عقد الرئيس عبدالفتاح السيسى، أمس، جلسة مباحثات ثنائية مع المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، فى مقر المستشارية الألمانية ببرلين، وتحدّث «السيسى» مع «ميركل» عن الارتقاء بالتعاون الثنائى فى مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، والعمل بكل جدية لتوفير المناخ الاستثمارى الجاذب للشركات الأجنبية، ولدينا برنامج شامل للتنمية حتى عام 2030، والتطلع إلى مشاركة واسعة النطاق من قبل الشركات الألمانية والمستثمرين الألمان فى برامج مصر الطموحة ومشروعاتها العملاقة لتحقيق التنمية فى مصر، لما فى ذلك من مصلحة مشتركة. وأوضح الرئيس ل«ميركل» أن استضافة مصر للمنتدى الاقتصادى العالمى الخاص بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى مايو من العام المقبل، إنما تأتى دليلاً على مدى صلابة عزيمة المصريين، على تنفيذ برنامجها للإصلاح الاقتصادى. واستعرض الرئيس مع المستشارة ميركل تطورات المشهد الداخلى فى مصر، وما تحقق على صعيد تنفيذ خارطة المستقبل للتحول الديمقراطى من خلال إقرار الدستور الجديد، وتنظيم الانتخابات الرئاسية، والإعداد لإجراء الانتخابات البرلمانية لاستكمال البناء الديمقراطى لمؤسسات الدولة، وتطرّقت المباحثات إلى ملف المؤسسات الألمانية العاملة فى مصر، وحرص مصر على التوصل إلى حل لتقنين أوضاع المؤسسات الألمانية العاملة فى مصر، ويأخذ فى الاعتبار كل الأبعاد القانونية والمجتمعية. وتناول الزعيمان، ملف مُكافحة الإرهاب، حيث أكد الرئيس ضرورة تكاتف جهودنا للقضاء على الإرهاب واقتلاعه من جذوره، فآفة الإرهاب باتت تنال من الشباب والأجيال الصاعدة، سواء فى منطقتنا أو فى أوروبا، وتدفع إلى الدعوة لمواجهة ظاهرة الإرهاب من خلال استراتيجية شاملة، فكرياً وأمنياً، والتصدى لجميع هذه التنظيمات دون انتقائية، أخذاً فى الاعتبار وحدة أساسها الفكرى والأيديولوجى. وقال الرئيس السيسى فى مؤتمر صحفى، أمس: «المباحثات التى عقدتها مع الرئيس الألمانى، يواخيم جاوك، والمستشارة ميركل، وجدنا فيها تفاهماً حول الأوضاع فى مصر، وكنا حريصين على توضيح صورة مصر الحقيقية». ووجه «السيسى» التحية والتقدير إلى كل المصريين الذين جاءوا إلى ألمانيا، وقال: «حتى تكون الرسالة واضحة أن الشعب المصرى هو الذى غيّر فى 30 يونيو». وأضاف: «من فضلكم نحن موجودون مع أصدقائنا وشعب نحن نقدره وهو الشعب الألمانى، والعلاقات القوية بيننا وبينهم تزيد أكثر، لأن المصريين يقدرون الشخصية الألمانية، ويرون أنها أسست حضارة عظيمة، وهذا ليس كلام مجاملة، لكنها حقيقة نعيشها، ونحن كمان فى مصر نريد عمل حضارة عظيمة، وعلينا أن نتأكد أننا فى مصر نحب الحرية والديمقراطية، ونريد أن نفعلها فى ظروف صعبة، ولا شك أننا لدينا قصور فى أننا لم نوضح لكم الرسالة الحقيقية عن مصر، وأقول للأوروبيين إن ما يحدث فى مصر شىء عظيم يجب الانتباه إليه، فلولا خروج الشعب المصرى لمكافحة الفاشية الدينية، لكان حدث لكم شىء آخر، وكنا سنصبح شوية لاجئين». وأضاف: «قلت ل(ميركل) الجيش المصرى له علاقة خاصة بشعبه، ليست موجودة فى أى دولة