من قائل تلك العبارة، (وأشد ما أخشاه علي الإخوان أن يبسط خيرت الشاطر سلطانه عليها)، قالها القيادي الإخواني الراحل محمد العدوي عقب تعيين الشاطر عضواً بمكتب الإرشاد عام 1995 خلفاً للراحل د. أحمد الملط.عندما اتخذ المرشد محمد بديع قراراً بفصل د. عبد المنعم أبو الفتوح من جماعة الإخوان، قال وقتها لم يكن الأمر سهلاً، أنا كمن يقطع أصابعه، لكن قطع أصابعي أهون عندي من نقض العهد مع الله.عن نفسي لم يضايقني ما سمعت من قرار ترشح الشاطر، لكن أساءني أن يظهر كل هذا الخنوع علي شباب الإخوان، عندما أعلنوا خضوعهم لقرار الجماعة مصداقاً لمبدأ السمع والطاعة، أريد أن أكون أكثر صراحةً، كل من رفض الترحم علي البابا شنودة (والإخوان ترحموا عليه للعلم)، كل من رفض الترحم كان تبريره أن البابا له وضع مقدس لا يمكن قبوله، وضميرهم يمنعهم من عدم ذكر ذلك الأمر جهراً وجلوساً، أليس استخدام مبدأ السمع والطاعة لترشيح أحدا عن طريق التكتلات (وأعني تلك الجملة)، وتوجيهي لذلك وإجباري عليه، أليس منحدراً من مبدأ التقديس الفكري، لا احتاج إقناع أي إخواني بفكرة دينية يفقهها أكثر مني، وهي أن الانقياد التام يساوي شهادة الزور، بمعني أنك لو تعلم بأفضلية أبو الفتوح كمثال، ورغم ذلك انتخبت خيرت الشاطر تنفيذاً وامتثالاً واستسلاماً لأمر الجماعة المقدس ومبدأ السمع والطاعة، تكون حينها قد قدمت الأقل علي الأكفأ، إذا كان في قسم الإخوان أن يتم تنفيذ أوامر القادة المنشط منه والمكره في غير معصية، أليس ما سبق يعَد معصية من تقديم الأقل علي الأكفأ؟لا تقتنع برأيي؟!، ماذا سيحدث لو جاء أحدٌ يؤمن بأن أي معارضة له هي فتنة وعمالة، أو أن المظاهرات أعمال شغب، ستكون مصيبة وسيكون العنف أكثر تبريراً، لقد قال خيرت الشاطر في (لو فيجارو) الفرنسية أن أعمال محمد محمود أعمال شغب، ومدبرة، سأفترض معك جدلاً أنه سعي لتهدئة الأمور مع العسكري حتي تمر البلاد من ركودها، هذا في الوقت الذي لم يكن أحدٌ يعلم ميعاد تسليم السلطة، كيف يعقل الآن أن تنقلب الأمور للعداء مع العسكري وكأنه اكتشف طغيانه فجأةً، في الوقت الذي تم معرفة ميعاد تسليم السلطة، ليس هذا قطعاً تبريراً للعسكري، لكن القصة تكمن في فشل الإخوان في الحصول علي الحكومة، وفشلها في إقناع أي مرشح تتوافق عليه لييسر لها تلك المهمة ويقبلها عن طيب خاطر، وفشلها في فهم وقراءة الأمور بعد شهرين من قرارها، فكيف تتخذ إذن قرارات مصيرية، كيف يعقل أن يصرح بديع قبل إسبوعين تقريباً من ترشيحه الشاطر بأنه يحلم بمرشح غير إسلامي لمصر، ثم يغير رأيه بعد إسبوعين، أي وهن سياسي هذا؟ هل شباب العشرينيات والثلاثينيات في التحرير كانوا أثقب في رؤيتهم من جماعة الإخوان العريقة؟ الإخوان الآن تأتي لتدعي خوفها علي الشعب وعلي مصالحه من حكومة الجنزوري المباركة منهم أولاً، لماذا لا تزال الجماعة تدعي أن نقضها عهدها هو من أجل الشعب، لماذا لم تقل الحقيقة؟