نغصت قضية "الغواصات" العلاقات بين فرنساوالولاياتالمتحدة، ولم تفلح كافة التصريحات التطمينية التي أطلقتها الإدارة الأميركية خلال الساعات الماضية، في تهدئة السخط الفرنسي مما وصف بالخيانة والانقلاب. كما لم ينجح النفي الأميركي لوجود أي خلافات أو انقسام أوروبي حول اتفاق بلاده مع بريطانياوأستراليا في ترميم ما كسر. لا بل أقدم مسؤولون فرنسيون في واشنطن على إلغاء احتفال كان مقررا عقده مساء اليوم الجمعة في السفارة بالعاصمة الأميركية، احتجاجاً على ما وصفوه بأنه قرار سياسي متهور ومفاجئ يشبه قرارات الرئيس السابق، دونالد ترمب. وتحمل تلك الخطوة دلالة مهمة، لاسيما أن هذا الاحتفال يستعيد ذكرى الانتصار البحري الكبير أو ما يعرف بمعركة الرؤوس التي ساعدت فيها فرنساالولاياتالمتحدة على نيل استقلالها. وكان حفل الاستقبال سيقام في مقر إقامة السفير الفرنسي في واشنطن بمناسبة ذكرى معركة بحرية حاسمة في حرب الاستقلال الأميركية، توجت بانتصار الأسطول الفرنسي على الأسطول البريطاني في 5 سبتمبر 1781. قضية الغواصات الأسترالية أتت تلك الخطوة بعد أن دخلت العلاقات بين الطرفين في أزمة مفتوحة منذ يوم الأربعاء، إثر إلغاء أستراليا صفقة شراء غواصات فرنسية واستبدالها بأخرى أميركية عاملة بالدفع النووي، ما دفع باريس إلى وصف الأمر بأنه "طعنة في الظهر" وقرار "على طريقة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب". فمساء الأربعاء أعلن الرئيس الأميركي، جو بايدن، إطلاق شراكة استراتيجية مع المملكة المتحدةوأستراليا، تتضمن تزويد كانبيرا بغواصات أميركية تعمل بالدفع النووي، ما أخرج عمليا الفرنسيين من اللعبة. "لا تجري الأمور هكذا بين الحلفاء" أمام هذا التصرف أتى الرد الفرنسي صارما، فقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أمس إن "هذا القرار الأحادي، والمباغت يشبه كثيرا ما كان يفعله ترمب". كما لم يخف الوزير الفرنسي "غضبه" و"استياءه" إزاء ما حصل، وهو كان قد شارك في المفاوضات التي أفضت إلى "صفقة العصر" حينما كان وزيرا للدفاع في العام 2016، منددا بسياسة الأمر الواقع الأميركية، وتاليا الأسترالية، في ظل غياب أي تشاور مسبق. وقال "لا تجري الأمور على هذا النحو بين الحلفاء. إذا نغصت صفقة الغواصات العلاقات بين باريسوواشنطن من جهة وفرنساوأستراليا من جهة أخرى. "أوائل المنافسين" وفي هذا السياق، اعتبرت آن سيزال، خبيرة شؤون السياسة الخارجية الأميركية في جامعة السوربون في باريس أن "هناك بالتأكيد أزمة دبلوماسية صغيرة على الطاولة". وأضافت في تصريح لوكالة "فرانس برس" "توجّه الولاياتالمتحدة مؤشرات متناقضة بعض الشيء، إذ تطالب حلفاءها الأوروبيين بتعزيز حضورهم العسكري في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وفي الوقت نفسه تضع نفسها في موقع أوائل المنافسين لصفقات بيع الغواصات الفرنسية!".