بالعالم»، ثم وجّه حديثه إلى «ميركل»، قائلاً: «يجب أن تساعدونا». وتابع: «لن أنتظر الإعلاميين لما يسألونى عن أحكام الإعدام، وأريد أن أوضح أن مصر دولة دستورية وهى تحترم القضاء المصرى، ولا تستطيع وفق الدستور أن تعلق على أحكامه، لكن هذا لا يمنع أن نوضح لكم طبيعة أحكام الإعدام، وأن غالبيتها أحكام غيابية، وهى تسقط بحكم القانون بمجرد مثول المتهم أمام المحاكمة، وتبدأ إجراءات التقاضى الطبيعية، كما أن حكم الإعدام الذى يصدر يكون أولى الخطوات فى أحكام التقاضى، والنائب العام يجب أن يقدم حكم نقض عليه، ونحن حريصون على حياة الإنسان، وأرجو الانتباه لكلامى جيداً، وأنتهز الفرصة لأقول هذا الكلام أمام المستشارة التى أقدّرها، وفى 3 يوليو 2013، لم نكن نريد أن ندخل فى معارك لمدة سنتين». وتابع: «تحدثنا عن الموقف فى ليبيا، والتعاون الاقتصادى بين البلدين، والمنظمتان الألمانيتان فى مصر، تمثلان تقديراً لدينا، لكن ما حدث أن الإجراءات التى تمت كانت فى إطار إجراءات مع كل المنظمات خلال السنوات الماضية». ورداً على سؤال ألمانى حول حكم الإعدام على المعزول محمد مرسى، قال «السيسى»، إن الرئيس المعزول محمد مرسى حصل على 51% فى انتخابات رئاسية حقيقية، لكن الشعب المصرى لم يجد إلا 30 يونيو لكى يعزل الشرعية عنه، وأنا متفهم معنى عقوبة الإعدام لدى الألمان، لكن هذه أول درجة للتقاضى فى المحكمة، وما زالت هناك إجراءات كثيرة، فلا أستطيع أن أقفز على الوقت، وأقول ماذا سأفعل، اجعلوا كل شىء فى وقته المناسب له». من جانبها، قالت المستشارة أنجيلا ميركل: «دعونا الرئيس السيسى لبحث خطر الإرهاب، وبحث زيادة الاستثمارات، وفيما يخص الدعم العسكرى، تحدثت مع الرئيس عن هذا الملف المهم، لنجد فيما يخصنا دعماً مناسباً للشكل العسكرى، ومجابهة الإرهاب عسكرياً، ولنعمل سوياً بالطبع على هذا المجال، وبالطبع هنا يجب أن نظل على اتصال ونتبادل الزيارات، لمناقشة شكل التعاون فى الملف مستقبلاً». واعتذرت «ميركل» فى البداية عن تأخر المؤتمر، نظراً لوجود مشكلة فى المصعد، وقالت: «أود أن أعبر عن سعادتى بلقاء (السيسى)، وناقشنا فى جلستنا الثنائية دعم العلاقات والتعاون الاقتصادى، ونحاول مناقشة الوضع السياسى المعقّد فى الشرق الأوسط، والكثير من القضايا والمشكلات المعقّدة فهناك قضايا عالقة بخصوص الأحكام التى صدرت، فناقشنا العلاقات بين المسلمين والأقباط فى مصر، ودعم العلاقات الاقتصادية، ونقل التكنولوجيا الألمانية إلى الدولة الصديقة مصر، التى تلعب دوراً كبيراً فى المنطقة، وأشرنا إلى زيارة وزير الخارجية الألمانى إلى مصر، وتحدثنا عن دعم العلاقات بين القاهرةوبرلين». وأضافت: «تحدثنا عن الوضع الأمنى فى سيناء، وعلاقات الجوار بين مصر وإسرائيل، والوضع فى فلسطين وخطورة الميليشيات الإرهابية فى الشرق الأوسط، وناقشنا رعاية مصر لحقوق الإنسان، وما توفره لحمايتها، ودور مصر الرئيسى فى مكافحة الإرهاب وتحرير المنطقة منه». واختتمت «ميركل» كلمتها بالترحيب مرة أخرى ب«السيسى»، وقالت: «أتمنى أن تحل أحكام الإعدام، من خلال المناقشات، لذلك دعونا الرئيس السيسى، لكى نتبادل