«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دستور الانقلاب يكرس لدولة ديمقراطية إسلامية شكلا عسكرية علمانية حقيقة!!
نشر في الشعب يوم 16 - 09 - 2013


التعديلات الدستورية تؤكد:
أن "انقلاب 3 يوليه" ثورة مضادة بإلغاء مادتى العزل السياسى لفلول مبارك وتوثيق ثورة 25 يناير
تتنكر للمقومات الثقافية والحضارية لمصر، وتتبنى التخلف بتنكرها لتعريب التعليم والعلوم والمعارف
تحلل الدولةمن التزاماتها وتتنكر للعمال والفلاحين والبدو
تتستر على الفساد والوساطة والمحسوبية وتتنكر لمبادئ المساواة والعدالة والجدارة وتكافؤ الفرص
لا تكتفى بقطع دابر الشرف والتستر على الفساد والمفسدين بل تريد له أن يترعرع ويستمر بمنع النواب من الحصول على المعلومات وإلغاء رقابة جهاز المحاسبات ووأد مفوضية مكافحة الفساد

تقتضى الأمانة العلمية أن أشير إلى أن عنوان المقال "دستور الانقلاب يكرس لدولة ديمقراطية إسلامية شكلا عسكرية علمانية حقيقة" مستنبط من مقدمة الدراسة القيمة للصديق العزيز الكاتب والمفكر دكتور / رفيق حبيب فى دراسته الأخيرة بعنوان "سيناريوهات نهاية الانقلاب - البدائل المحتملة".
ولقد أكدنا فى المقالين السابقين على رفضنا -فى حزب العمل وفى التحالف الوطنى لدعم الشرعية- للانقلاب، وكل الآثار المترتبة عليه، ومنها اللجان الخاصة بتعديل الدستور، وأوضحنا أن كتابة وتعديل الدستور يجب أن تتم فى ظل مناخ مستقر سياسيا واقتصاديا واجتماعيا دون أن يكون فيه طرف متغلب حتى تصل إلى حد أدنى من التوافق، وهو ما لا يمكن تحقيقه الآن فى ظل بيئة مليئة بالكراهية وانقسام مجتمعى حاد، وفى ظل اغتصاب للسلطة باستخدام القوة القهرية ضد الشعب، والمستندة إلى حشود وعتاد القوات المسلحة. ولأن قادة الانقلاب يدركون رفض الشعب للانقلاب وكل ما ترتب عليه من آثار، ولأنهم جاءوا بإرادة الانقلاب وليس بإرادة الشعب فإن استقلال لجنة الخمسين غير مضمون كما كان الوضع بالنسبة "للجنة القانونية العشرية" والتى عملت وفقا لتوجيهات قادة الانقلاب والمقترحات المقدمة لها من الأحزاب الديمقراطية -والتى تسمى بالأحزاب المدنية- المنقلبة على الديمقراطية بتأييدها ودعمها للانقلاب، والتى تفقد ديمقراطيتها ومدنيتها بتأييدها للانقلاب العسكرى.
ولقد أقصى قادة الانقلاب الجميع، ولم تخضع اختياراتهم لأى معايير سوى معيار الولاء وقبول الانقلاب، وجاء تمثيل حزب النور كمحلل -أقصد كممثل للتيار الإسلامى- وعصَر قادة الانقلاب قدرا كبيرا من الليمون لتمثيله، ولكن شركاءهم من القوى العلمانية رفضوا عصر الليمون ورفضوا تمثيل حزب النور بالتبعية، رغم أنه شاركهم فى مباركة الانقلاب، لأنهم يهدفون إلى إقصاء التيار الإسلامى من الحياة السياسية ومن التواجد على أرض مصر إن استطاعوا.
