أثارت تصريحات وزير التجارة والصناعة منير فخري عبد النور حول منح المستثمرين الأراضى الصناعية بنظام التخصيص المباشر وفق التعديلات التى يتم إجراؤها على قانون هيئة التنمية الصناعية، جدلاً على الساحة الاقتصادية.. إذ رأى البعض أن منح الأراضي للمستثمرين بالأمر المباشر يعد بداية جيدة لتعزيز مناخ الاستثمار وإزالة جميع العقبات والإشكاليات التي تقف أمام المستثمرين بشأن الحصول على أراض جديدة لتأسيس مشروعات صناعية جديدة، في حين رأى البعض الآخر أن إصدار حكومة المهندس قانونا يتيح لهيئة التنمية الصناعية تخصيص الأراضي بالأمر المباشر سيفتح من جديد أبواب الفساد، كما سيعيد أباطرة الأراضي مثلما حدث من قبل في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك. والجدير بالذكر أنه تم توقيع بروتوكول بين هيئة التنمية الصناعية وهيئة المجتمعات العمرانية وكلت فيها لهيئة التنمية الصناعية التصرف نيابة عنها الحصول على الأراضي الصناعية، ومن المتوقع إصدار رئاسة الجمهورية هذا القانون خلال أسبوعين.. أكد محمد المرشدي رئيس جمعية مستثمري مدينة العبور، أن تصريحات وزير التجارة والصناعة بإجراء تعديلات على قانون هيئة التنمية الصناعية، جاءت في الوقت المناسب، لاسيما وأن هذا الأمر سيساهم في تعزيز مناخ الاستثمار وتقديم جميع التسهيلات للمستثمرين في الحصول على الأراضي الصناعية التي يرغبونها، بأن تكون جهة واحدة فقط هي المسئولة عن منح هذه الأراضي للمستثمرين وتقديم جميع الموافقات عليها وهي هيئة التنمية الصناعية. وأضاف المرشدي أن الصراع القائم بين هيئة المجتمعات العمرانية وهيئة التنمية الصناعية من أجل الاختصاص في منح الأراضي كان السبب الرئيسي وراء عدم تعزيز مناخ الاستثمار خلال الفترة الماضية، ومن ثم فإن منح الأراضي للمستثمرين بالأمر المباشر سيقضي تماماً على هذا النزاع، لافتاً إلى أن عدم تخصيص مهام الهيئتين كان سبباً وراء وجود فساد مالي وإداري وهذا ما انعكس بالسلب على معدلات الاستثمار والتنمية الشاملة. وأوضح المرشدي أن تلك التعديلات المقرر تنفيذها ستدفع المستثمرين للتوسع بشكل كبير في مشروعاتهم الاستثمارية الحالية داخل المدن الجديدة لاسيما وأنهم بمقتصي هذه التعديلات سيتمكنون من الحصول على أراضي جديدة لتنفيذ مشروعات صناعية جديدة. وأيده في الرأي عصام سيد أبوالدهب عضو جمعية مستثمري مدينة السادس من أكتوبر، قائلاً: إن إجراء تعديلات على قانون هيئة التنمية الصناعية من خلال منحها الحق في منح المستثمرين أراضي بالأمر المباشر من شأنه تسهيل جميع الإجراءات أمام المستثمرين في الحصول على الأراضي. وأوضح أبو الدهب أن تشابك الاختصاصات والروتين الحكومي الممل كانت من أكثر الأمور وراء ضياع الكثير من فرص الاستثمار خاصة وأن المستثمرين كانوا يعانون من قوائم الانتظار للاستثمار وذلك نظراً لعدم توافر الأراضي الصناعية فضلاً عن تعدد الجهات المختصة بمنح الأراضي لهم، لافتاً إلى أن منح الأراضي للمستثمرين بالأمر المباشر سيكون بداية حقيقية للقضاء على مافيا تجارة الأراضي كما سيقضي تماماً على ظاهرة بيزنس تسقيع الأراضي. وأضاف أبو الدهب أن من مزايا هذا القرار أنه سيوفر المزيد من الوقت أمام المستثمرين كان يضيع من قبل في الروتين الحكومي والمزادات والمناقصات، خاصة وأن هيئة التنمية الصناعية كانت تخضع لقانون المزايدات والمناقصات