«البعثة الدولية» ترصد انتخابات «النواب» ب«29 متابعًا» من 9 جنسيات    تعددت الأسماء والطريقة واحدة.. آن الرفاعي وبسمة بوسيل تواجهن الطلاق ب«البيزنس» (تقرير)    طبقًا لإرشادات الطب الصيني.. إليكِ بعض النصائح لنوم هادئ لطفلك    ستيفن صهيونى يكتب: الفضيحة التي هزت أركان الجيش الإسرائيلي    مقتل شخصين إثر تحطم طائرة إغاثة صغيرة في فلوريدا بعد دقائق من إقلاعها    موعد مباراة السعودية ضد مالي والقنوات الناقلة في كأس العالم للناشئين    انيهار جزئي في عقار بحي وسط المنيا    بصورة "باي باي" ل ترامب، البيت الأبيض يرد على فيديو إلهان عمر بشأن ترحيلها من أمريكا    «متحف تل بسطا» يحتضن الهوية الوطنية و«الحضارة المصرية القديمة»    أبرزها "الست" لمنى زكي، 82 فيلما يتنافسون في مهرجان مراكش السينمائي    ترامب: ناقشت مع الشرع جميع جوانب السلام في الشرق الأوسط    إقامة عزاء إسماعيل الليثي.. غدًا    إصدار تصريح دفن إسماعيل الليثى وبدء إجراءات تغسيل الجثمان    في ثاني أيام انتخابات مجلس نواب 2025.. تعرف على أسعار الذهب اليوم الثلاثاء    سلطنة عمان تشارك في منتدى التجارة والاستثمار المصري الخليجي    الإطار التنسيقي الشيعي يدعو العراقيين إلى المشاركة الواسعة والفاعلة في الانتخابات التشريعية    أسامة الباز.. ثعلب الدبلوماسية المصرية    رسميًا.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي 2025 وخطوات استخراجها مستعجل من المنزل    يمهد الطريق لتغيير نمط العلاج، اكتشاف مذهل ل فيتامين شائع يحد من خطر النوبات القلبية المتكررة    التعليم تعلن خطوات تسجيل الاستمارة الإلكترونية لدخول امتحانات الشهادة الإعدادية    «في مبالغة».. عضو مجلس الأهلي يرد على انتقاد زيزو بسبب تصرفه مع هشام نصر    أسعار العملات العربية والأجنبية أمام الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    استعدادًا للتشغيل.. محافظ مطروح يتابع تأهيل سوق الخضر والفاكهة بمدخل المدينة    أمطار على هذه المناطق.. بيان مهم من الأرصاد يكشف حالة الطقس خلال الساعات المقبلة    الحوت، السرطان، والعذراء.. 3 أبراج تتميز بحساسية ومشاعر عميقة    ريم سامي: الحمد لله ابني سيف بخير وشكرا على دعواتكم    وزارة الداخلية تكشف ملابسات واقعة السير عكس الاتجاه بالجيزة    انهيار جزئي لعقار قديم قرب ميدان بالاس بالمنيا دون إصابات    مع دخول فصل الشتاء.. 6 نصائح لتجهيز الأطفال لارتداء الملابس الثقيلة    أهمهما المشي وشرب الماء.. 5 عادات بسيطة تحسن صحتك النفسية يوميًا    نيسان قاشقاي.. تحتل قمة سيارات الكروس أوفر لعام 2025    التخضم يعود للصعود وسط إنفاق بذخي..تواصل الفشل الاقتصادي للسيسي و ديوان متفاقمة    بسبب خلافات الجيرة.. حبس عاطل لإطلاقه أعيرة نارية وترويع المواطنين بشبرا الخيمة    استغاثة أم مسنّة بكفر الشيخ تُحرّك الداخلية والمحافظة: «رعاية وحماية حتى آخر العمر»    النائب العام يستقبل وزير العدل بمناسبة بدء العام القضائي الجديد| صور    بعد لقاء ترامب والشرع.. واشنطن تعلق «قانون قيصر» ضد سوريا    سعر الطماطم والخيار والخضار بالأسواق اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    تقارير: ليفاندوفسكي ينوي الاعتزال في برشلونة    إصابة الشهري في معسكر منتخب السعودية    صلاة جماعية في البرازيل مع انطلاق قمة المناخ "COP30".. صور    المغرب والسنغال يبحثان تعزيز