وتحدثنا فى المقال الأخير عن قضية الهوية وكيف أن العلمانيين يكذبون ويصدقون كذبهم ثم يبنون تعديلاتهم بناء على أكاذيبهم التى صدقوها، وأشرت إلى أن إلغاء المادة 219 ليس هو الخطر الأكبر، ولكن الخطر الأكبر هو وجود المادة الثانية ووضعها على الرف ومسح التراب عنها كل فترة وعدم تفعيلها تفعيلا حقيقيا منذ إقرارها بإضافة الألف واللام لكلمتى "مصدر رئيسى" فى تعديل عام 1981، كما أن الخطر الأكبر -أيضا- هو عدم استقلال الأزهر وتبعيته الدائمة لسلطان الحاكم، ولو وجد العلماء الثقاة المستقلون ما جرؤ حاكم مستبد وما جرؤ كاره للإسلام على مخالفة الشريعة أو تهميشها، وأن ضمانة الحفاظ على الشريعة وتطبيقها هى فى تدين الشعب وفى وجود العلماء الثقاة المستقلين الذين لا يغريهم ذهب المعز ولا يخيفهم سيفه. وأكدنا أن صاحب الحق الوحيد فى الإبقاء على المادة أو إلغائها هو الشعب، وصاحب الحق فى الاقتراح هم ممثلو الشعب المنتخبون. وختمنا المقال بفوبيا الأخلاق والدين عند لجنة الخمسين التى غلبت "الحرية غير المنضبطة" باقتراح حذف المواد التى تؤكد دور المجتمع فى حماية القيم والأخلاق.
*****
التستر على الفساد والمفسدين وضمان استمراره
ولم تكتف لجنة العشرة الانقلابية بحذف المواد التى تؤكد على حماية القيم والأخلاق فاقترحت حذف المادة الخاصة بإنشاء المفوضية الوطنية لمكافحة الفساد (204). وكأنهم يتسترون على الفساد ويريدون له أن يترعرع فى بيئة الانقلاب!! إنهم يُعلون من دستور آل لوط "فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ" النمل 56.
وفى إطار التستر على الفساد اقترحت أيضا حذف المادة (232) والتى تمنع قيادات الحزب الوطنى المنحل من ممارسة العمل السياسى والترشح للانتخابات الرئاسية والتشريعية لمدة عشر سنوات من تاريخ العمل بالدستور.
هل نحتاج بعد هذا إلى التأكيد أن الانقلاب العسكرى هو ثورة مضادة تتستر على الفساد والمفسدين المحسوبين على نظام مبارك.
وفى نفس إطار التستر على الفساد والوساطة والمحسوبية اقترحت التعديلات تعديل المادة (64) والتى تنص على "العمل حق وواجب وشرف لكل مواطن، تكفله الدولة على أساس مبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص. ولا يجوز فرض أى عمل جبرا إلا بمقتضى قانون. ويعمل الموظف العام فى خدمة الشعب، وتتيح الدولة الوظائف العامة للمواطنين على أساس الجدارة، دون محاباة أو وساطة، ومخالفة ذلك جريمة يعاقب عليها القانون". بحذف عبارات "تكفله الدولة على أساس مبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص"، "وتتيح الدولة الوظائف العامة للمواطنين على أساس الجدارة، دون محاباة أو وساطة، ومخالفة ذلك جريمة يعاقب عليها القانون" فليهنأ مؤيدو الانقلاب المفوضين للسيسى بعدم المساواة وانعدام العدالة وتكافؤ الفرص والتوسع فى الوساطة والمحسوبية أو كما يقول التعبير المصرى "شيوع الكوسة" وأضيف "شيوع الكوسة البلدى والقرع الاستنبولى".
وفى نفس إطار التستر على الفساد اقترح حذف المادة (107) والتى تنص على: "لكل عضو، فى مجلس النواب أو مجلس الشورى، الحق فى الحصول على أية بيانات أو معلومات تتعلق بأداء عمله فى المجلس"، ولأن هذا يسهل من دور نواب المجالس التشريعية فى الرقابة وكشف المفسدين وانقلاب يوليو يريد الانقضاض على ثورة 25 يناير والعودة لنظام مبارك فلتحذف هذه المادة وإن استعصت عن الحذف يتم إزالتها بالجرافات كما تم إزالة جثامين الشهداء فى فض اعتصام ميدان رابعة العدوية!!
