«الهجوم بلا شك عمل إرهابى.. وفرنسا كادت تتعرض لعدة اعتداءات إرهابية لكنها أحبطت فى الأسابيع الأخيرة»، هكذا علّق الرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند على حادث الهجوم على مقر صحيفة «شارلى إيبدو» الأسبوعية، فى العاصمة باريس، الذى أسفر عن مقتل 12 شخصاً، وهو التعليق الذى اعتبره محللون دليلاً على إدراك فرنسا أن أراضيها أصبحت مستهدفة من الإرهاب الذى يدعى الجيش الفرنسى محاربته فى أفريقيا والشرق الأوسط، وهو ما قد يُنذر بتغير فى سياسة «باريس» إزاء التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم «داعش» الإرهابى. من جانبه، اعتبر عمرو عبدالعاطى، الباحث بمجلة السياسة الدولية، أن هذا الهجوم الإرهابى سيعزز موقف التيار اليمينى الموجود حالياً فى الدول الأوروبية، وخاصة فى فرنسا، الذى يعارض الجاليات المسلمة فى أوروبا، وسيكون هناك زيادة فى الإجراءات الاحترازية والتحركات الأمنية إزاء الجماعات الإسلامية، وانتقادات للحكومة من التيار اليمينى المعارض لتلك الجماعات. وأضاف: «فرنسا ستتخذ إجراءات أمنية استثنائية إذا ثبت تورط جماعة إسلامية بشكل مباشر فى الحادث، وتتمثل هذه الإجراءات فى تدابير عقابية ورقابية شديدة ضد المجموعات المسلمة، مع إمكانية زيادة التعاون الأمريكى - الفرنسى فى الهجوم على داعش والجماعات الإسلامية الأخرى». وعن إمكانية حدوث تغير فى الاستراتيجية الفرنسية لمكافحة الإرهاب، اعتبر «عبدالعاطى» أن الحادث لن يؤدى لتغير كبير وجذرى وجوهرى فى السياسة، مع توقع توجيه ضربات قوية ضد «داعش» ضمن التحالف الدولى وليس تحركاً فرنسياً منفرداً، لكن بالتنسيق مع الولاياتالمتحدة وبريطانيا. وتابع: «لو ثبت أن جماعة موجودة خارج الحدود الفرنسية تورطت فى الحادث، سيتم التحرك ضدها، ولكن إذا كان هناك اتجاه لتحرك أشد وطأة ضد التنظيمات الإرهابية فى الخارج، لا يمكن وجود تحرك فرنسى منفرد، فلا بد أن يكون به موافقة من الكونجرس الأمريكى، خاصة مع وجود اعتراضات من جانبه على التورط الأمريكى فى الحرب على التنظيم». فيما توقع السفير حسين هريدى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، عدم حدوث تغير فى السياسة الفرنسية إزاء الإرهاب بعد هذا الحادث، معتبراً أنه عمل يسىء للإسلام والمسلمين، ولكن لا يجب التعميم بعد أن قام المسلمون فى فرنسا بإدانة هذا الحادث. وتابع ل«الوطن»: «لا أعتقد أنه سيكون هناك تغير جذرى وكبير فى الاستراتيجية الفرنسية لمكافحة الإرهاب، ويجب عدم تعميم اتهامات ضد مسلمى فرنسا ومسلمى أوروبا، ولكنى أتوقع حدوث مزايدات وتعميم من جانب بعض من الرأى العام والإعلام الفرنسى، ولكن الغالب الأعظم سيرفض هذا التعميم ويركز على أن الحادث اعتداء خطير على حرية الرأى والتعبير، وسيجه الرأى العام الفرنسى إلى الدفاع عن النظم الديمقراطية وحرية التعبير عن الرأى وحرية النشر». وقال السفير كمال عبدالمتعال، عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، ل«الوطن»: إن هذا الهجوم الإرهابى ربما يؤدى إلى توسيع مفهوم مكافحة الإرهاب؛ فالأمر لم يعد يقتصر فقط على تنظيم «داعش»، أو على الإرهاب فى الشرق الأوسط فقط، بل هناك العديد من المجموعات التى تنتمى لنفس الفكر فى أوروبا والعديد من الدول، التى لا ترتبط تنظيمياً بالتنظيم الإرهابى الأشهر حالياً (داعش) بل تتبنى نفس الفكر والأهداف، كما أن هناك مجموعات وأفراداً يقومون بأعمال للتضامن مع تلك التنظيمات الإرهابية من خلال هجوم فردى وعشوائى ضد أهداف بالدول الأوروبية.