العلاقات الثنائية والتحضير لاجتماع اللجنة العليا المشتركة بينهما    مشهد إنساني.. الداخلية تُخصص مأمورية لمساعدة مُسن على الإدلاء بصوته في الانتخابات| صور    زينب شبل: تنظيم دقيق وتسهيلات في انتخابات مجلس النواب 2025    المعهد الفرنسي يعلن تفاصيل الدورة الخامسة من مهرجان "بوبينات سكندرية" السينمائي    اليوم السابع يكرم صناع فيلم السادة الأفاضل.. صور    مروان عطية: جميع اللاعبين يستحقون معي جائزة «الأفضل»    بي بي سي: أخبار مطمئنة عن إصابة سيسكو    اللعنة مستمرة.. إصابة لافيا ومدة غيابه عن تشيلسي    لماذا تكثر الإصابات مع تغيير المدرب؟    خطوة أساسية لسلامة الطعام وصحتك.. خطوات تنظيف الجمبري بطريقة صحيحة    أوكرانيا تحقق في فضيحة جديدة في شركة الطاقة النووية الوطنية    أسعار الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    رجال الشرطة يجسدون المواقف الإنسانية فى انتخابات مجلس النواب 2025 بالإسكندرية    هل يظل مؤخر الصداق حقًا للمرأة بعد سنوات طويلة؟.. أمينة الفتوى تجيب    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    انطلاق اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إرهاصات دستور الانقلاب (4)
نشر في الشعب يوم 24 - 09 - 2013


ملامح تعديلات الدستور من لجنة العشرة الانقلابي:
1 - تشويه الهوية - يكذبون ويصدقون كذبهم
2 - إلغاء دور المجتمع فى حماية الأسرة والمرأة
3 - فوبيا الدين والأخلاق
4 - التستر على الفساد والمفسدين وضمان استمراره
5 - التنكر لثورة 25 يناير المجيدة
6 - تحلل الدولة من التزاماتها وتنكرها للعمال والفلاحين والبدو
7 - إفساد النظام السياسى المصري
8 - القوات المسلحة والقضاء فوق الدولة وفوق القانون
نبدأ نفس البداية بالتأكيد على رفضنا -فى حزب العمل وفى التحالف الوطنى لدعم الشرعية- للانقلاب وكل الآثار المترتبة عليه وفى مقدمتها اللجنة الخاصة بتعديل الدستور -لجنة التعديلات الدستورية الانقلابية- سواء كانت لجنة العشرة أو لجنة الخمسين. وأن كتابة وتعديل الدستور يجب أن يتم فى ظل مناخ مستقر سياسيا واقتصاديا واجتماعيا دون أن يكون فيه طرف متغلب حتى تصل إلى حد أدنى من التوافق وهو ما لا يمكن تحقيقه الآن فى ظل بيئة مليئة بالكراهية وانقسام مجتمعى حاد، وفى ظل اغتصاب للسلطة باستخدام القوة الجبرية ضد الشعب والمستندة إلى حشود وعتاد القوات المسلحة التى هى بالأساس ملك للشعب وللدفاع عنه.
ونركز هنا على تعديلات لجنة التعديلات الدستورية الانقلابية، التى أسموها "اللجنة القانونية العشرية" التى اكتفت بتوجيهات قادة الانقلاب وبالمقترحات المقدمة لها من الأحزاب الديمقراطية المنقلبة على الديمقراطية بتأييدها ودعمه للانقلاب، هذه الأحزاب التى يدللونها باسم "الأحزاب المدنية" والتى تفقد مدنيتها بالانقلاب على الدستور. ولن نتطرق إلى لجنة الخمسين الانقلابية -لجنة عمرو موسى- إلا بعد ظهور منتجها النهائى.
أهم ملامح التعديلات التى أشرنا إليها فى مقالاتنا الثلاثة السابقة كما يلى:
أولا - قضية الهوية: يكذبون ويصدقون كذبهم
1) اقترحت اللجنة تعديلات الدستور وهى غارقة فى اللحظة وصدقت الشائعات التى أطلقها الانقلابيون اتهاما للدكتور مرسى -رئيس الجمهورية المنتخب- بأنه يتنازل عن الأراضى المصرية فأضافوا للمادة الأولى للدستور (جمهورية مصر العربية دولة مستقلة ذات سيادة، وهى موحدة لا تقبل التجزئة، ولا يُتنازل عن شىء منها).
