محافظ الشرقية: غرف عمليات ومتابعة ميدانية لضمان انتظام العملية الانتخابية    القبض على 4 أشخاص بحوزتهم كروت الدعاية الانتخابية بالشرابية    ضبط 3 أشخاص في دار السلام بالقاهرة بحوزتهم مبالغ مالية تمهيداً لتوزيعها على الناخبين    السيسي يتلقى اتصالاً هاتفياً من رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية    ارتفاع سعر اليورو فى ختام تعاملات اليوم الأربعاء 17 ديسمبر 2025 بالبنوك    مدبولي: خفض الفقر أولوية الحكومة    جلسة صعود وهبوط: 6 قطاعات فى مكسب و10 قطاعات تتراجع    الشوا: المنخفض الجوي فاقم الكارثة الإنسانية وكشف هشاشة أوضاع النازحين في غزة    توروب يحاضر لاعبي الأهلي.. وتدريبات تخصصية استعدادًا لمباراة سيراميكا    منتخب مصر تحت 16 عاماً يفوز على اليابان بركلات الترجيح    منتخب مصر يغادر للمغرب استعدادا للمشاركة في بطولة كأس الأمم الأفريقية    بعد رحيلها.. أبرز محطات في حياة الفنانة نيفين مندور    مستشار رئيس الجمهورية: مصر تمتلك كفاءات علمية وبحثية قادرة على قيادة البحث الطبى    البنك الزراعي يوقع بروتوكولًا للقضاء على قوائم انتظار زراعة القرنية ودعم غير القادرين    عاجل- المركز الإعلامي لمجلس الوزراء ينفي شائعات ضعف كفاءة مشروعات الصرف الصحي بقرى مغاغة بالمنيا    أرفع أوسمة «الفاو» للرئيس السيسى    إصدار عُملة تذكارية بمُناسبة مُرور 150 عامًا على إنشاء هيئة قضايا الدولة    محافظ الجيزة يفتتح مبنى علاج الغسيل الكلوي الجديد بمستشفى أبوالنمرس المركزي    ترامب: قدمت الكثير لإسرائيل وسأظل صديقًا ومدافعًا عن الشعب اليهودي    محافظ القاهرة يتفقد عددًا من اللجان الانتخابية للاطمئنان على سير العملية الانتخابية    جامعة الدول العربية تطلق المنتدى العربي الأول للإنذار المبكر والاستعداد للكوارث    طيران الاحتلال يشن غارة جوية بمحيط منطقة السامر في غزة وأنباء أولية عن سقوط شهيد    التموين تنتهي من صرف مقررات ديسمبر بنسبة 73%    الروائى شريف سعيد يتحدث عن "عسل السنيورة" الفائزة بجائزة نجيب محفوظ    الصحة: إجراء جراحة ميكروسكوبية دقيقة لطفل 3 سنوات بمستشفى زايد التخصصى    تضامن المنوفية: تسليم 46 مشروع إنتاجي لتمكين المرأة الريفية    وزراء الري والزراعة والصناعة: تعامل حازم مع أى تعديات على المجارى المائية والطرق    كيف دعم حسن حسني الراحلة نيفين مندور في فيلم «اللي بالي بالك»؟    وزير الأوقاف يكرم المشاركين فى نجاح المسابقة العالمية 32 للقرآن الكريم    تأييد حبس الفنان محمد رمضان عامين بسبب أغنية رقم واحد يا أنصاص    جوائز مالية ضخمة للمنتخبات المشاركة في كأس العالم 2026    حقيقة انفصال مصطفى أبو سريع عن زوجته بسبب غادة عبدالرازق    مفتي الجمهورية يلتقي نظيره الكازاخستاني على هامش الندوة الدولية الثانية للإفتاء    مكتبة الإسكندرية تشارك في افتتاح ملتقى القاهرة الدولي للخط العربي    الداخلية تضبط 3 أشخاص لتوزيعهم أموال بمحيط لجان المطرية    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    إحالة أوراق متهم بقتل شخص فى سوهاج بسبب خلافات ثأرية إلى فضيلة المفتى    محافظ القليوبية يكرم البطلة جنة صليح لحصولها على برونزية قذف القرص بدورة الألعاب الأفريقية    أبو كويك: اللجنة المصرية