بعد صدور أحكام براءة الرئيس الأسبق مبارك وقيادات الشرطة التى كانت متهمة بقتل الثوار فى ميادين التحرير إبان ثورة الخامس والعشرين من يناير كثرت الأسئلة والاستفسارات حول مصير الرئيس المعزول محمد مرسى، وهل ستكون أسباب براءة مبارك هي نفسها أدلة إدانة مرسى.. مع التساؤلات والأقاويل والأحاديث نحاول التعرف على مصير المعزول محمد مرسى بعد حكم براءة مبارك وتأثره قانونا وسياسيا بهذه البراءة.. بدايةً أوضح الدكتور عاشور عبدالجواد أستاذ القانون بجامعة بنى سويف والقيادى بحزب مصر القوية، أن هناك بالفعل تشابها كبيرا فى المظاهر الخارجية بين قضية مبارك وقضية مرسى، كونهم رؤساء سابقين ومتهمين فى قضايا قتل للمتظاهرين فى ثورة يناير بالنسبة لمبارك، وقتل متظاهرى الاتحادية بالنسبة لمرسى. كما أن الوقائع بها قدر كبير من التشابه وإن كان عدد القتلى مختلفا، ففى قضية قتل الثوار أثناء ثورة يناير قالت المحكمة إن عدد القتلى تجاوز الثلاثمائة شهيد، أما فى أحداث الاتحادية التى تم اتهام مرسى فيها فإنه يتم محاكمته على قتل حوالى عشرة شهداء، وأضاف الدكتور عبدالجواد أن عدد القتلى فى هذه الحالات لا يهم فقد يتم محاكمة جماعة من الناس على قتل واحد فقط، وشرح الدكتور عبدالجواد أن هذا التشابه يقف فقط عند وقائع القضية، لكن العبرة بما سيقال أمام المحكمة وما ستنطق به أوراق القضية وبما سيسمع القاضى من شهود، فالقاضى لا تكون عقيدته بعلمه الشخصى بل من خلال الأوراق الموجودة فى الدعوى التى يتم نظرها أمامه، فبالنسبة لمبارك فإن شهادة الشهود جاءت فى صالحه إلى حد بعيد، حيث أكد الشهود أنه لم يصدر أى أوامر بقتل الثوار فى الميادين، بل أكدوا أن مبارك كان دائما يحثهم على ضبط النفس والتعامل بحكمة مع المتظاهرين الذين كانوا يتظاهرون فى الشوارع والميادين، الأمر الذى أدى إلى تكوين قناعة لدى القاضى بأن مبارك لم يصدر أى أوامر بقتل المتظاهرين، أما فى حالة الرئيس المعزول محمد مرسى فهذه حالة أخرى، حيث يمكن بأن تكون شهادة الشهود والمستندات والأوراق المقدمة للمحكمة بأنه أصدر أوامر بقتل المتظاهرين. وأكد عبدالجواد أنه لا يمكن لأحد أن يقوم بالتنبؤ بالأحكام التى سيتم إصدارها على الرئيس المعزول محمد مرسى حيث إن القضية لا تزال معروضة أمام المحكمة وهى وحدها القادرة على أن تقوم بالحكم فى القضية وفق الأوراق والمستندات والوقائع . وفى نفس السياق عبر الدكتور محمود كبيش أستاذ القانون الجنائى وعميد كليه حقوق جامعة القاهرة الأسبق عن تعجبه من الآراء التى تقوم بالربط بين أحكام البراءة التى حصل عليها نظام مبارك، والقضايا المتهم فيها الرئيس المعزول محمد مرسى والتى تنظر أمام القضاء الآن، حيث أكد أن الربط بين قضيتين جنائيتين باطل ولا يستحق التعليق عليه. وأشار كبيش إلى أن هناك اتجاها قويا لدى محاميي مرسى وجماعة الإخوان المسلمين بأنهم يمكنهم أن يحصلوا لمرسى على البراءة فى القضايا التى تمت إدانته فيها استنادا إلى أسباب حكم مبارك، لدرجة أنهم طلبوا ضم صورة رسمية من حكم مبارك لقضية مرسى حتى يتم أخذ هذه الأساب فى الاعتبار عند الحكم على الرئيس المعزول محمد مرسى. وعن الرأى الآخر القائل بأن حكم مبارك سيؤدى بالتأكيد إلى إدانة مرسى استنادا إلى أنه لم يثبت على الرئيس مبارك