2) وقامت اللجنة العشرية الانقلابية بحذف عبارة (ويعتز بانتمائه لحوض النيل والقارة الإفريقية وبامتداده الآسيوى، ويشارك بإيجابية فى الحضارة الإنسانية) لأن هناك حساسية من الامتداد الأسيوى.
3) استجابت لجنة العشرة للحساسية المرضية لدى الكثير من العلمانيين من الإسلام وقامت بإلغاء المادة 219 الشارحة للمادة الثانية، وفى ظنى المتواضع أن المادة 219 قد توسعت فى تفسير المادة الثانية، مما قد يضيق من تفسير الشريعة للكثير من القضايا والمستجدات المعاصرة التى تحتاج مساحة أكبر من الاجتهاد. وفى ظنى المتواضع أن إلغاء المادة 219 ليس هو الخطر الأكبر، ولكن الخطر الأكبر هو وجود المادة الثانية ووضعها على الرف ومسح التراب عنها كل فترة وعدم تفعيلها تفعيلا حقيقيا منذ إقرارها بإضافة الألف واللام لكلمة مصدر فى تعديل عام 1980.
4) كما أن الخطر الأكبر هو عدم استقلال الأزهر وتبعيته الدائمة لسلطان الحاكم، ولو وجد العلماء الثقاة المستقلون ما جرؤ حاكم مستبد وما جرؤ كاره للإسلام على مخالفة الشريعة أو تهميشها. إن ضمانة الحفاظ على الشريعة وتطبيقها هى فى تدين الشعب وفى وجود العلماء الثقاة المستقلين الذين لا يغريهم ذهب المعز ولا يخيفهم سيفه. ومن هنا اقترحت اللحنة تعديل المادة (4) لتكبيل الأزهر وتحجيمه. رغم أن المادة الأصلية كانت معيبة ولا تضمن استقلال الأزهر وشيوخه، إلا أن تعديل اللجنة العشرية الانقلابية زادتها سوءا استجابة للحساسية المرضية لدى الكثير من العلمانيين الكارهين للإسلام. ولعلنا أدركنا هذا فى موقف شيخ الأزهر فى موالاة قادة الانقلاب وموالاة حسنى مبارك وحزبه الفاسد من قبل، كما أن هيئة كبار العلماء لم تتمكن من أخذ موقف معلن مغاير لموقف الشيخ نظرا لعدم استقلالية هيئة كبار العلماء.
ولم تكتف لجنة العشرة بتضييع الهوية الإسلامية بالمفهوم الحضارى -الذى شارك فى بنائه مسلمو ونصارى مصر على السواء- وتغليب الحرية غير المنضبطة بقيم وأخلاق المجتمع وطهارة اليد ورفض الفساد، فتكرمت باقتراح حذف المواد التالية لتضييع التاريخ والجغرافيا واللغة، وهى أهداف تغريبية لسحق الهوية المصرية:
5) حذف المادة 12 - "تحمى الدولة المقومات الثقافية والحضارية واللغوية للمجتمع، وتعمل على تعريب التعليم والعلوم والمعارف". وهو ما يتعارض مع المادة الثانية التى تنص على أن اللغة العربية هى اللغة الرسمية للدولة، ولكنه التغريب الذى وجد التربة الصالحة فى ظل الانقلاب.
6) وضمانا لتخلف مصر اقترحت التعديلات إلغاء "المجلس الوطنى للتعليم والبحث العلمى"، الذى "يختص بوضع استراتيجية وطنية للتعليم بكل أنواعه وجميع مراحله، وتحقيق التكامل فيما بينها، والنهوض بالبحث العلمى، ووضع المعايير الوطنية لجودة التعليم والبحث العلمى، ومتابعة تنفيذ هذه الاستراتيجية".
ثانيا - إلغاء دور المجتمع فى حماية الأسرة والمرأة
1) إلغاء دور المجتمع فى الحرص على الطابع الأصيل للأسرة المصرية (مادة 10) اكتفاء بدور الدولة لأن العلمانيين صوروا دور المجتمع بدور جماعات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، واكتفى التعديل بترسيخ الدولة لقيم الأسرة الأخلاقية دون النص على حمايتها وفقا للنص الأصلى.
