الببلاوى أنه سيتم تعديل هيكل الأجور بضم كل العلاوات لجعل الراتب الأساسى 85% من الأجر، فى حين يبقى الأجر المتغير 15%، وهذا هو مشروع حكومة الدكتور «قنديل»، وكان سيتم العمل به مع إقرار موازنة 2014/2015، وقد بدأت بالفعل وزارة المالية فى حكومة «قنديل» بتجهيز هذا المشروع، وبالفعل اتفقت وزارة المالية مع الأطباء على إقرار كادرهم بهذا الفكر كنموذج لتطبيقه بعد ذلك، وبالتالى فإن الحكومة الحالية سرقت مجهود وزارة قنديل ونسبته إليها!». سرقة المشروعات وأضاف:«ضم الأجور المتغيرة لأساسى الأجر أيسر وأوفر ماليا للحكومة؛ لأنه كما نعلم كل جنيه زيادة فى الأساسى تعمل 3.5 جنيه فى المتغير، ولكن ليس فى مصلحة الموظف"، مشيرا إلى أنه مع الوصول إلى شهر يوليو 2014 ستكون معظم المرتبات الإجمالية فى حدود 1200، بما يعنى أن الحكومة ستخرج لتزعم أنها طبقت الحد الأدنى.. "وهو مطبق لوحده". من جانبه، يرى الدكتور عادل عامر -رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية-أن الحكومة الحالية لم تتخذ الخطوات الواجبة، فمازالت تقف عند حدود البحث والتقصى دون قدرة على الانتقال إلى حيز الفعل الذى ينعكس على المواطن، خاصة فيما يتعلق بتعديل هيكلة الأجور، فرواتب المستشارين كما هى،ولم يتم وضع حد أقصى لها، وهو ما يهدر ملايين الجنيهات. نظام المحاصصة وقال «عامر»: إن الأداء الحكومى للحكومة الحالية «روتينى»،ويعود بنا لأيام الرئيس المخلوع مبارك، والمشكلة تكمن فى اختيار رئيس الوزراء، فهو ليس قويا أو جادا أو حاسما فى قراراته، والخطأ أيضا فى اختيار وزراء من نظام المحاصصة والمجاملات بدلا من الكفاءة والخبرة! ولفت الخبير الاقتصادى إلى أن الحكومة الحالية لم تحقق أية إنجازات، خاصة على المستوى الاقتصادى وغير موجودة من الأساس على أرض الواقع، لافتا إلى أنه كان من المفترض على حكومة «الببلاوى»أن تنجز العديد من الإجراءات المتعلقة بالعدالة الانتقالية والتشريعية، وكذلك تحديد برنامج العمل الخاص بها حتى تحظى بمساندة شعبية.. وهو ما لم يحدث. سياسة الفاشلين مصيبة أخرى وكذبة جديدة أقدمت عليها حكومة «الببلاوى»،وهى مسألة التسعيرة الجبرية التى أعلنت عن فرضها على بعض السلع الأساسية، وذلك بعد الفشل فى ضبط الأسواق والخروج من مأزق ارتفاع الأسعار الذى بدأ يخنق المواطنين، ويطاردهم فى كل مكان. قرار فرض التسعيرة يكشف عن غياب الرؤية الاقتصادية للحكومة، وتوابع ذلك؛ لأن القرار سيفتح الباب إلى انتشار السوق السوداء، وهو ما أجمع عليه خبراء الاقتصاد، حيث يوضح الدكتور سرحان سليمان - المحلل الاقتصادى- أن تطبيق التسعيرة الجبرية على السلع يعيق الاقتصاد عن التحرك، قائلا: «هذه سياسة الفاشلين الذين لا يملكون قدرة على إدارة الإنتاج وضبط الأسعار، وعدم امتلاكهم سياسة توجيه حديثة لكيفية تحقيق توازن بين سعر المنتج والمستهلك». وأشار «سرحان» إلى أن تحديد الأسعار يعيق الاقتصاد عن التحرك، ويمنع توظيف الموارد، وسيزيد من السوق السوداء وارتفاع الأسعار وسعر الصرف ومشاكل الاقتصاد، الذى تتحكم فيه الدولة والسياسة السعرية الشمولية المركزية، والتى لا حدود لأمراضها الاقتصادية»، لافتا إلى أن هذه السياسية سوف تؤدى إلى سقوط الاقتصاد الذى يعد القطاع الزراعى أهم أعمدته. عدم دستورية التسعيرة أما الشىء الذى يدعو إلى السخرية أنه رغم فرض تسعيرة استرشادية، ورغم تصريحات الحكومة بأنها جادة فى فرضها؛فتجد أن السعر الاسترشادى جاء أعلى من الأسعار السائدة فى بعض المناطق، فقد تراوح سعر كيلو الطماطم فى بعض الأماكن بين جنيه وجنيه وربع، بينما جاء السعر الاسترشادى للحكومة بين 1.5 جنيه و2 جنيه! وكانت اللجنة المشكلة من وزارة التموين، لوضع الأسعار الاسترشادية لكل أصناف الخضر والفاكهة، قد توصلت إلى تحديد سعر استرشادى للطماطم، حيث تقرر أن تكون تسعيرتها الجبرية ما بين 1.5 جنيه إلى 2 جنيه، والبطاطس بين 5 و6 جنيهات، والخيار بين 3.5 و4 جنيهات، والبامية 9 و9.5 جنيه. لم يقف الأمر عند هذا الحد، فقرار التسعيرة الجبرية هو والعدم سواءٌ، حيث صدر حكم من المحكمة الدستورية فى 14 يناير 2007 بعدم دستورية النص الخاص بفرض التسعيرة بالإجبار،وبالتالى سيتم الإفراج عن أى تاجر غير ملتزم بها، وتصبح حبرا على ورق؛ مما يشير إلى عدم إمكانية ضبط السوق من خلال هذا القرار «الفاشل».