تطلق مبادرة لإيواء النازحين في غزة    بوتين يؤكد تطوير القدرات العسكرية ومواصلة العملية فى أوكرانيا    المحمدي: ظُلمت في الزمالك.. ومباريات الدوري سنلعبها كالكؤوس    أم كلثوم.. حين تتحول قراءة الرمز إلى تقزيم    أوكرانيا تعلن استهداف مصفاة نفطية روسية ومنصة بحر القزوين    مع بدء التصويت بانتخابات الاعادة للمرحلة الثانية .. حزب العدل يتقدم ب 7 شكاوي للهيئة الوطنية للانتخابات    المصرف المتحد يرعى المسابقة العالمية للقرآن الكريم في نسختها الثانية والثلاثين    عاجل- الأرصاد السعودية تحذر: أمطار ورياح شديدة على منطقة حائل    إقبال كثيف من المواطنين على التصويت فى جولة الإعادة بالمقطم    إصابة سيدة وابنها صدمتهما سيارة بقرية فى أبو النمرس    محافظ قنا يوجه بحملات مرورية مكثفة للحد من حوادث الطرق    متحدث وزارة الصحة يقدم نصائح إرشادية للوقاية من الإنفلونزا الموسمية داخل المدارس    الزمالك يكشف تطورات شكوى زيزو فى اتحاد الكرة    رئيس الشيوخ: المشاركة في الانتخابات واجب وطني يعكس وعي المواطنين    النائب أيمن محسب: الخروقات الإسرائيلية تهدد الانتقال للمرحلة الثانية من وقف إطلاق النار    إصابة ثلاثة طلاب من جامعة بنها جراء اعتداء بمياه النار في كفر شكر    مرونة الإسلام.. وخلافات الصحابة    أحمد مراد: حبيت فيلم "الست" وبعيط كل مابشوفه فيه أجزاء بتخليني أرتعش من جوايا    كامل أبو علي ينصح حسام حسن: تجاهل السوشيال ميديا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالتفاصيل.. الملف الكامل لبنيامين نتنياهو
نشر في النهار يوم 14 - 12 - 2014

النجاة من الموت غرقا في قناة السويس، الشقيق الذي قُتل، الاتهامات المتكررة بالميل للهلع والهستيريا، الزيجتان اللتان تم فضّهما، والزواج الثالث الذي كاد أن ينفجر على الهواء مباشرة - تلك هي القصة الكاملة لرئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو.
عام 2012، عندما ترأس الحكومة الإسرائيلية، وقف بنيامين نتنياهو أمام قبر والده المفتوح، المؤرخ بن تسيون نتنياهو، والذي توفي في سنّ 102، وتحدّث عن اليوم الأصعب في حياة والده، وفي حياته، 4 تموز عام 1976، يوم وفاة شقيقه الأكبر يوناتان.
"انقسمت حياتنا إلى نصفين: قبل وبعد ذلك اليوم الفظيع الذي سقط فيه يوني"، قال نتنياهو. كان حينذاك طالبا لإدارة الأعمال في معهد ماساتشوستس للتقنية في بوسطون، الولايات المتحدة.
"انقسمت حياتنا إلى نصفين: قبل وبعد ذلك اليوم الفظيع الذي سقط فيه يوني. لن أنسى هذه الصرخات حتى أموت".
كان شقيقه الأكبر يوناتان قائدا لوحدة النخبة في الجيش الإسرائيلي، وحدة استطلاع هيئة الأركان العامة. حين تمّ اختطاف طائرة إير فرانس إلى إنتيبي من قبل عناصر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، كان يوناتان أول من قفز من على متن طائرة هرقل وهاجم الخاطفين في مطار إنتيبي. قُتل من نيران أطلِقتْ باتجاهه من برج المراقبة.
تابع بنيامين نتنياهو قضية الاختطاف حينذاك قلقًا بواسطة وسائل الإعلام الأمريكية. لقد علم أنّ شقيقه يوني سيشارك بالتأكيد في عملية الإنقاذ، وفهم المخاطر التي تنطوي على ذلك. حين اتصل شقيق نتنياهو ويوناتان الأصغر، عيدو، إليه في ساعات الليل، علم بنيامين نتنياهو بأنّ شقيقه الأكبر قد قُتل.