2) النص فى المادة (11) الخاصة بالمرأة على "ومساواتها بالرجال فى ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية" وهذه قضية القضايا عندهم والتى لا يرفضها التيار الإسلامى، ولكنها الهواجس وأزمة الثقة، رغم أن الدستور ينص على الحقوق المتساوية لجميع المواطنين ذكرا كان أو أنثى.
ثالثا - فوبيا الدين والأخلاق
ونظرا للحالة المتفاقمة وازدياد حدة مرض "فوبيا الأخلاق والدين" سواء كان دينا إسلاميا أو مسيحيا، وتغلب قيم الحرية غير المنضبطة بقيم وأخلاق المجتمع وطهارة اليد ورفض الفساد، فلقد تكرمت اللجنة باقتراح حذف المواد التالية:
1) ترعى الدولة الأخلاق والآداب والنظام العام، والمستوى الرفيع للتربية والقيم الدينية والوطنية، والحقائق العلمية، والثقافة العربية، والتراث التاريخى والحضارى للشعب؛ وذلك وفقا لما ينظمه القانون. (مادة 11)
2) تُحظر الإساءة أو التعريض بالرسل والأنبياء كافة. (مادة 44)
رابعا - التستر على الفساد والمفسدين وضمان استمراره
ولم تكتف لجنة العشرة الانقلابية بحذف المواد التى تؤكد حماية القيم والأخلاق، فاقترحت تعديلات ترعى وتحمى الفساد:
1) حذف المادة الخاصة بإنشاء المفوضية الوطنية لمكافحة الفساد (204).. وكأنهم يتسترون على الفساد ويريدون له أن يترعرع فى بيئة الانقلاب!!
2) التستر على الفساد والوساطة والمحسوبية بتعديل المادة (64) والتى تنص على "العمل حق وواجب وشرف لكل مواطن،....". بحذف عبارات "تكفله الدولة على أساس مبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص"، "وتتيح الدولة الوظائف العامة للمواطنين على أساس الجدارة، دون محاباة أو وساطة، ومخالفة ذلك جريمة يعاقب عليها القانون"، فليهنأ مؤيدو الانقلاب بعدم المساواة وانعدام العدالة وتكافؤ الفرص والتوسع فى الوساطة والمحسوبية.
3) حذف المادة (107) والتى تنص على حق عضو مجلس النواب أو مجلس الشورى فى الحصول على أية بيانات أو معلومات تتعلق بأداء عمله فى المجلس بما يسهل من دور نواب المجالس التشريعية فى الرقابة وكشف المفسدين.
4) ولأننا نريد قطع دابر الشرف ورعاية الفساد اقترح حذف المادة (205) والتى تنص على: "يتولى الجهاز المركزى للمحاسبات الرقابة على أموال الدولة، والجهات الأخرى التى يحددها القانون".
5) حذف المادة 227 التى تحدد مدة ولاية محددة لكل منصب غير قابلة للتجديد أو لمرة واحدة فقط. وفى هذا إصرار على استمرار الفساد، ودليل إصرار من السلطان على أن يظل ذهب المعز وسيفه فى يده "يمنح ويمنع" بأن "يمد ويقيل".
6) وليس التستر على الفساد فقط؛ بل وعلى التزوير أيضا بحذف دور المحكمة الإدارية العليا بالفصل فى الطعون على قرارات المفوضية الوطنية للانتخابات المتعلقة بالاستفتاءات وبالانتخابات النيابية والرئاسية ونتائجها، ودور محكمة القضاء الإدارى فى الفصل فى الطعون على انتخابات المحليات. وبهذا يعود مجلس "سيد قراره" مرة أخرى بعد طول انقطاع.
وليهنأ المفسدون بفسادهم فليس هناك رقابة لنواب البرلمان، وليس هناك رقابة للجهاز المركزى للمحاسبات والمفوضية الوطنية لمكافحة الفساد تم وأدها قبل أن تولد، إضافة إلى شيوع الوساطة والمحسوبية والمد للأحباب بعد سن التقاعد والتستر على تزوير الانتخابات وعودة مجلس "سيد قراره".
خامسا - التنكر لثورة 25 يناير
1) حذف المادة 213 الخاصة بإنشاء الهيئة العليا لحفظ التراث بتنظيم وسائل حماية التراث الحضارى والعمرانى والثقافى المصرى، والإشراف على جمعه، وتوثيقه وصون موجوداته، وإحياء إسهاماته فى الحضارة الإنسانية. وتعمل هذه الهيئة على توثيق ثورة الخامس والعشرين من يناير وثورات مصر فى العصر الحديث.