ولأننا نريد قطع دابر الشرف ورعاية الفساد اقترحت التعديلات حذف المادة (205) والتى تنص على: "يتولى الجهاز المركزى للمحاسبات الرقابة على أموال الدولة، والجهات الأخرى التى يحددها القانون". وليهنأ المفسدون بفسادهم فليس هناك رقابة لنواب البرلمان وليس هناك رقابة للجهاز المركزى للمحاسبات والمفوضية الوطنية لمكافحة الفساد تم وأدها قبل أن تولد.
كما تم حذف المادة 227 "كل منصب، يعين له الدستور أو القانون مدة ولاية محددة، غير قابلة للتجديد أو قابلة لمرة واحدة، يحتسب بدء هذه الولاية من تاريخ شغل المنصب. وتنتهى الولاية فى جميع الأحوال متى بلغ صاحبها السن المقررة قانونًا لتقاعد شاغلها". وإلغاء هذه المادة دليل إصرار على استمرار الفساد ودليل إصرار من السلطان على أن يظل ذهب المعز وسيفه فى يده "يمنح ويمنع" بأن "يمد ويقيل"، لعن الله فتنة السلطة والسلطان.
وليس التستر على الفساد فقط بل وعلى التزوير أيضا، فلقد اقترح حذف المادة والتى تنص على "تختص المحكمة الإدارية العليا بالفصل فى الطعون على قرارات المفوضية الوطنية للانتخابات المتعلقة بالاستفتاءات وبالانتخابات النيابية والرئاسية ونتائجها، ويكون الطعن على انتخابات المحليات أمام محكمة القضاء الإدارى. وينظم القانون إجراءات الطعون والفصل فيها وفقا لمواعيد محددة بما لا يخل بسير العملية الانتخابية، أو إعلان نتائجها النهائية. وفى كل الأحوال يجب أن يتم إعلان النتائج النهائية خلال مدة لا تجاوز ثمانية أيام من تاريخ الاقتراع". وبهذا يعود مجلس "سيد قراره" مرة أخرى بعد طول انقطاع.
*****
عودة لقضية الهوية وتضييع تاريخ مصر وحضارتها
ولم تكتف لجنة العشرة بتضييع الهوية الإسلامية بالمفهوم الحضارى -الذى شارك فى بنائه مسلمو ونصارى مصر على السواء- وتغليب الحرية غير المنضبطة بقيم وأخلاق المجتمع وطهارة اليد ورفض الفساد -كما أشرنا فى المقال السابق- فلقد تكرمت اللجنة باقتراح حذف المواد التالية لتضييع التاريخ والجغرافيا واللغة، وهى أهداف تغريبية لسحق الهوية المصرية:
حذف المادة 12 - "تحمى الدولة المقومات الثقافية والحضارية واللغوية للمجتمع، وتعمل على تعريب التعليم والعلوم والمعارف". وهذا الحذف يتعارض مع المادة الثانية والتى تنص على أن اللغة العربية هى اللغة الرسمية للدولة ولكنه التغريب الذى وجد التربة الصالحة فى ظل الانقلاب. رحم الله أستاذنا الدكتور عبد الوهاب المسيرى الذى رفع قضية -استمرت لسنوات قبل وفاته دون الحكم فيها- ضد المحلات التى ترفع أسماء وألفاظا أجنبية على واجهاتها، وبارك الله فى أخى العزيز الأستاذ الدكتور مهندس / محمد يونس الحملاوى -أمين عام الجمعية المصرية لتعريب العلوم- الذى نذر حياته دفاعا عن اللغة وتعريب العلوم، ولم يكن راضيا عن النص الموجود فى دستور 2012 حيث كان يطالب بأن "تلتزم الدولة بتعريب العلوم...." وليس مجرد "العمل على......".