"علمتُ حتى قبل أن أمسك بالسماعة بأنّ يوني لم يعد بيننا"، هذا ما قاله نتنياهو في جنازة والده. وأضاف: "ظننت حينذاك بأنّه ينبغي الوصول إليك، أبي، وإلى أمي، بأسرع وقت ممكن، إلى مكان إقامتكما في نيويورك، قبل أن يصل الخبر إليكما عن طريق آخر. وحينها سافرنا، سبع ساعات في جهنّم، ووصلنا إلى الجادة التي تؤدي إلى المنزل الذي أقمتما فيه حينذاك".
رأيتك، أبي، تمشي من خلال النافذة الزجاجية الكبيرة. رأيتك تمشي وتفكر، ويداك كعادتك متشابكتان خلف ظهرك. وفجأة حوّلْتَ رأسك ورأيتَني، فامتدت على وجهك نظرة دهشة وقلت لي: "بيبي، ماذا تفعل هنا"؟ وفي لحظة تغيّرتْ نظرتك بفهم رهيب، صرخت صرخةً مريرة وصرختْ أمي بعدك كذلك، ولن أنسى هذه الصرخات حتى أموت".
ابن المؤرّخ
أحسن رئيس دولة إسرائيل، شمعون بيريس عندما صاغ الأمر كالتالي: "بيبي، والدك كتب التاريخ، وأنت تصنعه". وفعلا، من يريد أن يفهم من هو بنيامين نتنياهو عليه أن يفهم من كان والده.
أحسن رئيس دولة إسرائيل، شمعون بيريس عندما صاغ الأمر كالتالي: "بيبي، والدك كتب التاريخ، وأنت تصنعه".
كانت دراسة وبحث التاريخ مركز حياة البروفيسور بن تسيون، وأسرة نتنياهو بأسرها. كرّست زوجة بن تسيون ووالده بنيامين نتنياهو، تسيلا، كلّ حياتها لدعم عمل زوجها الأكاديمي. ولهذه الغاية انتقلت أسرة نتنياهو بين القدس والولايات المتحدة، ذهابا وإيابا، طوال فترة طفولة بنيامين نتنياهو. قضت الأسرة معظم سنوات الستينيات من القرن العشرين في مدينة فيلادلفيا.
طوال فترة مراهقته - وربما حتى اليوم - رأى بنيامين نتنياهو نفسه مرتبطا بشكل وثيق بأسلوب الحياة الأمريكي. الإنجليزية الجميلة التي يطقنها حتى يومنا هذا هي نتيجة تلك السنوات الدراسية التي قضاها في المدارس الأمريكية.
طوال فترة مراهقته - وربما حتى اليوم - رأى بنيامين نتنياهو نفسه مرتبطا بشكل وثيق بأسلوب الحياة الأمريكي.
حين تجنّد الابنان يوناتان وبنيامين نتنياهو للجيش الإسرائيلي، بقي الوالدان في الولايات المتحدة، وفي الواقع قرّرا الهجرة بشكل نهائي إلى نيويورك في أعقاب تعيين بن تسيون بروفيسورًا في جامعة كورنيل. وقد اتُّخذ قرار العودة للبلاد بعد ذلك بعدة سنوات فقط، عندما قُتل يوناتان.
كان بن تسيون، كاسمه تماما، وفيّا طوال حياته للصهيونية. كان والده، جدّ نتنياهو، حاخامًا صهيونيا شهيرا بحدّ ذاته. ولدى قراءتنا لمقابلة قدّمها لصحيفة "هآرتس" بعد وقت قصير من انتخاب ابنه لرئاسة الحكومة، يمكننا أن نرى نهجه المتطرّف في الصهيونية، ومعارضته الهائلة للتسوية مع الفلسطينيين:
"علينا أن نفهم بأنّ بيننا وبين العرب تعارض ثقافي عميق"، هذا ما قاله البروفيسور نتنياهو وأضاف: "الصهيونية منذ تأسيسها هي حركة غربية. إنها حركة عاشت على حدود الشرق ولكن وجهها كان دائما للغرب. كانت الصهيونية دائما قاعدة أمامية للغرب في الشرق، وهكذا هي حتى اليوم. لهذا السبب، يعتبرنا العرب كائنا غريبًا. حتى لو لم نشعر بذلك، حتى لو كنّا نخدع أنفسنا بأنّ السلام سيسود هنا، فإنّنا نعتبر هدفا لهجومهم والذي هو ليس هجوما نشطا ولكنه هجوم يتشكّل".