2) حذف المادة (232) والتى تمنع قيادات الحزب الوطنى المنحل من ممارسة العمل السياسى والترشح للانتخابات الرئاسية والتشريعية لمدة عشر سنوات من تاريخ العمل بالدستور.
هل نحتاج بعد هذا إلى التأكيد أن الانقلاب العسكرى هو ثورة مضادة تتستر على الفساد والمفسدين المحسوبين على نظام مبارك وتنقض على ثورة 25 يناير المباركة التى يتمسّحون بها.
سادسا - تحلل الدولة من التزاماتها وتنكرها للعمال والفلاحين والبدو
والحكام الجدد الحاليون أو المنتظرون لهم أولوياتهم التى تعلو فوق مصالح الشعب، ومن هنا تتحلل الدولة من التزامات فرضها عليها دستور 2012، فاقترحت:
1) حذف المادة (8) فى دستور 2012 والتى تنص على كفالة الدولة لوسائل تحقيق العدل والمساواة والحرية، وتيسير سبل التراحم والتكافل الاجتماعى والتضامن بين أفراد المجتمع، وضمان حماية الأنفس والأعراض والأموال، وتحقيق حد الكفاية لجميع المواطنين.
2) إلغاء فقرة المادة (64) التى تنص على "وتكفل الدولة حق كل عامل فى الأجر العادل والإجازات، والتقاعد والتأمين الاجتماعى، والرعاية الصحية، والحماية ضد مخاطر العمل، وتوافر شروط السلامة المهنية فى أماكن العمل؛ وفقا للقانون". ثم إلغاء حق العمال فى الإضراب بإلغاء الفقرة الأخيرة فى المادة.
3) حذف المادة 69 والتى تنص على أن "ممارسة الرياضة حق للجميع. وعلى مؤسسات الدولة والمجتمع اكتشاف الموهوبين رياضيا ورعايتهم، واتخاذ ما يلزم من تدابير لتشجيع ممارسة الرياضة". الرياضة أصبحت حقا فقط لمن يستطيع أن يدفع عشرات الآلاف من الجنيهات للاشتراك فى الأندية الرياضية، أما "اكتشاف الموهوبين رياضيا ورعايتهم" فهو نوع من الترف بعد أن خرجنا من دائرة التاريخ، ولنكتف برعاية الفنانين والفنانات ولتسقط أهداف ثورة 25 يناير فى العدالة الاجتماعية ولتحيا أهداف انقلاب 3 يوليو التى تقسم شعب مصر إلى شعبين.
4) كما اقترح حذف المادة 16 والتى تنص على التزام الدولة بتنمية الريف والبادية، ورفع مستوى معيشة أهلها.
5) ولقد هدف دستور 2012 إلى عدم التمييز بين المواطنين بإلغاء نسبة العمال والفلاحين على أن ينشأ مجلس اقتصادى واجتماعى لدعم مشاركة فئات المجتمع فى إعداد السياسات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية (50% من تشكيله من العمال والفلاحين). ويبدو أن العمال والفلاحين مستهدفون من التعديلات الدستورية؛ فاقترح إلغاء نسبة التمثيل فى المجالس النيابية وإلغاء المجلس الاقتصادى والاجتماعى (مادة 207) ليخرج العمال والفلاحون صفر اليدين.
6) تعديل المادة (22) فى دستور 2012 التى تنص على أن "الجنسية المصرية حق، وينظمه القانون"، بإلغاء كلمة حق، وبالتالى لم تعد الجنسية حقا مكتسبا وأصبح القانون هو الحاكم يمنح ويمنع.
سابعا - إفساد النظام السياسى المصرى
1) تعديل المادة (6) لتنص على: "يقوم النظام السياسى على أساس تعدد الأحزاب، والتداول السلمى للسلطة، والفصل بين السلطات، فى إطار من المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصرى المنصوص عليها فى هذا الدستور". ولأن كلمة الشورى تسبب ارتكاريا للبعض يتم حذفها ولا مانع من حذف الديمقراطية معها، خاصة وأن الديمقراطية باتت تتناقض مع الانقلاب. أما المواطنة فهى الشعار الذى يغازل به الغرب فلا مانع من تصدرها للمادة الأولى (الواجهة)!!!
