واصلت القرية الذكية نجاحاتها المدوية غير عابئة بمناخ عدم الإستقرار الذى صاحبثورة 25 يناير لتثبت أن التكنولجيا المتطورة إلى جانب الصناعة ينبغى أن يكوناقاطرة النهوض بالإقتصاد المصرى فى القرن الحادى والعشرين.ففى الوقت الذى تعانى فيه العديد من قطاعات الإقتصاد المصرى الأخرى من مشاكلعديدة بعد ثورة 25 يناير، لا سيما قطاع السياحة الذى يعتمد عليه كثيرا الإقتصادالمصرى تقف القرية الذكية شامخة القامة تظلل أشجارها اليانعة وسط صحراء غربالقاهرة أكثر من 160 شركة مصرية وعالمية تعمل فى مجالات الإتصالات وتكنولوجياالمعلومات والمال والأعمال.ويؤكد النجاح الذى تحققه القرية الذكية بعد مرور 12 عاما على إنشائها ما قالهصانع معجزة النهوض بالإقتصاد الماليزى ، مهاتير محمد خلال زيارته الأخيرة لمصربأن التكنولوجيا المتطورة والصناعة ينبغى أن يكونا فرسا الرهان اللذين تعولعليهما مصر الثورة حتى تصبح نمرا إقتصاديا ينافس النمور الإقتصادية الناشئة فىأسيا وأمريكا الجنوبية ؛ وبرر مهاتير محمد ذلك بأن التكنولوجيا والصناعة لايتأثران إلا قليلا بالإضطرابات و عدم الإستقرار على المستويين المحلى والدولىخلافا للسياحة على سبيل المثال التى ترتبط تماما صعودا وهبوطا بمستوى الأمن والأمان.وتؤكد رباب حسن مسئولة التسويق فى شركة إكسيد المتخصصة فى خدمات التعهيد أنالإضطرابات التى صاحبت الثورة لم تؤثر على الإطلاق على نشاط الشركة ومعظم الشركاتالأخرى التى تحتضنها القرية الذكية.ولا تخشى رباب حسن أن يتأثر وضع شركة إكسيدالمتميز بتداعيات الثورة وذلك بفضل تزايد نشاطها فى الأونة الأخيرة.وكان الإتحاد الدولى للعاملين فى صناعة التعهيد قد صنف شركة إكسيد للمرةالثالثة على التوالى ضمن أفضل 100 شركة على مستوى العالم فى تقديم خدمات التعهيد.ومن جانبها ، تؤكد مها أبو العينين مسئول إدارة الإتصالات لمنطقة شمال أفريقيابمحرك البحث جوجل أنه إذا كانت ثورة 25 يناير قد أثبتت شيئا مهما فهو ولع وشغفالمصريين بتكنولوجيا المعلومات وتكنولوجيا الإتصالات.وتصف مجلة جون أفريك الفرنسية القرية الذكية بأنها تعد بمثابة نموذج مصغرلقرية سيليكون فالى الأمريكية الشهيرة.فبعد مرور 12 عاما على إنشائها وصل عدد العاملين فى القرية الذكية إلى 40 ألفموظف معظمهم يتمتعون بأعلى درجات التأهيل فى مجال الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات.وقد نجحت القرية الذكية فى صقل موهبة هذه الأعداد الكبيرة من الموهوبين بتوفيربيئة عمل إحترافية تشمل أكثر من 450 ألف متر مربع من المساحات المكتبية ،بالإضافة إلى توفير أكبر عدد من الخدمات و المرافق وفقا لأعلى معايير الجودةالعالمية .يشار إلى أن القرية الذكية من مصادر الدخل المهمة للإقتصاد المصرى حيث بلغتعائدات القرية فى 2010 أكثر من 875 مليون يورو أى ما يوازى 7 مليارات جنيه مصرى.وتعد صناعة البرمجيات رخيصة التكاليف من أهم أنشطة القرية الذكية المصرية التىتضم حاليا 46 مبنى إضافة إلى 36 مبنى آخر فى مرحلة البناء.وتؤكد منى فرانسيس مسئولة العلاقات العامة بالقرية الذكية لمجلة جون أفريك أنالقرية الذكية لم تهمل توفير بيئة متكاملة لموظفى و رواد القرية فقد تم تزويدهابملاعب رياضية و حديقة للإطفال و مسجدا و مجمع فندقى و صالة مؤتمرات .