العائدون والمغرر بهم في خوض حروب بالنيابة تحت شعار الجهاد يحملون حقائق الواقع أكثر من أي إنسان يتابع الأرقام عن انضمام شبابنا لداعش ويحاول إجلاء الصورة وإظهار الخديعة التي يجد الشاب نفسه متورطا بها داخل أرض المعارك، هؤلاء العائدون هم الأقدر على كشف زيف ما يحدث وما يخطط له من جذب شبابنا إلى موت مجاني يقتل فيه الأخ أخاه. كنت أستمع لبعض اعترافات هؤلاء العائدين وحديثهم عما وجدوه من خديعة وانقسام بين المقاتلين وتناحرهم فيما بينهم ومواقف الكره التي يجدونها من أبناء البلد التي حلوا بها وقتل كل فئة لمعارضيها وتقديم صغار السن لتنفيذ العمليات الانتحارية. وأظهرت تلك الاعترافات رغبة الكثيرين من شبابنا في العودة لأرض الوطن لأن المخارج تغدو صعبة المنال. هذه الاعترافات لم يقابلها اهتمام إعلامي يوازي أهميتها في كشف المستور عما يسمى جهادا، فالاعترافات تبدأ بالكشف عن كيفية استقطابهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتكشف المنافذ التي يتسلل منها الشباب إلى مواقع القتال.. تفاصيل عديدة ذكرها العائدون تجعل من تجربتهم لمن هم داخل دائرة الحرب أو ينوي دخولها عبرة ودرسا تطبيقيا مؤلما يجب تعميمه لتتم الاستفادة من تلك التجارب في توعية شبابنا وتحصينهم مما يقادون إليه من موت مجاني ليس به أي صورة من صور الجهاد بل اعتداء وترويع الآمنين واقتتال المسلمين فيما بينهم. ومشكلة وسائل إعلامنا تعاملها البارد مع مثل هذه الاعترافات وإن بثت تم الاكتفاء بالبث الأول وعدم إعادتها أو تدويرها بين بقية الوسائل. كما ألحظ أن مجتمعنا غدا مقيما في وسائل التواصل ومع ذلك لا يتم تدوير هذه الاعترافات لكي تصل إلى كل جوال ليتم الاتعاظ ويشاهد كل الناس المذابح التي يقاد إليها أبناؤنا. كما أرى أنه من الواجب على كل أب لديه ابن في تلك المواقع وله اتصال به أن يزوده بكل مقاطع اعترافات العائدين عله يتعظ ويعود إلى رشده. ومما يؤسف له أن جوالاتنا تحتفي بإعادة وتدوير ما تفعله داعش من منكرات يضاف إليها تعميم الخطابات الداعشية المستهدفة جذب الشباب. على المجتمع أن يتحمل مسؤوليته في محاربة الإرهاب كون الإرهاب لا يهدد الدولة منفردة، فالدولة ليست نظاما فحسب بل هي كل المعطيات الحياتية التي تمنحنا وجودا آمنا ورفاهية عيش. نقلا عن صحيفة عكاظ السعودية