حصلت وكالة "قدس برس" على وثيقة عسكرية مصرية مهمة تكشف طبيعة المسار السياسي الذي اتخذته المؤسسة العسكرية لوقف المسار الديمقراطي وإعادة الحكم للمؤسسة العسكرية. وتتضمن الوثيقة، الصادرة عن مكتب المخابرات العسكرية التابع مباشرة لوزير الدفاع اللواء عبد الفتاح السيسي، رؤية متكاملة للتعاطي الإعلامي مع المرحلة الانتقالية في مصر ومنها إفشال تجربة الإخوان المسلمين في الحكم من خلال ما تسميه الوثيقة "تغيير الصورة الذهنية عن الإخوان". وتهدف الوثيقة لتعزيز شعبية القوات المسلحة داخليا والتسويق لها على المستوى الخارجي، وذلك من خلال تشكيل ما تسميه الوثيقة ب "دوائر للعمل الإعلامي العسكري" في حالة تصاعد الأحداث، على النحو التالي: 1 الدائرة الرسمية: وتضم القادة العسكريين والمتحدث العسكري، وتشتمل على الموقف الرسمي للمؤسسة العسكرية من خلال البيانات الرسمية مع امكانية عقد لقاءات تلفزيونية أو مداخلات هاتفية منفردة يتم التنسيق المسبق لها. 2 الدائرة التحليلية، وتضم الخبراء الاستراتيجيين بمهمة تفسير البيانات / التصريحات الرسمية للقوات المسلحة من خلال رؤية تحليلية إيجابية تدعم توجهات ورسائل القوات المسلحة لدى الرأي العام. 3 الدائرة الثالثة وهي التي تسميها الثوثيقة ب "مجموعة العمل الإعلامي غير المباشر"، ومهمتها تكوين مجموعة من الشباب المتعاون مع المؤسسة العسكرية واستخدامه في الترويج الإعلامي لتوجهات القوات المسلحة من خلال تنسيق استضافة مداخلات هاتفية بالبرامج التلفزيونية. وتقترح الخطة، فتح قنوات اتصال مع بعض التيارات السياسية الوطنية الداعمة للمؤسسة العسكرية لدعم مجموعة العمل الإعلامي غير المباشر، ومنها: جبهة الدفاع عن الجمهورية، وكذلك حزب العسكريين المتقاعدين، وتجهيز وجوه جديدة من الخبراء الاستراتيجيين باستغلال الضباط المتقاعدين والحاصلين على مراكز متقدمة بزمالة أكاديمية ناصر العسكرية العليا، والتنسيق مع جهاز الأمن الحربي (مج 75 مج 26) لتوحيد الجهود في المجال الإعلامي غير المباشر ولتجنب الازدواجية والتداخل مع العناصر الإعلامية المتعاونة. وتقدم الوثيقة مقترحات للاستفادة من شخص يدعى "المهندس أحمد سعيد"، منها إدارة مجموعات العمل الإعلامي غير المباشر بتكليف من مكتب المتحدث العسكري واستغلال علاقاته بالمجتمع المدني لمعرفة توجهات الرأي العام الخارجي لدعم عملية اتخاذ القرار بالمؤسسة العسكرية، ومراعاة قيامه بهذا الدور بأسلوب غير مباشر وبعيدا عن التواجد بالمباني والمنشآت العسكرية. وأوضحت مذكرة ضمن الوثيقة بعنوان "محاور التحرك الإعلامي خلال المرحلة القادمة"، على أهمية التواصل مع الإعلام الخارجي لتمرير ما تسمى ب ثورة 30 يونيو واعتبار أن ما حدث في 3 من يوليو الماضي ثورة وليس انقلابا كما ساد في مختلف وسائل الإعلام الغربية لدعم توجه العواصمالغربية لطي صفحة الرئيس محمد مرسي، بما يساعد - حسب الوثيقة - على إزالة التحديات التي يمكن أن تعترض "إتمام خارطة الطريق نحو حكم ديمقراطي كامل من شأنه أن يترجم على صعيد الموقف الدولي في شكل زيادة حدة النقد من العواصمالغربية وتضييق مساحة تفهم الظرف الاستثنائي الذي تمر به البلاد بعد الثورة". أما محاور الرسالة الإعلامية التي تقترحها الوثيقة العسكرية، فتنقسم إلى ثلاثة محاور رئيسية، أولها بلورة رواية إعلامية بديلة لتلك السائدة في التناول الإعلامي الغربي من خلال إبراز أن التحول الراهن في مصر يستند إلى إرادة شعبية حقيقية للتغيير، والتي انتفضت ضد حكم كان يتجه نحو إعادة إنتاج الاستبداد تحت ساتر ديني وعقائدي بشكل يتنافى مع الهوية المصرية القائمة على قيم التعددية والانفتاح، وإبراز أن هناك مشروعا بديلا لحكم الإخوان. والمحور الثاني يتضمن تغيير الصورة الذهنية لجماعة الإخوان التي ينظر إليها باعتبارها تمثل التيار الوسطي المعتدل ضمن حركات الإسلام السياسي التي نبذت العنف، وتغيير هذه الصورة من خلال تسليط الضوء على الجوانب المظلمة لطبيعة تكويبنها وتوجهاتها، وذلك بالتركيز على العناصر التالية: العلاقة المشبوهة بين الرئاسة ومكتب الإرشاد، وعلاقة الجماعة بالتنظيمات الجهادية في سيناء، ولجوء بعض عناصر التنظيم الإخواني إلى العنف ضد الخصوم السياسيين والمتظاهرين المناوئين، والتحالف السياسي للجماعة مع الجهاديين السابقين، وما ترتب على ذلك من قرارات سياسية يكتنفها الشبهات مثل العفو السياسي بحق عدد من الإرهابيين السابقين والسماح ببث خطاب طائفي تكفيري ضد الخصوم السياسيين، وإشاعة أن الإخوان يحاولون اختراق الأجهزة الأمنية. وتشير الوثيقة إلى أهمية التركيز على العلاقة مع حركة "حماس" واستدعاء عناصر منها للتدخل في تطورات المشهد على الساحة المصرية، مما يساعد على رسم صورة ذهنية مغايرة عن تلك السائدة في الأوساط السياسية والفكرية دوليا عن الإخوان. ولفتت الوثيقة الانتباه إلى أنه يمكن تجاوز التحفظات التي يمكن أن تبرز بشأن هذه الخطة، بالنظر إلى أنها تتعارض مع مطلب المصالحة، فإنه يمكن تذليل هذه الصعوبات من بدء التحقيقات والملاحقة القانونية لقيادات الإخوان. وحول طريقة تفعيل الخطة، تقترح الوثيقة إنشاء وحدة للتنسيق الإعلامي تتكون من خمسة إلى ثمانية أفراد تتولى الإشراف على تنفيذ خطة التحرك الإعلامي على أن يتاح لها البيانات والمعلومات المطلوبة والقدرة على النفاذ لمراكز صنع القرار بحيث تتمكن من التخطيط الإعلامي من حيث بلورة الرسائل الإعلامية والاستجابة السريعة لمستجدات الحدث. وبحسب الوثيقة تتولى الوحدة وضع محاور الخطة على مسارين؛ مسار التواصل مع مراسلي ومندوبي وسائل الإعلام الأجنبية في القاهرة، والتواصل مع دوائر الرأي والفكر في الخارج بالتركيز على واشنطنونيويورك ولندن، والتي تشمل مراكز البحث ومنتديات الرأي وإدارات تحرير الصحف وذلك بالتنسيق مع سفارتي مصر بواشنطن ولندن وبعثة نيويورك.