شهدت السنوات الماضية توقيع عدة عقود بين مستثمرين من ناحية والحكومة وهيئاتها المختلفة من ناحية أخرى، ولم تمر سنوات قلائل إلا ويتم اكتشاف أنها عقود فاسدة أضرت بالمال العام، وعلى الفور يتم إصدار أحكام قضائية بإلغاء هذه العقود رغم مرور عدة سنوات على توقيعها، ومن ثم لم يكن أمام المستثمرين سوى اللجوء لرفع قضايا تحكيم دولي. وكان للجوء المستثمرين لرفع قضايا تحكيم دولى ضد مصر، مردودا سيئًا على مناخ الاستثمار في مصر لاسيما وأنها أدت إلى هروب الاستثمار, فضلاً عن أنها حملت الموازنة العامة للدولة خسائر فادحة تخطت 6 مليارات دولار وفي حالة تنفيذ كل هذه الأحكام فإنها ستكلف الدولة 90مليار دولار وهذا ما أكدته وزيرة التعاون الدولي نجلاء الأهواني. والجدير بالذكر أن عدد القضايا التي رفعت ضد مصر بعد ثورة 25يناير وصل إلى سبع قضايا، ولعل أشهر تلك القضايا قضية «سياج» للاستثمارات السياحية حول أرض طابا والتي تبين قيام الشركة ببيعها لمستثمرين إسرائيليين ليتم اللجوء إلى مركز التحكيم الدولي التابع للبنك الدولي في واشنطن ويصدر حكم بتغريم مصر 300 مليون دولار، ويليه حكم بتغريم مصر 530 مليون دولار فى قضية وزارة الطيران المدني وهيئة بريطانية حول مطار «رأس سدر»، بجانب قضية جنوب الباسفيك بين وزارة السياحة وشركة بريطانية حول هضبة الهرم بعد قيام الجانب المصري بفسخ العقد المبرم ليُصدر حكم تحكيم ضد مصر بمبلغ قدره 36 مليون دولار وبعد تسوية الأمر تم دفع حوالي 19 مليون جنيه، نهاية بالقضية الأخطر والتي لم يصدر حكم بات بها حتى وقتنا هذا وهى قضايا التحكيم المرفوعة ضد مصر من قبل شركة الكهرباء الإسرائيلية وغاز شرق المتوسط وبعض الشركاء المساهمين فيها، وهم حسين سالم رجل الأعمال «الهارب» ومجموعة ميرهاف الإسرائيلية وشركة إمبال الإسرائيلية الأمريكية وشركة بي بي تي التايلندية والتي قد تؤدى إلى الحجز على طائرات مصر للطيران حال هبوطها فى المطارات الخارجية، وقضية المراجل البخارية. وسلسلة قضايا التحكيم الدولي التي رفعها عدد كبير من المستثمرين ضد الحكومة لم تنتهِ بعد، إذ شهدت شركة طنطا للكتان العائدة للحكومة خلال الفترة الراهنة أزمة جديدة جراء مطالبة المستثمر السعودى عبدالإله كعكى، حكومة المهندس إبراهيم محلب بدفع 600 مليون جنيه قيمة الشركة التى اشتراها عام 2005 فقط ب 83 مليون مقابل تنازله عن التحكيم الدولى ضد الحكومة. استطلعت « النهار» آراء عدد من الخبراء والاقتصاديين حول مدى الانفراجة التي يمكن تحقيقها خلال عام 2015 في قضايا التحكيم الدولى المرفوعة ضد مصر. في البداية أكد ناجي ألبير، عضو جمعية مستثمري 6 أكتوبر، أن عودة الشركات التي تم خصخصتها للدولة من جديد، كانت البداية لانهيار الاستثمار في مصر لاسيما وأن فساد العقود وبطلانها جعل المستثمرين يبتعدون نهائياً عن السوق المصري، مشيراً إلى أنه طبقا لاتفاقية الأكسيد فإنه يحق للمستثمر اللجوء للتحكيم الدولي في حال وجود شبهة فساد في عقد البيع لاسيما بعد مرور أكثر من عشر سنوات على توقيع هذا العقد، وفي الغالب سرعان ما يكسب المستثمر قضية التحكيم طالما لم يخالف شروط العقد والتزم بجميع بنوده ولم يشارك في أي مخالفات بها. وأضاف ألبير أن زيادة عدد قضايا التحكيم الدولي ضد مصر يعكس فشل الحكومات في إدارة هذا الملف، وكان ينبغي على الدولة أن تجري مشاورات ومفاوضات مع المستثمرين حتى يمكن التوصل لحلول للانتهاء من هذه الأزمة نهائيا، متوقعاً أن تنتهي هذه الأزمة خلال العام القادم خاصة في ضوء إقرار قانون الاستثمار الجديد الذي يحافظ على حقوق جميع المستثمرين. وأيده في الرأي محمد المرشدى، رئيس جمعية مستثمرى مدينة العبور، الذي قال إن إقرار قانون الاستثمار الجديد يعد خطوة إيجابية لتعزيز مناخ الاستثمار وحل النزاعات بين الدولة والمستثمرين، لاسيما وأنه حدد دور كل منهم واختصاصاتهم، وحدد أيضاً طرق التقاضى عند الخلاف مع حماية حقوق المستثمرين أثناء توقيع عقود الشركات. وأوضح المرشدي أنه ينبغي على وزير الاستثمار أن يجري عدة مفاوضات مع المستثمرين لإنهاء النزاعات معهم ولعل آخرهم المستثمر السعودي، عبد الله الكعكي، حول مصير شركة «طنطا للكتان» التي بات مصيرها في نفق مظلم، ودفعت الأخير للجوء للتحكيم الدولي، كما ينبغي أن يتم الوصول لاتفاق مع جميع المستثمرين الذين رفعوا قضايا دولية وأن يتم تقسيط الأموال المتفق عليها معهم مقابل أن يتنازلوا عن قضاياهم بالتحكيم الدولي. في حين رأي محمد جنيدي، رئيس جمعية مستثمري 6 أكتوبر، أن قضايا التحكيم الدولي التي رفعها عدد كبير من المستثمرين ضد مصر ارتفعت بشكل كبير خلال الثلاث سنوات الماضية، لافتاً إلى أن مصر تواجه في الوقت الراهن 37 قضية تحكيم، وتقدر قيمة التعويضات المطلوبة ب 100 مليار جنيه. وأوضح جنيدي أن قانون الاستثمار الجديد الذي خرج للنور منذ بضعة أيام قلائل، بداية جيدة للحد من قضايا التحكيم الدولي، وحماية حقوق المستثمرين، متوقعاً أن يشهد عام 2015 انفراجة كبيرة في قضايا التحكيم الدولي المرفوعة ضد مصر.