أنه قام بالتحريض على قتل المتظاهرين أو إصدار الأوامر بالقتل، على خلاف مرسى الذى قام بالتحريض على العنف والقتل على الملأ أوضح كبيش بأنه يجب علينا هنا التفريق بين القضايا التى تم فيها اتهام مبارك والقضايا المتهم فيها محمد مرسى الآن، فمبارك تمت محاكمته على أنه قام بالامتناع عن حماية المتظاهرين فى الميادين المختلفة بالإضافة إلى اتهامه بأنه قام بحماية من قتل الثوار، أما مرسى فتتم محاكمته على أنه قام بتوجيه الأوامر المباشرة بقتل الثوار، وهنا مربط الفرس فلو ثبت أنه قام بالتحريض المباشر على قتل الثوار وهذا اتهام لم يثبت بعد لأن القضية لا تزال منظورة أمام القضاء، سيتم محاكمته جريرة ما فعل. وشدد كبيش على أنه لكل قضية ظروفها، والقاضى لا يحكم إلا بما يتبين له فى مجلس القضاء، ولا يمكن الربط بين قضيتين جنائيتين بأى حال من الأحوال حيث إن العرف الجنائى جرى على أنه لا حجية للأحكام الجنائية على الأخرى بمعنى أنه يمكن لمحكمة جنائية أن تقوم بإصدار حكم فى جناية أو جنحة وتقوم محكمة جنائية أخرى بإصدار حكم جنائى آخر قد يكون متعارضا مع الحكم الأول، ونصح الدكتور كبيش المصريين والإعلام على السواء بضرورة أن يبقوا الدعاوى القضائية المتهم فيها محمد مرسى بين يدى القضاء ولا يتوقعوا شكل الحكم حتى لا يصابوا بخيبة أمل إذا ما جاء الحكم مخالفا لما توقعوا مثلما حدث مع مبارك. وفى سياق آخر وعلى الصعيد السياسى، أوضح حسين عبدالرازق عضو الهيئة العامة لحزب التجمع بأن الإخوان سيقومون بمحاولة استغلال أحكام البراءة التى حصل عليها مبارك ونظامه بشتى الطرق، مشيرا إلى أن هذه الأحكام لا يوجد لها أى انعكاس سياسى على وضع مرسى وقيادات جماعة الإخوان المسلمين لسببين، الأول أن القضايا التي يحاكم فيها قيادات جماعة الإخوان المسلمين سواء التى صدرت فيها أحكام أو تلك التى لا تزال تنظر أمام القضاء، لها أدلة واضحة والنيابة قامت بإعداد التهم جيدا كما أن الأدلة بها قدر كبير من الثبوت، الأمر الذى يجعل من حصول الإخوان على أحكام بالبراءة أمر صعب المنال، والسبب الثانى أن جماعة الإخوان المسلمين منذ سقوط مرسى لم تعد جماعة سياسية بل تحولت إلى جماعة إرهابية تمارس العنف والقتل والتفجير، والمتبقى منهم يحاول فقط إضفاء الصبغة السياسية على هذه الأفعال الإجرامية. وعن التأثير الخارجى لهذه الأحكام على وضع الإخوان المسلمين فى الداخل أكد عبدالرازق أن جماعة الإخوان المسلمين مهما قالت عن طريق أبواقها مثل قناة الجزيرة وغيرها من القنوات التابعة لهم لن يكون لها أى صدى فى الشارع المصرى نظرا لفقدانهم ظهيرهم الشعبى، كما أن كل الجهود التى تقوم بها قطر وتركيا لمحاولة استخدام هذه الأحكام للترويج لفترة حكم الرئيس المعزول مرسى ستؤول فى النهاية بالفشل، نظرا لأنه أصبح وبشكل واضح أن الدول الأوروبية التى كانت تتحدث من قبل عن انقلاب عسكرى وعنف، تتحدث الآن بشكل جيد عن مصر بعد إقرار الدستور واتخاذ عدد من الإجراءات الديمقراطية على الأرض وفى الأخير أكد عبدالرازق أنه شخصيا غير قلق على أية أفعال ستقوم بها جماعة الإخوان المسلمين سواء فى الداخل أو فى الخارج نظرا لفقدانهم هم ومن يقومون بالترويج لهم أى مساندة شعبية أو مصداقية ليس فى مصر فحسب بل فى عدد كبير من دول العالم .