هذه الرؤية التاريخية، التي استوعبها بنيامين نتنياهو من والده، هي إلى حدّ كبير برنامج عمله الاستراتيجي.
المقاتل الذي شاهد الموت بعينيه
في تشرين الأول عام 1967، بعد أشهر قليلة من الانتصار الإسرائيلي الهائل على الدول العربيّة، تجنّد نتنياهو للجيش الإسرائيلي. ومثل شقيقه الأكبر يوني وشقيقه الأصغر عيدو، تجنّد لوحدة النخبة، وحدة استطلاع هيئة الأركان العامة.
برز كأحد المقاتلين الموهوبين والشجعان، وتقدّم بسرعة في سلّم الرتب، بعد أن شارك في سلسلة من العمليات السرية. وقد شارك نتنياهو من بين أمور أخرى في عملية تدمير 14 طائرة في مطار بيروت، وفي عملية "الكرامة" الشهيرة.
وتعرّف هناك في وحدة النخبة على خصمه وشريكه لاحقا في قيادة دولة إسرائيل، إيهود باراك. قاتل نتنياهو وباراك في سنوات الستينيات والسبعينيات كتفًا إلى كتف بزيّ الجيش الإسرائيلي. عام 1999، تنافس الاثنان وجها لوجه على رئاسة الحكومة الإسرائيلية، وهزم باراك نتنياهو بفارق كبير. بينما في عام 2011، عندما كان باراك يتولى منصب وزير الدفاع في ظلّ رئيس الحكومة نتنياهو، قاد الاثنان سويّة العملية الاستراتيجية التي كادت أن تنتهي بقصف المنشآت النووية الإيرانية.
وفجأة فُتحت نيران مصرية على المقاتلين الإسرائيليين. سقط نتنياهو في مياه القناة وهو يرتدي معدّات عسكرية ثقيلة، وبدأ بالغرق والاختناق كاد نتنياهو أن يخسر حياته في سنوات وجوده في الوحدة، أكثر من مرة. في شهر أيار عام 1969، شارك نتنياهو بعبور سرّي لقناة السويس على متن قوارب مطاطية. وفجأة فُتحت نيران مصرية على المقاتلين الإسرائيليين، وقُتل على الفور رفيقه في السلاح، حاييم بن يونا. سقط نتنياهو في مياه القناة وهو يرتدي معدّات عسكرية ثقيلة، وبدأ بالغرق والاختناق. وفي اللحظة الأخيرة امتدّت إليه يدّ لتنقذه، وتمّ إنقاذ نتنياهو بسلام.
حادثة أخرى جرت عندما أصبح قائدا لفرقة في الوحدة. واجه نتنياهو وجنوده عاصفة ثلجية قوية عبر الحدود السورية، في مهمّة بقيتْ تفاصيلها سرّية، وكاد الاتصال معهم أن يُقطع. انضمّ المقاتل الدرزي الشجاع سليم شوفي إلى قوة نتنياهو من أجل إنقاذه بسلام ونقله إلى داخل الحدود الإسرائيلية. ذكر نتنياهو كيف أرشده شوفي للاستمرار في المسير، وعدم التوقف في الثلج المتجمّد رغم الإرهاق الكبير، لأنّ توقّفا كهذا سيجمّدهم حتى الموت.
قبل وقت قصير من تسريحه من الجيش، في صيف عام 1972، كان نتنياهو أحد القادة الميدانيين في عملية إنقاذ الرهائن من طائرة شركة "سابينا" التي اختطفها الفلسطينيين. في الوقت الذي تصارع نتنياهو مع إحدى الخاطفات، وهي فلسطينية اسمها تيريز هلسة، جاء مقاتل آخر وضرب رأس هلسة بمسدّسه. ونتيجة لذلك خرجت رصاصة من مسدّسه كادت أن تقتل نتنياهو، ولكنها أصابت كوعه.
