يوماً بعد يوم يزداد يقينى بنظرية المؤامرة على الإسلام على يد الليبراليين واليساريين والقوميين وغيرهم ممن يرفضون تدخل أو تداخل الإسلام(وليس المسيحية طبعاً) فى شؤون الحياة من سياسة واجتماع واقتصاد وعلاقات دولية.. إلخ رغم ادعاءاتهم الباطلة والمستمرة بأنهم أكثر حرصاً على الإسلام من أولئك المتأسلمين على حد تعبيرهم حتى وصل الشطط بأحدهم أن زعم أن الإسلام أفسد السياسة وليس العكس ، واعترض مخرج داعر عضو فى لجنة الخمسين لتدنيس الدستور على كون مصر إسلامية وبأنهم سيكتبون دستوراً جديداً (شبهنا وبمزاجنا) على حد تعبيره وطبعاً انطلاقاً من أفلام البورنو العارية تحت مسمى الفن والإبداع ، فى إشارة واضحة الدلالة باستهداف هوية البلاد الإسلامية لنكون أمة مسخ لا فرق فيها بين مسلمٍ وبوذى. فى مصر بعد 30 يونيو تحولت الأغلبية المسلمة المتدينة إلى أقلية منبوذة تُخفى إيمانها وتتبرأ من لحية رجالها ونقاب نساءها ، فبات القابض على دينه كالقابض على الجمر كما أخبرنا رسولنا صلى الله عليه وسلم ، فأنت متهمٌ دائماً بالإرهاب هكذا على المكشوف مادمت ملتحياً أو منتقبة حتى تثبت عكس ذلك ، فإذا أثبت أنك عربيداً مدخناً للسيجار أو البانجو أو مخموراً تتسكع فى الشوارع والطرقات وربما لو جاهرت بإلحادك وكفرك فاعلم أنك آمن فى مالك وعيالك وحالك وترحالك إرضاءً للسلطان ولى أمرنا وتاج رأسنا الذى يعلم ما لا نعلم ولا يُسأل عما يفعل وهم يٌسألون!!. فى مصر بعد 30 يونيو تٌستهدف المساجد وبيوت الله بالقصف المدفعى وحصار الدبابات والمدرعات والغلق والتشميع بالشمع الأحمر واعتقال الأئمة ومنع إقامة الصلوات ، والأنكى يتم إذاعة أغنية " تسلم الأيادى" المؤيدى لانقلاب الجيش فى أحد مساجد المنصورة، حتى وصل الأمر إلى غلق 55 ألف زاوية ومسجد صغير أقل من 80 متراً فى صلاة الجمعة وبالتالى منع أئمة وخطباء تلك الزوايا من اعتلاء منابرها بحجة عدم أهليتهم من الناحية الشرعية لكونهم لا ينتمون للأزهر للشريف ، وليتهم أغلقوا بقية المساجد لأن أكثر خطباءها لا يجيدون قراءة القرآن فضلاً عن إجادة القراءة والكتابة رغم انتسابهم وانتماءهم لمؤسسة الأزهر الشريف العريقة ، فى الوقت الذى لا يرى السلطان حرجاً أبداً من وجود الحانات والملاهى الليلية التى تبيع بضاعة الفسق والفجور بترخيص من السلطات وبخاتم النسر ، فى إجراءات لم يجرؤ المحتل على تنفيذها بحق المساجد أو حتى التلويح بها فى زمان صار الإسلام فيه غريباً فى بيته ، وفى أجواء مماثلة لمحاكم التفتيش بعد سقوط الأندلس (1492 م) حيث صار الاستهداف والقتل على الهوية ، وفى الوقت الذى صارت الكنائس فى مصر بعد انقلاب 30 يونيو أعز علينا كمسلمين من المساجد فلا يتمعّر وجه فضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر أو شيوخ السلطان غضباً إذا ما انتهكت حرمة المساجد ، لكن إذا ما هبت ريحٌ خفيفة على كنيسة من الكنائس انتفضوا جميعاً منددين مستنكرين يذرفون الدموع هياماً وغراماً بالكنائس وأهلها ربما أكثر من بابا الكنيسة والقساوسة والرهبان أنفسهم. فى مصر بعد 30 يونيو يتقمص وزير أوقاف مصر شخصية مصطفى كمال أتاتورك مؤسس العلمانية فى بلاد الخلافة العثمانية التى أسقطها رسمياً ( 3 مارس 1924) والذى أراد اجتثاث الإسلام من قلوب الشعب التركى بحملة خبيثة وشرسة من إجراءات تغريب وعلمنة تركيا بل وإن شئت فقل علمنة الإسلام ذاته وفصله القسرى التام عن الدولة ، من إلغاء وزراة الأوقاف ومصادرة ممتلكاتها وكذلك المحاكم الشرعية ما ترتب عليه إلغاء قوانين الشريعة الإسلامية فى باب الأحوال الشخصية وطرح القانون التركى المدنى المستوحى من القانون السويسرى ، وإلغاء الآذان باللغة العربية بعد إقرار الكتابة باللغة اللاتينية بدلاً عن الحروف العربية مما كان له أثر بالغ الضرر على التراث العثمانى المجيد، وتحويل المدارس الدينية إلى مدنية تابعة لإدارة التعليم العام ،وفصل تركيا عن محيطها العربى الشرقى بإلغاء الألقاب العربية وفرض ألقاب أسرية أوروبية على النمط الغربى وكذلك فرض ارتداء القبعة والملابس الأوروبية ، واستبدل العطلة الأسبوعية بيوم الأحد بدلاً من الجمعة (عيد المسلمين) تماهياً مع العادات الأوربية الغربية المسيحية واليهودية. ما يجب أن يؤرقنا الآن هو أننا نسير بالفعل على درب (أتاتورك) فى نسخته المصرية ونموذج تغريب وعلمنة مصر بعد 30 يونيو تماشياً مع النغمة السائدة الآن وهى ( الحرب على الإرهاب) ذلك المصطلح المطاط المريب تحت ذريعة القضاء على العنف المرتبط أوتوماتيكياً بالإسلام ( كده عميانى ) ودون تدقيق أو تحقيق لا سيما بعد جهر أحد الليبراليين المتطرفين على الهواء مباشرة ( بأننا لازم نبطل كذبة أن مصر دولة متدينة بالفطرة لأن مصر علمانية بالفطرة ) هكذا قال بالنص ولم يتصدى له شيخ الأزهر أو علماؤه الأجلاء فى هيئة كبار العلماء وكأن الأمر لا يعنيهم ، ربما لأن مهمتهم باتت محصورة فى إلقاء بيانات التنديد بالإرهاب (الإسلامى طبعاً) ودعم ومؤازرة الحاكم بأمره وتهنئته بالأعياد واستطلاع هلال رمضان فضلاً عن الذود عن الكنائس والدفاع عن المسيحية ورجالها وشعبها المسكين ضحايا الإرهاب والتطرف الإسلامى فى وجه العلمانية الأليفة والليبرالية الوديعة.