2) استعادة نظام مبارك الذى ثار ضده الشعب المصرى فى ثورة 25 يناير المجيدة، بتوسيع صلاحيات الرئيس مرة أخرى بعد الحد منها فى دستور 2012 وإعادة النظام الرئاسى الشمولى الذى حكمنا لعقود طويلة، وعدم عزل رئيس الجمهورية نتيجة أية مظاهرات رافضة له مهما كان حجمها وقوتها، ولعل هذا يفقد انقلاب 3 يوليو الدموى المبرر الذى عزل به الرئيس المنتخب نتيجة للمظاهرات التى حركها فى 30 يونيو.
3) إعادة إنتاج نظام سياسى فاسد من خلال تحديد النظام الانتخابى بالنظام الفردى الذى يقوم على سطوة المال والبلطجة، مما يقضى على فكرة تحول مصر إلى دولة برلمانية أو مختلطة ويضعف من النظام الحزبى.
ثامنا - القوات المسلحة والقضاء فوق الدولة وفوق القانون
1) وضع القوات المسلحة فوق الدستور بجعل اختيار وزير الدفاع حقا أصيلا ووحيدا للمجلس العسكرى للقوات المسلحة، وهو ما يناقض فكرة الدولة المدنية ويتعارض مع الرغبة الشعبية فى التظاهرات الرافضة لوثيقة الدكتور على السلمى.
2) تمييز السلطة القضائية وإخراجها من رقابة الدولة؛ بجعل ميزانيتها رقما وحيدا لتصبح مع الجيش جزرا منعزلة فوق الدولة وفوق الدستور.
3) القضاء على أوهام استقلال السلطة القضائية بإعادة تعيين النائب العام من قبل رئيس الجمهورية بعد أن جعله دستور 2012 من خلال ترشيح مجلس القضاء الأعلى.
*****
خاتمة: ليست النهاية فما زال الكابوس مستمرا
لا يزال فى جعبة المرارة والأسى الكثير وما زال كابوس الانقلاب جاثما على صدورنا، ولقد كان بودى استكمال الحديث ولكننى وجدت أهمية فى التلخيص والتبويب، وليكن استكمال الموضوع فى أسبوع قادم لنفسح المجال لموضوع آخر.
القضاء والسياسة وتصفية الحسابات
تعرضنا فى مقال 23 إبريل 2013 لأسباب تفجر أزمة القضاء عقب الحكم بإطلاق سراح الرئيس المخلوع بعد حبسه احتياطيا لما يزيد على العامين فى قضية قتل المتظاهرين، وما سبقه من براءات متعددة ومتتابعة لرموز النظام السابق وضباط الشرطة فى جرائم قتل الثوار، والذى أطلق عليه سخرية "مهرجان البراءة للجميع" وتخوف الشعب من ضياع الثورة من يده.
وأجبنا على سؤال: لماذا خرج الشعب مناديا بتطهير القضاء وإصلاح منظومته؟ ورصدنا عشرة أسباب:
1- إهدار دماء الثوار والمصابين.
2- ضياع أموال مصر المنهوبة.
3- تورط بعض القضاة فى قضايا فساد.
4- ضرب استقلال القضاء بتهريب المتهمين الأمريكان.
5- ضرب استقلال القضاء بالاستقواء بالخارج.
6- ضرب استقلال القضاء بقبول تدخل الدولة وبالاستقواء بغير القضاة وبالعسكر.
7 - ضرب استقلال القضاء بممارسة بعض القضاة والهيئات القضائية للسياسة.
8- التورط فى تزوير الانتخابات.
9- شيوع المحسوبية والواسطة فى تعيينات النيابة والقضاء.
10 - ضعف التشريعات التى مكنت من هروب المتهمين وأموالهم أو إطلاق سراحهم.
ولكن الأمر تصاعد فى الأيام الأخيرة والسابقة لصراع سياسى متوقع مع أحداث 30 يونيو الماضى، كما أشرنا فى مقال الثلاثاء 26 يونيو 2013، حكم محكمة استئناف القاهرة بخصوص منصب النائب العام لصالح المستشار عبد المجيد محمود- حكم محكمة جنح مستأنف الإسماعيلية، برئاسة المستشار خالد المحجوب، بإحالة ملف قضية فتح سجن وادى النطرون إلى النيابة العامة؛ للتحقيق فى ضلوع حماس وحزب الله وجماعة الإخوان المسلمين، فى اقتحام سجون مصر، وكلفت النيابة العامة بالتحقيق مع 34 قيادة إخوانية هاربة من سجن وادى النطرون، بينهم الرئيس محمد مرسى، بتهم التخابر واقتحام السجون والإرهاب، وقتل 13 سجينا فى السجن، والاعتداء على القوات، وسرقة أسلحة وذخائر.
