على هامش مشاركة المملكة العربية السعودية فى معرض القاهرة الدولى للكتاب عقدت ندوة بجناح المملكة ضمن البرنامج الثقافى تحت عنوان (مصر والسعودية فى الذاكرة الثقافية) تحدث فيها الدكتور جمال معوض شقرة أستاذ التاريخ الحديث بجامعة عين شمس وأدار اللقاء الدكتور إبراهيم عبدالله السعدان نائب المستشار والمشرف العام على الإدارة العامة للتعاون الدولى. بدأ الدكتور «شقرة»حديثه خلال الندوة قائلا:إنه ربما يتصور البعض أن مصطلح الثقافة مرادف للدراسة والقراءة والتعليم لكنه مصطلح أشمل، فهو يمثل أسلوب حياة شعب من الشعوب وكيف يتعامل مع مقوماته الفكرية، ومن هذا المنطلق، فالوطن العربى كله صاحب ثقافة متشابهة تكاد تكون واحدة لأن الدين إحدى ركائز هذه الثقافة، ومن ناحية أخرى فإن اللغة تجمع الشعوب العربية مما وقف حائط صد أمام الاستعمار ومحاولة تمزيق الوطن العربي. وأكد أستاذ التاريخ الحديثأنه لا توجد فروق جوهرية بين الشعوب العربية في طرائق عيشها، وطرائق عيش الشعب المصري لا تختلف كثيرا عن طرائق عيش الشعب السعودي؛ حيث لا توجد فجوات في التعامل بين الشعبين اللذين نجحا فيما فشل فيه الحكام العرب وهو استبدال الحدود السياسية بتواصل الحدود الثقافية. وأضاف «شقرة» الثقافتين المصرية والسعودية تلاقحت منذ بداية التاريخ حيث حدث تجاوب وتبادل عبر الزمن، بدءاً من التاريخ القديم ومروراً بالتاريخ الوسيط والحديث. وأشار إلىأن الجزيرة العربية موطن الهجرات منذ بداية الزمن، حيث هاجر أهل الجزيرة العربية شمالاً إلى العراق، وشمال غرب إلى بلاد الشام، وإلى مصر، وهو السبب الذي عزا إليه«شقرة» وجود أسماء لقبائل وأماكن عربية في مصر تعود أصولها للجزيرة العربية، مثل قرية بنى عطية، وقرية بنى سليم، والحويطات؛ حيث ساهمت الهجرة في مزيد من التلاقح بين أهل الجزيرة العربية ومصر والسعودية. وأوضح «شقرة» أن مصر بدأت عصر النهضة عام 1805م مع تولي محمد عليحكم مصر، وفي المقابل تأخرت دول الخليج نتيجة الاستعمار البريطاني، وبقيت مصر فى ركائز النهضة منذ القرن ال19 حتى جاء الملك عبدالعزيز فى بداية القرن العشرين وقاد المملكة العربية السعودية بخطة تحديث، ووطد علاقته بمصر باعتبارها دولة حديثة ناهضة لانفتاحها على العالم الحديث، وكان حريصا على نقل التجربة المصرية إلى المملكة العربية السعودية، وبحنكته أدرك أن التعليم هو الوسيلة الوحيدة للنهوض بالمملكة، فقد قدر النهضة المصرية منذ أن بدأت فى القرن التاسع عشر نتيجة انفتاحها على التعليم الحديث،فعزم على الاستفادة من القدرات الإدارية فى مصر فى مجال التعليم، ولهذا قام بإنشاء مجموعةمن المؤسسات التعليمية عام 1926م بنفقة خمسة آلاف وسبعين جنيها ذهبيا وأصدر أوامره بالإسراع باستقدام الخبرات المصرية، حيث لم يكن في المملكة تعليم منظم حتى ذاك العصر. وأضاف: أن الملك عبدالعزيز –رحمه الله- أوصى خلفاءه بالعلاقة الطيبة مع مصر، حتى كونت مصر مع السعودية وسوريا فكرة دول المحور، مما أثار غضب الولاياتالمتحدةالأمريكية. ومن جهته قال الأستاذ الدكتور إبراهيم بن عبد الله السعدان إن عددا كبيرا من الوزراء والمثقفين السعوديين قد تعلموا ودرسوا في مصر؛ منهم المفكر والوزير غازي القصيبي،والدكتور حسين الجزائري وزير الصحة السعودي، والدكتور سليمان السليم وزير التجارة السعودي، وعدد من الفنانين التشكيليين؛ منهم: فهد الحجيزان، ومحمد رصيص، وصالح الحنطاب. وفى تعقيب على سؤال عن أهمية الصالونات الثقافية ودورها فى تعزيز العلاقات بين مصر والمملكة أجاب «شقرة» أنها ظاهرة فى منتهى الأهمية ففيها يتم تلاقح الأفكار بين الجانبين ولاشك أنها ظاهرة إيجابية وجيدة ومهمة جدا، وأشار إلى أن هناك أكثر من صالون ثقافى سيتم افتتاحه قريبا، وهناك ترابط وثيق بين علماء ومثقفي المملكة فى كل المجالات.