وضمانا لتخلف مصر اقترحت التعديلات إلغاء "المجلس الوطنى للتعليم والبحث العلمى" والذى "يختص بوضع استراتيجية وطنية للتعليم بكل أنواعه وجميع مراحله، وتحقيق التكامل فيما بينها، والنهوض بالبحث العلمى، ووضع المعايير الوطنية لجودة التعليم والبحث العلمى، ومتابعة تنفيذ هذه الاستراتيجية". (مادة 214).
حذف المادة 213 - "تُعنى الهيئة العليا لحفظ التراث بتنظيم وسائل حماية التراث الحضارى والعمرانى والثقافى المصرى، والإشراف على جمعه، وتوثيقه وصون موجوداته، وإحياء إسهاماته فى الحضارة الإنسانية. وتعمل هذه الهيئة على توثيق ثورة الخامس والعشرين من يناير وثورات مصر فى العصر الحديث". وعندما يتم حذف هذه المادة فماذا يتبقى من الهوية المصرية، المادة هنا تتحدث عن التراث الحضارى المصرى "الفرعونى - الرومانى - القبطى - الإسلامى" أى كل تاريخ مصر وليس التاريخ الإسلامى فقط كما يزعم مناهضو الدكتور مرسى والتيار الإسلامى والذين دأبوا على وصف دستور 2012 بأنه دستور الإخوان ليُسقطوا عنه صفة الوطنية.
ويتبين من هذه المادة بأن انقلاب 3 يوليو هو ثورة مضادة لثورة 25 يناير 2011 وبالتالى فهو مرحب بعدم إنشاء الهيئة العليا لحفظ التراث والمنوط بها -من ضمن مهامها- توثيق ثورة الخامس والعشرين من يناير وثورات مصر فى العصر الحديث (بما فيها ثورة 23 يوليو 1952 وثورة 1919 ) أى أن الجمعية التأسيسية لدستور 2012 لم تكن ضد ثورة يوليو الناصرية ولا ضد ثورة 19 الليبرالية ولا ضد ثورة الشعبية فى 25 يناير 2011، ولكنه الهوى والغرض، وكلاهما مرض.
*****
دولة تتحلل من التزاماتها وتتنكر للعمال والفلاحين والبدو
والحكام الجدد الحاليون أو المنتظرون لهم أولوياتهم التى تعلو فوق مصالح الشعب، ومن هنا تتحلل الدولة من التزامات فرضها عليها دستور 2012 فاقترحت:
حذف المادة ( 8 ) فى دستور 2012 والتى تنص على: " تكفل الدولة وسائل تحقيق العدل والمساواة والحرية، وتلتزم بتيسير سبل التراحم والتكافل الاجتماعى والتضامن بين أفراد المجتمع، وتضمن حماية الأنفس والأعراض والأموال، وتعمل على تحقيق حد الكفاية لجميع المواطنين؛ وذلك كله فى حدود القانون". إلا أن التعديلات استبدلتها ب"يقوم المجتمع على التضامن الاجتماعى وتلتزم الدولة بتوفير وسائل تحقيق العدل والتكافل الاجتماعى بين أفراد المجتمع، فى حدود القانون". تنكر لأهداف ثورة 25 يناير بحذف "تكفل الدولة وسائل تحقيق العدل والمساواة والحرية"، كما حذفت "وتضمن حماية الأنفس والأعراض والأموال، وتعمل على تحقيق حد الكفاية لجميع المواطنين" أى أن الدولة تتحلل من توفير الأمن والكفاية للمواطنين!! فماذا تبقى من دور الدولة؟!