الحديث ونفهم الصورة بشكل أوضح». وأضافت لن نتجاهل خروج 30 مليون مصرى فى 30 يونيو. وكان الرئيس السيسى، استهل زيارته إلى العاصمة الألمانية «برلين»، أمس، بعد لقاء مع الرئيس الألمانى، يواخيم جاوك، بمقر الرئاسة الألمانية، قبل أن يتوجه إلى مقر المستشارية الألمانية، للقاء المستشارة أنجيلا ميركل. واستقبل الرئيس الألمانى، «السيسى» فور وصوله إلى قصر الرئاسة، واستمع الرئيسان إلى السلامين الوطنيين لمصر وألمانيا، وعزف حرس التشريفات الألمانية المقطوعات الوطنية، وتوجّه الرئيسان إلى باحة القصر الرئاسى، حيث عقدا جلسة مباحثات ثنائية تناولات العلاقات بين البلدين، قبل أن يتجه إلى مقر المستشارية الألمانية، ويعقد جلسة مباحثات مع المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل. من جانبه، قال جونتير دراير، مدير معهد الآثار الألمانى، إنه يحب مصر بشكل شديد، وعلى مدار 30 عاماً كان يعيش فيها، وله فيها ذكريات كثيرة لا تُنسى بين الحفريات والآثار الفرعونية العريقة. وأكد أنه يتمنى أن يقدم الشعب الألمانى الترحاب إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى بالحرارة نفسها التى يتلقاها أى زائر إلى مصر، ويتمنى أن يكون الشعب الألمانى على نفس قدر الطيبة وكرم ضيافة الشعب المصرى. ووصف زيارة «السيسى» إلى برلين، بأنها زيارة مهمة ولا يستطيع أى شخص أن يغفلها. وقال فى تصريحات خاصة ل«الوطن»، إن مصر دولة مهمة ولا بد من الحوار معها، خاصة أن مصر مفتاح ومركز قوى الشرق الأوسط، والألمان على دراية واسعة بمكانة مصر إقليمياً وسياسياً. فى سياق متصل، وجه الرئيس عبدالفتاح السيسى التحية لأبناء الجالية المصرية فى عدد من البلدان الأوروبية وأعضاء الوفد الشعبى الذين احتشدوا لتحيته أمام مقر إقامته بالعاصمة الألمانية «برلين»، صباح أمس، حيث وقف الرئيس فى شرفة حجرته، ورفع يديه تحية للمئات من المصريين الذين نظموا وقفة تأييد للرئيس أمام قصر الرئاسة الألمانية، حاملين الأعلام المصرية، ومرددين هتافات: «تحيا مصر.. بنحبك يا ريس»، و«يا سيسى يا كايدهم»، و«يا سيسى يا عمهم يا حارق دمهم». كما احتشد عدد من تلاميذ المدارس الألمانية للترحيب بالرئيس السيسى، لدى وصوله إلى القصر الرئاسى، وتقدم المهندس خالد عبدالعزيز، وزير الشباب والرياضة، مظاهرة لأبناء الجالية المصرية فى ألمانيا أمام المجلس المحلى للمدينة. فى المقابل، تجمع نحو 30 من أعضاء وأنصار تنظيم الإخوان الإرهابى، فى وقفة احتجاجية محدودة أمام القصر الرئاسى فى برلين، وحاصرتهم الشرطة الألمانية، لمنع وقوع أى احتكاكات بين المؤيدين والمعارضين. وذكر بيان حركة «صوت مصر فى الخارج» أن «برنامج استقبال الرئيس السيسى فى برلين بدأ صباحاً أمام مقر الرئيس الألمانى يواخيم جاوك، ثم انتقل الجميع ظهراً للوقوف أمام مقر المستشارية الألمانية، حيث مكتب المستشارة أنجيلا ميركل، ثم عصراً إلى وسط برلين أمام المسرح المعد لإحياء اليوم المصرى - الألمانى الذى تم الترتيب له بصورة عالية الدقة للحصول على أفضل صورة مشرفة من قيادات الجالية وأبناء مصر فى ألمانيا ودول أوروبية عديدة».