قضت المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية برئاسة المستشار طارق الفيل، نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين محمود العقبي ومحمد جمال، بعدم جواز ندب رجال القوات المسلحة بدلا من العاملين برئاسة الجمهورية. وقالت المحكمة في حكمها بالدعوى رقم 848 لسنة61 ق: "إن حقيقة ما يهدف إليه المدعي وفقًا للتكييف القانوني الصحيح لطلباته الختامية، إنما هو الحكم بقبول الدعوى شكلًا وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 348 لسنة 2013، فيما تضمنه من ندب المدعي من العمل برئاسة الجمهورية إلى العمل بوزارة التعاون الدولي، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات". أكدت المحكمة، أنه من الثابت في الأوراق أن القرار المطعون فيه صدر بتاريخ 16-9-2013 م، وبذات التاريخ تقدم المدعي إلى الجهة الإدارية من القرار المطعون فيه، وبتاريخ 29-9-2013 تقدم بالطلب رقم (411) لسنة 2013 إلى لجنة التوفيق التي أصدرت توصيتها بتاريخ 19- 11-2013، ومن ثم تكون الدعوى قد أقيمت خلال الميعاد المقرر قانونًا لدعوى الإلغاء، وإذ استوفت هذه الدعوى سائر أوضاعها الشكلية الأخرى ومنها اللجوء للجنة التوفيق، ومن ثم فإنها تكون مقبولة شكلًا. موضوع الدعوى وفي موضوع الدعوى، أكدت أن المادة (12) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978م تنص على أن: «يكون شغل الوظائف عن طريق التعيين أو الترقية أو النقل أو الندب بمراعاة استيفاء الاشتراطات اللازمة». وتنص المادة (56) من ذات القانون، على أنه «يجوز بقرار من السلطة المختصة ندب العامل للقيام مؤقتًا بعمل وظيفة من نفس درجة وظيفته أو في وظيفة تعلوها مباشرة في نفس الوحدة التي يعمل بها أو في وحدة أخرى إذا كانت حاجة العمل في الوظيفة الأصلية تسمح بذلك، وتنظم اللائحة التنفيذية القواعد الخاصة بالندب». وتنص المادة (45) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 47 لسنة 1978م، المعدلة بقرار لجنة شئون الخدمة المدنية رقم 3 لسنة 1982م، على أن (يكون ندب العامل كل أو بعض الوقت لمدة سنة قابلة للتجديد حتى أربع سنوات، ولا يجوز تجديد الندب بعدها إلا في حالة الضرورة وبشرط عدم توافر درجات الوظائف التي يجوز شغلها عن طريق النقل). ولا يسري حكم الفقرة السابقة على أعضاء الهيئات القضائية والعاملين الذين يندبون للتدريس أو التدريب بالكليات والمعاهد والمدارس ومراكز التدريب. ويجوز بقرار من وزير التنمية الإدارية بناء على عرض لجنة شئون الخدمة المدنية، إضافة وظائف أو جهات أخرى لا يتقيد فيها الندب بالقواعد الواردة بالفقرة الأولى من هذه المادة. وأشارت إلى أن قضاء المحكمة الإدارية العليا، جرى على أن نقل العامل من وظيفة إلى وظيفة أخرى معادلة داخل الوحدة، أو إعادة توزيع العاملين على الوظائف المختلفة، هو أمر يدخل في نطاق السلطة التقديرية لجهة الإدارة تجريه وفقًا لمتطلبات العمل وصالحه ودواعيه. وأكدت أنه ليس للعامل الحق في التمسك بالبقاء في وظيفة معينة أو المطالبة بشغله لوظيفة ما، بل الأمر مرده إلى ما ترتأيه الجهة الإدارية محققًا لحسن سير المرفق والصالح ولما تأنسه في العامل من خدمة وكفاءة في الاضطلاع بأعمال وظيفته أكثر من غيره من العاملين، ولا معقب من القضاء على قرار الإدارة في هذا الشأن، ما دام أن القرار قد صدر مبرأ من عيب إساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها. تقدير جهة الإدارة وأكدت أن قضاء مجلس الدولة جرى أيضًا على أن الندب من الأمور المتروكة لجهة الإدارة، ومن الملاءمات التي تتمتع فيها بسلطة تقديرية حسبما تمليه مصلحة العمل ويقتضيه الصالح العام، وذلك حتى تستطيع الإدارة أن تلبي حاجات العمل العاجلة، ولذلك جعل المشرع الندب بصفة عامة تكليفا مؤقتا بأعباء وظيفة ما، وهو أمر موقوت بطبيعته افترضته ظروف العمل. وأشارت إلى أن أداء العامل للوظيفة المنتدب عليها لا يعتبر تعيينًا فيها أو ترقية إليها، ولا يكسبه حقًا في الاستمرار في شغل الوظيفة المنتدب إليها، بحيث يجوز للسلطة المختصة إلغاء الندب في أي وقت، إذ لا يرتب للعامل مركزًا قانونيًا نهائيًا لا يجوز المساس به، ولا معقب على الجهة الإدارية في هذا الشأن ما دام قد خلا القرار من إساءة استعمال السلطة، ولا وجه للقول بأن قرار الندب يتحصن بمرور ستين يومًا على صدوره، وإلا تحول قرار الندب إلى تعيين أو ترقية للوظيفة المنتدب إليها العامل. وأصدرت المحكمة القرار رقم 348 لسنة 2013، بندب العاملين برئاسة الجمهورية للعمل بوزارة التعاون الدولي دون تحديد مدة ندبهم، وهو ما يتعين على الجهة الإدارية الالتزام به، وكان سند الجهة الإدارية في إصدار القرار المطعون فيه قد تجسد في كون المدعي عمالة زائدة، وهو الأمر الذي يخالف مسلك الجهة الإدارية بإصدار القرار رقم (347) لسنة 2013 بندب (25) ضابط صف من القوات المسلحة؛ للعمل كسائقين برئاسة الجمهورية، وذلك قبل ندب المدعي وآخرين مباشرة. إساءة استعمال السلطة وأشارت إلى أنه بناء على ما سبق، ينهار سبب القرار المطعون فيه وتكون الجهة الإدارية قد أفصحت عن مسلك لم تبتغِ به تحقيق الصالح العام وينم عن إساءة استعمال سلطتها بندبها لأفراد القوات المسلحة بدلا من عاملين رئاسة الجمهورية، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه رقم 348 لسنة 2013، فيما تضمنه من ندب المدعي من العمل برئاسة الجمهورية إلى العمل بوزارة التعاون الدولي، قد خالف صحيح حكم القانون، وجدير بالإلغاء.