قهر جهاز الموساد الإسرائيلي، وزود مصر بموعد العدوان الثلاثي، بالإضافة إلى موعد هجوم 1967، كما ساهم بشكل كبير في تحقيق الانتصار على الاحتلال في حرب أكتوبر المجيدة واستعادة أرض الفيروز، من خلال تزويد مصر بتفاصيل عن خط برليف.. إنه الجاسوس المصري رفعت علي سليمان الجمال، واسمه الحركي جاك بيتون أو كما عرفه المصريون ب"رأفت الهجان". ولد رفعت الجمال في 1 يوليو عام 1927 بمدينة دمياط، وبدأ مشوار الجاسوسية بتكليف من المخابرات المصرية في يوينو عام 1956، وذلك في إطار خطة منظمة بدأت بعمليات تدريب مطوله تعرف خلالها على عادات وسلوكيات وتاريخ وديانة اليهود وتعلم كيف يميز بين اليهود الاشكناز واليهود السفارد وغيرهم من اليهود، كما تم تدريبه على التصوير بآلات تصوير دقيقة جدًا، وتحميض الأفلام ، وكيفية الكتابة بالحبر السري، وحل شفرات رسائل أجهزة الاستخبارات، ثم تدرب على القتال في حالات الاشتباك المتلاحم والكر والفر. تمكن "الجمال" من إقامة مصالح تجارية واسعة وناجحة في تل أبيب، حتى أصبح شخصية بارزة في المجتمع الإسرائيلي، وأسس شركة سيتور للسياحة، والتي استطاع من خلالها إمداد جهاز المخابرات المصري بمعلومات مهمة تحت ستار هذه الشركة، ومن تلك المعلومات تزويد مصر بميعاد العدوان الثلاثي على مصر قبله بفترة مناسبة إلا أن السلطات لم تأخذ الأمر بمأخذ الجد، وإبلاغ مصر باعتزام إسرائيل إجراء تجارب نووية، واختبار بعض الأسلحة التكنولوجية الحديثة، أثناء لقائه برئيسه علي غالي في ميلانو، وتزويد المخابرات بميعاد هجوم 1967 إلا أن المعلومات لم تأخذ مأخذ الجد لوجود معلومات أخرى تشير بأن الهجوم سيكون منصبا على سوريا، وكان له دور فعال في الإعداد لحرب أكتوبر سنة 1973 بعد أن زود مصر بتفاصيل عن خط برليف. نجح رفعت الجمال في خداع إسرائيل لمدة 17 عاما، وهو ما أحدث هزة عنيفة لأسطورة الموساد الإسرائيلي وصعوبة اختراقه، وذلك بتصريح من إيسر هاريل رئيس الموساد الأسبق والذي قال فيه: "أن السلطات كانت تشعر باختراق قوي في قمة جهاز الأمن الإسرائيلي ولكننا لم نشك مطلقا في جاك بيتون وهو الاسم الإسرائيلي ل رفعت الجمال". وبعد أن تمكن الجمال من اتمام مهمته بنجاح كبير عاد إلى أرض الوطن وعمل في مجال التنقيب عن البترول، ووافته المنية بعد صراع مع مرض سرطان الرئة في عام 1982.