ويعد المبنى الهرمى الزجاجى القائم فى مدخل القرية والمبنى على أحدث طرازيستشرق بتصميمه آفاق المستقبل مع الحفاظ على أصالة الماضى بمثابة برج المراقبةالذى يتولى التنسيق بين أنشطة الشركات العاملة فى القرية التى تشغل مساحة 3ملايين متر مربع.ويشرف هذا المبنى الزجاجى المتطور على ثلاثة مناطق تعمل فى مجال الإتصالات وتكنولوجيا المعلومات و المال و الأعمال، و تحتضن المنطقة الأولى شركات القطاعالعام لا سيما مركز الأرشيف الرقمى الوطنى و شركة الإتصالات المصرية ومايتبعها من شركات مثل شركة إكسيد.أما المنطقة الثانية التى تشغل الجانب الأكبر من مبانى القرية فهى مخصصةلشركات القطاع الخاص المحلى و الدولى، و تأوى هذه المنطقة ذات كثافة التشغيلالعالية الشركات المصرية و العالمية الكبرى العاملة فى مجال المعلوماتية والإتصالات .فالبيئة المواتية التى توفرها القرية الذكية فى مجال البرمجيات لا سيما فيمايتعلق بتوافر الكفاءات المصرية فى مجال المعلوماتية دفعت شركة مايكروسوفتالعملاقة إلى نقل خدماتها الإدارية من برلين عاصمة ألمانيا إلى القاهرة عاصمةالمعز.وتتجاور شركة مايكروسوفت بنشطاتها المتعددة مع شركات عالمية أخرى مثل شركة أوراكل إحدى أكبر الشركات العالمية التى تستخدم المعلوماتية فى إدارة الشركات،كما لم تمنع المنافسة الشرسة فى مجال الإتصالات من أن تتجاور شركة ألكاتيل لوسانت الفرنسية الكندية مع منافستها الصينية هوايى .كما تشغل شركتى موبينيلو فودافون مساحات مهمة فى المنطقة المخصصة للإتصالات.وإذا ألقى الزائر بناظريه بعيدا قليلا عن المنطقة الثانية سيجد حركة البناءتجرى على قدم و ساق لمزيد من الإنجازات فى المنطقة الثالثة التى يتوقع لها أنتحتضن العديد من الشركات والمؤسسات المالية المحلية والعالمية خلال المرحلةالقادمة، فهذه المنطقة ستستقبل بورصة القاهرة الموجودة حاليا فى وسط القاهرةبحلول عام 2014.وقد بادرت بالفعل بعض البنوك العالمية بإقامة مقراتها الإقليمية فى المنطقةالثالثة مثل بنك أتش أس بى سى الذى وقع إختياره على القرية الذكية لتحتضنمقره الإقليمى لمنطقتى أفريقيا و الشرق الأوسط، كما إفتتحت شركة أى بى أمالعالمية المتخصصة فى تصدير التعهيد فى المجال المالى و المحاسبى مقر لها فى هذهالمنطقة فى يناير الماضى تماما مثل بنك بيريوس.وتنظر منى فرانسيس مسئولة العلاقات العامة بالقرية الذكية بفخر للبلدوزاراتالتى تمهد الأرض لبناء مزيد من المقرات لإحتضان الشركات والمؤسسات المالية فىالمنطقة الثالثة ، مؤكدة أنالقرية الذكية تعتزم إقامة تجمع مالى حقيقى فى حقبةالثورة التى يتوقع أن تزيل كثيرا من البيروقراطية التى كانت قائمة خلال حكمالأنظمة الديكتاتورية السابقة وتوفر المزيد من الشفافية لجذب أكبر عدد ممكن منالشركات المحلية و العالمية العاملة فى مجال التكنولوجيا المتقدمة.وإذا كان البعض يخشى من أن يطال الإهمال القرية الذكية بوصفها من إنجازاتالنظام السابق إلا أن الغالبية العظمى من العاملين بالقرية لا يخشون ذلك على أساسأن الثورة المصرية قد أنهت إلى غير رجعة حكم الفرد الذى إعتاد على هدم و إهمالكل ما بناه النظام السابق له.ويصل تفاؤل القائمون على القرية الذكية بالثورة المصرية إلى حد تأكيدهم بأن عددالعاملين بالقرية سيتخطى حاجز المائة ألف موظف بحلول عام 2014.يشار إلى أن القرية الذكية كانت قد تأسست عام 1999 بين الحكومة المصرية والقطاع الخاص بواقع 20 فى المائة للدولة و 80 فى المائة للشركات المصرية الخاصة.