تم تسريح نتنياهو بعد هذه الحادثة من الجيش كجندي ممتاز، وعاد إلى الولايات المتحدة من أجل إكمال اللقب الأول في الهندسة المعمارية واللقب الثاني في إدارة الأعمال من معهد ماساتشوستس للتقنية، وبالإضافة إلى التخصّص في العلوم السياسية من جامعة هارفرد. وفي هذه الأثناء، عندما اندلعت حرب تشرين عام 1973 عاد وشارك في المعارك ضدّ سوريا، وعاد إلى استكمال دراسته.
أمِل أبناء أسرة نتنياهو طوال تلك الفترة بأنّ يتم تعيين الأخ الأكبر يوناتان، الذي بقي في الخدمة الدائمة في الجيش وتم تعيينه برتبة مقدّم، أن يتم تعيينه في نهاية المطاف رئيسا لأركان الجيش الإسرائيلي. وضعت وفاة يوني في عملية إنقاذ الرهائن في إنتيبي في صيف عام 1976 كلّ التوقعات على أكتاف الأخ بنيامين.
صوت إسرائيل بالإنجليزية
بعد وفاة يوني كرّس بنيامين نتنياهو نفسه للعمل العام، وبشكل أساسي لإقناع شعوب العالم بخطر الإرهاب الفلسطيني. حين كان خريجا شابا في دراسات إدارة الأعمال في الولايات المتحدة أجرى نتنياهو مقابلة مع محطّة تلفزيون أمريكية محلية، وتحدث عن الموقف الإسرائيلي.
قام بذلك أولا عندما عُيّن من قبل سفير إسرائيل في الولايات المتحدة موشيه أرنس مبعوثا للسفارة، وبعد ذلك عندما عُيّن سفيرا لإسرائيل في الأمم المتحدة بين السنوات 1984 - 1988.
مرة تلوَ الأخرى، صعد نتنياهو إلى المنصّة وأدان بكل قوة السياسة العربية، ودافع عن حقّ إسرائيل في الوجود. وفي وقت لاحق، كرئيس للحكومة، يعود نتنياهو كلّ عام إلى ذات المنصّة في نفس القاعة من أجل إلقاء خطاباته الهجومية.
‎ في تلك الفترة تم الكشف عن ماضي الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، كورت فالدهايم، كضابط في جيش ألمانيا النازي، من قبل المؤتمر اليهودي العالمي بعد الكشف الأول طالب نتنياهو من الأمم المتحدة، بنجاح، فتح الأرشيف والكشف عن وثائق متعلّقة بماضي فالدهايم ومجرمي الحرب النازيين الآخرين. وهكذا أصبح نتنياهو اسما معروفا في النظام السياسي الإسرائيلي والعالمي، نجمًا حقيقيّا. حين عاد إلى البلاد وترشّح عام 1988 للانتخابات الداخلية لحزب الليكود، فاز بسهولة بغالبية الأصوات، وتمّ تعيينه في مكان عال في قائمة الليكود.
إن خبرته الدبلوماسية ومهاراته الممتازة في الاتصال باللغة الإنجليزية، كل ذلك قاده إلى أن يُعيّن عضو الكنيست الشاب نائبا لوزير الخارجية فورا بعد الانتخابات عام 1988. تصادم في هذه الوظيفة كثيرا مع وزير الخارجية، دافيد ليفي، الذي لم يكن يعرف التحدّث بالإنجليزية وكان يفتقد إلى الخبرة الدبلوماسية.
عندما اندلعت حرب الخليج عام 1991، حضر نتنياهو في جميع إستوديوهات التلفزيون العالمية وشرح الموقف الإسرائيلي. وعندما عُقد مؤتمر السلام في مدريد في نفس العام، فضّل رئيس الحكومة شمير اصطحاب نتنياهو مع الوفد الإسرائيلي، وتنازل عن سفر ليفي. عادت تلك الخصومة مع دافيد ليفي وأزعجته لاحقا.
