انتقد أحمد ماهر، وزير الخارجية المصري السابق، بشكل ضمني، تصريحات خليفته في المنصب أحمد أبو الغيط، التي هاجم فيها المقاومة الفلسطينية واستخفّ بفعاليتها وجدواها. وقال ماهر في مقالة له نُشرالجمعة (8/2) في صحيفة "الشرق الأوسط" التي تصدر من لندن "لا أجد نفسي قادراً على التغاضي عنها إزاء موجات الاستهزاء بالمقاومة التي نسمعها ونقرؤها". وشدّد الوزير السابق على أنّ "الشعوب التي تقاوم عادة ما تكون أضعف من المحتل أو المستعمر أو المعتدي الذي تقاومه، وأنها بالمقاومة لا تستهدف هزيمته ولكن تكفي مضايقته وإزعاجه وزيادة تكاليف العدوان سواء في الأفراد أو المعدات أو الاضطرار الى التعبئة المتكررة أو إجهاد قواته؛ بحيث تكون النتيجة في النهاية وضعه موضع المفاضلة بين الاستمرار في تحمل التكلفة السياسية والمادية أو البحث عن تسوية". وأضاف أحمد ماهر "أعتقد أنّ هذه قاعدة تكاد تكون مستقرّة وتجعل الاستهزاء من أي مقاومة مهما كان ضعفها النسبي تجاهلاً لحقائق لها أمثلة كثيرة في التاريخ، ابتداء من مقاومة الماو ماو إلى مقاومة الفيتناميين، مروراً بدرجات متفاوتة من المقاومة سواء بالرماح أو السهام أو "المواسير" كما أطلق البعض على صواريخ القسام أو الحجارة". وجاء تعليق وزير الخارجية المصري السابق بعيد هجوم خليفته أحمد أبو الغيط، الذي حمل على مواجهة حركة "حماس" مع الاحتلال ووصفه مقاومتها وصورايخها بأنها "كاريكاتورية ومضحكة". واستغرب ماهر من يحاولون التقليل من مسؤولية الاحتلال عن المعاناة اللاإنسانية التي واجهها سكان قطاع غزة، وقال إنّ "حقيقة الحصار لا تقبل الجدل، وحقيقة قطع الإمداد بالوقود اللازم لتسيير محطات الكهرباء أقرّ بها المسؤولون أنفسهم، وحملات القتل والتدمير مستمرة ليس فقط في غزة بل أيضاً في الضفة". وانتقد المسؤول المصري السابق "موجة بث الكراهية" التي أطلقها عدد من الكتاب ووسائل الإعلام الرسمية المصرية، والتي يحذر مراقبون من أنّها تسعى لدق الأسافين بين الشعبين الشقيقين المصري والفلسطيني، معرباً عن ثقته بحكمة الرئيس المصري مبارك في وضع حد لها . وقال ماهر "لولا حكمة رئيس مصر الذي اتخذ وما زال يتخذ باستمرار الموقف والقرار الذي يحقق التوازن الدقيق بين جميع الاعتبارات، دون أن يتأثر بأصوات تصدر كثيراً عن الهوى فتثير الزوابع والعواصف وكأنها برغم اتجاهاتها المتباينة وأغراضها المتنوعة تركب موجة من بث الكراهية تذكرني بحالات سابقة لعلي كنت بغير إرادتي لدى زيارةٍ لي للقدس القشة التي حاول البعض استغلالها لتقصم ظهر علاقة مصرية فلسطينية". ويشير ماهر بذلك إلى زيارة مثيرة للجدل قام بها إلى القدس بعيد انطلاق انتفاضة الأقصى وقوبل بها باعتراضات حادة من قلة من الفلسطينيين المتظاهرين. وأشار ماهر إلى أنّ العلاقة الفلسطينية المصرية استطاعت دائماً أن تتجاوز أعاصير وأخطاء وصلت أحياناً الى حد الجرائم، ولكنها تلاشت لأنّ الأهم أبقى مما هو أقل أهمية، ولأن التناقضات الفرعية انزوت أمام التناقضات الأساسية، وفق تأكيده. وأضاف الوزير السابق "لست أريد أن أستطرد في هذا الحديث؛ الذي هو ليس رداً على أحد بالذات. ولكنه توصيف لحالة أعتقد أنها احتقنت بفعل فاعل أو فاعلين، وأمكن في كل مرة تخفيف احتقانها بفضل قيادة مصرية واعية وحكيمة تحملت مسؤوليتها الوطنية القومية". وقال أحمد ماهر "في كل الأحوال يجب ألا ننسى أنّ المؤامرة الإسرائيلية موجودة ومستمرة. ف"إسرائيل" تريد تيئيس الفلسطينيين عن طريق القتل والتجويع والاضطهاد، لتدفعهم إلى تصرفات تؤدي إلى هدفهم الثاني، وهو الوقيعة بين مصر والفلسطينيين". وشدّد ماهر على أنّ "ما حدث (على الحدود المصرية مع قطاع غزة) يحتاج إلى إعادة النظر في بروتوكول المعابر لضمان فعاليته وتحقيقه للهدف منه، وهو فكّ أسر الشعب الفلسطيني وضمان أمن مصر"، لافتاً الانتباه إلى أنّ ذلك لا يمكن حدوثه إلاّ "بتوحيد الصف الفلسطيني، ثم لفت نظر العالم إلى حقيقة ما حدث نتيجة لسياسات وممارسات إسرائيلية، وتنحِّي أوروبا عن واجب أنيط بها ثقة بقدرتها على الالتزام به، فإذا بها تميل إلى دور "الشاهد الأخرس" الذي يرفض النطق بالحق". ومضى أحمد ماهر إلى القول "ليس من المقبول في هذه الظروف أن يكون البعض على استعداد ليبلعوا الظلط (أي الحجارة القاسية) ل"إسرائيل" ولإلقاء كل الحجارة على الفلسطينيين عامة وعلى "حماس" خاصة"، وذلك في إشارة إلى الهجمة الإعلامية الشرسة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني وحركة "حماس" من قبل بعض كتبة النظام في مصر. وذكّر المسؤول المصري السابق أنه أثناء الأحداث المؤسفة والمؤلمة والتي وقعت من بعض الفلسطينيين عقب إعادة إغلاق المعابر، بعد تجاوز أزمة الحاجة الملحة إلى حين وضع الترتيبات اللازمة لضمان عودة الأمور إلى طبيعتها؛ فإنّ قوات الأمن الفلسطينية تدخلت لوقف "أعمال طائشة من بعض الأفراد الذين يعلم الله حقيقة دوافعهم".