الذى كان أبرز الإشكاليات التي تقف عائقاً أمام المستثمرين لاسيما وأنه كان «مضيعة لوقتهم». بينما عارضهم في الرأي الدكتور فرج عبد الفتاح، الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، قائلاً إن منح هيئة التنمية الصناعية الحق في منح الأراضي للمستثمرين بالأمر المباشر يزيد من مخاوف أن يكون هناك تلاعب في عملية توزيع الأراضي أي من خلال منح مستثمرين أراضي دون منح آخرين، وهذا الأمر سيعيد ظاهرة احتكار الأراضي الزراعية، أو ما كان يسمي من قبل أباطرة الأراضي. وأشار عبد الفتاح إلى أن هذا الأمر قد حدث بالفعل خلال شهر نوفمبر الجاري فقد تم منح أحد المستثمرين دون الكشف عن هويته مساحة 200 ألف فدان بمنطقة غرب المنيا لاستصلاحها وإقامة مصنع سكر، وهذا الأمر قبل أن يتم تطبيق التعديلات، لذا فإن تطبيقها ينذر بعودة أباطرة احتكار الأراضي وتمييز مستثمر على حساب مستثمر آخر مثلما كان يحدث من قبل خلال عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك. وتساءل عبد الفتاح، كيف يطالب الرئيس عبد الفتاح السيسي حكومة المهندس إبراهيم محلب بأن تتخذ جميع الإجراءات القانونية اللازمة لإلزام رجال الأعمال الذين استولوا على أراضٍ مملوكة للدولة بدفع قيمتها كاملة بأسعار السوق، في حين يسعي لإعادة تطبيق هذا القانون الكارثي من جديد، علماً بأن قيمة الأراضي التي حصل عليها رجال الأعمال بالأمر المباشر قيمتها تزيد على 100 مليار جنيه، لذا فإن تعديلات قانون هيئة التنمية الصناعية يؤكد أن حكومة المهندس إبراهيم محلب لا تفرق بين رغبتها في جذب الاستثمارات الجادة التي تحقق تنمية شاملة لمصر وفرص عمل لشبابها وبين إعطاء الفرصة أمام الكبار وأباطرة الأراضي للعودة مجدداً للاستيلاء على أراضي الدولة بأبخس الأثمان. غلق شركات الصرافة.. هل ينعش السوق السوداء للدولار؟! ا لا تزال حلقات مسلسل القط والفأر بين شركات الصرافة والبنك المركزى مستمرة، فالعلاقة بينهما متشابكة، إذ لا يمكن لأي منهما أن يعمل من دون الآخر فى علاقة من المفترض أن تكون تكاملية.. فالبنوك وحدها غير قادرة على تلبية احتياجات المستثمرين أو حتى المواطنين لذلك يأتى الدور الهام والمكمل لتلك الشركات. بينما نجد الواقع يختلف كثيرا عن ذلك، فبعد أن ارتفع سعر الدولار بدأت كيل الاتهامات لشركات الصرافة التى حاولت أن تخلى مسئوليتها وأرجعت الارتفاع الكبير لسعر الدولار إلى ضعف المنظومة الاقتصادية وعجز الحكومة عن تحقيق الاستقرار الأمنى والسياسى المطلوبين لأى استثمار ناجح، الأمر الذى أدى إلى ارتفاع سعر الدولار، وهو الأمر الذي قابله البنك المركزي بإغلاق 13 شركة صرافة، لمخالفتها التعليمات البنكية وعدم التزامها بالسعر الرسمي. واعتبر البعض أن قرار البنك المركزي يفتح باب السوق السوداء على مصراعيه في مصر مرة أخرى، ويعيد مرحلة الثمانينيات التي سيطر فيها الأفراد غير المخولين من الدولة أو البنك المركزي للتعامل بالعملة الصعبة، خاصة وأن شركات الصرافة من شأنها أن تصنع حالة من التوازن داخل السوق المصرفى ليأتى قرار الغلق وكأنه يعطى الفرصة لأشخاص غير شرعيين للقيام بهذا الدور نظرا للاحتياج المتزايد إلى الدولار. حاولنا أن نفتح هذه القضية للمناقشة. وهل غلق تلك الشركات من شأنه أن يسمح بعودة سوق الثمانينيات السوداء من جديد ؟ وما هو أهمية الدور الذى تلعبه شركات الصرافة فى الحياة المصرفية ؟ خاصة بعد التصريحات الأخيرة لمحافظ البنك المركزى هشام رامز والتى أشار فيها إلى وجود بعض الإجراءات الفنية والتى من شأنها أن تسيطر على ارتفاع الدولار. عدم اتزان مازن السيد المدير التنفيذى لإحدى شركات الصرافة يرى أن غلق عدد كبير من شركات الصرافة من شأنه أن يصنع حالة من عدم الاتزان فى السوق المصرفى وليس ذلك فقط بل إنه يجعل الشارع فى حالة استعداد لاستقبال سوق سوداء جديدة تماما كالتى كانت موجوده فى مطلع الثمانينيات خاصة فى المناطق الواقعة حول هذه الشركات والتى اعتاد الناس الارتياد عليها للإيفاء باحتياجاتهم الدولارية، فنجد الفكهانى وبائع السجائر يوفر تلك السلعة للمواطنين بل ويمكن له أن يضارب فى السعر فهو شخص خارج عن القانون ويعمل فى الظلام مستغلا عقوبة الغلق التى تم تنفيذها على عدد كبير من الشركات. وأضاف السيد: أى مواطن يعلم جيدا أننا لسنا شباكا للبنك ودائما من يرتاد شركات الصرافة هو شخص يسعى لسعر مميز، وكانت الشركات قادرة على تحقيق ذلك حتى ولو كان فارق السعر بين البنك والصرافة ربع أو نصف قرش. وتابع أنه ونتيجة لوجود خلل فى السوق المصرفى حصلت تغيرات كبيرة فى الأسعار حتى وصل فارق السعر بين المعلن والحقيقى إلى 60 قرشا وهو الأمر الذى صنع حالة من الارتباك داخل السوق، مؤكدا أن هذه الفروق حدثت نتيجة للعرض والطلب فهناك رجال أعمال عليهم التزامات يجب سدادها فى وقتها المحدد، ومن جانب آخر فالحكومه مثقلة بكم من الالتزامات المادية الكبيرة وعليها اعتمادات لوزارة التموين لها أولوية السداد إلى جانب الودائع التى تحاول سدادها، ومن هنا أصبح الأمرمعقدا، فالدولار ترتفع قيمته مقابل الجنيه المصرى مما يربك الاقتصاد المصرى، وبين كل هذا وذاك فإن شركات الصرافة تقوم بدور المفعول به وليس الفاعل كما يتصور البعض فهى رد فعل للأحداث وليست صانعة لها. ويؤكد السيد أن وجود مثل هذه الكيانات المصرفية من شأنه أن يساعد فى توفير العملة الصعبة للعديد من المستثمرين مما يخفف الكثير من على كاهل الحكومة، فشركات الصرافة هى شريك مصرفى وليست عدوا. الغاية لا تبرر الوسيلة الغاية لا تبرر الوسيلة بهذه الكلمات بدأ كلامه مسئول بإحدى شركات الصرافة رافضا ذكر اسمه، مضيفا أنه رغم أن أهداف البنك المركزى وطنية نبيلة إلا أنه ليس بتشديد الخناق تُحل الأمور فالأزمة موجودة ولا يمكن أن ندفن رءوسنا فى الرمال وننكرها أو نحاول إيجاد شماعة لتعليق عجز الجميع عن السيطرة على السوق المصرفى، مشيرا إلى أن الحل لن يأتى إلا بعودة الاقتصاد القوى من خلال السياحة والاستثمارات الأجنبية إلى جانب موارد قناة السويس لأن الوضع أصبح خطيرا فكل الكيانات باتت معطلة ولم يعد لدينا إلا حركة البيع والشراء المحلية داخل الأسواق والتى من شأنها أن يتم استيراد البضائع من الخارج سواء أكانت متمثلة فى مأكل أو ملبس أو حتى قطع غيار لذلك لا يجد هؤلاء المستثمرون سبيلا للحصول على الدولار إلا من خلال شركات الصرافة وإذا ما تم إغلاقها فالبديل هو السوق السوداء تحت الكبارى وفى مداخل العمارات والشوارع المظلمة. مرحلة مؤقتة من جانبه أشار محمد عبد الجليل - موظف بأحد البنوك الحكومية- إلى وجود بعض الإجراءات الفنية للحد من ارتفاع الدولار خاصة وأن محافظ البنك المركزى لا يملك من الأدوات أو الإمكانيات المالية ما يساعده على أداء دوره. وأضاف