النساء والخيانة
الجانب الأكثر خفاء من حياة نتنياهو هو علاقاته مع النساء، وخصوصا مع زوجته الحالية سارة. انتهى زواجه الأول لميكي وايزمان، التي وُلدت له منها ابنته الكبرى نوعا، بعد سنوات قليلة بالطلاق. والزواج الثاني، من امرأة مسيحية اسمها فلايير كيتس، والتي حوّلت دينها خصّيصا من أجل الزواج منه، انتهى هو أيضًا بالطلاق. أما الزواج الثالث من سارة، والدة يائير وأفنير، فكاد أن ينفجر هو الآخر.
هناك عدة روايات، من نمط القيل والقال إلى حدّ كبير، عن الحياة الزوجية للزوجين نتنياهو. هناك من يقول إنّه لم يكن حبّا من النظرة الأولى، وإنّ نتنياهو الذي كان عضوا في الكنيست، وافق على الزواج من سارة فقط عندما أخبرته بأنّها حامل.
ولكن عام 1993، وقف نتنياهو أمام الكاميرات واعترف بأنّه أقام علاقة غرامية خارج الزواج مع سارة. انفجرت القضية بشكل غريب. ترشّح نتنياهو في تلك الأيام ضدّ خصمه دافيد ليفي على رئاسة حزب الليكود، الذي كان في المعارضة. في تلك السنوات أقام علاقة حميمية مع روت بار، مستشارته الاستراتيجية، التي كانت متزوجة. لم تعلم سارة شيئا عن ذلك.
في أحد الأيام، عندما كانت سارة وحدها في المنزل، رنّ جرس الهاتف، وأعلمها رجل مجهول الهوية بأنّه سيتمّ نشر شريط يظهر فيه زوجها وهو يقيم علاقة جنسية مع امرأة غريبة. كانت سارة مصدومة، وطلبت من نتنياهو الطلاق
في أحد الأيام، عندما كانت سارة وحدها في المنزل، رنّ جرس الهاتف، وأعلمها رجل مجهول الهوية بأنّه فيما لو لم ينسحب زوجها من الترشح على رئاسة الليكود، فسيتمّ نشر شريط يظهر فيه زوجها وهو يقيم علاقة جنسية مع امرأة غريبة. كانت سارة مصدومة، وطلبت من نتنياهو الطلاق.
وبجهد هائل فقط نجح في مصالحتها، واعترف في مقابلة تلفزيونية بأنّه أقام علاقة غرامية خارج الزواج. وقد ألمح إلى أنّ دافيد ليفي هو من يقف وراء محاولة الابتزاز. ولكن رغم الإحراج، فاز نتنياهو بسهولة برئاسة الحزب.
وخلال سنوات طويلة بعد ذلك ظلّت تظهر شائعات حول سلوك السيدة نتنياهو تجاه زوجها. في إحدى المرات، عندما أجرى مقابلة في برنامج استضافة مع المطربة عوفرا حازا، وقفت حازا بجانبه وداعبته. ذُكر حينها أنّ سارة غضبت كثيرا وصاحت في وجهه: "لماذا تسمح لها بلمسك"؟
شائعة أخرى تقول إنّه عندما جاءت ابنه نتنياهو الكبرى من زواجه الأول، نوعا، لزيارة أسرة نتنياهو في منزلهم وقالت "مرحبا أبي"، انقضّت سارة عليها وأخبرتها بألا تناديه هكذا أمام الأطفال الصغار، يائير وأفنير، الذين لا يعرفون بأنّ لديهم أخت غير شقيقة.
ومع مرور السنين، وخصوصا عندما تولّى نتنياهو منصب رئيس الحكومة، ظهرت تقارير عن إهانة الموظفين في بيت رئيس الحكومة من قبل السيدة نتنياهو. بل إنّ بعضها وصل إلى التوضيحات القانونية.
زعم في إحدى الحالات مدبّر المنزل في بيت رئيس الحكومة، ماني نفتالي، أنّ سارة اتصلت به في الساعة الثالثة ليلا لتوبّخه لأنه اشترى الحليب بالكيس وليس بالكرتون، اغتاظت منه حتى اضطرّ رئيس الحكومة بنفسه إلى التدخّل وأمره ب "أن يفعل كلّ ما تطلبه". في حادثة أخرى وبّخته لأنّ الأزهار في المزهرية لم تكن جديدة، وقالت له: "في قصر الإليزيه لم يكن ذلك ليحدث".