وفى مفاجأة غير متوقعة، قررت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية المصرية، نظر الطعن المقدم من المرشح السابق أحمد شفيق ضد نتائج الانتخابات التى فاز بها محمد مرسى، وحددت اللجنة يوم الثلاثاء 25 يونيو للنظر فى الطعن. هل كان من الممكن قراءة كل ذلك قبل 30 يونيو بعيدا عن الأحداث التى كانت متوقعة فى هذا اليوم.
وتساءلنا فى مقال 26 يونيو: أليس هذا انغماسا للقضاء فى السياسة والتحيز لأحد الأطراف المتصارعة سياسيا فى توقيت يخدم تحركهم؟ وسألنا رئيس محكمة جنح مستأنف الإسماعيلية: هل كان الدكتور محمد مرسى وصحبه محبوسين فى قضية مشينة للشرف أم متحفظا عليهما لموقفهما السياسى؟ وهل كانا محبوسين فى سجون الثورة أم سجون مبارك الذى انتفضت ضده الثورة؟
وتصاعدت الأحداث بعد 30 يونيو 2013 واعتلى أعضاء اللجنة القانونية الدائمة للدفاع عن القضاة وسيادة القانون منصة ميدان التحرير يوم 30 يونيو، كما شارك رئيس المجلس الأعلى للقضاء المستشار حامد عبد الله فى حفل تدشين الانقلاب مع شيخ الأزهر وبابا الكنيسة الأرثوذكسية وآخرين.
أليس اعتلاء القضاة عملا بالسياسة فى ظل حالة الانقسام التى تعيشها البلاد؟ ثم أليست مشاركة رئيس المجلس الأعلى للقضاء توريطا لأعلى منصب قضائى فى العمل بالسياسة؟
وقبل أن تمر ثلاثة أسابيع على دعم المستشارين السابق الإشارة إليهم للانقلاب طالب مجلس القضاء الأعلى، برئاسة رئيسه -الذى حضر وقائع إعلان الانقلاب - طالب وزير العدل بانتداب قاض للتحقيق مع أعضاء حركة "قضاة من أجل مصر" فى البلاغات والشكاوى المقدمة ضدهم من عدد من القضاة؛ لارتكابهم أعمالا تبتعد عن العمل القضائى، وحيدة ونزاهة، القضاة والتى جاء فيها أن "أعضاء حركة قضاة من أجل مصر ينتمون إلى فصيل سياسى معين، ويتدخلون فى العمل السياسى، ويبدون آراءهم فى القضايا السياسية وانضموا لاعتصام أنصار الرئيس المعزول محمد مرسى فى منطقه رابعة العدوية، وطالبوا بعودته، وهو ما يخالف العرف والقوانين المنظمة لأعمال السلطة القضائية، وبافتراض صحة الاتهامات السابقة، فماذا عن المستشارين الذين اعتلوا منصة التحرير مع "تمرد و الإنقاذ" أم أن ميزان العدالة يحتاج إلى إعادة معايرة؟
ولم يقتصر الأمر على "أعضاء حركة قضاة من أجل مصر" فلقد طالب مجلس القضاء الأعلى -وفقا لبوابة الأهرام فى التاريخ نفسه 23 يوليو- وزير العدل بندب قاضٍ للتحقيق فى الشكوى المقدمة ضد 75 قاضيا من تيار الاستقلال؛ لإصدارهم بيانا يتضمن خوضا فى العمل السياسى، وعرض نتائج التحقيقات بمذكرة على المجلس، ليس هذا فقط، فقد أوضح مصدر قضائى أن التحقيق يشمل من أنكر من القضاة توقيعهم على هذا البيان، أو من قرر رفع توقيعه منه، هل هكذا يعامل القضاة؟ ثم نتحدث عن استقلال القضاء؟
ولم ينتظر مجلس إدارة نادى قضاة مصر نتائج التحقيقات، فأصدر قرارا بشطب "قضاة تيار الاستقلال ال75" من عضوية الجمعية العمومية لنادى قضاة مصر بالمخالفة لكل الأعراف المهنية والقضائية، لإصدارهم بيانا فى منصة رابعة العدوية، يتضمن خوضا فى العمل السياسى ومناصرة لفصيل سياسى بعينه. ونتساءل هنا: وبماذا نسمى ما كان يقوم به المستشار أحمد الزند رئيس النادى طوال فترة حكم الدكتور مرسى؟
وفى رد فعل معاكس؛ قام "قضاة من أجل مصر" برفع دعاوى قضائية ضد "لجنة الدفاع عن القضاة" وصرح المستشار "رواد فاروق حما" المتحدث الرسمى باسم لجنة الدفاع عن القضاة، بأن اللجنة ستقوم باتخاذ الإجراءات القانونية ضد أعضاء حركة "قضاة من أجل مصر" بتهمة البلاغ الكاذب فى حالة بدء التحقيق مع أعضاء لجنة الدفاع عن القضاة.