وفى نفس إطار تحلل الدولة من الالتزامات التى فرضها عليها دستور 2012 اقترحت التعديلات إلغاء فقرة المادة (64) التى تنص على "وتكفل الدولة حق كل عامل فى الأجر العادل والإجازات، والتقاعد والتأمين الاجتماعى، والرعاية الصحية، والحماية ضد مخاطر العمل، وتوافر شروط السلامة المهنية فى أماكن العمل؛ وفقا للقانون". ثم إلغاء حق العمال فى الإضراب بإلغاء الفقرة الأخيرة فى المادة "والإضراب السلمى حق، وينظمه القانون".
حذف المادة 69 والتى تنص على أن "ممارسة الرياضة حق للجميع. وعلى مؤسسات الدولة والمجتمع اكتشاف الموهوبين رياضيا ورعايتهم، واتخاذ ما يلزم من تدابير لتشجيع ممارسة الرياضة" ولأن "العقل السليم فى الجسم السليم" فإننا لسنا بحاجة لأجسام قوية حتى نكون لقمة سائغة للصهاينة ولسنا بحاجة لعقول سليمة حتى لا نبذل جهدا كبيرا فى تغييبها عن طريق وسائل الإعلام التابعة للانقلاب ونظام مبارك الذى يبشرون بعودته. والرياضة حق لمن يستطيع أن يدفع عشرات الآلاف من الجنيهات للاشتراك فى الأندية الرياضية، أما "اكتشاف الموهوبين رياضيا ورعايتهم" فهو نوع من الترف بعد أن خرجنا من دائرة التاريخ وعدنا مرة أخرى لصفر المونديال، ولنكتف برعاية المطربين والمطربات خاصة هؤلاء المتغنين ب"تسلم الأيادىي" ولتسقط أهداف ثورة 25 يناير فى العدالة الاجتماعية ولتحيا أهداف انقلاب 3 يوليه التى تقسم شعب مصر إلى شعبين.
كما اقترح حذف المادة 16 والتى تنص على "تلتزم الدولة بتنمية الريف والبادية، وتعمل على رفع مستوى معيشة الفلاحين وأهل البادية". ولأن هذه الأهداف أهداف بالية تعود إلى خمسينيات وستينيات القرن الماضى فلتتحلل الدولة منها، خاصة وأن أهل الريف والبادية من المناهضين للانقلاب.
ولقد هدف دستور 2012 إلى عدم التمييز بين المواطنين بإلغاء نسبة العمال والفلاحين على أن ينشأ مجلس اقتصادى واجتماعى لدعم مشاركة فئات المجتمع فى إعداد السياسات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية (50% من تشكيله من العمال والفلاحين). ويبدو أن العمال والفلاحون مستهدفون من التعديلات الدستورية فاقترح إلغاء نسبة التمثيل فى المجالس النيابية وإلغاء المجلس الاقتصادى والاجتماعى (مادة 207) ليخرج العمال والفلاحون صفر اليدين.
*****
الجنسية ينظمها القانون!!!
نصت المادة (22) فى دستور 2012 على أن "الجنسية المصرية حق، وينظمه القانون" إلا أن التعديل المقترح فى المادة (7) نص على "الجنسية المصرية ينظمها القانون" أى أن الجنسية لم تعد حقا مكتسبا وأصبح القانون هو الحاكم يمنح ويمنع. ولا مانع من تقنين الجنسية وفقا لغناء المطربة أنغام "مش من بلدنا ولا من ولادنا".
*****
النظام السياسى المصرى
تنص المادة (6) على: "يقوم النظام السياسى على مبادئ الديمقراطية والشورى، والمواطنة التى تسوى بين جميع المواطنين فى الحقوق والواجبات العامة، والتعددية السياسية والحزبية، والتداول السلمى للسلطة، والفصل بين السلطات والتوازن بينها، وسيادة القانون، واحترام حقوق الإنسان وحرياته؛ وذلك كله على النحو المبين فى الدستور. ولا يجوز قيام حزب سياسى على أساس التفرقة بين المواطنين؛ بسبب الجنس أو الأصل أو الدين".