من رئيس الحكومة الأصغر سنّا، إلى السياسي الأقدم
عندما انتُخب نتنياهو لرئاسة الحكومة للمرة الأولى عام 1996 وفاز على شمعون بيريس المخضرَم، كان الأصغر من بين رؤساء الحكومة في التاريخ الإسرائيلي - بلغ من العمر حينذاك 47 عاما فقط.
كانت فترة توليه الأولى فاشلة جدّا، واتّسمت بفقدان الاستقرار وانعدام الثقة مع سائر الجهات السياسية والأمنية.
كانت المحاولة الفاشلة لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، عام 1997 نقطة متدنية في رئاسة حكومة نتنياهو. أفاد لاحقا أريئيل شارون، الذي كان وزيرا في حكومته، بأنّ نتنياهو أصيب بالذعر والافتقار الحادّ إلى رباطة الجأش في تلك القضية، ممّا أجبر الحكومة الإسرائيلية على إرسال الترياق إلى مشعل والذي أنقذ حياته، وإلى إطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين من سجنه.
أثارت القضية غضب الحسين ملك الأردن، وأيضا غضب رئيس الولايات المتحدة حينذاك بيل كلينتون، الذي قال لحسين: "هذا الرجل (نتنياهو) مستحيل".
سخر منه أريئيل شارون علنًا قائلا: "سأسعد بمساعدتك، ولكنني لا أعلم هل أساعد يدك اليمنى أم اليسرى" غضب معارضو نتنياهو اليساريّون منه على كونه لم يتقدّم في عملية السلام الذي بدأها سابقاه، إسحاق رابين وشمعون بيريس. بينما غضب معارضوه من اليمين منه لأنّه اضطرّ إلى استمرار تلك العملية مع ذلك، بل وصافح رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات. وغضب الجميع بسبب فقدان الاتساق في قيادته. سخر منه أريئيل شارون علنًا قائلا: "سأسعد بمساعدتك، ولكنني لا أعلم هل أساعد يدك اليمنى أم اليسرى". هُزم نتنياهو عام 1999 في الانتخابات من قبل إيهود باراك، وأعلن نتنياهو للمرة الأولى عن استراحة من الحياة السياسية.
ولكن سرعان ما دُعي نتنياهو للقيادة مرة أخرى. عيّنه أريئيل شارون، الذي هزَم باراك، عام 2002 وزيرا للخارجية، وعيّنه بعد ذلك فورًا وزيرا للمالية. وهكذا حظي نتنياهو بسمعة "سيّد الاقتصاد"، الذي أجرى سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية. وبحسب أقوال مؤيديه، في تلك الفترة "أنقذ نتنياهو الاقتصاد الإسرائيلي" عندما خفّض فوائد الفقر والعجز وأدى إلى خصخصة صناديق التقاعد في إسرائيل.
وبحسب أقوال معارضيه، فقد ساهم نتنياهو بذلك في تدمير دولة الرفاه الإسرائيلية. وفي الانتخابات التي أجريت بعد ذلك عام 2006، غضب كثيرون من الليكود بقيادة نتنياهو بسبب تلك السياسات الاقتصادية، وأورثوه هزيمة أخرى في الانتخابات. ولكن بعد 3 سنوات، في عام 2009، عاد نتنياهو وانتُخب رئيسا للحكومة.
كانت فترة ولاية نتنياهو الثانية مختلفة عن الفترة الأولى. أفرغ الشك وعدم الاستقرار في فترة الولاية الأولى مكانه للتعاون المتناغم مع سائر الوزراء، وعلى رأسهم صديقه وخصمه القديم، إيهود باراك. والموضوع الأكثر بروزا في فترة الولاية تلك كان: النووي الإيراني. مرّة تلوَ أخرى، حين حاول خصوم نتنياهو السياسيون مهاجمته، أجاب بأنّ المهمة الوحيدة على جدول الأعمال هي إيقاف البرنامج النووي الإيراني.
