يشكو مهجرو رفح الذين أخلت قوات الأمن منازلهم لإقامة منطقة عازلة مع قطاع غزة، من سوء المعاملة، مؤكدين أنهم في أماكن كثيرة عرضة لمعاملتهم وكأنهم "ليسوا مصريين". وكانت رئاسة الجمهورية أعلنت أن الهدف من هذه المنطقة العازلة "إغلاق الباب أمام عناصر إرهابية تخترق الحدود المصرية وتهدد الأمن القومي" في إشارة إلى الأنفاق الموجودة على هذا الشريط الحدودي الذي يقسم مدينة رفح إلى جزءين أحدهما في مصر والآخر في قطاع غزة. ويقول أبو محمود، أحد السكان المهجرين من المنطقة الحدودية أنه أمهل وعائلته ثماني ساعات فقط لإخلاء منزلهم الذي هدم. ولكن في العريش، عاصمة شمال سيناء المطلة على البحر المتوسط والتي لا يفصلها عن رفح وخط الحدود مع غزة سوى 35 كيلومترا، يجد الزائر لدى السكان رأيا مخالفا عن مهجري رفح ومزاعم تقول أنهم "كونوا ثروات بالملايين" خلال السنوات الأخيرة من عائدات الأنفاق التي فتحوها في منازلهم أو في مزارعهم مع غزة. ويقول محمد، وهو موظف حكومي في عقده الخامس لم يفصح عن اسم عائلته "معظم الذين تم إخلاء بيوتهم لإقامة المنطقة العازلة ليسوا هنا، لقد رتبوا أمورهم منذ فترة طويلة واشتروا أراضي في منطقة الصالحية بمحافظة الشرقية أو في الاسماعيلية أو في التجمع الخامس بالقاهرة الجديدة وبعضهم شيد بيوتا في العريش وانتقل للإقامة فيها". ويتابع "كل الذين تم تدمير بيوتهم كانوا يقيمون على الشريط الحدودي وهؤلاء جميعا كانت لديهم أنفاق وكونوا ثروات هائلة من ورائها". ويؤد أحمد وهو في الثامنة والعشرين، ولد وعاش في رفح قبل أن ينتقل العام الماضي إلى العريش، هذا الرأي. ويقول أحمد "معظم هؤلاء أصبحوا مليونيرات، وليسوا بحاجة إلى التعويضات التي أعلنت الحكومة أنها ستصرفها لهم" والتى تبلغ في المتوسط 650 ألف جنيه عن كل منزل. ويتابع الشاب الذي كان يمتلك محل بقالة صغيرا في رفح أغلقه العام الماضي ونقل نشاطه إلى العريش، "كان العامل الذي ينقل البضائع من الشاحنات إلى داخل النفق يحصل على أجر يومي يراوح بين 1000 و1500 جنيه، فلكم أن تتخيلوا صاحب النفق نفسه كم كان يربح". ولا يشكو المهجرون أنفسهم كثيرا من مشاكل مالية وإنما مما يعانونه عندما يذهبون إلى "الوادي" وهو الاسم الذي يطلقه أهالي شمال سيناء على محافظات دلتا النيل بما فيها القاهرة. أمام ثلاث بنايات جديدة متجاورة ذات واجهات أنيقة، كان مجموعة من شباب أسرة تم تهجيرها من رفح يجلسون في سيارة من طراز شيفروليه كروز يتبادلون الحديث ويمزحون. رفض الشبان ذكر اسم عائلتهم وفضلوا استدعاء آبائهم للتحدث إلى فرانس برس. يقول أبو محمود، والد أحدهم، "ليس لدينا مشكلة في المنطقة العازلة أو في الإخلاء ولكنهم أعطونا مهلة لا تتجاوز ثماني ساعات فقط لنقل كل محتويات المنزل". ويضيف "على أية حال لدينا مشاكل أهم الآن، أهمها الطريقة التي نعامل بها عندما نخرج من العريش، فالضباط (الجيش أو الشرطة) في نقاط التفتيش على الطريق إلى القاهرة أو الاسماعيلية عندما يجدون أن السيارة مسجلة في شمال سيناء يسيئون معاملتنا ويتعمدون تعطيلنا وتفتيشنا تفتيشا ذاتيا". ويتابع "ليس الضباط فقط وإنما الأهالي عندما يلاحظون أننا من شمال سيناء يتهموننا بالخيانة والعمالة بل لقد تم تهشيم زجاج سيارتين تحملان لوحات من شمال سيناء في الاسماعيلية وفي الغربية". ويقول "نعامل كأننا من دولة أخرى ولسنا مصريين". ويلتقط شقيقه محمد الخيط ليقول "الإعلام يلعب دورا سلبيا للغاية ويحرض علنا ضد أهالي شمال سيناء" مشيرا على وجه الخصوص إلى اثنين من وجوه نظام حسني مبارك اللذين عادا لتقديم برامج تلفزيونية مسائية على قنوات خاصة. ويضيف "هؤلاء الإعلاميون يعممون وكأن كل أهالي شمال سيناء إرهابيون، وينبغي أن توقف الدولة هذا التحريض".