وتم تعديلها إلى: "يقوم النظام السياسى على أساس تعدد الأحزاب، والتداول السلمى للسلطة، والفصل بين السلطات، فى إطار من المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصرى المنصوص عليها فى هذا الدستور".
ولأن كلمة الشورى تسبب ارتكاريا للبعض فلا مانع من حذفها ولا مانع من حذف الديمقراطية معها، خاصة وأن الديمقراطية باتت تتناقض مع الانقلاب. أما المواطنة فهى الشعار الذى يغازل به الغرب فلا مانع من تصدرها للمادة الأولى (الواجهة). وأبقت المادة على التعددية الحزبية ولكنها حذفت التعددية السياسية ربما لأن التعددية السياسية غير مسموح بها فى زمن الانقلاب وبذلك يكون لدينا تعددية حزبية فى إطار سياسى واحد (مصر بلد العجائب) !!!!. ثم حذف جزء المادة الذى ينص على عدم جواز قيام حزب سياسى على أساس التفرقة بين المواطنين؛ بسبب الجنس أو الأصل أو الدين وربما أرادوا بهذا أن تكون هذه الاشتراطات فى قانون الأحزاب السياسية.
ومن أخطر التعديلات التى يتم طرحها هو عدم عزل رئيس الجمهورية نتيجة أية مظاهرات رافضة له مهما كان حجمها وقوتها، ولعل هذا يُفقد انقلاب 3 يوليو الدموى المبرر الذى عزل به الرئيس المنتخب نتيجة للمظاهرات التى حركها فى 30 يونيه، كما أن هذه التعديلات تعيد إنتاج نظام سياسى فاسد من خلال تحديد النظام الانتخابى بالنظام الفردى الذى يقوم على سطوة المال والبلطجة مما يقضى على فكرة تحول مصر إلى دولة برلمانية أو مختلطة ويضعف من النظام الحزبى.
وفى ظل مغالطة أعضاء لجنة الخمسين بأن ما حدث يومى (30 يونيه - 3 يوليه) بأنه ثورة وليس انقلابا، وبافتراض أن ما يقولونه صحيحا: إذا لم يكن ما حدث انقلابا؟ فهل تتكرم علينا لجنة ال 50 بالنص فى الدستور على منع ترشح أى عسكرى لأى منصب إلا بعد مرور خمس سنوات من ترك الخدمة؟ ننتظر الإجابة، وإذا لم تجيبوا سنكرر السؤال عليكم مرات ومرات، وإذا أصررتم على عدم الرد أو الاستجابة، فسنعرض الأمر على الرأى العام ليحكم الشعب فى شأنكم ويجيب: هل أنتم ثوريون أم انقلابيون؟
إلا أن هذه التعديلات لم تعدم إيجابيتين: إلغاء نسبة العمال والفلاحين، إلغاء مجلس الشورى. ورغم إيجابية التعديلين إلا أنهما يفقدان قيمتهما لسببين: أولهما أنها جاءت من لجنة معينة وليس من لجنة منتخبة من الشعب، وثانيهما أنها جاءت من قبل لجنة مكلفة من انقلاب عسكرى مغتصب للسلطة دون أى مسوغ من الدستور أو القانون.
*****
خاتمة ليست النهاية فما زال الكابوس مستمرا
طال المقال واستطال ولا يزال فى جعبة المرارة والأسى الكثير وما زال كابوس الانقلاب جاثما على صدورنا، وما زلت أتحدث عن تعديلات لجنة العشرة أما عن لجنة الخمسين فحدث ولا حرج فهى تحتاج إلى مجلدات.
سامحونى فى أننى خلطت الجد بالهزل فى موضوع الدستور الذى لا يجوز فيه الهزل، ولكن كما يقول المتنبى "كم ذا بمصر من المضحكات ولكنه ضحك كالبكا"، لعن الله فتنة السلطة والسلطان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.