كانت فترة نتنياهو في الساحة الفلسطينية راكدة. على الرغم من رضوخه لضغوط رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما وموافقته عام 2009 على تجميد البناء في المستوطنات، فلم يثق أبدا برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ولم يقصد أبدا التوصّل معه إلى تسوية.
بدلا من ذلك، حاول نتنياهو مرّة تلوَ الأخرى إيجاد نماذج بديلة لتحقيق التقدّم السياسي - فقد حاول في بداية فترة ولايته طرح "السلام الاقتصادي" بين إسرائيل والفلسطينيين، والذي سيستند إلى الشراكات التجارية. وقد حاول مؤخرا اعتماد فكرة جديدة بتعزيز العلاقات مع الدول المعارضة لإيران في العالم العربي، وعلى رأسها السعودية، فيقفز بذلك فوق رؤوس الفلسطينيين.
قال الرئيس الفرنسي حينذاك نيكولا ساركوزي في مكالمة تمّ تسريبها في الصحافة لأوباما: "نتنياهو كاذب". "لا بدّ لي من التعامل معه يوميّا"، أجاب أوباما
ولكن خبرته السياسية الكبيرة لم تسعفه. مرة تلو أخرى، اتضح بأنّه خلال ستّة أعوام في فترة ولايته كرئيس للحكومة كانت العلاقات الخاصّة جدّا مع الولايات المتحدة تقع في مسار تصادمي. كان انعدام الثقة البارز بين نتنياهو وأوباما هو خلفية ما لا يحصى من الحوادث المحرجة، التي ضربت مكانة إسرائيل الدولية. قال الرئيس الفرنسي حينذاك نيكولا ساركوزي في مكالمة تمّ تسريبها في الصحافة لأوباما: "نتنياهو كاذب". "لا بدّ لي من التعامل معه يوميّا"، أجاب أوباما.
وحلّق فوق كلّ ذلك اتهام بارز واحد تجاه نتنياهو: بأنّ هدفه الوحيد هو البقاء سياسيّا. سوى السياسة وسوى الاقتصاد وسوى الأيديولوجية، فإنّ نتنياهو مهتمّ بشيء واحد فقط - الحفاظ على منصبه كرئيس لحكومة إسرائيل.
ولكن في المقابل، يروج في السنوات الأخيرة في صفوف الشعب الإسرائيلي بأنّه لن يكون هناك شخص آخر بمثل مكانة بنيامين نتنياهو، القادر على قيادة دولة إسرائيل وتوجيهها.
عندما انتُخب للمرة الثالثة رئيسا للحكومة عام 2013، تحوّل نتنياهو من رئيس الحكومة الأصغر سنّا إلى رئيس الحكومة الأقدم فيما عدا رئيس الحكومة الأول، دافيد بن غوريون. ولكن رغم الخبرة والتجربة، لم يكن الائتلاف الأخيرة لنتنياهو مستقرّا مثل سابقه، وذكّرنا أكثر بفترة ولايته الأولى كرئيس للحكومة.
خلال كل أسبوع فرض شركاءه السياسيين الجدد - يائير لبيد، تسيبي ليفني، نفتالي بينيت وأفيغدور ليبرمان شروطا جديدة عليه. ووصل الأمر إلى الذروة عندما توحد جميع هؤلاء ضدّه من أجل تشريع قانون لإغلاق صحيفة "إسرائيل اليوم" - وهي الصحيفة الوحيدة التي تقف على يمين نتنياهو، وتتبع لصديقه، الداعم الأكبر له، الملياردير الأمريكي شيلدون أدلسون.
إنّ سجلّ نتنياهو ليس واضح المعالم. لقد فاز بشكل كبير في المعارك الانتخابية الثلاث التي قادها، عام 1996، 2009 و 2013، ونجح في تشكيل حكومة وفي القيادة. ولكن في معركتين انتخابيتين أخريين، عام 1999 و 2006، ضُرب مرة أخرى من قبل الناخبين. وقبيل الانتخابات المقبلة، يبقى السؤال مفتوحا: هل سيثبت نتنياهو بأنّه قادر على البقاء مرّة أخرى، أم سيُهزم؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.