سادت حالة من الجدل بين الأوساط الاقتصادية عقب إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسي إنشاء مجلس أعلي للاستثمار وذلك خلال اجتماعه مع رؤساء الصحف القومية الأسبوع الماضي، على أن يكون تحت رئاسته، وأن يتم تشكيله قبل المؤتمر الاقتصادى فى مارس المقبل، حتى يأخذ وضعه الطبيعي، وتصل رؤيته لكل الناس. فقد تباينت آراء الاقتصاديين حول هذا الأمر فقد رحب البعض بإنشائه مؤكدين أنه سيكون بداية حقيقية لمراقبة التعاقدات الاستثمارية وتعزيز مناخ الاستثمار على أرض الواقع، في حين رأي البعض الآخر أن هذا الأمر سيقلل بل سيلغي الدور الذي تقوم به وزارة الاستثمار وسيجعلها وزارة بلا قيمة. لذا استطلعت « النهار» آراء عدد من الاقتصاديين حول تصوراتهم بشأن المجلس الأعلى للاستثمار، وما هي المهام التي سيقوم بها، وهل سيكون له تأثير إيجابي على حجم الاستثمارات في مصر خلال الفترة المقبلة؟، وما هي الأسباب الحقيقية التي دفعت الرئيس للتفكير في إنشاء مثل هذا المجلس؟.. وجاءت إجاباتهم خلال السطور القادمة. في البداية أكد المهندس محمد خميس، نائب رئيس جمعية مستثمرى السادس من أكتوبر، أن تفكير الرئيس عبد الفتاح السيسي في إنشاء مجلس أعلى للاستثمار يعد خطوة إيجابية وجاء نتيجة البطء في إصدار القرارات الخاصة بتنفيذ وإنجاز المشروعات الاستثمارية، لافتاً إلى أن هذا المجلس سيكون له مهام جديدة مختلفة تماماً عن المهام التي تقوم بها هيئة الاستثمار. وأضاف خميس أن إنشاء هذا المجلس في هذا التوقيت سيكون من أولوياته توفير عنصر الأمان الذي بات غائباً عن مناخ الاستثمار خلال الفترة الماضية، مشيرا إلى أن هذا الأمر هو أكثر الأمور التي تهم المستثمر لضمان أمواله واستثماراته في حال تردي الأوضاع السياسية للبلاد، متوقعاً أن يشمل المجلس تعاونا بين عدة وزارات أهمها وزارات الحقائب الاقتصادية والداخلية. وأوضح خميس أن إنشاء هذا المجلس سيؤكد لجميع المستثمرين مدى اهتمام مصر بالاستثمار ورغبتها في عودة الثقة من جديد من قبل المستثمرين العرب والأجانب للدفع باستثماراتهم من جديد للسوق المصري، متوقعاً أن تشهد مصر خلال الفترة المقبلة جذب المزيد من الاستثمارات العربية والأجنبية لاسيما وأن إنشاء المجلس يتزامن مع انعقاد القمة الاقتصادية العربية. كما يري المهندس محمد السويدي، رئيس اتحاد الصناعات، أن إنشاء المجلس الأعلي للاستثمار في هذا التوقيت يعد أحد الضروريات الهامة خاصة وأنه سيساهم في دفع عجلة الاستثمار فى مصر، وتذليل جميع العقبات الخاصة بالمستثمرين سواء العرب أو الأجانب. واعتبر السويدي أن ترأس السيسي لهذا المجلس، أمر في غاية الأهمية ويعكس مدي اهتمامه بالاستثمار الذي بات من أولوياته خلال الفترة الراهنة، فضلاً عن أنه يعكس نوعاً من الأمان والطمأنينة لدي المستثمرين ومن ثم سيساهم في عودة الاستثمارات العربية والأجنبية من جديد للسوق المصري. وتوقع السويدي جذب المزيد من الاستثمارات العربية خلال الثلاثة أشهر المقبلة لاسيما وأن تشكيل مجلس أعلى للاستثمار جاء في التوقيت المناسب خاصة وأنه لم يتبق سوي أسابيع قليلة على انعقاد القمة الاقتصادية العربية، والمؤتمر الاقتصادى فى مارس المقبل. وأيده في الرأي المهندس أبو العلا أبو النجا، نائب رئيس جمعية مستثمري العاشر من رمضان، قائلاً إن إنشاء مجلس أعلى للاستثمار تحت رئاسة وإشراف الرئيس عبد الفتاح السيسي جاء في التوقيت المناسب لاسيما وأن مهامه ستتلخص في توفير الأجواء للمستثمرين الذين واجهوا العديد من التحديات والعرقلة التي حالت دون نمو استثماراتهم خلال الفترة الماضية ودفعتهم لسحب استثماراتهم من السوق المصري، لافتاً إلى أن هذا المجلس سيزيد من التعاقدات الاستثمارية التي فشلت وزارات الحقائب الاقتصادية في توقيعها خلال الفترة الماضية، فضلاً عن أنه سيساهم في مراقبة التعاقدات الاستثمارية التي سيتم توقيعها خلال الفترة المقبلة، وسيساهم أيضاً في تعزيز مناخ الاستثمار على أرض الواقع. وأضاف أبو النجا، أن إنشاء مجلس للاستثمار يعد البداية الحقيقية لوضع إستراتيجية موحدة للاستثمار، تساهم في تيسير وحل جميع العقبات التي تقف أمام المستثمرين لاسيما وأنه سيجعل المستثمر يتعامل مع جهة واحدة ويتم القضاء تماماً على روتين مؤسسات الاستثمار والتعددية في الكيانات والجهات التى يتعامل معها المستثمر، أي أنه سيقضي على البيروقراطية. بينما عارضهم في الرأي الدكتور فرج عبد الفتاح، الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، قائلاً إنه لا داعي على الإطلاق لإنشاء مجلس أعلى للاستثمار لاسيما في ظل وجود هيئات مختصة بتعزيز مناخ الاستثمار ولعل أهمها وزارة الاستثمار وهيئة الاستثمار المختصة بتنفيذ المشروعات الاستثمارية تحت إشراف رئاسة الوزراء. وأوضح عبد الفتاح أن إنشاء مجلس أعلى للاستثمار يعد أحد القرارات التي تعكس البيروقراطية ، لاسيما في ظل غياب الشفافية في الكشف عن الهدف من إنشاء هذا المجلس. وأشار عبد الفتاح، إلى أن إنشاء هذا المجلس ليس ضرورة على الإطلاق، وإنما الضروري هو إعادة هيكلة الجهاز الإداري بالمؤسسات المختصة بالاستثمار في مصر وذلك لدعم وتعزيز مناخ الاستثمار لاسيما وأن الاستثمار هو المرآة الحقيقية التي تعكس الاقتصاد المصري والمتحكم الرئيسي في رفع حجم الاحتياطي الأجنبي للبلاد.