وأكد "حما" أن القضاة الذين شاركوا فى ثورة 30 يونيو شاركوا بصفتهم الشخصية، وليست القضائية، مشيرا إلى أنه لم يعتلِ المنصة كما تزعم الحركة، وأن الاتهامات الخاصة بانضمامهم لحركة تمرد عارية تماما عن الصحة.
وفى أول تعليق له وصف المستشار محمد عبد الهادى -عضو مجلس إدارة نادى القضاة العام- أن هذا البلاغ قدمه أعضاء حركة "قضاة من أجل مصر" بعد أن قرر مجلس القضاء الأعلى ندب قاض للتحقيق معهم بتهمة المشاركة فى اعتصام رابعة العدوية, والدعوة للمشاركة فيه, والتحريض على أعمال العنف.
وأوضح "عبد الهادى" أن القضاة الذين وقفوا على منصة ميدان التحرير يوم ثورة 30 يونيو، أعلنوا أنهم مع إرادة الشعب, ولم يكن فى ذلك أدنى انحياز لتيار, أو فصيل أو حزب سياسى، بل كان انحيازا للشعب مصدر كل السلطات .ألا ترون أن ميزان العدالة يحتاج إلى إعادة معايرة؟
وكان نادى القضاة قد تقدم بمذكرة إلى مجلس القضاء الأعلى طالب فيها بإجراء التحقيقات مع أعضاء حركة "قضاة من أجل مصر" والذين وقّعوا على بيان وصفوا ثورة 30 يونيو بالانقلاب العسكرى. ويا لها من جريمة كيف يقيّمون الأحداث تقييما مخالفا لتقييم رئيس النادى المستشار أحمد الزند؟
وقد أكدت جبهة "استقلال القضاء لرفض الانقلاب" فى بيان لها أن النيابة العامة باتت فى محنة شديدة تحت ولاية النائب العام هشام بركات، فى ظل غياب دور النيابة العامة فى التفتيش على المعتقلات، ووقف الانتهاكات المتواصلة فيها ضد معارضى الانقلاب التى وصلت للتعذيب حتى الموت، وفى ظل إصرار النيابة العامة على تحويل قيادات ثورة الشرعية والكرامة كمتهمين فى جرائم قتل أنصارهم! وترك الجناة من قادة الانقلاب طلقاء دون عقاب، رغم أنهم المسئولون الحقيقيون عن كل الجرائم، فى ضوء الأدلة والقرائن وشهادة الشهود والأحداث.
لقد قدم المستشار يحيى الرفاعى -المحامى والرئيس الشرفى لنادى القضاة- استقالته من نقابة المحامين عام 2000؛ احتجاجا على ما وصفه بالتدخلات الخطيرة فى أعمال القضاء، معنونا الاستقالة ب"أنعى إليكم العدالة فى مصر".. "الحكومة تصادر السلطة القضائية، ووزارة العدل تتدخل فى قضايا الرأى العام".
إن سلطة مبارك التنفيذية تغولت على كلا السلطتين القضائية والتشريعية، وإن جذور التغول على السلطة القضائية ترجع إلى عام 1943، وإن تفاقمت بعد 1952، إن استقلال القضاء ضمانة لمصر واستقلالها واستقرارها.. فهل نستمر فى التفريط فيه؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.