أن السوق المصرفى يدور فى دائرة مغلقة ورغم ذلك فالمرحلة مؤقتة والأمور فى سبيلها للانفراج إذا ما تم الالتزام من جانب الجميع وتكاتف جميع الجهات المعنية، فعلى شركات الصرافة الالتزام بالسعر المحدد وعلى نيابة الأموال العامة أن تقوم بدورها فى حماية المواطنين من التلاعب بهم وسط الشوارع تحت مسمى سعر السوق السوداء. أكد محمد بدرة، الخبير المصرفي، أن هروب المستثمرين وتردي القطاع السياحي هي الأسباب الرئيسية وراء أزمة نقص الدولار ومن ثم اتساع الفجوة بين سعر صرف السوق الرسمية للجنيه المصري والسوق غير الرسمية. وأضاف بدرة أن المضاربات بالسوق وزيادة الطلب من قبل المستوردين من ناحية، والشائعات التي يتم ترديدها من قبل جهات غير محددة من ناحية أخرى وراء الارتفاع الجنوني لسعر الدولار بالسوق الموازية، مشيرا إلى أن شائعات انخفاض حجم الاحتياطي الأجنبي عقب سداد وديعة قطر نهاية الشهر الجاري والبالغ قيمته 2.5 مليار دولار، دفعت المواطنين للجوء للسوق السوداء للحصول على أسعار عالية لعملاتهم الأجنبية، كما دفعت عددا من المواطنين لشراء الدولار وتخزينه لفترة حتى ترتفع قيمته أكبر مما هي عليه فكل هذه الأمور تتسبب في ارتفاع قيمة العملة الخضراء. وأوضح بدرة أن البنك المركزي لابد وأن يعتمد على سياسة تعويم الجنية المصري وذلك من أجل التخلص من السوق السوداء للدولار، لافتاً إلى أن تعويم الجنيه سيحقق توازنا في العرض والطلب لسوق الصرف مما يساهم في الوقت ذاته في تراجع سعر الدولار في السوق السوداء. وطالب بدرة البنك المركزي بأن يسعي لتعطيل العمل بنظام المزادات الدولارية التى يطرحها ثلاث مرات أسبوعياً أو الطروحات الاستثنائية التى يقوم بها من وقت لآخر، حتي يستطيع أن يتحكم في سعر الدولار بالسوق السوداء، لاسيما وأن وقف نظام المزادات الدولارية لفترة مؤقتة سيساهم في توفير السيولة الأجنبية داخل السوق ومن ثم سيزداد حجم العرض من الدولار على الطلب وبالتالي تنخفض قيمته بالسوق غير الرسمية. وأوضح بدرة أن استمرار رفع قيمة الاحتياطى من النقد الأجنبى، بالإضافة إلى زيادة عدد الاعتمادات المستندية، وفي ضوء إغلاق عدد كبير من شركات الصرافة المخالفة، فكل هذه الأمور تؤكد زوال السوق السوداء للدولار بنهاية العام الجاري لاسيما في ضوء ارتفاع التصنيف الائتمانى لمصر من قبل وكالات التقييم الائتمانى، لافتاً إلى أنه لابد من أن تتوافر الموارد الدولارية كالطيران المدني وتنشيط قطاع السياحة فهذه الأمور ستلعب دوراً قوياً أيضاً في التخلص نهائياً من السوق غير الرسمية لتجارة العملة الخضراء. وأيده في الرأي هانى محفوظ مساعد مدير غرفة المعاملات الدولية فى بنك الاستثمار العربى، قائلاً إن زيادة حجم الاحتياطي الأجنبي يزيد من قوة وقدرة البنك المركزي في مواجهة ومحاربة السوق السوداء للدولار، لافتاً إلى أنه لابد من عودة النشاط للموارد الدولارية من جديد إلا أن هذا الأمر كي يتحقق فإنه يحتاج ما لا يقل عن ثلاث سنوات كي تختفي السوق غير الرسمية تماماً . وتوقع محفوظ ضخ المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى السوق المصري عقب الانتخابات البرلمانية خاصة وأنه سيتم عقد مؤتمر المانحين العرب في شهر فبرايرالمقبل والقمة الاقتصادية في شهر مارس المقبل أيضاً، مما سيساهم في رفع حجم الاحتياطي الأجنبي للبلاد واختفاء السوق الموازية.